الجمعة، 30 يونيو 2023

التكبير المقيد عقيب الصلوات أيام عيد الأضحى

التكبير المقيد بأدبار الصلوات من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق 

لم يثبت فيه نص صريح في الكتاب والسنة 

ولا نُقل عن أبي بكر وعمر وعثمان...


وهنا يأتي سؤال: هل ترك النبي صلى الله عليه وسلم وعدم النقل عن طائفة من الصحابة 

مع وجود مقتضيه ولا مانع يقتضي المنع؟ وهل هو بدعة؟


هنا يأتي جواب من أخطأ وحصر الاستدلال بالنص الصريح على الفعل أو الظاهر 

وأعمل قاعدة الترك بإطلاق في الأمور الشرعية، فيقول هو بدعة.


ولو تأمل في طريقة الأئمة في الاحتجاج لأحجم عن هذا الوصف, بل لم يسعه- فيما أحسب- إلا أن يقول بجواز التكبير المقيد.


وحتى أدلل على طريقة الأئمة وفقههم أقول:


قال الإمام مالك في الموطأ (3/ 592): (الأمر عندنا، أن التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات. وأول ذلك تكبير الإمام، والناس معه. دبر صلاة الظهر من يوم النحر. وآخر ذلك تكبير الإمام، والناس معه. دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق. ثم يقطع التكبير)

فلم يحتج على جواز ذلك بنص من الكتاب والسنة, ولا أعمل قاعدة الترك, وإنما احتج بجريان العمل في المدينة؛ مما يدل على توسعة دائرة الاستدلال.

وليس المقصود هنا مناقشة كون العمل أهل المدينة دليلا أو ليس بدليل , وهل هو إجماع أو لا, وإنما المقصود التنبيه على طريقه الأئمة في الفقه, وأن الاحتجاج عندهم بابه أوسع من صحة الدليل بطريقة المحدثين بالنظر إلى الإسناد.


ولما جاء الحافظ ابن رجب وقرر جواز التكبير المقيد عقيب الصلوات نبه على طريقة الأئمة في الاحتجاج, وبين أن الاحتجاج لا يقتصر فيه على الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يحتج بآثار الصحابة وبآثار من بعدهم من التابعين وبعمل المسلمين, فقال في فتح الباري لابن رجب (9/ 22): (فاتفق العلماء على أنه يشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيام في الجملة، وليس فيه حديث مرفوع صحيح، بل إنما فيه آثار عن الصحابة ومن بعدهم، وعمل المسلمين عليه.

وهذا مما يدل على أن بعض ما أجمعت الأمة عليه لم ينقل إلينا فيه نص صريح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل يكتفى بالعمل به).


بل نجد أن الفقهاء عند تقريرهم جواز التكبير المقيد عقيب الصلوات يحكون الإجماع, كما تقدم في كلام ابن رجب...

وقال ابن قدامة في مسألة التكبير المقيد عقيب الصلوات في الجماعة في المغني (3/ 291): (ولنا ، قول ابن مسعود ، وفعل ابن عمر ، ولم يعرف لهما مخالف في الصحابة رضي الله عنهم ، فكان إجماعا) .


فالإجماع المحكي قرينة قوية على مشروعية التكبير

وإنما قلت: قرينة لاحتمالية وجود المخالف، فيكون قول الأغلب قرينة قوية على أن الصواب لا يخرج عما قرروه وفهموه من مجموع النصوص وفقه الصحابة.


ومما نستند عليه في صحة التكبير المقيد عقيب الصلوات الخمس ما ثبت من آثار عن بعض الصحابة:

قال البخاري في صحيحه (2/ 20): (وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه، وممشاه تلك الأيام جميعا)

وقد وصله الفاكهاني في أخبار مكة (4/ 228) وابن المنذر في الأوسط (4/ 299) بسند صحيح.

والأثر صريح في التكبير المقيد خلف الصلوات.


ونُقِل عن علي كما في مصنف ابن أبي شيبة (15/ 109)  «أنه كان يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من اخر أيام التشريق ويكبر بعد العصر». وصححه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (1/ 440), وقال ابن حجر الدراية في تخريج أحاديث الهداية (1/ 222): (أخرجه ابْن أبي شيبَة بِإِسْنَاد صَحِيح)


قال الإمام أحمد: هذا تكبير علي، ونحن نأخذ به. مسائل عبدالله (2 / 432).



وعن ابن عباس كما في الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف لابن المنذر (4/ 301): «أنه كان يكبر من غداة يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، لا يكبر المغرب، الله أكبر كبيرا الله أكبر كبيرا الله أكبر وأجل الله أكبر ولله الحمد» وصححه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (1/ 440)


وتخصيص التكبير بغداة يوم عرفة إلى عصر أخر أيام التشريق يوجب أن له محلا مخصوصا, ويدل على أنه غير التكبير المطلق الذي لا محل له مخصوص..

وهذا المحل قد جاء بيانه في أثر ابن عمر الصحيح المتقدم, وفيه أنه خلف الصلوات, وهذا ما فهمه الأئمة فقيدوا التكبير بعقيب الصلوات, وقد نقدم كلام بعضهم. 

قال البغوي في شرح السنة للبغوي (7/ 146): (وروى عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يكبر عقيب صلاة الغداة يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق دبر كل صلاة)


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الثلاثاء، 27 يونيو 2023

%ماذا منُنع من الذكر الجماعي بصوت واحد؟

 هل ذكر الله وقراءة القرآن والصلاة على النبي جماعة بصوت واحد من البدع؟ 

جواب هذا السؤال وفقهه مبني على مقدمة، إذا أحسنا فهمها وتصورناها تصورا صحيحا تبين لنا بوضوح حكم هذه المسألة وما كان مشابها لها. 

هذه المقدمة هي: أن النصوص الشرعية المطلقة الواردة في الحض على الذكر وقراءة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تناولت الذكر بإطلاق 

ولم تدل على خصوص صورة ذكر الله جماعة بصوت واحد 

بمعنى أن ذكر الله جماعة بصوت واحد اشتمل على أمرين

١-ذكر الله

٢-هيئة خاصة في الذكر وهي جماعة بصوت واحد. 

فالنصوص المطلقة كقوله تعالى:[الذين يذكرون الله قياما وقعودا] الآية

دلت على مشروعية الذكر بإطلاق، وليس فيها دلالة على مشروعية هذه الهيئة الخاصة بعينها، فالهيئة الخاصة لا نعتمد في مشروعينها على الدليل العام، ومتى التزمها الإنسان فقد أعطاها وصفا من أوصاف التشريع

وغاية ما يقال فيها: إن الشارع سكت عنها، فيشترط لمشروعيتها ألا يصادمها ترك النبي صلى الله عليه وسلم وترك الصحابة؛ لأن تركهم دليل على أن الشارع لم يرد هيئة مختصة في الذكر تكون مقصودة

ولذا كان دليل الترك أقوى من سكوت الشرع ومجرد تناول النصوص المطلقة للهيئة الخاصة...

فدليل الترك يدل على المنع في نوع هذه المسائل لا مطلقا. 

خليني أقرب المسألة أكثر

لو قلت لك: ائت بزيد

فجئتَ به مربوطا

صح لي أن أقول لك: لماذا أتيت به مربوطا؛ لأن أمري لك بالإتيان به لم يدل على مشروعية هذه الطريقة بخصوصها

يعني لماذا اخترت هذه الطريقة دون غيرها؟!!

وليس لك أن تقول أنت أمرتني أن آتيَ به...

لأني سأقول لك: أنا قلت لك ائت به، ولم أقل لك ائت به مربوطا

فهذه الطريقة بخصوصها أمر زائد على مطلق أمري لك بالإتيان به

فحتى تكون مقصودة لي تحتاج أن تعرف طبعي وعرفي وما يفهمه أتباعي لما أطلب منهم أن يأتوا بفلان...

فعندما يكون أتباعي يأتون بمن أطلب منهم أن يأتوا به غير مربوط

دل ذلك على أن هذه الصورة التي فعلتها لا أريدها وليست مقصودة من قولي: ائت بزيد 

ولا هي وسيلة  مقصودة لي

فالصحابة هم أعلم الناس بمراد الله، فلما خاطبهم الله بالذكر مطلقا وبالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مطلقا

ولم يأتوا به على هيئة جماعية بصوت واحد

علمنا من ذلك أن هذه الصورة بعينها لا يريدها الله في الذكر، وليست مشروعة لا بالقصد الأول ولا بالقصد الثاني.

هذا هو المقصود من الاستدلال بدليل الترك على المنع من البدع الإضافية.

وهنا يأتي الفقه الاستقرائي لأصول الشريعة وأصول أبوابها ومقصد الشارع منها. 


كتبه

د. أحمد محمد النجار  

أستاذ مساعد بكلية علوم الشريعة

الاثنين، 26 يونيو 2023

حكم التعريف في مساجد الأمصار يوم عرفة

 حكم التعريف في مساجد الأمصار يوم عرفة

والمقصود بالتعريف هو المكوث في المسجد عشية عرفة للدعاء والذكر
من غير أن يخصَّص مكان يُقصَد بعينه تعظيما له، كقبر...

هذا الفعل اختلف فيه السلف، فأجازه ابن عباس وعمر بن حريث والحسن البصري وسعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وأحمد بن حنبل...
ومنع منه الشعبي وإبراهيم النخعي..

والأقرب جوازه وعدم نهي الناس عنه؛ لموافقته الأصول، فيوم عرفة له فضل خاص وفيه يدنو الرب من الواقفين بعرفة يباهي بهم ملائكته
والبقاء في المسجد للدعاء والذكر عموما مما تحث عليه الشريعة
والدعاء مستحب عشية عرفة...
فهذا أصولٌ بالنظر لدلالة النصوص الصريحة عليها...
واعتضد تخصيص المكث بالدعاء والذكر  عشية عرفة في مساجد الأمصار بفعل صحابيين: ابن عباس وعمرو بن حريث رضي الله عنهما، فخرج بذلك عن كونه بدعة؛ لعدم مخالفة فعلهما أصول الشريعة، ولم يعارضهما نص صريح ولا قول صحابي آخر؛ فصح الاحتجاج به على الجواز..
ولهذا كان من فقه الإمام أحمد احتجاجه على جواز التعريف بفعل بعض الصحابة وبعض التابعين
قال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن التعريف في الأمصار يجتمعون في المساجد يوم عرفة؟ قال: (أرجو ألا يكون به بأس، فعله غير واحد)، قال أبو عبد الله: (الحسن، وبكر، وثابت، ومحمد بن واسع؛ كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة).
وإنما احتج بفعلهما على الجواز لشهادة أصول الشريعة عليه، وليس هو بسنة مستحبة.
والمقصود بالجواز هنا أنه سائغ الفعل ولا ينكر.

ومن أهل العلم من عده من البدع مطلقا، وهذا يصعب القول به؛ لفعل بعض الصحابة له وفي زمن الخليفة علي ولم ينكره، وما كان هذا شأنه لا يدرج في البدع.
ويمكن حمل كونه بدعة على تخصيص بقعة بعينها تعظيما لها كما خص الحجاج جبل عرفة.
أو يمكن حمل كونه بدعة على من فعله على وجه التشريع الخاص.

وينبه هنا أننا لم نحتج على جواز التعريف في الأمصار بمجرد شهادة الأصول العامة له والتي لم تنص على جواز الفعل بعينه، وإنما احتججنا بفعل الصحابي للفعل نفسه وأيدنا ذلك بشهادة الأصول له.

وأما اجتماع الناس يوم عرفة في المسجد لأجل الدعاء للناس، فهذه الصورة محدثة؛ فعن أبي حفصٍ المدنيِّ قال: ( اجتمعَ الناسُ يومَ عرفةَ في مسجدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يدعونَ بعدَ العصرِ، فخرجَ نافعٌ مولى ابنِ عمرَ من دارِ آلِ عُمَرَ فقال: أيها الناسُ إنَّ الذي أنتُم عليهِ بدعةٌ وليست بسنَّةٍ، إنا أدركنا الناسَ ولا يصنعُون مثلَ هذا، ثمَّ رجَعَ فلم يجلس، ثمَّ خرَجَ الثانيةَ ففَعَلَ مثلَها، ثمَّ رجَعَ )رواه ابن وضاح في البدع  ص53 .

وقد منع منها الإمام مالك؛ لأجل الاجتماع للدعاء للناس؛ قال ابن وهب: " سألتُ مالكاً عن الجلوس يوم عرفة، يجلس أهل البلد في مسجدهم، ويدعو الإمام رجالاً يدعون الله تعالى للناس إلى غروب الشمس؟
فقال: ما نعرفُ هذا، وإن الناس عندنا اليوم ليفعلونه".

قال ابن وهب: " وسمعتُ مالكاً يسأل عن جلوس الناس في المسجد عشية عرفة بعد العصر، واجتماعهم للدُّعاء؟.
فقال: ليسَ هذا من أمر الناس، وإنما مفاتيح هذه الأشياء من البدع".

وفي معناها الاجتماع على الذكر بصوت واحد، أو الذكر بما يشتمل على أمور منهي عنها.

كتبه
د. أحمد محمد الصادق النجار 

الجمعة، 16 يونيو 2023

قضية المساواة بين الذكر والأنثى (الحركة النسوية)

 قضية المساواة بين الذكر والأنثى

هذه الفكرة تركز عليها الحركة النسوية؛ لتظهر أن الشريعة الإسلامية لم تنصف المرأة ولم تعدل بينها وبين الذكر
وهن في الحقيقة تجاهلن الفرق الواقع في أصل الخلقة، فلما لم يسو الله بين الذكر والأنثى في أصل الخلقة وما جبلت عليه المرأة من الضعف والنقص...
لم يسو بينهما في جميع الأحكام؛ مما اقتضى اختصاص الرجل بأحكام عن المرأة، والمرأة بأحكام عن الرجل، وهذا المعنى أشار الله إليه في قوله تعالى:[الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض]
فجعل سبب تخصيص الرجل بالقوامة تفضيل الله الرجال على النساء بما خلق الله فيهم
فالله هو الذي أوجد الذكر والأنثى من العدم، وهو المتفضل سبحانه عليهم بالإيجاد وهو الذي يرزقهم ويمدهم
فهو مالكهم وقد خلقهم على ما يريد وفق حكمته، فإذا كنتم لا تنازعون الله في خلقه فكيف تنازعونه في تشريعه؟!!
وقد اقتضت حكمته أن يجعل للمرأة اعمالا تناسب خلقتها وما يريد الله منها في هذه الحياة، فهو الذي حدد المهام سبحانه لتناسب مع خلقتهم واصل فطرتهم [ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير]
وعدم التسوية في الأحكام من كل وجه يرجع إلى المقصد العام للشريعة وهو العدل، فليس من مقتضى العدل أن يسوي بين المختلفات.
وقد جعل الله من طبيعة المرأة الاستحياء واستحكام العاطفة عليها
وجعل التغيرات التي تحصل للبدن من الحيض والنفاس والاستحاضة ، وما ميزها به من الحمل والرضاعة
وما عرفت به من الضعف في الرأي وعدم الثبات عليه سببا لنقصها عن الرجال؛ مما اقتضى تخصيص الرجال بأحكام تناسب خلقته وما يريده الله منه، وتخصيص المرأة بأحكام تناسب فطرتها وما خلقت عليه.

وقد عاشت المرأة قي ظل أحكام الإسلام عزيزة مصونة معتزة بإسلامها..

ومع أن الإسلام لم يسو بينهما إلا أنه أعطى المرأة حقوقها ورفع عنها الظلم والعدوان وصانها من كل ما يدنسها وسد كل طريق يمكن فيه استغلال مواطن الضعف فيها...

فمن ينادي بالمساواة بينهما في الحقوق من كل وجه فهو في الحقيقة معترض على أصل خلقتهما وما يريده الله منهما واقتضته حكمته سبحانه.

الغريب أن أصحاب هذا الفكر يستغلون الأخطاء التي تصدر من بعض الرجال في ظلم المرأة والاعتداء على حقوقها التي أثبتتها لها الشريعة الإسلامية للمطالبة بالتسوية بينهم في جميع الحقوق ...

ولو تأمل هؤلاء في حكمة الشارع من تخصيص أحكام بالمراة تختلف عن أحكام الرجل لوجد أن فيه مصلحة للمرأة نفسها.

اللهم اهدنا واهد بنا

كتبه
د. أحمد محمد الصادق النجار
أستاذ مساعد بكلية علوم الشريعة 

الثلاثاء، 13 يونيو 2023

حكم #أخذ_المضحي_شيئا_من_شعره وبشرته

حكم #أخذ_المضحي_شيئا_من_شعره وبشرته

أقرب الأقوال هو التحريم
وهو الذي ينسجم مع ظاهر النهي

ويحقق ما يريده الله عند التعبد بإراقة الدم، فقد جعل الله من تمام التعبد لله بإراقة الدم أخذ ما زاد من الشعر والاظافر -الذي منع من أخذه- مع ذبح الأضحية؛ ليحصل العتق من النار لكامل أجزاء الإنسان.
ففي سنن أبي داود من حد يث عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «...ولكن تأخذ من شعرك وأظفارك وتقص شاربك وتحلق عانتك، فتلك تمام أضحيتك عند الله عز وجل»

والنهي عن أخذ المضحي شيئا من شعره أو بشرته أو أظافره هو قول الصحابة رضوان الله عليهم

فعن قتادة: أن كثير بن أبي كثير سأل سعيد بن المسيب أن يحيى بن يعمر يفتي بخراسان، يعني كان يقول: إذا دخل عشر ذي الحجة واشترى الرجل أضحيته فسماها لا يأخذ من شعره وأظفاره،
فقال سعيد: قد أحسن، كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلون ذلك أو يقولون ذلك).اخرجه الطحاوي في مشكل الآثار(١٤/١٤٢)
وذكر رواية أخرى بلفظ فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب، فقال: نعم، قلت: عمن يا أبا محمد؟، قال: عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم).

وممن قال بعدم الجواز:
1-أم سلمة
2-سعيد بن المسيب
3-ربيعة الرأي
4-ابن سيرين
5-أحمد بن حنبل
6-إسحاق بن راهويه
7-ابن المنذر
8-الأوزاعي
9-أبو ثور
10-وجه عند الشافعية
11-ابن حزم
١٢-ابن القيم
ففي مصنف ابن أبي شيبة (4/ 434) حدثنا أبو بكر قال حدثنا حاتم بن اسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب أنه قال : من كان يريد أن يضحي ، فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا إذا أهل ذو الحجة.
قال الترمذي في جامعه سنن الترمذي ت بشار (3/ 154): (وبه كان يقول سعيد بن المسيب، وإلى هذا الحديث ذهب أحمد، وإسحاق)
وقال البغوي في شرح السنة للبغوي (4/ 348): (فذهب قوم إلى أنه لا يجوز لمن يريد الأضحية بعد دخول العشر أخذ شعره وظفره ما لم يذبح، وإليه ذهب سعيد بن المسيب، وبه قال ربيعة، وأحمد، وإسحاق)
وقال القاضي عياض في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (17/ 81): ( أخذ بظاهر هذا النهي أحمد ، وإسحاق ، وابن المنذر ؛ فمنعوا ذلك).
وقال النووي في المجموع شرح المهذب (8/ 391): (وفيه وجه أنه حرام حكاه أبو الحسن العبادي في كتابه الرقم وحكاه الرافعي عنه لظاهر الحديث).

