(حكم وضع المصحف في الجوال؛ لغرض القراءة)
هذه من المسائل المستجدة من جهة الصورة، لكن حكمها يعرف من دلالة نصوص الكتاب والسنة، والقواعد الكلية، والمقاصد الشرعية.
والقرآن لما كان كلام الله تكلم به حقيقة، كان عظيما؛ لعظمة المتكلم به.
وعليه فيجب اعتبار هذا المقصد.
وهذا المقصد اعتبره الشارع في عدة مسائل، ومنها: نهيه عن السفر بالقرآن الى أرض العدو
فكل مكان يمتهن فيه القرآن فإنه يكون محرما ويجب إزالته منه.
وهذا باتفاق أهل العلم
واعتبره أيضا: في المنع من قراءة القرآن حال الركوع والسجود.
ووضع المصحف في الجوال؛ لغرض القراءة لا ينافي تعظيمه، ولا يؤدي الى امتهانه.
ثم إن وضع المصحف في الجوال لغرض القراءة وسيلة لمأمور به، فالله أمر بتدبر القرآن، ومن وسائل تدبره: قراءته من خلال الجوال
وما كان وسيلة لمأمور به فإنه يكون مأمورا به.
وهذا في الوسائل التي لم يُنه عنها.
وقد قرأت فتوى تمنع من وضع المصحف في الجوال مطلقا
وليس على هذا المنع مستند شرعي، فرأيت التنبيه.
وليس كل صورة محدثة يكون حكمها التحريم، وإلا لزم أن تكون كل مسألة محدثة محرمة
وهذا لا يقول به أحد من أهل العلم، وإنما يؤخذ حكم النازلة من الاصول العامة والقواعد الكلية.
وأما وضع القرآن كنغمة للجوال فهذا من امتهانه، وينافي تعظيمه فيكون محرما.
تبقى مسألة: هل يشترط الوضوء للقراءة من المصحف الذي في الجوال؟
والذي يظهر- والله أعلم- أنه لا يشترط وإن كان أكمل
لأن القارئ من الجوال لا يباشر مس كلام الله، وإنما يلمسه من وراء حائل
ومن مس القرآن من وراء حائل فلا يشترط له ان يكون طاهرا.
ثم ان الذي في الجوال ليس كالكتابة على الورق، ولا يأخذ حكمه؛ للتغاير بين الحقيقتين، واذا تغايرت الحقائق تغايرت الاحكام المترتبة عليها.
وقد سئل الشيخ الفوزان عن القراءة من الجوال تحتاج الى وضوء؟
فأجاب: لا يحتاج الى وضوء، لان الجوال ليس مصحفا، ولا يأخذ أحكام المصحف...
كتبه
احمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق