الاثنين، 28 فبراير 2022

الفرح بانتصار كافر على كافر

 

الفرح بانتصار كافر على كافر

سئلت عن موقف المسلم من الحرب الواقعة بين #روسيا و #أوكرانيا

وقد كنت عزمت على عدم الكلام فيها إلا إذا سئلت؛ لأنها حرب بين كافرين تورطا في قتل المسلمين ...

على المسلم ألا يتعاطف مع أحدهما ولا يميل إلى واحد منهما، فالكفر ملة واحدة ..

فالفرح بنصر أحدهما على الآخر لا يشرع؛ لما يلزم منه من الفرح بظهور الكفر، ويستثنى من ذلك إذا كان الفرح لهزيمة من كان ضرره على المسلمين أشد، أو لما فيه نفع الإسلام وظهوره؛ فيكون الفرح هنا بالنظر للمصلحة ودفع شر الشرين ، وهذا تشهد لهذا كليات الشريعة ومقاصدها.

ومما يستأنس به ما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية عن أم سلمة - رضي الله عنها - أنها قالت: فأقمنا عنده -النجاشي- مع خير جار في خير دار فلم يلبث أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه فوالله ما علمنا حزناً قط هو أشد منه فرقاً من أن يظهر ذلك الملك عليه، فيأتي الملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرفه فجلعنا ندعو الله ونستنصره للنجاشي، فخرج إليه سائراً فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعضهم لبعض من يخرج فيحضر الوقعة حتى ينظر لمن تكون؟ قال الزبير وكان أحدثهم سناً أنا فنفخوا لهم قربة فجعلها في صدره فجعل يسبح عليها في النيل حتى خرج من شقه الآخر إلى حيث التقى الناس فحضر الوقعة، فهزم الله ذلك الملك وقتله وظهر النجاشي عليه فجاءنا الزبير يليح لنا بردائه ويقول: ألا فابشروا فقد أظهر الله النجاشي، قلت: فوالله ما علمنا أننا فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النجاشي.

وأما فرح الصحابة بغلبة الروم على الفرس؛ فلأن الروم أهل كتاب فهم أقرب إلى المؤمنين من المجوس؛ لاشتراكهم في النبوة، وكان ذلك في مقام غيظ كفار قريش؛ ولأن ظهور الروم كان توطئة لإظهار الإسلام وانتصار المسلمين على كفار قريش.

فالفرح هنا يرجع إلى الفرح بما فيه نفع الإسلام وظهوره وما يكون سببا لغيظ الكفار, ففي جامع الترمذي ٥/٢٥٤ قال ابن مكرم: (وكانت قريش تحب ظهور الفرس؛ لأنهم وإياهم ليسو بأهل كتاب ولا إيمان ببعث)

والمقصود هنا: أن الفرح لا يكون لمجرد غلبة كافر أو لمصلحة ترجع إلى الهوى، وإنما يجب أن يكون الفرح لنفع الإسلام ومصلحة المسلمين، بما لا يترتب عليه مفسدة أعظم.

ولا يجوز للمسلم أن يعين أحد الكافرين على الآخر إلا إذا كان في ذلك مصلحة للإسلام والمسلمين، فتكون إعانته لتلك المصلحة الشرعية لا لمصلحة الكافر.

وأما مشاركة مسلمي أوكرانيا في القتال مع الجيش الأوكراني الكافر فهذا يرجع إلى تقدير المصلحة ودفع أعظم الضررين.