السبت، 30 يوليو 2022

(تشجيع فرق #كرة_القدم المسلمة والتي لا يصاحب مشاهدتها أمر محرم)

 (تشجيع فرق #كرة_القدم المسلمة والتي لا يصاحب مشاهدتها أمر محرم)


الأصل فيه أنه مباح

وينقلب إلى محرم في صورتين:


الصورة الأولى: أن يشغل عن أمر واجب.

ومثاله: تأخير الصلاة عن وقتها، أو تضييع حقوق واجبة.


الصورة الثانية: أن يؤدي إلى فعل محرم.

ومن أمثلته:

١-أن يتعلق القلب بالفريق ويكون محل ولاء وبراء.

٢-أن يؤذي المسلمين أثناء فرحه بفوز فريقه كأن تغلق الطرق وترتفع الأصوات.

٣-أن يكون سببا لحصول الخصومات والاقتتال والسب والشتم.


وهناك جانب مهم يجب التركيز عليه في بيان حكم التشجيع المفرط وهو ما يسببه من أضرار جسدية ونفسية على المشجع، فيدخله في قلق وتشنج أعصاب وانهيار ومشاكل في القلب وعرضة للجلطات ونحو ذلك ...

فهذا النوع من التشجيع محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار)

ولأنه يخل بمصلحة حفظ النفس، وقد جاءت الشريعة بإبعاد كل ما يخل بضرورة النفس.

والأدهى إذا أخل بضروري الدين فيكون تحريمه أعظم.


وأخيرا: على المسلم أن يتعالى عن هذه الأمور، وليكن همه من الدنيا ما يتوصل به إلى مصالح الآخرة.


كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 28 يوليو 2022

حكم طلب المدد والغوث من الميت (مناقشة دار الإفتاء المصربة)

حكم طلب المدد والغوث من الميت


إن دعوى أن طلب الغوث من الميت وسؤاله من دون الله جائز من باب أنه سبب لا مؤثر: قائمة على أصلين فاسدين:

الأول: اعتقاد أن استحقاق الألوهية أو اعتقاد الربوبية من تمام ماهية العبادة، فلا يشرك الإنسان في العبادة إلا إذا صاحبها هذا الاعتقاد.

الثاني: أن شرك العرب في إثبات فاعل مستقل يماثل الله في الذات والصفات والأفعال.

أما الأصل الأول الفاسد فيبطله وجوه:

الوجه الأول: عدم التسليم بهذه الدعوى, إذ لا دليل عليها. 

الوجه الثاني: المعارضة, فقد أخبر تعالى عن قول المشركين: [ ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى] فالآية صريحة في بيان أن عبادتهم لأصنامهم لم يصحبها اعتقاد استحقاق الألوهية أو إثبات فاعل مستقل مع الله, فقد اشتمل قولهم على نفي وإثبات؛ مما يدل على الحصر, فهم ما عبدوهم إلى لأجل القربة والشفاعة, لا لاعتقاد الربوبية فيهم, وهذا يدل على أن الاعتفاد الفاسد خارج عن ماهية العبادة

وكذلك في قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18]

 فجعل سبب عبادنهم لها أنها شافعة لهم, لا أنهم يعتقدون فيها اعتقادا فاسدا.

الوجه الثالث: أن السؤال المخصوص عبادة في نفسه؛ لأن الله أمر به وسماه عبادة وجعل صرفه لغير الله شركا, قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]

الوجه الرابع: أن اعتقاد نوع من النفع والضر في المسئول من دون الله مصاحب -واقعا- للسؤال ولا ينفك عنه, فلو لم يعتقد فيه اعتقادا فاسدا لما سأله وطلب منه الغوث وهو ميت, وهو من جنس فعل مشركي العرب فاتخذوهم آلهة ليكونوا لهم ناصرين, وإن لم يعتقدوا مماثلته لله, فهذا الاعتقاد ليس من ماهية العبادة لكنه لا ينفك عنها واقعا.

الوجه الخامس: أن الذين يطلبون المدد والغوث من الميت تراهم يخافون منه كخوفهم من الله ويعتقدون أنه يضرهم, فلو كان الاعتقاد الفاسد من ماهية العبادة لاقتضى الواقع: المنع لا التجويز.

والخلاصة: أن العبادة ليس من ماهيتها الاعتقاد, فمجرد صرف العبادة لغير الله شرك أكبر من جنس شرك المشركين.

فالنصوص جعلت الفعل نفسه عبادة وإن لم يصاحبها اعتقاد فاسد, ووجود من أشرك في نوع متعلق بالربوبية لا يجعل الاعتقاد من ماهية العبادة.


وأما الأصل الفاسد الثاني, وهو أن شرك العرب كان في إثبات فاعل مستقل مع الله يماثله في الذات والصفات والأفعال. فيبطله وجوه:

الوجه الأول: أن هذه دعوى باطلة تبطلها أن مشركي العرب كانوا يقرون بأن الله خالق كل شيء, ومن قال منهم إن الملائكة بنات الله لم يجعلوها خالقة مع الله.

الوجه الثاني: أن الله ذكر سبب كفر مشركي العرب وهو أنهم صرفوا العبادة لغير الله مع أنهم مقرون بالصانع وأنه لا خالق ولا مدبر إلا الله وحده, ولهذا كان يحتج عليهم بإثباتهم أن الله منفرد بالخلق والملك على ما أنكروه من استحقاق الله العبادة وحده, كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت: 61] وقال {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106]

قال القرطبي في تفسير القرطبي (16/ 64): (قوله تعالى:" ولئن سألتهم" يعني المشركين." من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم" فأقروا له بالخلق والإيجاد، ثم عبدوا معه غيره جهلا منهم). 

ولا يعني ذلك أن جنس المشركين لم يقعوا في كفر آخر ككفر من أثبت أن لله ولدا, وأن الله لا يحيي الموتى, إلا أنهم لم يصرفوا العبادة لغير الله بسبب كونها فاعلة مماثلة لله في الذات والصفات والأفعال, فلم يكن الداعي إلى صرف العبادة لغير الله أن معبوداتهم تماثل الله في ذاته وأفعاله.

الوجه الثالث: أن من أثبت أن الملائكة بنات الله من العرب لم يجعلوا الملائكة أندادا لله في الذات والأفعال وإنما كانوا يثبتون الملائكة لله من باب التولد, ولابد أن يكون حادثا ومن أصلين, وقد أبطل الله ذلك بأن التولد لابد فيه من صاحبة, والصاحبة مستحيلة في حق الله.

فمن عبد الملائكة لم يعبدها لكونها تماثل الله في ذاته أو تشاركه في ربوبيته, ففي الصحيحين ( ان المشركين كانوا يقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك ، الا شريكا هو لك تملكه وما ملك ).

الوجه الرابع: أن من وقع من الكفار في إثبات من يستقل بفعل الشر لم يجعلوه مماثلا لله في الذات والصفات والأفعال.

قال الرازي في مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (2/ 344): (اعلم أنه ليس في العالم أحد يثبت لله شريكا يساويه في الوجود والقدرة والعلم والحكمة، وهذا مما لم يوجد إلى الآن).


والخلاصة: أن شرك العرب ليس محصورا في اعتقاد نوع نفع وضر في غير الله, ولم يكن العرب يعتقدون خالقا غير الله, ولم يثبتوا فاعلا مستقلا يماثل الله في الذات والأفعال, بل ليس في العالم من يثبت مماثلا للصانع في الذات والأفعال.


وما ذهبت إليه دار الإفتاء المصرية من تجويز طلب الغوث من الميت؛ لأنه سبب لا مؤثر: قول باطل يناقض الدين من أصله, ويوقع في الشرك الأكبر الذي هو من جنس شرك كفار قريش.


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

أستاذ مساعد بكلية علوم الشريعة-المرقب

الاثنين، 18 يوليو 2022

مقصد الشارع من فرض الحجاب على المرأة

 مقصد الشارع من فرض الحجاب على المرأة

إن الله منع المرأة من إظهار زينتها؛ حماية لها من كل شر وأذى, ولذا علل الأمر بفرض بالحجاب بقوله: [ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ]

وجعل ذلك سببا في طهارة القلب, فقال تعالى: [وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ]

وأمر بعدم إبداء الزينة في قوله: [وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ]

ومنع من ضرب المرأة الأرض برجليها لتعلم الناس بزينتها؛ درءا للفتنة, قال تعالى: [وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ]

وفي امتثال المرأة لأمر الله بستر زينتها تحقيق الخضوع لله وتحقيق لعبوديته وخروج عن اتباع الهوى, وبهذا تتحقق المصالح الدنيوبة والأخروية.

وهو داخل تحت قدرتها ولا مشقة فيه خارجة عن المعتاد.

ولما كان فرض الله الحجاب على المرآة تكميلا لضروري وهو حفظ النسل, وسدا لذريعة الزنا والوقوع في الفاحشة أو مقدماتها, ودرءا للفتنة كان اللباس الذي يتحقق به الحجاب الشرعي مقيدا لا مطلقا, فليس كل ما تلبسه المرأة يكون حجابا شرعيا, وإنما الواجب في اللباس ما تحقق به مقصد الشارع من حفظ ضروري النسل ودرء الفتنة. 

فيجب في اللباس حتى يحقق مقصد الشارع من فرض الحجاب أن يكون:

1-ساترا لجميع الزينة التي حرم الله إظهارها للأجانب.

2- واسعا.

3-غير مشتمل على الزبنة.

4- غليظا لا يصف البشرة.

5-غير مبخر ولا مطيب.

وأما غير الساتر والمشتمل على الزينة وغير الواسع والذي يكون فيه طيب فلا يتحقق به درء الفتنة, وكل ما كان سببا للفتنة فإنه محرم, وتكون المرأة معرضة لأذى الفساق, ولا يحصل به امتثال أمر الله بستر الزينة. وتكون معرضة لعقاب الله سبحانه.

فليس من الحجاب الشرعي تغطية الرأس مع لبس سروال, أو تغطية الرأس بمزخرف, كما هي عادة بعض النساء عند خروجهن.

والضابط: أن كل لباس أو عباءة يظهر زينة المرأة ويجملها في أعين الناس فهو حجاب غير شرعي ولا يتحقق به امتثال أمر الله.

فعلى المرأة أن تحذر من من الخروج بلباس غير شرعي كأن يكون ضيقا أو مزينا فتكون متوعدة بالنار, فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:" صنفان من أهل النار لم أرهما، قال: نساء كاسيات عاريات،مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وأن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه مسلم

جملني الله وإياكن بالتقوى.

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

السبت، 16 يوليو 2022

حكم ستر المنكبين في الصلاة

 حكم ستر المنكبين في الصلاة

قبل بيان حكم ستر المنكبين في الصلاة نحتاج إلى معرفة مقصود الشارع من الاستتار باللباس في الصلاة, وقد دلت الأدلة على أن مقصود منه التزين لله سبحانه

ويدل على هذا المقصود ما أمر الله به من الاستتار في الصلاة مما هو جائز في غير الصلاة, كتغطية المرأة رأسها, وستر الرجل عورته مع أنه يجوز له النظر إليها وحده...

إلا أن ما يدخل تحت مسمى الزينة المأمور بها شرعا, منه ما أمر الله به أمر إيجاب كستر العورة ومنه ما أمر به أمر استحباب.

ووقع الخلاف في ستر المنكبين هل يدخل تحت الزينة الواجبة أو المستحية؟ وهل من كشف منكبيه يكون قد خرج عن التزين مطلقا؟ 

فذهب الجمهور إلى دخوله في الزينة المستحبة التي هي أكمل فيكون ستر المنكبين مستحبا وأن من كشف منكبيه لم يخرج عن التزين مطلقا

وحملوا حديث النهي في البخاري: ( لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)  على الكراهة؛ لحديث جابر في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له في ثوب له: "فإن كان واسعا، فالتحف به، وإن كان ضيقا، فاتزر به"

وهذا يدل على أن أعلى البدن لا يجب ستره

 انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/ 219) وحاشية ابن عابدين (1/ 404) والذخيرة للقرافي (2/ 111)

قال النووي في المجموع شرح المهذب (3/ 175):  (هذا مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وجمهور السلف والخلف)

وذهب الحنابلة إلى دخوله في الزينة الواجبة فيكون ستر المنكبين واجبا إن كان قادرا وأن في إبداء المنكبين خروجا عن التزين مطلقا ولهذا لم تجر العادات الحسنة بأن أحدا يجالس في مثل هذا الحال. 

انظر: المغني لابن قدامة (1/ 415) وشرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصلاة (ص: 318)

والأقرب: أن ستر المنكبين يحصل به كمال الزينة, وأنه لا يدخل في الزينة الواجبة؛ لحديث جابر المتقدم.

ولما ثبت في صحيح البخاري (1/ 80)عن محمد بن المنكدر، قال: «صلى جابر في إزار قد عقده من قبل قفاه وثيابه موضوعة على المشجب»، قال له قائل: تصلي في إزار واحد؟، فقال: «إنما صنعت ذلك ليراني أحمق مثلك وأينا كان له ثوبان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم»

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

;

السبت، 9 يوليو 2022

[ #العيد وما يحققه من #مقاصد شرعية] شرع الله العيد -وهو في حقيقته: تخصيص زمن

 

[ العيد وما يحققه من مقاصد شرعية]

شرع الله العيد -وهو في حقيقته: تخصيص زمن بالتعظيم يتكرر- تحقيقا لمقاصد عظيمة من مقاصد الشريعة، ومن تلك المقاصد:
١-تحقيق اجتماع المسلمين على أمر واحد تجتمع عليه قلوبهم وأبدانهم.
٢-حصول الألفة والمحبة والتراحم بين المسلمين.
٣-إعطاء النفس حظها من التمتع بالمباح بما يحقق المقصود الأعظم وهو العبودية لله سبحانه.
٤-التيسير على العباد ورفع الحرج عنهم؛ حتى لا يثقلوا على العبادة.
٥-التوسعة في العيد يتحقق فيها معنى إقامة الحياة الدنيا لأجل الحياة الآخرة.
٦-اظهار عظمة الدين وشمولية أحكامه ومراعاته لمصلحة العبد.
٧-في التوسعة على الناس مراعاة للمصالح الحاجية للعبد.
٨-مراعاة المصالح الحاجية في الدين حماية لمصالح الدين الضرورية.
٩-ما شرع في العيد من مصالح تحسينية هو تكميل وحماية للمصالح الحاجية والضرورية.

كتبه
أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 7 يوليو 2022

حكم الصلاة خلف خطيب عرفة محمد العيسى

 حكم الصلاة خلف خطيب عرفة محمد العيسى

أولا: ننكر تعيينه خطيبا لعرفة؛ لما كان يظهره ويدعو إليه من السلام الدائم بين الأديان والاحترام لها .. 

وهذا لا يستقيم مع أصول الشريعة ولا يتوافق مع الواقع ولا ينسجم مع الفطرة السليمة.

فمن أصول الشريعة: الولاء والبراء على دين الإسلام.

فمثله لا يجوز تمكينه من أي ولاية،ويمنع من الإمامة، ومنعه لأجل المنكر الذي يدعو إليه.

ثانيا: إذا وُلي وعجزنا عن صرفه عن هذه الولاية ومنها الخطابة، أو ترتب فساد أعظم من مجرد إمامته

فهنا يصلي خلفه من كان في نمرة وما حولها؛ لمصلحة الجماعة ولعدم الفرقة ولشهود الاجتماع العظيم في اليوم العظيم الذي يدنو فيه الرب من عباده ويباهي بهم ملائكته

لا سيما وأن مفسدة منكره وإمامته لن تدفع بترك الصلاة خلفه

فلو تركت الصلاة خلفه لتركت المصلحة ولم تدفع المفسدة

بخلاف ما لو فرضنا أن المفسدة تدفع بترك الصلاة خلفه، ففي هذه الحال لا يسعنا إلا عدم تجويز الصلاة خلفه. 

وفي إعادة الصلاة قولان للسلف ..

قال ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (23/355) عمن تلبس بكفر الجهمية :( ... لكن إن صلى خلفه ففي صلاته نزاع بين العلماء ، ومذهب الشافعي وأبي حنيفة تصح صلاته . وأما مالك وأحمد ففي مذهبهما النزاع وتفصيل .

وهذا إنما هو في البدعة التي يعلم أنها تخالف الكتاب والسنة مثل بدع الرافضة والجهمية ونحوهم ، فأما مسائل الدين التي يتنازع فيها كثير من الناس في هذه البلاد مثل " مسألة الحرف والصوت " ونحوها فقد يكون كل من المتنازعين مبتدعا ، وكلاهما جاهل متأول ، فليس امتناع هذا من الصلاة خلف هذا بأولى من العكس ، فأما إذا ظهرت السنة وعلمت فخالفها واحد فهذا هو الذي فيه النزاع والله أعلم "  

وإن كان الأقرب أن من صحت صلاته في نفسه صح الائتمام به، ومن ائتم به لا يطلب منه أن يعيد. 

فإن قيل: ظاهر أفعاله الكفر.

قيل: نفرق بين الكفر بالنوع والكفر بالعين، فنحكم على القول أو الفعل بالكفر ولا يكفر القائل أو الفاعل إلا بعد إقامة الحجة

على تفصيل معلوم في الحجة والشبهة...

ويعجبني كلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى وهو يتكلم عن موقف الإمام أحمد من الجهمية:(لكن ما كان يكفر أعيانهم فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقبه ومع هذا فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية : إن القرآن مخلوق وإن الله لا يرى في الآخرة وغير ذلك . ويدعون الناس إلى ذلك  ويمتحنونهم ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم ويكفرون من لم يجبهم . حتى أنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير لم يطلقوه حتى يقر بقول الجهمية : إن القرآن مخلوق وغير ذلك . ولا يولون متوليا ولا يعطون رزقا من بيت المال إلا لمن يقول ذلك ومع هذا فالإمام أحمد رحمه الله تعالى ترحم عليهم واستغفر لهم لعلمه بأنهم لمن يبين لهم أنهم مكذبون للرسول ولا جاحدون لما جاء به ولكن تأولوا فأخطئوا وقلدوا من قال لهم ذلك .

وكذلك الشافعي لما قال لحفص الفرد حين قال : القرآن مخلوق : كفرت بالله العظيم . بين له أن هذا القول كفر ولم يحكم بردة حفص بمجرد ذلك ; لأنه لم يتبين له الحجة التي يكفر بها ولو اعتقد أنه مرتد لسعى في قتله وقد صرح في كتبه بقبول شهادة أهل الأهواء والصلاة خلفهم) .

ومن لم يكفر عينا يصح الائتمام به وإن كان لا يجوز توليته الإمامة..

قال ابن تيمية في منهاج السنة ١/٦٣:( والتحقيق أن الصلاة خلفهم لا ينهى عنها للطلان صلاتهم في نفسها لكن لأنهم إذا أظهروا المنكر استحقوا أن يهجروا وألا يقدموا في الصلاة على المسلمين)

وقد تقدم ذكر أن ترك المصلحة إذا لم يترتب عليها دفع المفسدة فإنها لا تترك.

والخلاصة: لا تترك الصلاة خلفه

والواجب عليه أن يذكر المسلمين في خطبته بما يحفظ الضرورات الخمس التي من أعظمها حفظ الدين، والدين لا يحفظ إلا بالولاء والبراء.

كتبه

د  أحمد محمد الصادق النجار

الثلاثاء، 5 يوليو 2022

بيان المقصود الشرعي من #صلاة_العيد في #المصلى وما يترتب عليه من أحكام

بيان المقصود الشرعي من #صلاة_العيد في #المصلى وما يترتب عليه من أحكام 


إن الثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة العيد في المصلى، والمصلى كان إذ ذاك في الصحراء

وكذا الخلفاء الراشدون وجرى عليه عمل المسلمين ... 


والحكمة من ذلك يحتمل لأجل وقوع ضيق في المسجد، فيكون المقصود رفع الحرج والمشقة.

ويحتمل لأجل مصالح متعددة التي منها اجتماع الناس في مكان واحد وإظهار شعيرة من شعائر الإسلام 

وهذا الاحتمال يجعل الصلاة في المصلى مقصودة في نفسها. 


فعلى الاحتمال الأول تكون السنة الصلاة في المصلى إذا ضاق المسجد بالناس 

وأما إذا لم يضق فالسنة أن يصلى العيد في المسجد؛ لشرف البقعة، وهو مذهب الشافعية

وعلى الاحتمال الثاني تكون السنة الصلاة في المصلى مطلقا إلا لعذر أو ما يقتضيه فقه الموازنات بين المصالح

وهو مذهب الجمهور

والذي يرجح الاحتمال الثاني: مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة في المصلى وكذا الصحابة وتابعيهم 


فتكون السنة صلاة العيد في المصلى 


إلا أن المشاهد في وقتنا أن من الناس من يصلي في ساحات عامة بين البيوت والدكاكين، ومدارس ...

فهذه الأماكن إذا تحقق فيها اجتماع الناس الكبير والذين لا يسعهم مسجد واحد وتحقق فيها إظهار الدين وشعائره من غير أن يوجد فيها ما يشوش على الناس صلاتهم وسماعهم الخطبة تكون الصلاة فيها أفضل من الصلاة في المسجد؛ لتحقيق الصلاة فيها مقاصد الصلاة في المصلى الذي الأصل فيه أن يكون خارج البلد في فضاء

وحتى يتحقق للحائض  أن تشهد الخير..

وأما إذا لم يتحقق فيها مقاصد الصلاة في المصلى فالمسجد أفضل .


كتبه 

د. أحمد محمد الصادق النجار 

الاثنين، 4 يوليو 2022

مقصد الشارع من لنهي عن إفراد يوم الجمعة بصيام

 ما مقصد الشارع من النهي عن إفراد يوم الجمعة بصيام؟ وهل يتناول النهي يوم عرفة إذا جاء يوم الجمعة؟


إن البحث عن مقصد الشارع أمر في غاية الأهمية؛ لما يترتب عليه من أحكام شرعية، فالحكم الشرعي يتغير بتغير مناطاته..


وبيان ذلك أن الحكم المطلق لإفراد يوم الجمعة بصيام: التحريم -على الصحيح-؛ لأن الأصل في النهي التحريم، ولحديثِ جُوَيْرِيَةَ بنتِ الحارث رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ؟»، قَالَتْ: «لَا»، قَالَ: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟» قَالَتْ: «لَا»، قَالَ: «فَأَفْطِرِي"

وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين

قال ابن حزم في المحلى:(ومن طريق يحيى بن سعيد القطان عن شعبة عن عبد العزيز بن رفيع عن قيس بن السكن قال : مر ناس من أصحاب ابن مسعود بأبي ذر يوم جمعة وهم صيام فقال : عزمت عليكم لما أفطرتم فإنه يوم عيد - قيس بن السكن أدرك أبا ذر وجالسه . وعن علي بن أبي طالب أنه نهى عن تعمد صيام يوم الجمعة . ومن طريق محمد بن جعفر عن شعبة عن منصور عن مجاهد عن أبي هريرة قال : لا تصم يوم الجمعة إلا أن تصوم قبله أو بعده . وهو قول إبراهيم النخعي ; ومجاهد ، والشعبي ، وابن سيرين وغيرهم ، وذكره إبراهيم عمن لقي ، وإنما لقي أصحاب ابن مسعود )

ثم قال:(وما نعلم لمن ذكرنا من الصحابة رضي الله عنهم مخالفا أصلا في النهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصيام)

وهناك اقول أخرى في المسألة، وليس المقصود هنا بيانها...

 ويخرج من النهي ما لو قرن بيوم آخر فصام يوما قبله أو يوما بعده أو وافق عادة...


لكن ما مقصود الشارع من هذا النهي مع أن يوم الجمعة يوم عظمه الله؟


والجواب -والله أعلم- أن مقصوده سبحانه بيان أن تخصيص التشريع لا يكون إلا لله سبحانه

وقد جاء التصريح في رواية مسلم بأن النهي يعود إلى التخصيص لا إلى مطلق الصوم

فإطلاق حديث أبي هريرة في الصحيحين ( لايصوم أحدكم يوم الجمعة) مقيد برواية مسلم ( ولا تخصوا يوم الجمعة)

فليس لأحد أن يخص يوما بعبادة أو عمل أو أكل لذات اليوم ولو كان اليوم عظيما، فهذا من خصائص الله في التشريع

فتعظيم الزمن لا يكون إلا لله ولو حدث فيه أمر عظيم، وكذا تخصيص عمل فيه لأجل الزمن ولو كان مباحا فهذا لا يجوز؛ لأنه من خصائص الله سبحانه ...


لأجل هذا نهى الشارع عن إفراد يوم الجمعة بصيام

ففي رواية لمسلم : ( وَلَا تَخُصُّوا يَوْم الْجُمُعَة بِصِيَامٍ مِنْ بَيْن الْأَيَّام , إِلَّا أَنْ يَكُون فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ ) .

فهذا الاستثناء لما خرج عن المعنى المقصود بالنهي أجازه النبي صلى الله عليه وسلم

وإنما نُص على يوم الجمعة؛ لأنه يوم عظمه الله فيكون أدعى لتخصيصه بأعمال لم يات فيها دليل خاص.

وغير الجمعة من الأيام من باب أولى ؛ لأنه لم يأت فيها تعظيم لها.

وعلى هذا خُرج تحريم الأعياد المحدثة وما يحدث فيها من أعمال.


فإذا كان هذا هو المقصود من النهي كان من خصه بصيام لأجل معنى آخر لم يحرم ولم يتناوله النهي

فمن خصه -مثلا- بصيام لأجل أنه عرفة أو عاشوراء لم يحرم عليه ولم يتناوله النهي

فهنا حكم خاص رتب على مناط خاص فاختلف عن الحكم العام؛ لاختلاف المناطات.


وأنبه هنا إلى أن من جوز إفراد يوم الجمعة بصيام من الأئمة إنما جوزه؛ لورود دليل -عنده- على الجواز أخرجه عن تخصيص التشريع.


والخلاصة يجوز إفراد يوم الجمعة بصيام إذا كان يوم عرفة.


كتله د. أحمد محمد الصادق النجار