الأربعاء، 29 ديسمبر 2021

حكم الأذان في المساجد لغير الإعلام بوقت دخول الصلاة

 

حكم

الأذان في المساجد لغير الإعلام بوقت دخول الصلاة

شُرع الأذان في المساجد لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة, فالمقصود منه: الإعلام.

ولا يشرع الأذان لغير الإعلام إلا بما ورد به النص الشرعي؛ لأنه عبادة لا تشرع إلا لسبب مشروع.

ومما ورد به الدليل: الأذان لطرد الغيلان؛ إلا أن  الدليل لم يخصصه بمكان, وما شرع عاما لا يدل على مشروعيته خاصا.

وعليه: فلا يصح تخصيص المساجد بالأذان لطرد الشياطين؛ لأنه فعل محدث لم يدل عليه شرع.

فإن قيل: هل مع عدم التخصيص يصح أن يكون في المسجد؟

قيل: لذلك احتمالان بالنظر إلى اعتقاد المؤذن:

الأول: أن يعتقد أن في الأذان في المسجد فضلا ومزية لطرد الشياطين فهنا لاشك في المنع؛ لأن اعتقاد الفضل والمزية يحتاج إلى دليل خاص, ولا دليل.

الثاني: ألا يعتقد فيه فضلا ومزية؛ فهنا أيضا يمنع في المسجد من وجهين:

الوجه الأول: أن في الأذان في المسجد لغير الإعلام خروجا عن مقصود الشارع من الأذان في المسجد, فالمقصود الشرعي من الأذان: الإعلام وأما غير الإعلام فغير مقصود شرعا في المسجد, وإذا كان كذلك فالتأذين في المسجد لغير الإعلام بدخول الوقت ممنوع.

ولذا لم يشرع الأذان في المسجد لغير الإعلام, ولو كان الأمر في سعة لنصب الشارع عليه دليلا واضحا, وأجرى فروعا عليه.

الوجه الثاني: ترك السلف له مع وجود المقتضي ولا مانع؛ مما يدل على المنع, فعدم إقامة الأذان في المسجد من السلف عند وجود الغيلان مع وجود مقتضيه يدل على عدم مشروعيته في المسجد؛ إذ لو كان مشروعا مع احتمال الدليل له لفعلوه ونقل.

أضف إلى ذلك: أن هذا الفعل يترتب عليه مفاسد, كفزع الناس وخوفهم واختلاط وقت الصلاة عليهم, ونحو ذلك.

كتبه: د. أحمد محمد الصادق النجار

 

الخميس، 9 ديسمبر 2021

حكم قراءة القرآن بالألحان والمقامات

 

حكم قراءة القرآن بالألحان والمقامات

إن القرآن الكريم أنزله الله لتدبره والعمل به, ولشفاء القلوب من أمراضها, وحث الشرع على الاستماع إليه والتلذذ به؛ لتصل معانيه إلى القلوب, ويحل المقصود من إنزاله

ولأجل ذلك حض الشرع على التغني بالقرآن واستماعه من حسن الصوت, وقد أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقراءة.

فالتغني به مشروع متى ما كان وسيلة لتحقيق المقصود الشرعي ولم يترتب عليه مفسدة راجحة.

ولما كان الأمر مرتبا على المصالح والمفاسد نظر إلى كيفية التغني بالقرآن, فما كان التطريب فيه يطغى على مقصد وصول المعاني إلى القلوب وتدبره, بحيث إن القلب ينشغل بالألحان ووزنها الموسيقي على المعاني, حتى يكون الإصغاء إليه لأجل الصوت الملحن لا للتدبر والانتفاع به, أو يُخرج بالكلام عن وضعه واستقامته بزيادة حروف أو مدود ونحوه, أو تشبع الحركات حتى يتولد من الفتحة ألف ومن الضمة واو ومن الكسرة ياء؛ فهنا يكون هذا التطريب وهذه القراءة منهيا عنه.

وما كان التطريب فيه يعين إلى وصول المعاني إلى القلوب وتدبره فهذا مرغب فيه.

ومظنة المنهي عنه: ما خرج عما اقتضته الطبيعة وسمحت به مما يحصل بتكلف وتصنع على نحو ألحان الموسيقى المتكلفة الموزونة، بحيث يسير فيه على نسق موزون ولا يدخل مقاما على مقام إلا إذا كان يناسبه وفي درجته فهذه مظنة التطريب الذي مفاسده راجحة وينهى عنه, والأقرب في حكمه التحريم إذا تغير الكلام بزيادة أو نق أو لم يفهم معناه, ويكره إذا كان دون ما تقدم من تغيير.

وأما القراءة بالمقامات فجائز إذا كانت القراءة من غير خروج عما اقتضته الطبيعة, ولا تنقل بينها على النحو الموسيقي, ولا كان فيها مشابهة لألحان الموسيقى المركبة على الأوزان والقانون الموسيقائي فإن هذا يلهي عن المقصود وهو: الانشغال عن المعاني وتفهمها وتدبرها, كما أن هذا التطريب والتلحين الموسيقائي من ضرورته أن يمد في غير موضع المدّ ، وينقص؛ مراعاة للوزن.

وإنما كانت القراءة بالمقامات التي لا يكون فيها محذور شرعي جائزة؛ لأن وسيلة لتحقيق المقصود من القراءة, ولأن تحسين الصوت باعث للخشوع والرقة, ولدخولها في عموم النص الحاضة على التغني بالقرآن وتحسين الصوت به.

 

كتبه: د. أحمد محمد الصادق النجار

4-جمادى الأولى- 1443هـ