ولم يأخذ بهذا الحكم جماعة من فقهاء المدينة والكوفة...

وإن الناظر فيما احتج به الفقهاء من نصوص مرفوعة يجد أنهم احتجوا بنصين ظاهرهما التعارض, وهما: حديث أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «إذا أراد أحدكم أن يضحي ودخل العشر فلا يأخذ من شعره ولا من بشرته شيئا»
واختلف في رفعه ووقفه، ولو قيل بالوقف كما ذهب إليه الدارقطني ، فمثله لا يقال بالرأي والاجتهاد؛ لأنه تخصيص تشريع.
وحديث عائشة: «كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يبعث به وهو مقيم لا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم»

فمن الفقهاء من جعل القياس مبطلا لدلالة أحد النصين؛ لأن من شرط القياس: اتحاد الحكم

وأما فقهاء المحدثين فعملوا بالنصين وفق مقتضاهما ولم يقيسوا أحدهما على الآخر
بمعنى أعملوا النصيين كل واحد في موضعه؛ لأن قياس أحد النصين على الآخر ينقضه النص الآخر.

وأقرب المسالك هو العمل بكلا الحديثين، لا أن يقتصر العمل على أحدهما بأن يجعل ظاهر الحديث الآخر مقيسا عليه
ولما كان معارضا له لم يصح القياس فاضطرهم إلى إبطال دلالته الظاهرة إما بالنسخ وإما بالتضعيف

وإعمال النصين يكون بـ:
حمل حديث عائشة على من يبعث هديا, وحمل حديث أم سلمة على المضحي بالمصر, قال أحمد ذكرت لعبد الرحمن بن مهدي حديث أم سلمة وحديث عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث الهدي لم يحرم عليه شيء فبقى ساكتا ولم يجب
وذكرته ليحيى بن سعيد فقال ذاك له وجه وهذا له وجه وحديث أم سلمة لمن أراد أن يضحي بالمصر وحديث عائشة لمن بعث بهديه وأقام
قال أحمد وهكذا أقول حديث عائشة هو على المقيم الذي يرسل بهديه ولا يريد أن يضحي بعد ذلك الهدي الذي بعث به فإن أراد أن يضحي لم يأخذ من شعره شيئا ولا من أظفاره على أن حديث أم سلمة هو عندي على كل من أراد أن يضحي في مصره.
حكى ذلك كله عنه الأثرم. [الاستذكار (4/ 85)]

وما عليه فقهاء المحدثين هو الأقرب والموافق للأصول -في نظري-؛ لأن الاصول تقتضي أنه إذا لم يكن بين صورة المضحي وصورة المهدي فرق؛ لزم التسوية..
لكن لما لم يسو الصحابة بينهما في الحكم كان ذلك قرينة قوية على
أن الشرع لم يسو بينهما؛ لوجود فارق مؤثر، وإذا وجد الفارق المؤثر بين الصورتين لم تصح التسوية بين الحكمين وبطل القياس.
والفارق المؤثر أن المنع من الأخذ من الشعر والأظافر والبشرة متعلق بتمام التعبد بالأضحية وليس متعلقا بالإحرام
فاختلف الحكم.

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
أستاذ مساعد بكلية علوم الشريعة/المرقب

النظر المقاصدي المصلحي في تنزيل الأحكام الشرعية

يخطئ من يظن أن تعليق الأحكام بالمصلحة أو الالتفات إلى المصلحة في تنزيل الأحكام الشرعية

مسلك ضعيف يفتح الباب لأهل الأهواء ويضعف مدرك الأحكام الشرعية.. 


ومنشا الغلط عندهم في تصور المصلحة من جهة وظنهم أن ذلك يضعف تعلق الناس بالكتاب والسنة من جهة أخرى 


ولو فطنوا لعلموا أن تقدير المصالح لا يرجع إلى أهواء الناس وطباعاهم

وإنما هو نظر دقيق في المنافع التي راعاها الله في التشريع وترجع إليها أصول الأبواب

لا ما يتبادر للناظر عند أول وهلة أنها منفعة يريدها الله . 

وهذا يغلق الباب على أهل الأهواء ومن يريد تطويع النصوص الشرعية على هواه

فمن أعظم ما يسد الباب على أهل البدع والزنادقة الذين يلوون أعناق النصوص؛ لخدمة أهوائهم ومذاهبهم ..

هو الاحتجاج عليهم بمقصد الشارع في التشريع وما جرى عليه عرفه في الأبواب الشرعية؛ إذ إن للشريعة معاني وكليات قطعية حاكمة على الجزئيات، ولا تفهم النصوص الشرعية إلا على ضوئها... 


نعم

أقدم على تقدير المصالح من ليس له عناية بطرق استخراجها ولا عنده معرفة دقيقة بطريقة الشارع وعرفه في مراعاة الأحكام وأصول الأبواب، وهل الأصل في الباب التعبد أو معقولية المعنى؟ وهل غلب فيه حق الله أو تمحض أو غلب فيه حق العبد؟

وهل قصد الشارع فيه إلى التضييق أو التوسعة؟

وهل المصلحة الخاصة عارضها ما هو مثلها أو اقوى منها؟ وهل تقابلها مفسدة أو لا؟

إلى غير ذلك


وإقدام هؤلاء لا يجعل مسلك إعمال مقاصد الشريعة مسلكا باطلا

كيف والشريعة إنما بنيت على المصالح والمفاسد، وقد أبدع بعض الأئمة المحققين في ربط المسائل بالنظر المصلحي المقاصدي كابن تيمية رحمه الله، فكثير من فتاويه يظهر فيها النظر المقاصدي خصوصا في باب البيوع 


وإذا تأملنا في فقه الصحابة والتابعين تجد أنه فقه استقرائي مبني على معرقة مقصد الشارع ومراعاة أصول الأبواب

فانسجم فقههم مع تحقيق مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم

بخلاف طريقة الفقهاء المتأخرين الذين شاع عندهم التقعيد الرياضي والحدود المنطقية والقواعد التجريدية

فلم يتحقق معها الانسجام التام مع طريقة الشارع وفقه الصحابة والتابعين والأئمة؛ إذ إن الشريعة في قواعدها وكلياتها مرنة منسجمة الكليات والجزئيات. 


وقد قام فقه الصحابة والتابعين والأئمة المتقدمين وسار عليه المحققون من المتأخرين على  تبيين الحكم الشرعي بالنظر الى اللفظ الشرعي مفردا ثم إلى سياقه ثم فهمه على قواعد الشريعة في التشريع مع مراعاة عرف الشارع وطريقة في الأبواب الشرعية؛ فتم فقههم وانتظم وفق مراد الشارع.


ومن الأمثلة على الخطأ في التقدير المصلحي:

من يرى 

أن صرف أموال الأضحية في توفير مستلزمات المرضى وعلاجهم أولى بالنظر إلى أن مصلحة الحفاظ على النفس أعظم؛ إذ فيها محافظة على ضروري من الضرورات الخمس، وبالنظر أيضا إلى أن مصلحة الواجب أعظم من مصلحة المستحب.. 


هذا التقرير مبني على وجود تعارض لا يمكن معه الجمع بين الحفاظ على النفس بشراء وتوفير ما يحتاج إليه العلاج وبين شراء الأضحية، كما بني على توقف الحفاظ على النفس على عدم شراء الأضحية وأن عدم شرائها يكفي لحفظ الأنفس!! 


وبناء على هذا التحليل يتضح جليا ضعف هذا التصور وما بني عليه..

فحفظ النفس ليس متوففا على عدم شراء الأضحية؛ إذ يمكن التفريق بينهما، فتحفظ النفس بما يجب على الدولة دفعه من مال، وكذلك مال الزكاة ومال الصدقة ...

وهي أكثر تأثيرا في حفظ النفس من المال الذي يدفع في شراء الأضحية. 


فهنا وقع خلل في تقدير المصلحة الشرعية التي يراعيها الشارع في الأبواب

فلم يراع الشارع في باب الأضحية ما راعاه في باب الزكاة والصدقة

ولذا كانت مراعاة ما لم يراعه الشارع خروجا عن طريقته ومراده 

فليس كل منفعة طلب الشارع مراعاتها في باب تكون مطلوبة المراعاة في باب آخر...


كتبه منبها

د. أحمد محمد الصادق النجار

الأربعاء، 7 يونيو 2023

هل جهود #الأشاعرة في الدفاع عن الدين تصحح مذهبهم وتقتضي مدحهم بإطلاق؟

 هل جهود #الأشاعرة في الدفاع عن الدين تصحح مذهبهم وتقتضي مدحهم بإطلاق؟


(مثال فرضي للتقريب: لو أن إنسانا غرق في البحر فجاء رافضي وأنقذه 

فهنا يمدح الرافضي على فعله لأن فعله موافق للإسلام والسنة، وقد يكافأ عليه...

لكن لا آتي للناس وأقول لهم هذا الرافضي إمام ومذهبه يدعوه إلى إنقاذ الناس وعنده جهود وتحقيق ووو)


■إن العلاقة بين تمكن البدع وظهورها في بلدان المسلمين وبين قوة المسلمين ونصرتهم على أعدائهم هي علاقة عكسية، فكلما وجد الأول نقص الثاني، والعكس...

□ولذا كانت قوة المسلمين في القرون الثلاثة وفي دولة المهدي ما لم يكن في دولة بني بويه التي انتشرت فيها البدع فوهن أمر المسلمين وتسلط الكفار عليهم.. 


□وإذا وجد إلحاد وزندقة في بلدان المسلمين والتي يتسلط بسببها الكفار على بلاد المسلمين فإن الله قد يدفع ذلك عن المسلمين بمن فيه بدعة أخف... 


■ولا ينفي أهل السنة أتباع مذهب السلف أن يجتمع في المسلم خير وشر وسنة وبدعة

فيمدح الخير والسنة ويذم الشر والبدعة...... 


□وكل من دافع عن دين الله من أهل الإسلام وخدمه في جانب فإنه يمدح بقدر موافقته للسنة ودفاعه عن الإسلام ويعرف له حقه وقدره فقد جعل الله لكل شيء قدرا

□لكن لا يكون ذلك دليلا على صحة المذهب العقدي الذي يعتقده ولا يسوغ (الانبطاح) إليه ولا يُجَوز مدحه للناس بإطلاق.. 


■ولو كان تحرير بلدان المسلمين وفتح بلدان الكفار دليلا على إثبات صحة المذهب وتسويغ الانبطاح إليه لَصُحِّح مذهب الجهمية الذي كان عليه المأمون والواثق والمعتصم

□فقد فتحوا البلدان ودافعوا عن بيضة المسلمين ولم يكن ذلك مسوغا لتصحيح مذهبهم ومدحهم بإطلاق للأمة، فلكل مقام قدره... 


●ولا يثبت التلازم إلا من لم يدر ما يقول... 


■ويجب أن يعلم أن هؤلاء القادة المنحرفين في عقائدهم إنما عظم أمرهم في الأمة بقدر موافقتهم لأهل السنة لا بما خالفوا فيه أهل السنة

□ولذا لم يصح مدحهم بما خالفوا فيه الكتاب والسنة... 


كتبه مختصرا

د. أحمد محمد الصادق النجار

الثلاثاء، 6 يونيو 2023

الإرجاء دين يوافق الملوك

 الإرجاء دين يوافق الملوك

هذا العبارة رويت عن بعض الأئمة...
عن النضر بن شميل قال: سألني المأمون: ما الإرجاء؟ فقلت: "دين يوافق الملوك، يصيبون به من دنياهم، وينقصون به من دينهم" (البداية والنهاية 14 /221 ). وقال رقبة بن مصقلة : "وأما المرجئة فعلى دين الملوك!" (الإبانة الصغرى 163).

ذلك أن المرجئة لما كانوا يخرجون العمل عن مسمى الإيمان لم يبالوا بأعمال الحكام التي تخالف الشرع وأصبحوا يسوغونها لهم.!
بل تجرأ بعضهم فنفى أن يحاسب الله الحكام على أعمالهم.!!

هذا المذهب لا ينظر إلى أن أعمال الحكام المخالفة للشرع تنقص الإيمان بل قد تذهبه بالكلية
ولذا جعل أصحابه الطاعة مطلقة للحكام...

إلا أن من أفراد مرجئة الكوفة من خرج عما يستلزمه أصل مذهبهم الذي هو إخراج العمل عن مسمى الإيمان وعظم المعصية فوافق الخوارج في بعض جزئيات مذهبهم
فقد روى ابن شاهين في "الكتاب اللطيف" (17)؛ أنّه قيل لابن المبارك : ترى رأي الإرجاء ؟!
فقال: « كيف أكون مرجئاً؛ فأنا لا أرى السيف ؟! »

وبعضهم يعمل السيف على خصومه مستغلا قربه من السلطة الحاكمة...

فتبين لنا أنه ليس منطلق النزعة الإرجائية القول بوجوب طاعة الحاكم في المعروف ولا منع الخروج عليه ولا منع الإنكار العلني حال غيبته؛ مراعاة لدرء المفاسد وحفاظا على الضرورات الخمس ...
كما يريد أن يصور ذلك البعض!!

وإنما النزعة الإرجائية مبدؤها إخراج العمل عن مسمى الإيمان
وهو ينتج نتيجة لازمة له وهي الطاعة المطلقة للحكام..

إلا أن جماعة من المرجئة خرجوا عن النتيجة اللازمة؛ لدوافع دعتهم لعدم الأخذ بلازم أصلهم ونتيجته.

وهذا ينفي عن مذهب السلف أن يكون دينا يوافق أهواء الملوك؛ لأنه يرد أصل المرجئة ويبطل نتيجته اللازمة له..


ولا ننفي أنه قد يوجد من آحاد الناس من يوافق المرجئة في النتيجة؛ لسوء فهم أو لسوء قصد...

لكن حدث اشتراك في معنى التسويغ والتوافق مع ما عليه الملوك
فظن بعض المتأثرين بفكر دخيل أن السكوت العارض على منكر؛ دفعا لمفسدة أعظم:  تسويغ لأفعال الحكام
ورتبوا عليه أنه إرجاء !!
وهذا ناتج عن تصور خاطئ للإرجاء وأصوله من جهة، ولأحكام الشريعة وكلياتها من جهة أخرى
فالسكوت العارض الذي ينطلق فيه صاحبه من الاعتناء بدرء المفاسد وتقديمه على جلب المصالح من غير إعطاء شرعية على الفعل المنكر
هو من الدين وليس من الإرجاء في شيء.

وزاد بعضهم بعدا عن منهج أهل السنة فكفر الحكام بإطلاق؛ لمناط مطلق الاستبدال!!
وجعل من لم يكفرهم: مرجئا خادما للطواغيت ممكنا لهم!!!
فجمعوا بين التكفير بغير مناط شرعي صحيح وبين رمي غيرهم بوصف لا ينطبق على أصولهم ومنطلقاتهم!!

ومنهم من يرمي خصومه من أهل السنة بأنهم يسوون بين حكام زماننا وبين حكام السلف
وتغافل أنهم لا يساوون بين الأشخاص وإنما يأخذون بمقتضى النصوص التي نظرت لدرء المفاسد، واعتنت بحفظ الضرورات وراعت في ذلك الأمة لا الحكام أنفسهم

وأما تصوير أن الحكام يستغلون مذهب السلف الداعي لعدم الخروج ولزوم الطاعة في المعروف وأن من عرف عنه الجور والظلم لا يطاع في آحاد المسائل إلا إذا علمت موافقته للشريعة، وأن ذلك يوجب عندهم الخروج عن الحكم الشرعي؛ لمقتضى المصلحة المتوهمة: فأمر يغني تصوره عن رده؛ لأنه يلزم منه ترك الأحكام الشرعية لوجود من يستغلها في تمرير باطل!!

وتغافلوا أن استغلال الحكام لهذه الأحكام الشرعية لا يغير الحكم الشرعي، ولا يصير المعروف منكرا...
ومصالح الحكم الشرعي ترجح على مفسدة استغلال الحكام له، فما من مفسدة تقدرها في استغلال الحكم إلا وتجد ان مفسدة الخروج عن الحكم الشرعي أعظم وتتعلق بالضرورات الخمس...

كتبه منبها
د. أحمد محمد الصادق النجار 

الخميس، 1 يونيو 2023

في تبديع المعين

 في #تبديع_المعين


من الخطأ وعدم الإدراك:

أن تأتي إلى أقوال الأئمة في التبديع على نوع المسألة كقول بعضهم من فعل كذا فهو مبتدع و من خرج على إمام فهو مبتدع...

ثم تنزله على كل معين.


فهناك فرق بين التبديع على نوع المسألة وإطلاق حكم المبتدع على من حالف فيها وبين تنزيل ذلك الحكم على كل معين.


ولعدم فهم المقصود من إقامة الحجة في التبديع وتوفر الشروط وانتفاء الموانع، والاشتراك الواقع بين باب التكفير وباب التبديع فيها

أخطأ فيها طائفتان:

الأولى: من أطلقت اشتراط إقامة الحجة في التبديع، فلا تنزل الحكم بالتبديع على كل معين إلا بعد إقامة الحجة بإطلاق

الثانية: من منعت اشتراط إقامة الحجة في التبديع بإطلاق.


وهناك طائفة ثالثة دونهما لم تطلق ولم تمنع بإطلاق، فأصابت في ذلك...

لكنها لم تلتفت للمناط الشرعي في التفريق وهو اعتبار أصل السنة في التبديع

وأخذت تبحث في الظهور والخفاء  وهي أمور نسبية 

فما كان ظاهرا لفلان قد يكون خفيا على غيره...

وما كان ظاهرا في زمن ومكان لا يلزم أن يكون ظاهرا في غيرهما


ومعلوم باستقراء أحكام الشريعة أن ما لا ينضبط  الناس فيه لا تعلق عليه الأحكام الشرعية.


وكون المسألة اشتهرت مخالقتها للكتاب والسنة هو وصف مقتض للحكم

والأوصاف المقتضية لا ينزل حكمها على المعين إلا بعد إقامة الحجة...


وإنما استثنينا من خالف في مصدر التلقي؛ لعدم ثبوت أصل السنة في المعين

فهو من الأصل ليس سنيا؛ لعدم تحقق المناط فيه.


ولو اعتبرنا أن الاشتهار وصف موجب للحكم لا يراعى فيه الشروط والموانع

لاقتضى ذلك تبديع من عُلم أنه من أهل السنة ووقع في أمر اشتهرت مخالفته للكتاب والسنة والإجماع

كابن خزيمة في حديث الصورة

وأبي حنيفة في إخراج العمل عن مسمى الإيمان

وغيرهم كثير....


رزقنا الله وإياكم حسن الفهم والتصور


كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار