الاثنين، 28 ديسمبر 2015

نفي السلفية عن معين تبديع له

نفي السلفية عن معين تبديع له، فليس هناك الا سلفي او مبتدع، ولا واسطة بينهما.
والتبديع حكم شرعي، لا يتنزل على المعين إلا بحجة من الكتاب والسنة، وإلا كان تقولا على الله بلا علم، وتجنٍّ وبغي على الخلق.
وليس من مسوِّغات التنزيل: الخوف من الناس، أو مجاراتهم، أو الهوى .
والخطأ في إدخال مبتدع إلى السنة أهون من الخطأ في إخراج سلفي من السنة.
وإذا كان إخراجه مبنيا على ظن، فالظن لا يرفع اليقين.

فحذار حذار من الرمي بعدم السلفية بلا بينة شرعية.
وبعضهم لضعفه وجهله يلبس ما ليس بحجة لباس الحجة؛ حتى يرتاح من لوم النفس اللوامة، لكن هيهات.

وقد تكلمت في مقال سابق عن بدعة التوقف في السني فلو يستفاد مما فيه
موجود في مدونتي

كتبه
أحمد محمد الصادق النجار

انحراف جماعة من أهل العلم في بعض ابواب الاعتقاد وكلامهم الحسن في ابواب أخرى من الدين



نجد من أهل العلم المتقدمين - خصوصا في القرون التي بعد قرون السلف كأمثال الباقلاني وابي الحسين البصري والجويني والرازي والعراقي وغيرهم- من له كلام حسن متقن في بعض ابواب العلم؛ لموافقته للكتاب والسنة في هذا الباب، سواء كان في الفقه، او في علوم الآلة، ونحو ذلك.
الا انك قد تجده في اثبات وجود الله يسلك مسلك المتكلمين، وفي صفات الله يسلك مسلك المعطلة، وفي القدر يسلك مسلك الجبرية او القدرية، وفي الايمان يسلك مسلك المرجئة او الوعيدية.

فلزوم السنة المحضة لا يوفق إليه إلا من وفقه الله.

ومواقف الناس ممن خلطوا سنة ببدعة كلية: مضطربة
فتجد من يعظمهم تعظيما مبالغا فيه؛لكلامه الحسن في بعض الابواب.
وقد يجرهم ذلك إلى الوقوع في شيء من بدعهم، أو التهوين منها.
وتجد من يرد جميع أقوالهم، ويدعوا إلى حرق كتبهم ودفنها.
فيدعوهم ذلك إلى هضم حق هؤلاء، وعدم ادراك بعض العلوم التي سيطروا عليها.

والحق: وسط بينهما.
فينظر الى رجحان مصلحة النقل وعدمه.

فلا يعظمون تعظيم أهل السنة المحضة،
 كما لا تطرح أقوالهم بالكلية، وإنما يقبل منهم ما وافقوا فيه الحق، مع التنبه لأخطائهم ومخالفتهم للسنة، وعدم التهوين منها، وبيانها، وتحذير الناس منها.
وقد كان الأئمة ينقلون أقوالهم، خصوصا في علوم الآلة، ويبينون ما في أقوالهم وآرائهم من حق وصواب، وضلال وخطأ،
واحيانا يتعرضون لبيان حالهم ومخالفتهم مع نقل اقوالهم، واحيانا لا يتعرضون لبيان حالهم
على ما تقتضيه المصلحة الشرعية.

والخطاب للعلماء وطلبة العلم المتمكنين، لا لمن دونهم.

وهنا أنبه: ان السني عليه ان يتربى على تعظيم الله وتعظيم صفاته، وان العلماء الذين وافقوا الكتاب والسنة في باب العقيدة ليسوا في المنزلة كمن خالف،
وان كان المخالفون يتفاوتون وليسو على درجة واحدة، فمنهم من تكون مخالفاتهم عظيمة، ومنهم من تكون مخالفتهم دون ذلك
وليس من العدل ان يعامل هؤلاء معاملة واحدة، وانما يعاملون بقدر قربهم من السنة وبعدهم.
ومن بَعُد عن السنة فالأصل الاستغناء عن نقل قوله اذا وجد من أهل السنة من قال بقوله الا اذا وجدت مصلحة في ذلك.

وليس كلامي في تبديعه وعدم تبديعه، فهذا باب آخر.

كتبه
أحمد محمد الصادق النجار

الأحد، 27 ديسمبر 2015

المصلحة الراجحة

ليس كل ما حصلت منه منفعة يكون مصلحة شرعية, وإنما يكون مصلحة شرعية إذا كانت المنفعة خالصة أو راجحة.

قال تعالى: يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما

فعلى طالب العلم ألا يُجوِّز فعلا ما؛ لوجود منفعة ما, من غير أن يتحقق من رجحانها.
ففرق بين المصلحة الشرعية والمتوهمة.

كتبه
أحمد النجار

السبت، 26 ديسمبر 2015

ليس من السلفية في شيء



الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد, فهناك مسائل ومواقف ألصقت بمذهب السلف؛ مناقضة لأصوله وقواعده.ولذا كان الواجب بيانها, وتحذير الناس منها, وتبرئة السلفية مما ألصق بها جورا وظلما.

وسأقتصر في هذه السلسلة على ذكر الفعل, او القاعدة التي ألصقت بالسلفية, وهي منه براء.

وعسى أن أقوم بشرح ذلك صوتيا في مناسبة أخرى.

وقد كنت كتبت قديما مقالات استيقت منها هذه السلسلة, وقد جمعت تلك المقالات في مدونتي بعنوان:"مجموع مقالات وتغريدات أحمد النجار في ضوابط التبديع"
ومن الأمور التي هي ليست من السلفية في شيء:

-التبديع بالمسائل الاجتهادية

-تنزيل الاحكام من غير نظر للضوابط المرعية

-إعمال قاعدة درء المفاسد في هذا الباب مطلقا من غير نظر لقاعدة جلب المصالح.

- الاحجام مطلقا عن التبديع في المسائل التي لا يسوغ فيها الخلاف.

- الاحجام عن تنزيل الاحكام على المعينين حتى وان توفرت الضوابط وتحققت.

-إعمال قاعدة جلب المصالح مطلقا.

-التبديع بلا مسوغ شرعي صحيح, كالتبديع بالهوى والجهل.

-التوقف فيمن ثبتت له السنة, ومعاملته معاملة أهل البدع؛ لخطأ وقع فيه.

-حمل الناس على قول واحد في الامور التي اختلف فيها العلماء مما يسوغ فيها الخلاف.

- تحزب بعض أهلها على مشايخ معينين يأخذون منهم المنهج دون غيرهم.

-الانطلاق من دليل وفهم واستنباط وتنزيل من مشايخ معينين ولا ينظر الى دليل وفهم واستنباط وتنزيل غيرهم من أهل السنة.

-الشدة المنفلتة.ومنها: إنزال الخطباء من المنابر بالقوة من غير إذن من ولي الأمر, والضرب, ونحو ذلك.

-تقديس أقوال آحاد المشايخ وتصرفاتهم مع وجود من خالفهم من ال السنة.

ولهذا التقديس صور، منها:

١-تقديم أقوالهم وتصرفاتهم على دلالة الدليل الشرعي.

٢-التعصب لبعضهم دون بعض.

٣-تقديم قول بعضهم؛ لمجرد الهوى.

٤-تقديم قول بعضهم خوفا منهم، أو رجاء رفعة.

٥-إلزام الناس بأقوال بعضهم.

٦-اشتراط تتويب الناس عندهم -تصريحا أو عرفا-.

٧-اعتقاد العصمة فيهم ولو في باب حالا ومعنى لا لفظا.
-الكلام على نيات الآخرين ومقاصدهم , لا مآلات افعالهم.

- النقل الخطأ, وعدم التثبت.
إلى غير ذلك مما ينسب للسلفية وهي منه براء.والواجب على من يريد معرفة السلفية أن بنظر إلى أصولها وقواعدها, فيحكم عليها بعدل.
ولا يجد مجالا لمن نظر في أصولها إلا أن يدخل فيها, وينتسب إليها ويكون من أهلها؛ لأنها الاسلام الحق.ولا ينظر إلى صنيع آحاد أهلها ممن جاؤوا بعد الصحابة؛ لأنهم ليسو معصومين, ومنهم من ظلم السلفية بتصرفاته التي لا تمثل إلا نفسه.
والله أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


كتبه دفاعا عن السلفية: د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 24 ديسمبر 2015

لكل فنٍّ من الفنون مقصد, وموضوع يبحث فيه.



على طالب العلم حتى يتقن الفن المعين أن يعلم مقصوده, وموضوعه الذي يبحث فيه,
وإلا اختلطت عليه الأمور.
فمثلا: علم الأصول: موضوعه الأدلة, ومقصوده فهم الكتاب والسنة.
وعلم النحو: موضوعه أواخر الكلمة, ومقصوده: ضبط اللسان عند النطق بالألفاظ, وفهم الكلام بحسب الإعراب.
إلى غير ذلك
فمن لم يفهم الموضوع والمقصود حق الفهم قد يقع في أمور عظام, ويستدرك فيما لا يحسن الاستدراك فيه.
وأضرب مثالا:
أكِلت السمكة
يقول النحويون: السمكة نائب فاعل.
فمن لم يعرف موضوع النحاة ومقصودهم لربما يقول: كيف تكون السمكة نائب فاعل؟, هل أكلت السمكة نفسها؟!
فيُضحك عليه الناس.

وعلى طالب العلم أيضا: أن يتنبه لتشابه المصطلحات, فهذا التشابه لا يعنى المماثبة في المعنى, وإنما الواجب فهم المصطلحات على مقصود أهله منه.
فالمكروه على لسان الشارع ليس هو المكروه على لسان الأصولين, ونحو ذلك.
وضبط المصطلحات من أهم المهمات؛ إذ يتوقف عليه صحة التصور والتصديق.

أسأل الله أن ينفع طلبة العلم بهذه التنبيهات.

كتبه:
د.أحمد محمد الصادق النجار

الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

همسة في آذان مشايخنا



مشايخنا الكرام: طلبة العلم يحتاجون الى من يأخذ بايديهم فيؤصلهم تأصيلا علميا رصينا، يسلمون به - بعد توفيق الله- من الانخراط في سلك الشبهات، والتزعزع في الثوابت واليقينيات.
وأنتم مشايخنا من يرجى منكم ان تسلكوا بطلابكم مسلك التأصيل والتدقيق.
وهذا يحتاج منكم ان ترسموا لهم منهجا واضحا يترقون به في مسيرة طلبهم للعلم؛ حتى يشتد عودهم، ويقوى تحصيلهم.
وهم مشايخنا الكرام يطلبون منكم ان تحددوا لهم كتبا تأصيلية تشرحونها لهم،وتترقون معهم فيها.
ولا يكون اختيار الكتب المشروحة من غير مراعاة لتأصيلهم.

فحبذا مشايخنا ان تتخيروا لنا كتبا جامعة تغني عن غيرها تناسب كل مرحلة ( المبتدئين والمتوسطين والمنتهين)، فتصوروا لنا مسائلها تصورا صحيحا, وتبيوا لنا قواعدها وأصولها، وتدربونا على ارجاع ما تضمنته هذه الكتب من جزئيات الى كلياتها وقواعدها، وكيف نستنبط احكام هذه الجزئيات من أدلتها، وكيف نقلب الدليل الذي احتج به المخالف عليه، ونرد عليه شبهته , إلى غير ذلك.
مع تسهيل العبارة وتيسيرها.
وفي كل مرحلة ما يناسبها من ذلك.
فلا يتوسف في المرحلة الأولى بما يناسب الثانية أو الثالثة, ولا يختصر في الثانية والثالثة بما يناسب الأولى.
وإنما يراعى في كل مرحلة مقصودها.
فإذا انتهى شيخنا من المراحل يعود مرة أخرى الى نفس الكتب ويبدأ في المراحل من جديد، فيستفيد من لم يحضر في المرة الأولى، ويتأكد لمن حضر ويرسخ.

وإن شئتم أن يحصل بين مشايخنا اتفاق فيأخذ بعضهم المرحلة الاولى ويستمر عليها ولا يغادرها، وبعضهم المرحلة الثانية، وبعضهم المرحلة الثالثة
فيكون هذا الديدن لمشايخنا، ولا بأس بعد ذلك ان تفتح كتب خاصة لمن تمكن من الطلاب في أوقات أخرة غير المخصصة لتلك المراحل, مع استمرار الشيخ في تأصيل من لم يتأصل بنفس الطريقة السابقة.
وبهذه الطريقة يرسخ العلم لدى الطلاب, ويتأصلون تأصيلا دقيقا.
وتقل الفوضى التي نشاهدها اليوم في التكفير والتبديع, وسلوك منهج أهل البدع.

وهذه مجرد وجهة نظر، والا فمشايخنا بحكم خبرتهم وتمكنهم في العلم هم أعلم بالأصلح الطلاب.

وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.

تلميذكم ومحبكم:
أحمد محمد الصادق النجار

عجبت من حال بعض طلبة العلم وما يدعون اليه بألسنتهم

بعض المنتسبين للعلم
عند حكمهم على المسائل  والاشخاص
ينطلقون من دليل وفهم واستنباط وتنزيل من يعظمونهم من المشايخ ولا ينظرون الى دليل وفهم واستنباط وتنزيل غيرهم من أهل السنة.

ولسان حالهم : دليل شيخنا لا معارض له، واما دليل غيره فمعارَض او منسوخ.

وفهم شيخنا قطعي واما فهم غيره فظني محتمل، او وهمي.

وما استخرجه شيخنا من اوصاف هي معتبرة شرعا وفي حكم المنصوص عليها، وأما ما استخرجه غيره فملغي ولا عبرة به، ويناقض النص.

وما أنزله شيخنا من اوصاف على الاشخاص كالتكفير والتبديع فقد حقق فيه المناط غاية التحقيق، وأما تنزيل غيره فلم يحقق في المناط ووقع في التعدي والجهل.

وبعد هذا يقال: ليس هناك تقديس للأشخاص، وليس هناك تعصب.
فيا لله العجب.

والواجب على طالب العلم ان كان حقا طالب علم
ان يعرف:
 هل دليل شيخه دليل في نفس الامر او لا؟
وإذا كان دليلا هل صح سنده او لا؟
واذا صح سنده هل هناك دليل آخر صحيح يعارضه او لا؟
وهل دلالة الدليل على المدلول قطعية او ظنية؟ وهل تعارضها دلالة دليل آخر او لا تعارضها؟
وهل الوصف المستخرَج مناسب او طردي؟
وهل يعود على النص بالبطلان او لا؟
وهل تنزيله على المعين توفرت فيه الشروط وانتفت الموانع او لا؟
وهل  تحققت في التنزيل وجود المصالح او أنه يؤدي الى وجود مفسدة أعظم؟

فبعد معرفة صحة الدليل والدلالة والاستخراج والتنزيل يتوجه الاستدلال، ويخرج طالب العلم عن رق التقليد.
ويكون متبعا للعلماء في طريقتهم ومنهجهم، لا مقلدا لأقوالهم.
وهو في سلوك المنهج الصحيح في الاستدلال شعاره:( اياك ان تتكلم في مسألة ليس لك فيها امام) كما قاله الامام احمد لابنه عبد الله.

فأيها المخاطٓب عجبت من حالك وما تدعوا اليه بلسانك!
بينهما تعارض لم أجد له جمعا صحيحا :
تذم التقليد وأنت واقع فيه!
وتنهى عن المذهبية وانت منغمس فيها!
وتدعوا الى عدم الجمود وأنت لا تخرج عن قول شيخك ولو في باب!

وجعلت الحق لا يخرج عن قول شيخك ولو في باب فشابهت من وجهٍ الصوفية.
وادعيت ان مجرد اقامة شيخك للدليل يجعل المسألة او الحكم لا يسوغ فيه الخلاف فشابهت من وجهٍ متعصبة المذاهب.
وادعيت ان مشايخك( وهم بعضٌ لا كلٌّ) لا يقعون في الخطأ في الباب الذي ادعيت أنهم يحسنونه فشابهت من وجهٍ الرافضة.
وحكمت على من خالف مشايخك من اهل السنة بلازم أقوالهم، ونفيت مطلق المحبة لهم فشابهت من وجهٍ الخوارج.

واعلم أن المشابهة من وجهٍ تثبت بأدنى مناسبة، ولا يلزم من ذلك المطابقة، او يكون حكمه حكمهم.

فالله الله في سلوك منهج السلف، والتزامه، ومعرفة أصوله، وما تميز به عن غيره.
ولا تختلط علينا المسائل؛ فنضل.

اللهم اهد ضال المسلمين.

كتبه:
أحمد محمد الصادق النجار

الأحد، 20 ديسمبر 2015

الرد على #الشريف_حاتم_العوني في مقاله:" بين البدعة والمصلحة المرسلة"



الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد, فقد اطلعت على تأصيلات بعيدة عن الصواب للعوني في باب البدعة, وقد اغتر بها من اغتر؛ فرأيت من المستحسن أن أبين وجه الخلل فيها؛ حتى يميَّز بين الصحيح والضعيف, والسنة والبدعة.
وسيكون ردي عليه منصبا على ما ذكره من علة الابتداع, من غير أن أعلق على ما وقع فيه من أغلاط في هذا المقال - " بين البدعة والمصلحة المرسلة" -.
ومعرفة علة كون الفعل بدعة وهو: تحقق وصف البدعة على الفعل أمر مهم, وقد وقع للشيخ العوني بسبب عدم ضبطه لتعريف البدعة, ومتى ينطبق على الفعل:خلط واشتباه.
ولذا كان للرد عليه أهمية.
فنشرع بإذن الله وتوفيقه:
لما ذكر العوني تحرير كلام شيخ الإسلام في وصف الأمر المستحدث بأنه بدعة وأنه قيد ذلك بقيدين: قيام الداعي لوجوده في زمن النبي صلى الله عليه وسلم, وما عبره عنه العوني بأن يكون ممكنا لا ممتنعا: قال: (لكن يغفل كثير من الباحثين المعاصرين ومن الموسومين بالتخصص : عن أن هذا التحرير ليس تعريفا لـ(لبدعة) ، ولا يلغي تعريف (البدعة) في العبادات ، وأنه ليس بديلا عن ذلك التعريف . وهو التعريف الذي يشترط في الأمر المبتدع في العبادات أن يكون عامله يعمله على وجه التقرب والتعبد به)
وقال: (يبدعون الأمر المستحدث الذي اجتمع فيه القيدان المذكوران دون النظر إلى شرط التبديع في العبادات ، وهو اعتقاد التقرب بها ( التعبد))
والرد عليه من وجهين:
الوجه الأول: منع أن تكون علة البدعة منحصرة في التعبد؛ ذلك أن كون الفعل بدعة غير محصور في علة واحدة, وإنما في علتين على سبيل البدل, تستقل كل واحدة منهما عن الأخرى.
وكون كل واحدة منهما مستقلة في التأثير: محله حال الانفراد, لا الاجتماع, أما إذا اجتمعا فإن الحكم يكون أقوى.
ومنهم من قال: اجتمع فيه حكمان كإيجابين أو تحريمين. وقد فصل ذلك وحققه: شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى.
ومن الأمثلة: انتقاض الوضوء بالبول والريح والنوم, فهذه كلها علل مستقلة حال الانفراد يثبت بها الحكم على سبيل البدل.
وأما العلتان في الابتداع, فهما:
1-التعبد والتقرب إلى الله.
2-مضاهاة الطريقة الشرعية, وإجراؤها مجرى الشرعيات.
والمضاهاة وإجراؤها مجرى الشرعيات بمعنى: مشابهة الشرعية في الالتزام, والتخصيص بهيئة أو زمان أو مكان أو عدد.
ويؤيد هذا ما سيأتي من أمثلة.
وقال الشاطبي في الاعتصام: (( ...فإن أتى المكلف في ذلك الأمر بكيفية مخصوصة , أو زمان مخصوص ، أو مكان مخصوص ، أو مقارناً لعباده مخصوصة ، والتزم ذلك بحيث صار متخيلاً أن الكيفية ، أو الزمان ، أو المكان ، مقصود شرعاً من غير أن يدل الدليل عليه . كان الدليل بمعزل عن ذلك المعنى المستدل عليه))
وقال: (( ... فهذه أمور جائزة أو مندوب إليها ، ولكنهم كرهوا فعلها خوفاً من البدعة؛ لأن اتخاذها سنة إنما هو بأن يواظب الناس عليها مظهرين لها ، وهذا شأن السنة ، وإذا جرت مجرى السنن صارت من البدع بلا شك ))
وقال: (( وقد كان مالك يكره كل بدعة وإن كانت في خير
وجميع هذا ذريعة لئلا يتخذ سنة ما ليس بسنة ، أو يعد مشروعاً ما ليس معروفاً ))
وقال السيوطي في الأمر بالإتباع والنهي عن الابتداع: ((...العبادات المشروعة التي تتكرر بتكرر الأوقات حتى تصير سنناً ومواسم، قد شرع الله منها ما فيه كفاية المتعبد، فإذا أُحدث اجتماع زائد كان مضاهاة لما شرعه الله تعالى وسنة رسوله، وفيه من المفاسد ما تقدم التنبيه عليه، بخلاف ما يفعله الرجل وحده أو الجماعة المخصوصة أحياناً، أو نحو ذلك يفرق بين الكبير الظاهر، والقليل الخفي، والمعتاد وغير المعتاد، وكذلك كل ما كان مشروع الجنس، لكن البدعة فيما اتخاذه عادة لازمة حتى يصير كأنه واجب. ))
والسر في ذلك: أن المضاهاة جعلت أسبابا للحكم الطلبي, فكانت سببا لأن يعتقد فيها أنها سنة, ولها فضيلة؛ ذلك أن من أسباب كون الفعل سنة: الالتزام والمداومة, والتخصيص والتقيد, فأدخل في الدين ما ليس منه, فكان ذلك داخلا تحت حد البدعة.
فتبين لنا: أن وصف البدعة أمران على سبيل البدل.
وهذان الأمران يدخلان تحت حد البدعة؛ لأن البدعة ما أحدث في الدين مما لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم
والدين أعم من العبادة والتعبد.
وهذا الذي ينسجم مع قواعد الشريعة, والمقاصد العامة.
فالحكم بالابتداع على المستحدثة يثبت بوجود إحدى العلتين, وإن لم توجد العلة الأخرى؛ وذلك أن العلة ليست مجموع الأمرين, ولا هي منحصرة في التعبد وحده.
ولا يلزم من نفي العلة المعينة نفي الحكم إذا وجد بدلها وهي العلة الأخرى.
كما أن اجتماع العلتين: يوجب توكيد الابتداع.
وهذا التوكيد حصل بمجموع العلتين, لا بإحداهما, فكل واحدة منهما تعتبر جزء علة للمجموع, وهذا لا ينفي الاستقلالية حال الانفراد.
ولما كان العوني يثبت العلة الأولى لم احتج إلى إقامة الحجة على عليتها, وإنما سأقيم الحجة على علية العلة الثانية.
فأقول مستعينا بالله:
 علة : "مضاهاة الشرعية, وإجرائها مجرى الشرعيات" وجه كونها علة: دوران حكم الابتداع عليها من غير قصد التعبد وجودا وعدما, فإذا وجدت وجد الابتداع, وإذا عدمت عدم الحكم.
ومن الأمثلة على دوران الحكم على هذا الوصف من غير قصد التعبد:
1- التزام شيء معين في زمان أو مكان مع قصد الزمان والمكان.
قال السيوطي في الأمر بالإتباع والنهي عن الابتداع: (( وكل اجتماع يتكرر بتكرر الأسابيع والشهور والأعوام غير الاجتماعات المشروعة هو المبتدع، ففرق بين ما يفعل من غير ميعاد وبين ما يتخذ سنة وعادة؛ فإن ذلك يضاهي المشروع ))
وظهرت المضاهاة وإجراؤها مجرى المشروع في الالتزام, فالطريقة الشرعية ملتزمة, وتتكرر مع قصد الزمان أو المكان, فإذا انتفت هذه العلة انتفى الحكم فصار جائزا.
 2-التزام قيام الليل جماعة.
وظهرت المضاهاة وإجراؤها مجرى المشروع فيه بالالتزام, فإذا انتفت هذه العلة انتفى الحكم فصار جائزا.
3- تخصيص عمومات النصوص, أو تقييد مطلقها  على طريقة العمل بالمشروع بلا دليل, كتقييد النصوص التي أطلقت الذكر مخصوصة أو عدد مخصوص على طريقة العمل بالمشروع.
قال الشاطبي في الاعتصام: (( ووجه دخول الابتداع هنا: أن كل ما واظب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من النوافل وأظهره في الجماعات فهو سنة ، فالعمل بالنافلة التي ليست بسنة على طريق العمل بالسنة ، إخراج للنافلة عن مكانها المخصوص بها شرعاً .))
4-الأعياد المحدثة.
وظهرت المضاهاة وإجراؤها مجرى المشروع في التكرار في زمن مقصود, فشابه تكرار عيد الفطر والأضحى في زمن مخصوص مقصود.
ويدخل في ذلك: الاحتفال بالمولد النبوي الذي جعل العوني صورة منه جائزة, وهي الخالية عن المنكرات والاعتقاد المخصوص؛ بناء على حصر الابتداع في التعبد.
الوجه الثاني: لو سلمنا بحصر علة الابتداع: في التعبد, فإنه يشمل ما كان تعبدا محضا, وما كان مشوبا بالتعبد, كأن يعتقد فيه منفعة يجعلها المبتدع مقصودة للشارع.
ومثاله: أن المحتفل بالمولد النبوي لا يخلو: إما أن يتقرب بذلك إلى الله, وإما أن يفعله على طريقة العمل بالمشروع, وعلى كلا الاحتمالين انطبق عليه حد البدعة بإدخال ما ليس من الدين في الدين.
قوله(يبدعون الأمر المستحدث الذي اجتمع فيه القيدان المذكوران دون النظر إلى شرط التبديع في العبادات ، وهو اعتقاد التقرب بها ( التعبد))
هذا خلط بين السنة التركية والبدعة؛ فالسنة التركية حجة للمنع, لا للوصف بالبدعة, والمنع من الفعل أعم من أن يكون بدعة؛ إذ إنه قد يكون محرما وقد يكون بدعة.
فيحتج بالسنة التركية على المحرم, وعلى البدعة, ولا يوصف بالبدعة إلا إذا تحقق في الفعل أحد وصفي البدعة.
وأهل العلم لا يحكمون على ما تركه النبي صلى الها عليه وسلم بالقيدين أنه بدعة إلا بعد تحقق وصف البدعة فيه.
وبهذا يتبين لنا خطأ العوني في تقريره.
وأختم بنقلين عن شيخ الإسلام ابن تيمية:
الأول: قال في مجموع الفتاوى (22/ 235) عند كلامه على ما فعله الصحابة مما لم يكونوا يفعلونه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم: ((... وجمع القرآن في مصحف واحد وفرض الديوان والأذان الأول يوم الجمعة واستنابة من يصلي بالناس يوم العيد خارج المصر ونحو ذلك مما سنه الخلفاء الراشدون ؛ لأنهم سنوه بأمر الله ورسوله فهو سنة. وإن كان في اللغة يسمى بدعة ))
الثاني: قل في اقتضاء الصراط (276) : (( فلفظ البدعة في اللغة أعم من لفظ البدعة في الشريعة ))

أسال الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه, ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه:
د. أحمد محمد الصادق النجار


السبت، 19 ديسمبر 2015

٢/ شبهات يوردها مجوزوا الاحتفال بالمولد النبوي والرد عليها:




الشبهة الاولى: قولهم:(من يمنع الاحتفال بالمولد النبوي ينبغي أن يمنع أيضا تنظيم المسابقات في القرآن الكريم والاحتفال به وتوزيع الجوائز على الفائزين...، فكلّ من الأمرين لم يفعلهما النبي الكريم عليه الصلاة والتسليم ولا الصحابة ولا السلف...، وكلاهما فعل للتعبد والتقرب...).
 والرد عليها من وجوه:
الوجه الأول: تنظيم المسابقات ونحوها اذا كان على وجه التعبد فإننا نلتزم بأنه بدعة، ولا فرق بين الاحتفال بالمولد تعبدا وبين تنظيم المسابقات تعبدا، فكلاهما اشتمل على زيادة عبادة لم يشرعها النبي صلى الله عليه وسلم، والزيادة في الدين كالنقص منه.
الوجه الثاني: ان مُورد هذه الشبهة لم يحسن ايرادها
وسأصحح له الايراد: اذا كان تنظيم المسابقات الدينية جائزا، فلماذا لا يكون الاحتفال بالمولد كذلك؟
والجامع: وسيلة محدثة لتحقيق مقصد.
والجواب:
١-الاذان للعيد وسيلة لتحقيق مقصد الاجتماع للصلاة ومع ذلك هو بدعة، فانتقض الجامع.
٢-لا نسلم ان الاحتفال بالمولد وتنظيم المسابقات الدينية يشتركان في هذا الجامع؛ لأن الاحتفال بالمولد إحداث في الدين فهو غاية لا وسيلة.
ولو فرض انه وسيلة الا أنه لما جعل عيدا، وكان الزمان مقصودا، وجرى مجرى الشرعيات اخذ حكم البدعة؛ لأنه جعل طريقة تضاهي الطريقة الشرعية.
بخلاف تنظيم المسابقات فالزمن فيه ليس مقصودا، ولم تجرى مجرى الشرعيات وهو وسيلة لتحقيق مقصد شرعي, فتكون من الأمور العادية التي تعين على مقصد شرعي.
٣- الاحتفال بالمولد لو سلمنا جدلا انه وسيلة لمصلحة الا أنه ايضا وسيلة لمفسدة راجحة، بخلاف تنظيم المسابقات فهو وسيلة لمصلحة راجحة.
٤- الاحتفال بالمولد يصادم دليلا خاصا، بخلاف تنظيم المسابقات فإنه لا يصادم دليلا خاصا.

 الشبهة الثانية:، قولهم: إن الاستدلال بصيامه صلى الله عليه وسلم إنما هو في جوابه "ذاك يوم ولدت فيه " وهذه علة الصيام فيجعلونها على 12 ربيع الاول؛ لاشتراك العلة.
والرد عليها من وجوه:
الوجه الأول: منع ان تكون هذه هي العلة؛ وذلك لفظ الحديث في مسلم هو( وسئل عن صوم يوم الاثنين قال ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل علي فيه)
فالعلة مركبة وليست بسيطة.
فعلة الصيام انه ولد فيه وبعث.
فالولادة فيه إحدى جزئي العلة، فلا يصح ان تجعل علة وحدها.
ثم إن هذه العلة المركبة لم تجتمع في الثاني عشر من ربيع الاول وانما اجتمعت في مطلق الاثنين، فلا يصح تخصيص الثاني عشر بشيء.
الوجه الثاني: ان سلم انها هي العلة فقط فنمنع من التعدية؛ ذلك ان هذه العلة قاصرة فلا يتعدى بها محلها.
ومما يدل على انها قاصرة: ترك النبي صلى الله عليه وسلم الاحتفال بمولده مع وجودها، وكذلك لم يعدها أحد من السلف.
الوجه الثالث:  لو سلم بتعديتها فالاحتفال بالمولد عارضه دليل خاص، وهو الترك، فيكون قياس الاحتفال على الصيام قياسا فاسد الاعتبار.
الوجه الرابع: ان الفرع معلوم الحكم وهو التحريم، لترك النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن شرط الفرع: الا يكون معلوم الحكم.

الشبهة الثالثة: استدلالهم بقول الشاطبي الآتي على عدم صحية إطلاق البدعة على المولد وهذا قول الشاطبي  :لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْعُلَمَاءِ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْبِدْعَةِ عَلَى الْفُرُوعِ الْمُسْتَنْبَطَةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِيمَا سَلَفَ، وَإِنْ دَقَّتْ مَسَائِلُهَا ..اهـ
والرد: ان الفروع الفقهية المستنبطة لا يقال عنها: بدعة، ولا المخالف مبتدع، كفروع السلم والاجارة ونحو ذلك؛ لكونها فروعا، وقد استنبطت من أدلة، ولم تصادم الدليل الخاص.
وليس الاحتفال بالمولد فرعا مستنبطا، وانما هو محدث في الدين، فلا يرد عليه كلام الشاطبي.
مع أن كلام الشاطبي يستدل له، ولا يستدل به.
أضف إلى ذلك: أن الشاطبي نفسه يرى أن إقامة المولد على الصفة المعهودة بين الناس بدعة
قال:  "أما الأولى, وهي: الوصية بالثلث ليوقف على إقامة ليلة مولدالنبي صلى الله عليه وسلم فمعلوم أن إقامة المولد على الوصف المعهود بين الناس بدعة محدثة وكل بدعة ضلالة,فالإنفاق على إقامة البدعة لا يجوز والوصية به غير نافذة بل يجب على القاضي فسخه..." فتاوى الشاطبي 203-204

كتبه
أحمد محمد الصادق النجار

الرد على حاتم العوني في دعواه أن الاحتفال بالمولد النبوي من باب المصالح المرسلة



قال العوني:(صورة يكون فيها المولد من المصالح المرسلة،
وذلك إذا كان بقصد استثمار تاريخ هذا الحدث الجليل، للتذكير بسيرته صلى الله عليه وسلم، أو لإذكاء جذوة محبته صلى الله عليه وسلم في القلوب، من غير اعتقاد فضيلة خاصة لليوم، تجيز تخصيصه بعبادة أو باعتقاد لا دليل عليه).
والرد عليه في هذه الصورة:
 هناك تشابه بين المصلحة المرسلة والبدعة من بعض الوجوه، وبسبب هذا التشابه يقع الخلط بينهما، وقد يستغل ذلك من يستغل لإمرار البدع، والتلبيس على الناس.
ولذا لا بد من بيان الفرق بينهما؛ ليتضح للقارئ الكريم وجه غلطِ من خلط بينهما:
المصلحة المرسلة هي: المنفعة التي لم يشهد الشارع باعتبار عينهاولا الغائه
الا أن جنسها يلائم تصرفات الشارع.
فالمعنى او الوصف له جنس اعتبره الشارع في الجملة.
والبدعة: ما أحدث في الدين مما لم يأت به النبي صلى الله عليه وسلم.
فتعلق البدع بما قصد به التقرب، او جُعل طريقة تضاهى بها الطريقة الشرعية.

ووجه التشابه بينهما:
١-كلاهما محدث.
٢-اعتبار الشارع جنس الوصف فيهما .
ووجه الافتراق:
١-ان المصلحة المرسلة لا تصادم الشرع، ولا تعارض دليلا خاصا، بخلاف البدعة فإنها تصادم الشرع وتعارض دليلا خاصا.
قال ابن تيمية في المجموع:(  " المصالح المرسلة " وهو أن يرى المجتهد أن هذا الفعل يجلب منفعة راجحة ; وليس في الشرع ما ينفيه )
٢- عدم الفعل في البدع مقصد للشارع، بخلاف المصلحة المرسلة.
٣- المصالح المرسلة وسيلة لحفظ مقصد من مقاصد الشارع، وضروري من الضرورات الخمس، بخلاف البدع فهي إحداث في الدين.
بعد هذا التأصيل نطبق ما تقدم على الاحتفال بالمولد:
الاحتفال بالمولد: جنس منفعته معتبرة وهي: محبته والتذكير بسيرته والاقتداء به.
الا أن عين المنفعة صادمها دليل خاص، وهو ترك النبي صلى الله عليه وسلم لها مع وجود المقتضي وزوال المانع
وكذلك ترك الصحابة، وهو اجماع منهم.
اضف الى ذلك: أن الذي شرع في يوم الاثنين الذي ولد فيه : الصيام، فلا يجوز ترك المشروع والاشتغال بغير المشروع تذكيرا لمولده.
وهذه المصادمة  لما تقدم من أدلة خاصة جعلت حكم الاحتفال بالمولد بدعة؛ لأنه اتخذ عيدا، والعيد شريعة،  وصار الناس يلتزمونه، وظُن فيه مصلحة، وهي ليست مصلحة لمصادمتها الشرع.
فليس الاحتفال وسيلة لمقصد شرعي وانما هو احداث في الدين.
ولو سلم جدلا ان الاحتفال فيه مصلحة التذكير بالسيرة، وإذكاء المحبة
ففيه ايضا مفسدة، وهي الابتداع في الدين، واتهام النبي صلى الله عليه وسلم بخيانة الأمانة، وفتح الباب لأهل الغلو ان يغلو في النبي صلى الله عليه وسلم ويرفعوه فوق منزلته
وهذه المفسدة أرجح من المصلحة المتوهمة
ودفع المفسدة الراجحة مقدم على جلب المصلحة الموجوحة، فكيف بالمتوهمة؟!!
وبهذا يظهر لنا خطأ ما يقرره العوني، فقد أنزل دليل المصلحة المرسلة على الاحتفال من غير مراعاة لقيوده.
وهذا يدل على بعدٍ من التصور الصحيح.
وعدم التصور الصحيح ينتج عنه حكم خاطئ.
وهذا عين ما حصل للعوني.
وقد تكلمت في مقال سابق عن شبهات يوردها مجيزو الاحتفال بالمولد
وهو موجود على الشبكة
ولم أناقش العوني الا من جهة واحدة، والا فوجوه كون الاحتفال بالمولد بدعة كثيرة.

كتبه
أحمد محمد الصادق النجار
٨-٣-١٤٣٧هـ

حلوى المولد



شيخ احمد سلام عليكم

ماحكم صنع حلوى المولد، أو أخذها منهم وأكلها واذا كنت موقنا ببدعية المولد لكني احبها ؟

وعليكم السلام
صنع الحلوى التى تجعل في المولد وأكلها مطلقا الأصل فيه الإباحة.
ومتى ارتبط الصنع بمحدثة  كالاحتفال بالمولد فلا يخلو من أحوال:
الأولى: أن تتخذ دينا يتعبد الله بها، فهنا تخرج عن أصل الإباحة إلى البدعة؛ لأنها خُرج بها عن بابها، وألحقت بباب العبادة، وباب العبادة الأصل فيه التوقيف، قال تعالى أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله.
الثانية: أن يعتقد أن فيها فضلا ، أو مزية، أو تأثيرا خفيا بسبب هذا اليوم وفضله، فهنا تكون محرمة؛ لما صاحبها من اعتقاد فاسد.
وهذا الاعتقاد قد يجر الى الشرك الاكبر؛
فمن جعل الاحتفال سببا لجلب نفع او دفع ضر فإنه يكون قد اتخذ ما ليس بسبب شرعي ولا قدري في جلب منفعة او دفع مضرة فيكون قد وقع في الشرك الاصغر ان اعتقد أنه سبب، اما ان اعتقد أنه يؤثر بذاته فيكون قد وقع في الشرك الأكبر.
الثالثة: ان تصنع وتؤكل لأجل المولد من غير أن يصاحبها اعتقاد فاسد، ولا تتخذ دينا
فهنا أيضا تمنع؛
١-سدا لذريعة الشرك والبدعة.
٢- لأجل التشبه بمن يتخذها دينا او يعتقد فيها اعتقادا فاسدا.
والمشابهة تثبت بمجرد الظاهر، لا القصد.
٣- لما كانت تابعة لمحرم أخذت حكمه، فالتابع تابع.
٤- أنه بني على سبب محرم، وما بني على سبب محرم فهو محرم، وما تولد عن حرام فهو حرام.
٥-لما في ذلك من الاحتفال المبتدع، والإقرار به، والاعانة عليه.

وكذلك أخذها منهم وأكلها: فيه نوع معاونة، والله يقول ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.
كما أن الأكل للحلوى ومحبته قد يجر الى محبة الاحتفال ووقوعه، فيمنع سدا لهذا الباب.
الرابعة:من اعتاد صنع الحلوى وأكلها في يوم معين وصادف ذلك اليوم: اليوم الذي يحتفل فيه بالمولد البدعي فهذا جائز .

ومن زعم أن أكل الحلوى المخصصة للمولد منفك عن بدعة الاحتفال فقد أبعد النُّجعة: لاختصاصها بالمولد، وتقييدها به، وقد لا توجد الا فيه.
وزاد بعدا من زعم أنه مستحب؛ بناء على ان الاحتفال مستحب.
فإن اعترض معترض بتجويز بعض الصحابة أخذ الهدية من المجوس والنصارى يوم عيدهم.
أجيب: قبول الهدية منهم - التي ليست من ذبائحهم-؛ قصد منه تأليفهم للإسلام لا إقرارهم ومعاونتهم، ومحبتهم.
فاختلف الحكم.

أجاب عنه
د. أحمد محمد الصادق النجار


الأحد، 13 ديسمبر 2015

التأصيل المبني على اليقين يجب أن يكون بغية طالب العلم


القطع واليقين في تأصيل المسائل مطلب ومقصد, وهو ما كان علبه الراسخون في العلم.
وما نعيشه اليوم من كثرة الشبه التي يوردها اهل الباطل على الحق ليجعل اليقين مطلبا أساسيا لكل من أراد النجاة لنفسه, والعصمة من الوقوع في شبهات اهل الباطل.
ومن كان تأصيله في المسائل على يقين أو ما يقرب منه لم تزده الشبه التي ترد على المسائل إلا رسوخا ويقينا, وأما من كان تأصيله عن ظن فربما تعصف به الفتن والشبه فتزيحه عن أصوله, ويصبح المعروف عنده منكرا, والمنكر معروفا.
فينبغي أن تكون دراسة طالب العلم للمسائل العقدية وغيرها دراسة توصله إلى القطع واليقين.
ومن مقاصد أئمة السلف في كتبهم المسندة: كثرة ذكر الآيات والأحاديث واقوال السلف في المسألة الواحدة؛ ليرفعوا المسألة عند القارئ من الظن إلى اليقين.
وهذا مقصد عظيم يكون دافعا ورافعا عند ورود الشبه.
وما نراه اليوم من تذبذب بعض طلبة العلم في المسائل والتلون والتنقل وعدم الثبات ما هو إلا نتيجة لعدم التأصيل اليقيني أو ما يقرب من اليقين.

وليعلم طالب العلم: أن في النقل ما يكون من قبيل المتشابه؛ ليمتحن الله به عباده, فمن لم تكن عنده المحكمات واضحات ضاع, وزاغ.

فاليقين اليقين في التأصيل؛ فهوعاصم بإذن الله من الفتن والشبه.

كتبه
أحمد محمد الصادق النجار

السبت، 12 ديسمبر 2015

تحقيق المسائل هو المقصد لا جمعها



قد صرنا في زمن يتفاخر بعض طلبة العلم بالجمع والإحاطة بالأقوال وسرد الخلاف دون تمييز وتحقيق, ودون معرفة محل النزاع والخلاف, ومن غير تطبيق للقواعد والأصول. فيستدل من الأدلة ما يظن انه موافق لرايه, وهو على خلافه. وما علم هؤلاء أن هناك فرقا بين جمع ما قيل في المسألة وبين تحقيقها؛ فالجمع وسيلة للتحقيق, وليس هو التحقيق. والمرء يُمدح بالتحقيق لا بالجمع, وهذا ما كان عليه أئمتنا وعلماؤنا, فقد برزوا ورفعوا بعد توفيق الله بالتحقيق لا بالجمع, وبالتفنن في الاستنباط والترجيح, لا بمجرد سرد الأقوال. ومما كان يلمز به من كان جمَّاعا أن يقال عنه: حاطب ليل. ومن النقص أن يجعل الجمع هو الغاية, فتُجعَل الوسيلة مقصدا. قال ابن رجب عن كلام السلف: (( ويحتاج من أراد جمع كلامهم إلى معرفة صحيحة من سقيمه وذلك بمعرفة الجرح والتعديل والعلل فمن لم يعرف ذلك فهو غير واثق بما ينقله من ذلك ويلتبس عليه حقه بباطله. ولا يثق بما عنده من ذلك كما يرى من قل علمه بذلك لا يثق بما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن السلف لجهله بصحيحه من سقيمه فهو لجهله يجوز أن يكون كله باطلا لعدم معرفته بما يعرف به صحيح ذلك وسقيمه.)) والتحقيق يقوم على: ١- جمع الأقوال والأدلة. ٢-التمكن من علوم الآلة وتنزليها على الأدلة. فهذان ركنان لا يقوم التحقيق إلا بهما. فيبدأ المحقق للمسائل أولا بالجمع, وعلى هذا الجمع يقوى التحقيق أو يضعف, فإذا كان جمعه تاما كان التحقيق تاما, وإذا نقص نقص, فيقوى التحقيق بقوة الجمع, ويضعف بنقصه. والجمع يقوم على تتبع الأقوال والأدلة والإحاطة بها ما أمكن. وهناك فقهٌ في الجمع, ومنه: الدمج بين الأقوال المتماثلة والمتشابهة, وإخراج ما كان خطأ محضا أو شاذا من عده قولا, والاعتناء بأقوال الأئمة المعتبرين دون غيرهم. ثم يثني بالركن الثاني الذي لا ينفك عن الأول وهو: التمكن من علوم الآلة نظرا وتطبيقا, فيعرف كيف يستخرج العلة, وينقحها, ويحققها في مناطها, ويعرف القواعد الكلية ومتى يضعها في محلها, والمقاصد الشرعية من غير أن يلغي النصوص الجزئية, ويميز بين الصحيح والضعيف, ويعرف متى يرجح الوصل على الإرسال, والإرسال على الوصل, ونحو ذلك. وعلى التمكن يقوى التحقيق أو يضعف, فإذا قوي التمكن قوي التحقيق, وإذا ضعف ضعف. ولله در شيخ الإسلام ابن تيمية القائل: (( والعلم شيئان: إما نقل مصدق، وإما بحث محقق ،وما سوى ذلك فهذيان مسروق )) وبعد تحقيق المسألة تأتي مرحلة مهمة لا يوفق إليها إلا من وفقه الله سبحانه, وهي: إيصال المسألة المحقَّقة إلى الآخرين سهلة العبارة, واضحة المعنى, من غير تقعر بالعبارات, واستحداث مصطلحات جديدة, ونحو ذلك ومتى أمكن الرجوع إلى عبارات السلف فالواجب الرجوع إليها؛ لأنهم كانوا على الحق المبين, وخير الكلام ما قل ودل. إلا إذا وجدت الحاجة, فيتوسع بقدرها. قال ابن رجب عن كلام السلف: (( ومع هذا ففي كلام السلف والأئمة كمالك والشافعي وأحمد وإسحاق التنبيه على مأخذ الفقه ومدارك الأحكام بكلام وجيز مختصر يفهم به المقصود من غير إطالة ولا إسهاب: وفي كلامهم من رد الأقوال المخالفة للسنة بألطف إشارة وأحسن عبارة بحيث يغني ذلك من فهمه عن إطالة المتكلمين في ذلك بعدهم بل ربما لم يتضمن تطويل كلام من بعدهم من الصواب في ذلك ما تضمنه كلام السلف والأئمة مع اختصاره وإيجازه )) وقال: ( وقد فتن كثير من المتأخرين بهذا فظنوا أن من كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل الدين فهو أعلم ممن ليس كذلك. وهذا جهل محض. وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكر وعمر وعلي ومعاذ وابن مسعود وزيد بن ثابت كيف كانوا. كلامهم أقل من كلام ابن عباس وهم أعلم منه وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة والصحابة أعلم منهم وكذلك تابعوا التابعين كلامهم أكثر من كلام التابعين والتابعون أعلم منهم. فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال ولكنه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق ويميز به بينه وبين الباطل ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد. )) وقال: (( وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين انه أعلم ممن تقدم. فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله)) ونرى في زماننا من يتشدق بكثرة الكلام, ويتوسع فيه بدون حاجة؛ ظنا منه أن هذا هو التحقيق. اللهم اجعلنا من اهل التحقيق الذين لا يريدون إلا وجهك. كتبه أحمد محمد الصادق النجار

الجمعة، 11 ديسمبر 2015

مناقشة الشيخ عبيد الجابري في جواب له عن مسألة عقدية (المكر والخداع، وباب الاخبار عن الله)



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي
أما بعد، فالفتوى أمرها عظيم، وهي توقيع عن رب العالمين.
وقد أوقفني أحد الإخوة الأفاضل على فتوى للشيخ عبيد الجابري من موقع ميراث الأنبياء وهي:
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا، هذا السؤال السادس، يقول: ما الفرق بين أسماء الله والإخبار عن الله؟ وما هو الضابط في باب الإخبار؟

الجواب:
أسماء الله توقيفية، وهذه لها ما يدل عليها، ومن ذلكم؛ التصريح في القرآن، مثل قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ } إلى آخر سورة الحشر، وقوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة 163] وغير ذلك.

ومنها النقل الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم- دعا به مثل: ((يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ)) وهكذا.

أمَّا الإخبار غالبًا يكون في الأفعال كالكيد والمكر والبطش، هذه أفعال يُؤخذ منها صفة ولكن لا يؤخذ منها اسم، فلا يُقال: إن الله كائد، إن الله ماكِر -أعوذ بالله- لا يُقال هذا، لأنها لا تُطلق إلا في المقابل لبيان أنه – سبحانه وتعالى- قادرٌ على الانتقام من ردَّ هديَّه الذي أنزلهُ على رسله: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [ الأنفال 30]، {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16)} [ الطارق].

اهـ.

أقول:

هذا جواب مشتمل على إجمال، وأغلاط.

والكلام في أسماء الله وصفاته عظيم، والانحراف فيه عظيم.

قول الشيخ:"أمَّا الإخبار غالبًا يكون في الأفعال كالكيد والمكر والبطش، هذه أفعال يُؤخذ منها صفة ولكن لا يؤخذ منها اسم، فلا يُقال: إن الله كائد، إن الله ماكِر -أعوذ بالله- لا يُقال هذا، لأنها لا تُطلق إلا في المقابل"

فذكر أن الإخبار غالبا يكون في الأفعال كالكيد ...، فجعل الكيد فعلا من باب الخبر.

وهذا تأصيل بعيد عن مذهب السلف، وهو غلط ظاهر.

فباب الإخبار مغاير لباب الأسماء والصفات؛ إذ إن باب الإخبار لا يشترط فيه التوقيف كما يشترط في الاسماء والصفات، وإنما يشترط فيه الا يكون معناه سيئا، والحاجة.

قال ابن القيم في البدائع:( ما يدخل في الإخبار أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته، ك الشيء، والموجود، والقائم بنفسه...

وقال: إن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب ان يكون توقيفيا كالقديم والشيء .. )

والصفات المقيدة كالمكر والكيد هي ليست من باب الإخبار وإنما هي صفات مقيدة، فتدخل تحت باب الصفات لا باب الاخبار.

ولهذا يشترط فيها التوقيف.

فظهر خطأ الشيخ في عد هذه الصفات من باب الاخبار المغاير لباب الاسماء والصفات.

وقد يحمل كلام الشيخ من وجه بعيد على أنه اراد بالإخبار  الاسم المقيد الذي يؤخذ من الفعل، لا الفعل نفسه ، فيقال: الماكر بمن يستحق المكر، وهكذا..

فيكون الاسم هنا ليس من باب الاسماء الحسنى ، وإنما من باب الإخبار، فأُخذ منه اسم فاعل.

لكنه حملٌ لقصده إن كان قد قصده، ولا يفيده لفظه.

ثم إن الشيخ قد تناقض  فجعل المكر، وو... من باب الإخبار ، ثم ذكر أنها تؤخذ منها صفات، وباب الاخبار لا يؤخذ منه صفات عليا ولا أسماء حسنى.

والسؤال الذي يرد على الشيخ: إذا كانت تؤخذ منها صفات فكيف تكون من باب الإخبار؟!!

الا اذا قصد الشيخ ان باب الاخبار تؤخذ منه ما صيغته صيغة الصفة او الاسم فهذا حق.

لا أنه تؤخذ منه صفات عليا.

وهو أيضا دلالة لفظه عليه بعيد.

وقول الشيخ:"لبيان أنه – سبحانه وتعالى- قادرٌ على الانتقام من ردَّ هديَّه الذي أنزلهُ على رسله":

يحتمل أمرين:

الأول: تفسير لصفة المكر والخداع ... باللازم مع نفي المعنى، كما عليه المتكلمون.

والمتكلمون إما أن يرجعوا الفعل الى القدرة او الارادة، أو يجعلوا الفعل بمعنى المفعول.

وهذا أنزه الشيخ عنه؛ لمعرفتي بأصوله في باب الصفات.

الثاني: تفسير باللازم مع اثبات المعنى اللغوي لهذه الصفات، وهذا مذهب للسلف.

لكن العبارة موهمة، ولابد فيها من تفصيل.

قال ابن القيم في إعلام الموقعين: ( قيل: إن تسمية ذلك مكرا وكيدا واستهزاءا وخداعا من باب الاستعارة ومجاز المقابلة نحو (وجزاء سيئة سيئة مثلها) ... وقيل -وهو أصوب-: بل تسميته بذلك حقيقة على بابه؛ فإن المكر إيصال الشيء إلى الغير بطريق خفي، وكذلك الكيد والمخادعة )

أضف إلى ما تقدم: ان الشيخ عامل صفة البطش معاملة المكر والكيد، وهذا باطل، فالبطش صفة فعلية ، ولا تضاف إلى الله مقيدة.

ولهذا جاءت مطلقة في النصوص ، كما قال تعالى إن بطش ربك لشديد.

وأخيرا: هذا ما أردت بيانا ضبطا للمسألة، وحفاظا على مذهب السلف من أن يدخل فيه ما ليس منه.

وأسأل الله ان يوفقنا لمرضاته، ونصرة مذهب السلف.

كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

مصلحة حفظ الشريعة مقدَّم على مصلحة عدم الكلام عن أخطاء اهل العلم



ليس في الشريعة تقديس الأشخاص, وإنما فيها تعظيم العلماء بالقدر الشرعي. والتقديس شيء، والتعظيم الشرعي شيء آخر والفرق بينهما مؤثر، والحكم فيهما مختلف. ومن تعظيمهم: تنبيه الناس عما وقعوا فيه من أخطاء؛ حتى لا يقلدهم الناس فيها, وحتى تبقى الشريعة صافية نقية, كما انزلها الله سبحانه. لكن بيان أخطائهم يكون بعلم وإنصاف وحفظٍ لكرامتهم, لا بجهل وتعدٍّ وهوى وإهانة لكرامتهم. ومراعاة هذه الأمور من حفظ الشريعة؛ لأن اهل العلم هم نقلة الشريعة، والذين حفظ الله بهم الدين. ونحن بين طافتين مذموتين: الأولى: أنكرت رد أخطاء العلماء وبيانها مطلقا؛ فقدموا حظ العلماء على حظ الشريعة, فوقعوا في الضلال، والتحريف للشريعة. الثانية: تعدت الرد على خطأ العالم إلى الطعن فيه، والتنقص منه, وسبه, فاعتدوا على حظ الشريعة وحظ العالم. والحق بينهما. وأهل السنة نظروا إلى الحظين ففازوا بحفظ الشريعة, وحفظ مكانة العالم. جعلنا الله من اهل السنة الذين هم اعرف الناس بالحق, وأرحمهم للخلق. كتبه د/أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 3 ديسمبر 2015

الاجتهاد باعتبار موافقته للحق وعدمه

اجتهاد الشيخ - إن كان اهلا للاجتهاد- باعتبار موافقته للحق وعدمه قسمان:
الأول: اجتهاد صحيح, وهو ما وافق الحق فلم يعارض نصا صحيحا صريحا أو إجماعا ولم يفوت مصلحة راجحة, أو يجلب مفسدة راجحة
.ويترتب عليه حصول الأجرين: أجر الاجتهاد وأجر الإصابة.
الثاني: اجتهاد خاطئ, وهو ما وافق الباطل, فعارض نصا صحيحا صريحا أو إجماعا, أو فوت مصلحة راجحة, أو جلب مفسدة راجحة
ويترتب عليه حصول اجر واحد وهو اجر الاجتهاد.
وأما اتباعه في الاجتهاد فلا يخلو المتبِع من أن يكون اهلا للاجتهاد أو لا
فإن كان اهلا للاجتهاد فالواجب عليه أن يجتهد ليصل إلى الحكم إلا إذا وجد مانع كضيق الوقت, ونحو ذلك فله أن يقلد المجتهد
وإن كان ليس أهلا للاجتهاد فالواجب عليه تقليد المجتهد من غير أن ينصب شخصا يوالي ويعادي عليه ويجعله في منزلة النبي صلى الله عليه وسلم.
وليس للمقلد أن يتعدي فيصبح مجتهدا أو ملزما لغيره.

كتبه
أحمد محمد الصادق النجار