السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الشيخ الفاضل أحمد النجار وفقه الله
هذا سؤال طُلب مني عرضه عليك
السؤال / كثرت المنهجيات العلمية علينا وكل يوصي بما يوصي به غيره...وقرأنا في ذلك الكثير وأكثرهم يُنظر تنظير غير واقعي بل وجدنا بعضهم يوصي بمالم يقرأه هو !
شيخنا ماهي الطريقة التي وجدتها نافعة في طريق الطلب ومجدية ، من جهة التدرج في الطلب ومايغني عن غيره بعداً عن التكرار ، وكم يكفي طالب العلم من وقت ، وماهي المتون التي وجدتم نفع حفظها؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نفع الله بكم
هذا السؤال لا يجيب عليه أمثالي، وإنما يجيب عليه من رسخ في العلم، وحقق فيه نجاحا كبيرا.
لكن مادام أنه وُجِّه إليه فسأجيب عليه، وستكون إجابتي قاصرة؛ لقصوري وتقصيري.
لابد لطالب العلم حتى يتمكن من وضع هدف له واضح ومتزن وموضوعي مناسب لقدرته ووقته
ويجعل هذا الهدف هما له يبذل فيه الغالي والنفيس؛ لتحقيقه.
والمنهجيات متعددة كما جاء في السؤال؛ لتعدد الأهداف، واختلاف قدرة الطلبة على تحقيق أهدافهم.
ولهذا ليس كل منهجية يذكرها العلماء تصلح لكل طالب، وإنما على طالب العلم ان يسلك المنهجية التي تناسب هدفه وقدرته.
وأهم مراحل الطلب مرحلة التأسيس وهي المرحلة الأولى، وبها تتكون شخصية طالب العلم.
وعلى ضوئها تكون النهاية، فمن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة.
وعلى طالب العلم في بداياته ان يأخذ من كل العلوم الشرعية بطرف، ولا يقتصر على فن دون غيره.
ويحرص على المعتمد في كل فن عند أهل التخصص؛ لأنه في الغالب يكون جامعا، وعليه شروحات وتعليقات كثيرة.
ثم بعد ذلك هو بين أمرين على حسب قدرته وهدفه:
١-أن يتفنن فيصبح عالما شموليا.
٢- أن يتخصص في العلم الذي يميل إليه.
والعلم النافع وطرق تحصيله منة، والله ييسر الأسباب.
وأما عن تجربتي فلا يصح ان يعتمد عليها؛ لقصورها، لكن لا بأس بسرد شيء منها:
من توفيق الله لي أن كانت بداياتي الاكاديمية في كلية الحديث، فاشتغلت بعلم الحديث جرحا وتعديلا وتخريجا ونقدا.
وهذا يكسب طالب العلم التثبت والنقد، وألا يأخذ كل ما يلقى إليه مسلما، كما يكسبه تعظيم السنة والذب عنها، وتعظيم أهل الحديث الذين بذلوا أنفسهم للذب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويكسب أيضا تقديم الأثر على الرأي المجرد.
وهذا كله مؤثر في شخصية طالب العلم.
واستمرت دراستي في الكلية أربع سنوات تخللها الحضور للمشايخ في المساجد، وكان من أعظم ما درسته عليهم متون باب الاعتقاد.
ثم انتقلت في الماجستير والدكتوراه لقسم العقيدة
فأكسبتني هذه النقلة التخصص في باب الاعتقاد.
وباب الاعتقاد يستفيد منه طالب العلم اصلاح القلب والجوارح من جهة، ومعرفة ما عليه السلف الصالح من اعتقاد من جهة أخرى
ثم معرفة ما عليه المخالفون لأهل السنة من ضلالات وانحرافات.
وأفدت من هذا التخصص الاعتناء بأصل أقوال أهل البدع وشبههم، وما تؤول إليه أقوالهم.
واتضح لي جليا رسوخ السلف في باب الاعتقاد؛ لاعتمادهم على الوحي.
كما اتضح لي بطلان مذهب أهل البدع؛ لبعدهم عن الوحي، وكثرة تناقضاتهم.
وهذه النظرة جعلت عندي هما وهو إرجاع بقية العلوم لما كان عليه السلف، وتصفيته من الدخيل.
ذلك لما رأيت أن علوم الآلة قد هيمن عليها المتكلمون.
فاتجهتُ إلى أصول الفقه؛ لأن غالب الكتب التي وصلت إلينا فيه هي لأرباب أهل الكلام
فبدأت بمشروع التصفية، فألفت فيه كتبا نقية على هدي السلف، ونقدت كتبا لأهل الكلام كالمنهاج للبيضاوي.
وعنايتي بعلم الأصول أكسبتني حسن التصور والحكم؛ لأنه آلة الاجتهاد حقيقة، ولا أدعي لنفسي الاجتهاد فما زال الوقت عليه طويلا.
كما أكسبتني العناية باللفظ والمعنى، وبالظاهر والتعليل.
وأدركت طرق الجمع والترجيح عند تعارض الأدلة.
وهذا العلم يكسب الدقة، وله تأثير قوي على شخصية طالب العلم.
ولا يزال هم التصفية الذي استفدته من تخصصي في باب الاعتقاد يراودني فانتقلت إلى مقاصد الشريعة؛ لأنها قائمة على التعليل، وهي مسألة كبيرة خالف فيها المتكلمون، وهكذا
وبعد ضبط هذه العلوم سيكون الهدف التالي باذن الله تعالى هو الفقه...
فهذا التدرج أثر في حياتي العلمية وشخصيتي
بدءا بالحديث وانتهاء بالفقه
ولا أزال في مرحلة الطلب
فأسأل الله أن يتمه بخير، ويطرح فيه البركة، ويجعله خالصا لوجهه
والحذر الحذر من المثبطين فما أكثرهم، وعلى طالب العلم ألا يلتفت إليهم.
وأشير هنا إلى أنه في بداية الطلب على طالب العلم أن يعتني بتلخيص الكتب في دفاتر ومراجعتها وحفظها ثم بعد التمكن ينتقل إلى البحث في المسائل، ثم يختم ذلك بتأليف الكتب التي هي ولده المخلد
وأما الكتب التي تقرأ فمعروف أنه يبدأ بالمختصرات ثم المطولات، وقد تكلم عليها أهل العلم كثيرا، وذكروا متونا معينة، لكن الذي أضيفه هنا أن على طالب العلم أن يعتني بالقواعد والأصول في كل فن؛ لأنها تختصر له العلم، وبها يضبط المسائل.
وضبط القواعد يكون بتصورها تصورا صحيحا, ثم بمعرفة أدلتها ومستثنياتها, ومحلها؛ حتى توظف توظيفا صحيحا.
والكتب منها كتب تأصيلية, ومنها كتب للجرد, ومنها كتب تكون مراجع, ومنها كتب للنقد.
وأما المدة الزمنية, فطالب العلم في الطلب ليس له وقت محدد, وإنما يطلب العلم من المهد إلى اللحد.
لكن المراحل الأولية لابد أن يكون لها وقت محدد, فلا يعيش طالب العلم جل عمره في المختصرات أو ما فوقها بقليل, وتحديد هذه الفترة يرجع إلى همة طالب العلم, وسلوكه الطريق الصحيح في الطلب.
وكلما نحى منحى القواعد والأصول قصرت عنده المدة.
ووصيتي لنفسي وطلبة العلم: أن يعتنوا بجليل العلم ودقيقه، وواضحه وخفيه
فيتعلم طالب العلم المسألة وحكمها ودليلها وعلتها والاصل الذي تندرج هذه المسألة تحته
كما يعتني بمعرفة النظائر والاشباه
فرب مسألتين يتفقان في الصورة ويختلفان في الحكم
ويعتني أيضا بإرجاع الجزئيات إلى الكليات، والفروع إلى الأصول
وقديما قال الشافعي:( من طلب العلم فليدقق حتى لا يذهب دقيق العلم)
فمن اعتنى بهذه الأمور فهو حقيقة طالب علم
وبقدر نقص معرفته بهذه الامور ينقص تحقق وصف طالب العلم فيه
ومن أراد أن يستفيد حقيقة فيجب عليه الرجوع إلى كبار العلماء، فيضيئون له الطريق، ويبصرونه السبيل السديد
أسأل الله أن يجعلنا من العلماء الربانيين
كتبه
احمد محمد الصادق النجار
٦-١٠-١٤٣٦هـ
شيخنا الشيخ الفاضل أحمد النجار وفقه الله
هذا سؤال طُلب مني عرضه عليك
السؤال / كثرت المنهجيات العلمية علينا وكل يوصي بما يوصي به غيره...وقرأنا في ذلك الكثير وأكثرهم يُنظر تنظير غير واقعي بل وجدنا بعضهم يوصي بمالم يقرأه هو !
شيخنا ماهي الطريقة التي وجدتها نافعة في طريق الطلب ومجدية ، من جهة التدرج في الطلب ومايغني عن غيره بعداً عن التكرار ، وكم يكفي طالب العلم من وقت ، وماهي المتون التي وجدتم نفع حفظها؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نفع الله بكم
هذا السؤال لا يجيب عليه أمثالي، وإنما يجيب عليه من رسخ في العلم، وحقق فيه نجاحا كبيرا.
لكن مادام أنه وُجِّه إليه فسأجيب عليه، وستكون إجابتي قاصرة؛ لقصوري وتقصيري.
لابد لطالب العلم حتى يتمكن من وضع هدف له واضح ومتزن وموضوعي مناسب لقدرته ووقته
ويجعل هذا الهدف هما له يبذل فيه الغالي والنفيس؛ لتحقيقه.
والمنهجيات متعددة كما جاء في السؤال؛ لتعدد الأهداف، واختلاف قدرة الطلبة على تحقيق أهدافهم.
ولهذا ليس كل منهجية يذكرها العلماء تصلح لكل طالب، وإنما على طالب العلم ان يسلك المنهجية التي تناسب هدفه وقدرته.
وأهم مراحل الطلب مرحلة التأسيس وهي المرحلة الأولى، وبها تتكون شخصية طالب العلم.
وعلى ضوئها تكون النهاية، فمن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة.
وعلى طالب العلم في بداياته ان يأخذ من كل العلوم الشرعية بطرف، ولا يقتصر على فن دون غيره.
ويحرص على المعتمد في كل فن عند أهل التخصص؛ لأنه في الغالب يكون جامعا، وعليه شروحات وتعليقات كثيرة.
ثم بعد ذلك هو بين أمرين على حسب قدرته وهدفه:
١-أن يتفنن فيصبح عالما شموليا.
٢- أن يتخصص في العلم الذي يميل إليه.
والعلم النافع وطرق تحصيله منة، والله ييسر الأسباب.
وأما عن تجربتي فلا يصح ان يعتمد عليها؛ لقصورها، لكن لا بأس بسرد شيء منها:
من توفيق الله لي أن كانت بداياتي الاكاديمية في كلية الحديث، فاشتغلت بعلم الحديث جرحا وتعديلا وتخريجا ونقدا.
وهذا يكسب طالب العلم التثبت والنقد، وألا يأخذ كل ما يلقى إليه مسلما، كما يكسبه تعظيم السنة والذب عنها، وتعظيم أهل الحديث الذين بذلوا أنفسهم للذب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويكسب أيضا تقديم الأثر على الرأي المجرد.
وهذا كله مؤثر في شخصية طالب العلم.
واستمرت دراستي في الكلية أربع سنوات تخللها الحضور للمشايخ في المساجد، وكان من أعظم ما درسته عليهم متون باب الاعتقاد.
ثم انتقلت في الماجستير والدكتوراه لقسم العقيدة
فأكسبتني هذه النقلة التخصص في باب الاعتقاد.
وباب الاعتقاد يستفيد منه طالب العلم اصلاح القلب والجوارح من جهة، ومعرفة ما عليه السلف الصالح من اعتقاد من جهة أخرى
ثم معرفة ما عليه المخالفون لأهل السنة من ضلالات وانحرافات.
وأفدت من هذا التخصص الاعتناء بأصل أقوال أهل البدع وشبههم، وما تؤول إليه أقوالهم.
واتضح لي جليا رسوخ السلف في باب الاعتقاد؛ لاعتمادهم على الوحي.
كما اتضح لي بطلان مذهب أهل البدع؛ لبعدهم عن الوحي، وكثرة تناقضاتهم.
وهذه النظرة جعلت عندي هما وهو إرجاع بقية العلوم لما كان عليه السلف، وتصفيته من الدخيل.
ذلك لما رأيت أن علوم الآلة قد هيمن عليها المتكلمون.
فاتجهتُ إلى أصول الفقه؛ لأن غالب الكتب التي وصلت إلينا فيه هي لأرباب أهل الكلام
فبدأت بمشروع التصفية، فألفت فيه كتبا نقية على هدي السلف، ونقدت كتبا لأهل الكلام كالمنهاج للبيضاوي.
وعنايتي بعلم الأصول أكسبتني حسن التصور والحكم؛ لأنه آلة الاجتهاد حقيقة، ولا أدعي لنفسي الاجتهاد فما زال الوقت عليه طويلا.
كما أكسبتني العناية باللفظ والمعنى، وبالظاهر والتعليل.
وأدركت طرق الجمع والترجيح عند تعارض الأدلة.
وهذا العلم يكسب الدقة، وله تأثير قوي على شخصية طالب العلم.
ولا يزال هم التصفية الذي استفدته من تخصصي في باب الاعتقاد يراودني فانتقلت إلى مقاصد الشريعة؛ لأنها قائمة على التعليل، وهي مسألة كبيرة خالف فيها المتكلمون، وهكذا
وبعد ضبط هذه العلوم سيكون الهدف التالي باذن الله تعالى هو الفقه...
فهذا التدرج أثر في حياتي العلمية وشخصيتي
بدءا بالحديث وانتهاء بالفقه
ولا أزال في مرحلة الطلب
فأسأل الله أن يتمه بخير، ويطرح فيه البركة، ويجعله خالصا لوجهه
والحذر الحذر من المثبطين فما أكثرهم، وعلى طالب العلم ألا يلتفت إليهم.
وأشير هنا إلى أنه في بداية الطلب على طالب العلم أن يعتني بتلخيص الكتب في دفاتر ومراجعتها وحفظها ثم بعد التمكن ينتقل إلى البحث في المسائل، ثم يختم ذلك بتأليف الكتب التي هي ولده المخلد
وأما الكتب التي تقرأ فمعروف أنه يبدأ بالمختصرات ثم المطولات، وقد تكلم عليها أهل العلم كثيرا، وذكروا متونا معينة، لكن الذي أضيفه هنا أن على طالب العلم أن يعتني بالقواعد والأصول في كل فن؛ لأنها تختصر له العلم، وبها يضبط المسائل.
وضبط القواعد يكون بتصورها تصورا صحيحا, ثم بمعرفة أدلتها ومستثنياتها, ومحلها؛ حتى توظف توظيفا صحيحا.
والكتب منها كتب تأصيلية, ومنها كتب للجرد, ومنها كتب تكون مراجع, ومنها كتب للنقد.
وأما المدة الزمنية, فطالب العلم في الطلب ليس له وقت محدد, وإنما يطلب العلم من المهد إلى اللحد.
لكن المراحل الأولية لابد أن يكون لها وقت محدد, فلا يعيش طالب العلم جل عمره في المختصرات أو ما فوقها بقليل, وتحديد هذه الفترة يرجع إلى همة طالب العلم, وسلوكه الطريق الصحيح في الطلب.
وكلما نحى منحى القواعد والأصول قصرت عنده المدة.
ووصيتي لنفسي وطلبة العلم: أن يعتنوا بجليل العلم ودقيقه، وواضحه وخفيه
فيتعلم طالب العلم المسألة وحكمها ودليلها وعلتها والاصل الذي تندرج هذه المسألة تحته
كما يعتني بمعرفة النظائر والاشباه
فرب مسألتين يتفقان في الصورة ويختلفان في الحكم
ويعتني أيضا بإرجاع الجزئيات إلى الكليات، والفروع إلى الأصول
وقديما قال الشافعي:( من طلب العلم فليدقق حتى لا يذهب دقيق العلم)
فمن اعتنى بهذه الأمور فهو حقيقة طالب علم
وبقدر نقص معرفته بهذه الامور ينقص تحقق وصف طالب العلم فيه
ومن أراد أن يستفيد حقيقة فيجب عليه الرجوع إلى كبار العلماء، فيضيئون له الطريق، ويبصرونه السبيل السديد
أسأل الله أن يجعلنا من العلماء الربانيين
كتبه
احمد محمد الصادق النجار
٦-١٠-١٤٣٦هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق