الخميس، 8 فبراير 2024

مسألة حجز #الإسمنت

مسألة حجز #الإسمنت من شركة الاتحاد

اختلفت الآراء في هذه المسألة؛ فمنهم من جوز التنازل عن الرقم الوطني لأجل الحجز في الإسمنت, ومنهم من منع مطلقا سواء تنازل عنه للتجار أو لغيرهم ممن يحتاج إلى الإسمنت

واختلف المانعون في التعليل, فمنهم من منع؛ لأن حق الإسمنت حق انتفاع وليس حق منفعة, وحق الانتفاع هو للاستعمال الشخصي ولا يجوز بيعه,  ومنهم من منع بالنظر إلى أن عقد الشراء فيه جهالة, وأن المضاربة فيه من باب القرض الذي جر نفعا على قولهم...

والذي أقو ل به:

 يجوز لصاحب الرقم الوطني أن يتنازل عن حقه في الإسمنت لمن يحتاج إليه في البناء, ويعطيه الرقم تفويضا وتوكيلا؛ لأنه حق خصص له آيل إلى ملكه, ولا يجوز له أن يتنازل عنه للتجار, ولا تجوز المضاربة فيه؛ لأن الإسمنت قد خُصص للمواطن المحتاج إليه بقدر ما يحتاجه, وأعطي سعرا أقل من السعر الذي يباع للتجار, وروعي فيه حاجة المواطن إلى الإسمنت, ولم يخصص للمتاجرة فيه.

فهو حق أعطته الشركة لمن يحتاج إليه بسعر يناسبه، وليس للمتاجرة, فيجب استغلال هذا الحق وفق الشرط الذي وضع له والمقصود

والإخلال به يعود إلى مفسدة استغلال التجار لهذا الحق, واحتكار الإسمنت, وبيعه بسعر يرهق المواطن, ويتفاقم الأمر لو أمكن تهريبه خارج البلاد.

فالمنع ليس لذات الفعل وإنما لأمر خارجي, فليس المنع لأجل أن هذا الحق من حق الانتفاع,؛  لأن حق الانتفاع غير قابل للانتقال إلى الغير، وغير قابل للتملك من الشخص الذي خُصص له، وهو مجرد إذن في الاستيفاء فقط, بينما الإسمنت يقبل الانتقال إلى الغير ويتملكه صاحب الحق, فهو آيل إلى الملك، فالحق هنا من حق المنفعة, ولولا تقييد شركة الاسمنت بالمحتاج وهو ما تقتضيه المصلحة العامة, وإلا لقلنا بجواز التنازل عنه للتجار  وبيع هذا الحق لهم.

وليس المنع أيضا راجعا إلى خلل في العقد, فعقد الاسمنت عقد استصناع, وقيمة #الإسمنت يتم تحديدها وسدادها عند وقوع العقد، ووفقا لسعر الإسمنت ذلك اليوم، ويتم تحديد موعد التسليم بعد سداد القيمة في مجلس العقد, فالغرر إن وجد فهو مقابل مصلحة أرجح منه, وهي رفع الحرج عمن يحتاج إليه.

سؤال: على أي شيء استند المحرمون؟

الجواب: الذين حرموا عقد شراء الإسمنت تعللوا بأمرين:

 ١-الجهالة في الثمن

 ٢-الجهالة في الأجل.

والجواب عنهما: إن الجهالة في ثمن المبيع ليست جهالة في شيء غير معلوم أصلا ولا سعر له، وإنما هي جهالة فيما يعلم سعره عرفا بين الناس، وستؤول إلى العلم وقت انعقاد البيع فلم تبق هناك جهالة.

وأما الجهالة في الأجل

فالجواب عنها أن العقد لما كان عقد استصناع، ولا يعد الأجل من صلب العقد، وكان الحاجة إلى الإسمنت شديدة لمن يريد البناء قوي ترجيح ما تقتضيه الحاجة من التخفيف على المفسدة الموجودة في الجهالة في الأجل, وعند الحنفية يسقط إذا أسقطه البائع والمشتري، قال الكاساني الحنفي:( لو أمكن دفع الفساد بدون فسخ البيع لا يفسخ كما إذا كان الفساد لجهالة الأجل فأسقطاه يسقط ويبقى البيع مشروعا كما كان)

وأدلة رفع الحرج عند وجود الحاجة التي هي مظنة الحرج مستفيضة وتقتضي الاستثناء من المنع، فيُخرَج بالمسألة عن حكم نظائرها عند وجودها وتعينها , ومن القواعد أن الجهالة في الأجل في موضع الحاجة مغتفرة.

ووجود هذه الجهالة لا تمنع من صحة إذا أمكن تصحيحه, فتصحيحه أولى من فسخه.

ثم إن المشتري يقدم على عقد شراء الإسمنت مع رضاه بالتأخير؛ لحاجته,  وهو لا يملك شيئا في تغيير الشروط؛ لأنه من عقود الإذعان, التي لا يملك المشتري تغيير شروط العقد، فتنفرد شركة الإسمنت بوضع شروط العقد.

والخلاصة: أن الجهالة اغتُفرت في الأجل؛ لكونها في موضع الحاجة ومظنة الحرج، وفي غير صلب العقد، ولا تؤدي إلى النزاع.

تنبيه: لا يجوز بيع الإسمنت إلا بعد قبضه، فبيع الواصل قبل الاستلام والقبض لا يجوز؛ لأنه لم يدخل في ضمانه.

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

https://abuasmaa12.blogspot.com/2024/02/blog-post.html?spref=tw