السبت، 27 أبريل 2024

لماذا تحارب #دار_الإفتاء الليبية؟

 لماذا تحارب #دار_الإفتاء الليبية؟

(أنت فاهمني غلط)

كثيرا ما أُسأل هذا السؤال، وجوابه:

لم أحارب يوما دار الإفتاء كمؤسسة
لم أحارب دار الإفتاء لألغي جهود العاملين فيها
لم أحارب دار الإفتاء في مسائل اجتهادية يسوغ فيها الخلاف
فكون الدار تأخذ بمشهور المذهب المالكي لا إشكال في ذلك، ولم نعترض عليه...

ثم إن كلمة أحارب ليست دقيقة في التعبير عن موقفي من الدار
لأن الحرب فيه معنى السلب والإتلاف، وأما ردودي فقد قامت على العلم والأدب والحفاظ على رأس المال نقيا صافيا...

المهم
ردودي إنما كانت على من دخل تحت مظلة هذه المؤسسة الرسمية التابعة للدولة ليمرر منهجا وفكرا دخيلين...
كيف ذلك؟

عندما يلتف على الدار من عرفوا بغلوهم أيام حرب الخليج، ومن يبرئ منهم ابن لا دن من الغلو في التكفير، كان لا بد من الوقوف ضدهم وبيان حالهم؛ حتى لا يكونوا سببا في إغلاق المؤسسة بعد أن فرحنا بوجودها؛ إذ إن هذا المنهج ما دخل مكانا إلا وكان سببا في زواله وإسقاطه.......

ولا غرابة من دخولهم تحت هذه المظلة مع أنها تتبع الدولة التي لا يقرون بولايتها الولاية الشرعيةإلا أن الغاية قد تبرر الوسيلة، ولما كانت أفكارهم لا تتعارض مع طريقة الشيخ وأسلوبه في تناوله قضايا الأمة مع أحكامه المطلقة التي لا يراعي فيها المناط الخاصة للوقائع ولا عوارض الأهلية ووجود الموانع في الأعيان؛ حتى جعله بعضهم شيخ الإسلام والإمام الأوحد...
التفوا حوله ...
من هنا كان لابد من بيان حالهم وتوالي الردود عليهم...........

عندما يظهر جليا بين سطور بيانات مجلس البحوث التلويح بالردة والكفر في مسائل تحتمل، خصوصا ما تعلق منها بموالاة الكفا ر ... كان لابد من الردود عليهم......................

عندما يُجعل الكلام في قضايا الأمة بما يتوافق مع ميولهم وما يقتضيه منهجهم هو المعيار في الولاء والبراء والحب والبغض كان لابد من الردود عليهم..................

عندما يُجعل الكلام حول العقيدة الصحيحة وبيان ان الخلاف مع الفرق خلاف أصول: كلاما غير مرغوب فيه بل يقرب المنحرف في العقيدة ويقدم للناس على أنه عالم ومفت في وقت يحتاج فيه إلى بيان معتقده بل وبيان محاربته للاعتقاد الصحيح كان لابد من الردود عليهم..................
ولما كنت أدرس عندهم في المعهد وأبين المعتقد الصحيح أخذوا مني مادة العقيدة وأعطوني مادة أخرى
فرفضت
وللأسف جملة من الطلاب انحرفوا عما كانوا عليه...

عندما يجعلون الإفتاء بما خالف مشهور المذهب من التشويش على الناس وإذكاء الفتنة مع أنه لا فتنة في واقع الأمر؛ لأن الناس يستفتون دار الإفتاء في مسائل الفروع؛ لكونها مؤسسة تتبع الدولة، فكان من الطبيعي أن يتوجهوا إليها في الفروع
ويستفتون غيرها
وقد تآلف الناس على وجود الخلاف في الفروع من غير أن يحدث بينهم فتنة كان لابد من الردود عليهم في إحياء التعصب..................

عندما يأخذون بقول شاذ في الاعتماد على قول الفلكيين في النفي ويتركون ما دلت عليه النصوص الشرعية في أمر متعلق بركن من أركان الإسلام كان لابد من الردود عليهم..................

عندما تستعمل قواعد في غير محلها كقاعدة اجتماع المباشر والسبب، ويخلط بين مجرد الترك والامتناع في مسألة مشاركة الفاعل في الفعل والعقوبة، ويتساهل في تنزيل الأحكام المطلقة على واقع خاص كان لابد من الردود عليهم..................

عندما يصبح المتحكم في تصور الشأن العام والحكم عليه أشخاصا معينين لهم تأثيرهم التام على الفتاوى والبيانات  كان لابد من فضحهم والردود عليهم.......
...........

عندنا ينشئون تيارا يريدون به أن يتفردوا بالقول ويحملوا الشعب عليه
وما عدا قولهم واجتهادهم فإنه يعد تشويشا وتشغيبا وتحنبلا!! هذا في الفروع ..
وأما في الأصول؛ فيريد كثير منهم أن يسوغ عقائد الجميع ولو كانت عقيدة معتزلية!؛ ليتسنى بعد ذلك إقناع الناس برباعيتهم؛ بحجة أنه عمل أهل البلد!!
وأما في السياسة فما أريكم إلا ما أرى !!!
كان لابد من فضحهم والردود عليهم.......
...........

عندما يُنَظِّر بعضهم إلى الالتفات إلى المآسي المجتمعية وقضايا العامة
ثم يقومون بفتح ملفات على قناتهم وفي صفحاتهم ليس من المصلحة على تنظيرهم فتحها؛ إذ إن فتحها يقتضي ممن يخالفهم فتحها أيضا...
كان لابد من فضحهم والردود عليهم.......
...........

إلى غير ذلك
فليست القضية قضية شخصية، ولا المقصود مجرد الإسقاط
وإنما هو النصح والبيان...

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار 

الأربعاء، 17 أبريل 2024

الأحوط في الرخص


محل الأخذ بالاحتياط والاحتجاج به

■ذكرت في منشور سابق أن باب #الرخص كالمسح على الجورب ليس محلا للأخذ فيه بالأحوط؛ لأن الباب مبني على التسهيل والتيسير, فلا يناسبه الأحوط؛ لأن الأخذ بالأحوط فيه تشديد, فتنافت الحقيقتان...
■وبينت أن محل #الأخذ_بالأحوط والاحتحاج به بالنسبة للناظر هو #التردد والشك، فإذا تردد في كون الفعل #رخصة أو لا؛ لأنه لم يتبين له ساغ له حينئذ الأخذ بالأحوط, وإنما ساغ للمتردد أو الشاك الأخذ بالأحوط لأن ذمته مشغولة بالعبادة, فلا تبرأ ذمته إلا بيقين, والرخصة هنا مشكوك فيها عنده.
■وفسرت ذلك ببيان الغلط, وهو أن ينطلق الناظر ابتداء في عدم المسح على الجوربين مثلا من #الأحوط؛ اعتمادا على وجود #خلاف أو اعتمادا على أن المسح مختلف فيه والغسل متفق عليه...
وانتبه لهذا؛ لأنه مهم (الانطلاق من كونه أحوط)

■فاعترض أحد الإخوة بما لا يصح أن يعترض به, وأخذ يجمع أقوال الأئمة من غير أن ينقح مناطها ويهذبه كما هي عادته في غير مسألة
■فزعم وفقه الله أن السلف حرصوا على #الاحتياط_في_الرخص, ومن ذلك  -على زعمه- احتياط بعضهم في مسألة المسح على الخفين, فأورد أثرا لعمر وابن عمر ولأبي أيوب...
●ففي الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف لابن المنذر (1/ 439)
قال روينا عن عمر بن الخطاب أنه أمرهم أن يمسحوا على خفافهم، وخلع هو خفيه وتوضأ، وقال: إنما خلعت؛ لأنه حبب إلي الطهور،
وكان أبو أيوب يأمر بالمسح على الخفين ويغسل قدميه، ويقول: أحب إلي الوضوء، وروينا عن ابن عمر أنه قال: إني لمولع بغسل قدمي، فلا تقتدوا بي.

■تحليل الروايات ومناطاتها:
●1-هم مقرون بثبوت رخصة #المسح_على_الخفين, ولهذا أمروا الناس بالمسح.
●2-علة غسلهم القدمين وتقديمه على المسح أن الغسل أحب إليهم, وليس الشك في المسح أو في عدم إجزائه, أو لاحتمال بطلان العبادة كما ادعى, فلا مدخل للأحوط هنا؛ لأنه مبنى على هذه الاحتمالات...
وأما ابن عمر فعلل بميله الطبيعي إلى غسل القدمين.
■□فكونه أحب أو أميل للطبيعة ليس فيه أخذا بالأحوط على النحو المتقدم, ولا عللوا بالعمل بما هو أضمن وأوكد في القبول.

□غريب الاستدلال بأقوالهم على الأحوط!!!!

■وأما قول الأخ:(وهذا دليل ظاهر على أن ترك الرخصة الاجتهادية المؤدية لاحتمال بطلان للعبادة الواجبة ليس تشديدا مذموما)
●لما تقرر في نفسه أن الأحوط في مسألة الرخص لابد أن يصاحبه احتمال عدم الإجزاء أو شك احتاج أن يذكره فنقض نفسه من حيث لا يدري, وهو دليل على عدم تنقيحه المناط, وأخذه الآثار من غير فقه لها, وقد تقدم نحو ذلك في عدة مسائل كمسألة الإنكار العلني, وضابط الولاية الشرعية, ومعنى القدرة الشرعية المشترطة في جها د الدفع ...


وأما ما أورده عن #الإمام_مالك (المسح [على الخفَّين] في السفر والحضر يقين لا شك فيه، ولكني كنت آخذ في نفسي بالطهور [بغسل الرجلين]، فمن مسح فلا أراه مقصرا).

●فهذه إحدى الروايات عن مالك
فقد ذكر يحيى بن إسحاق بن يحيى الأندلسي في كتابه عن أصبغ ابن الفرج قال: اختلف قول مالك في المسح على الخفين بأقاويل ثلاثة ، أخبرنا بها ابن القاسم وأشهب وابن وهب، مرة قال: لا يمسح في حضر ولا سفر، ومرة قال: يمسح في السفر ولا يمسح في الحضر، ومرة قال: يمسح على كل حال في السفر والحضر ولا يوقت وقتا ولا غيره، وهو أعم قوله في موطأه  وغيره. انظر اختلاف أقوال مالك وأصحابه لابن عبد البر(ص: 67)

■ومبنى هذا القول على مسألة الأفضل لا على الأحوط, فاتقاه في نفسه لا على وجه الشك فيه واحتمال عدم الإجزاء, وإنما نظر إلى معنى آخر...
●قال صاحب الاستذكار والمازري: ينبغي أن يحمل قوله بالمنع على الإطلاق على الكراهة في خاصة نفسه, كالفطر في السفر جائز والأفضل تركه, انظر الذخيرة للقرافي (1/ 322)
●وقد أشار إلى هذا ابن قدامة في المغني  (620) (3/ 126) لما تكلم عن القصر في السفر: (ولا أعلم فيه مخالفا من الأئمة إلا الشافعي في أحد قوليه, قال : الإتمام أفضل ؛ لأنه أكثر عملا وعددا ، وهو الأصل ، فكان أفضل ، كغسل الرجلين) . فعلل بكونه أفضل؛ لكونه أكثر عملا, وقاسه على غسل الرجلين في الوضوء.

■والغريب أن الأخ الكريم أورد عدة مسائل لا علاقة لها بالاحتياط فجعل الداعي لها الاحتياط!!, كالحرص على صلاة الجماعة مع وجود المرض الشديد, فكون الإنسان يتحامل على نفسه ويأخذ بالشدة لا يدل على أنه فعل ذلك احتياطا؛ لأن الذمة بريئة بصلاته في بيته...
■وأورد مسألة تقديم الصوم على الفطر في السفر, وفيها أدلة محتملة...
■ومسألة القصر في السفر تركها بعض السلف حتى لا يفهم أنها فرضت كذلك, قال الشاطبي في الموافقات (4/ 102):( ( الصحابة عملوا على هذا الاحتياط في الدين لما فهموا هذا الأصل من الشريعة، وكانوا أئمة يقتدى بهم؛ فتركوا أشياء وأظهروا ذلك ليبينوا أن تركها غير قادح وإن كانت مطلوبة؛ فمن ذلك ترك عثمان القصر في السفر في خلافته، وقال: "إني إمام الناس، فينظر إلي الأعراب وأهل البادية أصلي ركعتين؛ فيقولون: هكذا فرضت")

■وليته وقف عند هذا الحد في النقل مع عدم تحريره تلك النقول, وإنما جاوز ذلك فنقل كلاما عن بعض العلماء لا علاقة له بالمسألة المبحوثة أصلا كنقله عن #الشاطبي قوله: (فالأحرى بمن يريد براءة ذمته وخلاص نفسه الرجوع إلى أصل العزيمة، إلا أن هذه الأحروية تارة تكون من باب الندب، وتارة تكون من باب الوجوب) الموافقات (1/ 516)
●وهنا فيه بتر في كلامه, فالشاطبي قبل هذه الجملة كان يتكلم عن الرخصة التي لم يوجد شرطها.

■كما أوهم أن الشاطبي يتبنى أن الأخذ بالعزيمة وترك الرخصة سائغ بل قد يكون مستحبا, لما نقل قوله: "... فثبت أن الوقوف مع العزائم أولى، والأخذ بها في محال الترخص أحر).
●مع أن الشاطبي إنما يذكر حجج من أخذ بالعزيمة والتي ذكر منها هذا القول:" فثبت أن الوقوف مع العزائم أولى", ثم ذكر حجج من لم يقدم الأخذ بالعزيمة إلى أن قال: (فإن قيل: الحاصل مما تقدم إيراد أدلة متعارضة، وذلك وضع إشكال في المسألة؛ فهل له مخلص أم لا؟ قيل: نعم، من وجهين: أحدهما:
أن يوكل ذلك إلى نظر المجتهد؛ فإنما أورد هنا استدلال كل فريق، من غير أن يقع بين الطرفين ترجيح، فيبقى موقوفا على المجتهد، حتى يترجح له أحدهما مطلقا، أو يترجح له أحدهما في بعض المواضع، والآخر في بعض المواضع، أو بحسب الأحوال). الموافقات (1/ 531)

■ثم نقل الأخ وفقه الله عن #الونشريسي وعليش كلاهما عن العز بن عبد السلام قوله: "الأخذ بالرخص محبوب ودين الله يسر ... وإن كان الأفضل الأخذ بالعزيمة تورعاً واحتياطاً واجتناباً لمظان الريب والتهم" انتهي
●والغريب أنه أهمل السياق, فالكلام في سياق تتبع الرخص, ولا شك أن الأخذ بالعزيمة مقدم على تتبع الرخص, وقد رد الونشريسي على العز قوله الأخذ بالرخص محبوب.

■وأما استعمال الأئمة للأحوط في غير الرخص لغير علة التردد والشك فهذا لا إشكال فيه وله ضابطه, وهو خارج محل البحث, وهذه مغالطة..

■ثم خلص لاستخراج نتائج لا محل لها, والوقت لا يسع لمناقشتها, فيكفي ما تقدم, والاشتغال بالتخطئة ممن لا يحسن النظر في المعاني ليس من العلم والعقل والدين.

وأختم بقول #شيخ_الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (26/ 54):(فإن الاحتياط إنما يشرع إذا لم تتبين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإذا تبينت السنة فاتباعها أولى).

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الأحد، 14 أبريل 2024

فتوى اقتحام المعابر في الميزان الشرعي

 

فتوى اقتحام المعابر في الميزان الشرعي

(تقصير الأمة حكاما وشعوبا في تحرير الأ قصى وإنقاذ إخوانهم, وعدم استعدادها, وبعدها عن دينها: لا يعالج بإقحامهم في أمر مضرته راجحة, ويؤدي إلى إزهاق أنفس مسلمة بما لا مصلحة فيه راجحة, ويفتح الباب لتسلط الاعداء على بلدان المسلمين واحتلالها)

لنتصور المسألة

(بعيدا عن تصور صاحب اللحظات, وإطلاقاته, وعدم تحقيقه للمناطات,...)

 

بلاد فلس طين محتلة, وواجب على (جميع المسلمين من حيث هو جميع) جها دهم, ويتعين ابتداء على أهل فلس طين من ذوي الأهلية وعدم المانع عند (وجود القدرة الشرعية), لأن الواجب يحصل بهم؛ لحضورهم, فإن عجزوا فمن يليهم بقيد (وجود الاستطاعة الشرعية), إلى أن يعم جميع الأمة بنفس القيد ...

وهذه (الاستطاعة الشرعية) المشروطة لا تعني الخوف من الموت؛ حتى يقال فتنة علو الكفر أعظم من فتنة الموت, ولا تعني حصرها في العجز الحسي؛ حتى تحصر في الأعمى ونحوه, ولا تعني التمكن من هزيمة العدو ...

ولا علاقة لها باشتراط (التكافؤ بين الجيشين), فلم تشترط الشريعة في المقاتلين التكافؤ في العدد والعدة؛ لأنه يبذل نفسه فيما فيه مصلحة للمسلمين، بل يجب على المقاتلين ألا يتركوا القتال وإن كانوا لا طاقة لهم بقتال الكفار إذا ترتب على انصرافهم من القتال استيلاء الكفار على النساء ومن يخلفون من المسلمين.

 

طيب ماذا تعني القدرة الشرعية أو الاستطاعة الشرعية؟

وإنما تعني ألا يكون في الإقدام على الفعل مع سلامة الآلات مفسدة راجحة, كما قال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (3/ 49): (فالشارع لا ينظر في الاستطاعة الشرعية إلى مجرد إمكان الفعل، بل ينظر إلى لوازم ذلك، فإذا كان الفعل ممكنا مع المفسدة الراجحة لم تكن هذه استطاعة شرعية).

وهذا له نظائر في الشريعة, كمن يقدر على الصلاة قائما إلا أنه يلحقه ضرر بالقيام, أو يقدر على الحج إلا أنه يلحقه ضرر راجح إذا حج؛ فهنا لا يعد قادرا في الشريعة ولا مستطيعا الاستطاعة الشرعية.

قال الجويني: (وقد أجمع المسلمون قاطبة على أن من غلب على الظن إفضاء خروجه إلى الحج إلى تعرضه أو تعرض طوائف من المسلمين للغرر والخطر، لم يجز له أن يغرر بنفسه وبذويه، ومن يتصل به ويليه، بل يتعين عليه تأخير ما ينتحيه، إلى أن يتحقق تمام الاستمكان فيه). الغياثي (ص: 176)

ولعدم فهم هذا القيد على وجهه جاءت مثل هذه الفتاوى التي لم يراع فيها المآلات ولا لوحظت فيها القدرة الشرعية.

(والغريب أن التصور الخاطئ لسألة من يتوجه إليه الخطاب ويتعين في الواجب العيني والواجب الكفائي هو من منشأ الغلط عند الكثير في هذه المسائل

فعندما يأتي أحدهم ويقول: جها د الدفع واجب على الأعيان, وأن اشتراط القدرة الشرعية هو من باب الخلط بين جها د الطلب وجها د الدفع: عندها تدرك حقيقة الإشكال عند هؤلاء.

وبعضهم يظهر الإشكال عنده في تفسيره شرط القدرة بمجرد وجود مقاتلين بعتادهم مما يتحقق معه نكاية بالعدو, وبتفسيره انتفاء المفسَدة المحضة بحصول الموت في المسلمين مع عدم النكاية بعدوهم,

والجامع لغلطهم, هو: عدم تصور شرط القدرة الشرعية على وجهه, وظنهم أن النكاية بالعدو مقصد شرعي في جها د الدفع, بينما هي مقصد في جها د الطلب.)

 

وحتى لا أطيل, سأقتصر على بيان خطأ التصور في توجه الخطاب وتعينه؛ لأن له تعلقا بفتوى اقتحام المعابر:

إذا اقتحم العدو بلدة مسلمة , فهل يصبح قتاله فرض عين على كل واحد في الأمة ؟

هنا تأتي مسألة توجه الخطاب وتعينه

المطلوب شرعا دفع العد و, ويتعين دفعه ابتداء على أهل تلك البلدة, وعندما نقول يتعين على أهل تلك البلدة لابد أن نلحظ تحقق الأهلية وعدم المانع, ولابد أن نلحظ أمرا آخر مهما يغفل عنه الكثير, وهو: ألا يترتب عليه إضرار أكبر بالمسلمين وإذهاب للدين...

وتعين القتال على أهل تلك البلدة ينفي تعينه على غيرهم, فإذا لم تحصل الكفاية بأهل تلك البلدة,

فمن جهة تعلق الخطاب وتوجهه فإنه يتوجه إلى جميع أهل البلدة المجاورة من حيث هو جميع, وذلك بإيقاعه منهم من أي فاعل فعله حتى يدفع العدو, ولا يتعين على كل واحد, وإنما يتعين إما بأمر الحاكم, أو أن يغلب على ظن المكلف أن غيره لم يقم به...إلخ

ولا يتعين إلا على من تتحقق به المصلحة وتدفع به المفسدة, وقد أبدع الشاطبي لما تكلم عن الواجب الكفائي فقال: (... وكذلك الجهاد -حيث يكون فرض كفاية-  إنما يتعين القيام به على من فيه نجدة وشجاعة، وما أشبه ذلك من الخطط الشرعية؛ إذ لا يصح أن يطلب بها من لا يبدئ فيها ولا يعيد؛ فإنه من باب تكليف ما لا يطاق بالنسبة إلى المكلف، ومن باب العبث بالنسبة إلى المصلحة المجتلبة أو المفسدة المستدفعة، وكلاهما باطل شرعا.) الموافقات (1/ 278)

وانتقال التعين إلى من يليهم مقيد بوجود القدرة الشرعية, فعند عدم وجودها ينتفي تعين القتال, ولهذا استثنى بعض الفقهاء  إذا خشي غير المفجوئين معرة على نسائهم وعيالهم وبيوتهم من عدو بتشاغلهم بالدفع عمن فجأهم العدو.

 ولا يلزم من انتفاء تعين القتال انتفاء واجب النصرة؛ لأنه أعم...

 (ولا نشك في تقصير الحكا م والشعوب, وعدم فعلهم ما يجب عليهم من التهيئة والاستعداد...إلخ)

وفتوى اقتحام المعابر بنيت على عدم اعتبار القدرة الشرعية في تعين القتال من جهة, وعلى نظر خاطئ في تعين القتال على كل معين في الأردن ومصر من جهة أخرى؛ حتى جُعل موت أهل الأردن ومصر ليس بأولى من موت أهل غ ز ة, هكذا بكل سطحية.

والدعوة إلى وجوب نصرة أهلنا في غ ز ة لا يلزم منها أن يكون باقتحام المعابر الذي ضرره أكثر من نفعه, ولا أظن أن عاقلا ينازع في الضرر الذي سيحصل للمسلمين في هذا الاقتحام...

وأما وصف عدم اقتحامهم بالتخذيل فبعيد عن التحقيق؛ لأن عدم وجود القدرة الشرعية مانع شرعي.

 

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

 

الثلاثاء، 26 مارس 2024

من المخاطب غي الواجب الكفائي؟


#الواجب_الكفائي
لا يتعين على كل مسلم، وإنما يتعين على من قامت به الأهلية دون غيره ولم يمنعه مانع، وشك في قيام غيره به، ويتعين أيضا بأمر الإمام، وقيل بالشروع فيه..

فمثلا: لو اتصل متصل بالهاتف أنه وجد عائلة ستموت من الجوع
فمن كان عنده ما يغيثهم به وعنده الوسيلة التي توصله إليهم أو توصل الإغاثة لهم ولم يمنع من ذلك مانع لا حسي ولا شرعي
أصبحت إغاثتهم تجب وجوبا عينيا عليه

قد يقول قائل: أليس الخطاب في الواجب الكفائي موجها إلى عموم المكلفين، فكيف لا يتعين إلا بهذه الأمور؟
قيل
اختلف الأصوليون فيمن يتوجه إليه الخطاب في الواجب الكفائي أهو موجه إلى جميع المكلفين، ويسقط الطلب بفعل بعضهم، أم هو موجه إلى بعض المكلفين فلم يدخلوا كلهم في الخطاب؟..

وعلى قول الجمهور وهو أن الخطاب موجه إلى جميع المكلفين
يقع غلط في الفهم والتفسير
فيظن بعضهم أن الخطاب موجه إلى كل واحد من المكلفين؛ حتى صرح بعض من لا يفقه أنه فرض عين على كل مسلم
وهذا خلط
لأن الخطاب في الواجب الكفائي موجه إلى جميع المكلفين (من حيث هو جميع)
بمعنى أنه لا يجب على عين كل واحد من المكلفين، فلا يتعلق الواجب الكفائي بكل واحد بعينه، وإنما يتعلق بالمجموع
مثلا تجب صلاة الجنازة على المسلمين
فالخطاب في صلاة الجنازة موجه إلى جميع الأمة من حيث هو جميع فلا يقصد فلانا بعينه من الأفراد، وإن كان الحكم يصدق على كل واحد منهم ويتناوله...

وكونه موجها إلى جميع الأمة (من حيث هو جميع) لا يعني أن المخاطب غير معين فيضيع الواجب، كما يتصور بعضهم، وإنما هو خطاب لمعين لكن لم يُنص على تعيينه، فيتاول كل من كان ذا أهلية وتوفرت القيود الأخرى..

وذهب الشاطبي إلى أن الخطاب في الواجب الكفائي موجه إلى جميع المكلفين من جهة كلي الطلب، وأما من جهة جزئي الطلب فموجه إلى البعض ممن توفرت فيه الأهلية.

(من طلب العلم فليدقق حتى لا يذهب دقيق العلماء)

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار 

الجمعة، 22 مارس 2024

2 #السدل في الصلاة

 2

#السدل في الصلاة


أقوى ما احتج به من قال بالإرسال: أنه جرى عليه العمل الظاهر المتصل, 

وهو يتوافق مع ظاهر قول الإمام مالك في المدونة: (لا أعرف ذلك في الفريضة) أي لا أعرف العمل به.


واحتُج على ذلك بما أخرجه أبو زرعة في تاريخه (319) قال حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم عن عبد عن عبدالله بن يحيى المعافري، عن حيوة، عن بكر بن عمرو: "أنه لم ير أبا أمامة -يعني: ابن سهل- واضعا إحدى يديه على الأخرى قط، ولا أحدا من أهل المدينة، حتى قدم الشام، فرأى الأوزاعي وناسا يضعونه"

وبكر بن عمرو المعافري المصري توفي في خلافة أبي جعفر بعد الأربعين ومائة, قال ابن القطان فيه: "لا نعلم عدالته" وذكره ابن حبان في الثقات, وقال الحاكم سألت الدارقطني عنه فقال: ينظر في أمره. انظر: تهذيب التهذيب (1/ 486)

ولو سلمنا أن العمل المتصل في المدينة هو عدم الوضع فالعمل المتصل في الشام وغيرها هو الوضع, وهو من باب تعارض العمل بالعمل.


ووردت في ذلك بعض الآثار عن آحاد من السلف لا ترقى لأن تكون عملا مظاهرا متصلا


وإنما الذي جرى عليه عمل الصحابة, وعامة أهل العلم في مختلف الأمصار والأزمنة, هو وضع اليد اليمنى على اليسرى, حتى قال الترمذي: (والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ومن بعدهم، يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة) سنن الترمذي (1/ 336)

وقال ابن عبد البر عن الوضع: (لم تختلف الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب, ولا أعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافا إلا شيء روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى وقد روي عنه خلافه مما قدمنا ذكره عنه, وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "وضع اليمين على الشمال من السنة", وعلى هذا جمهور التابعين وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (20/ 74)


وهذا يقتضي تأويل قول الإمام مالك بالكراهة وجريان العمل على وجه لا يتعارض مع ظاهر الأحاديث المستفيضة وما جرى عليه العمل, ولا يتعارض مع أقواله في الروايات الأخرى, فَيُتأول على أن محل الكراهة ما زاد على الوضع من معنى مكروه وهو قصد الاعتماد, وسياق كلام الإمام مالك في المدونة كان في الاعتماد في الصلاة والاتكاء, ففي المدونة (1/ 169): (قال: وسألت مالكا عن الرجل يصلي إلى جنب حائط فيتكئ على الحائط؟ فقال: أما في المكتوبة فلا يعجبني وأما في النافلة فلا أرى به بأسا، قال ابن القاسم: والعصا تكون في يده عندي بمنزلة الحائط، قال وقال مالك: إن شاء اعتمد وإن شاء لم يعتمد وكان لا يكره الاعتماد، قال: وذلك على قدر ما يرتفق به فلينظر أرفق ذلك به فيصنعه.

قال: وقال مالك: في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة؟ قال: لا أعرف ذلك في الفريضة وكان يكرهه. ...)


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 21 مارس 2024

حكم السدل في الصلاة، والقول بكراهة الوضع

■حكم #السدل_في_الصلاة، والقول بكراهة الوضع 


●وصورته: إرسال اليدين في القيام بعد تكبيرة الإحرام. 


■وإرسال اليدين زمنا يتنافى مع هيئة الذليل الخاشع, ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه حديث صحيح صريح,

□ والله سبحانه قد شرع الصلاة لمقصد أصلي, وهو: الإقبال على الله تعالى والتوجه إليه ومناجاته, والخضوع بين يديه, وكل ما كانت الصفة أقرب لتحقيق هذا المقصد كانت هي المقدمة, ووضع اليمين على اليسار في الصلاة أقرب للخشوع وقيام التذلل والخضوع, فزمن الوقوف طويل. 


■والقول بكراهة الوضع أقرب إلى كونه #قولا_شاذا، وقد شهره بعض المتأخرين من #المالكية

 

■ولم يجر على السدل العمل الظاهر في زمن الصحابة والتابعين، فقول عامة أهل العلم بالوضع ومنهم علماء أهل المدينة: قرينة قوية على نفي العمل الظاهر على السدل


■وقد جاءت أحاديث صريحة ومتنوعة في الدلالة بوضع اليمين على اليسار بعد تكبيرة الإحرام ؛ فقد روي مسلم عن وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن دخل في الصلاة «ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى». وفي رواية لأحمد وأبي داود: «وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد». 


■وقد تتابع المحدثون في كتبهم الحديثية على التبويب على استحباب وضع اليمين على اليسار كالبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وغيرهم 


■وبه قال عامة أهل العلم ...   

                                     

■وممن نص على الاستحباب من أئمة المالكية: أبو الوليد الباجي وابن رُشد الجَدُّ وأبو بكر بن العربي وابنُ رشد الحَفيد والقاضي عِياضٌ والمازَريُّ والقرافي, وابن الحاج، والقباب، والبناني، وابن شاس، وابن عرفة, وابن جُزَي, وغيرهم... 


■وأما الإمام مالك ففي حكم وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة ثلاث روايات عنه...  

                                        

●واختلف المالكية في تعليل رواية الكراهة؛ فمنهم من ذكر أن العلة في كراهته في الفرض: الاعتماد؛ لشبهه بالمستند، وهو تأويل عبد الوهاب، فلو فعله استنانا لا للاعتماد لم يكره، ومنهم من ذكر أن العلة في كراهته في الفرض: خيفة اعتقاد وجوبه، وليس واجبًا، ومنهم من ذكر أن العلة في كراهته في الفرض خوف إظهار خشوع -أي: وليس موجودًا في الباطن- وهو تأويل عياض. جواهر الدرر في حل ألفاظ المختصر (2/ 131). 


■وأقوى ما احتج به من قال بكراهة الوضع: مخالفة عمل أهل المدينة, وهي القريبة من قول مالك في المدونة: (لا أعرف ذلك في الفريضة) أي لا أعرف العمل به 


●لكن هذا منقوض بفعل الصحابة, وجريان العمل به عند عامة اهل العلم, بل قال ابن عبد البر عن الوضع: (لم تختلف الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب, ولا أعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافا إلا شيء روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى وقد روي عنه خلافه مما قدمنا ذكره عنه, وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "وضع اليمين على الشمال من السنة", وعلى هذا جمهور التابعين وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (20/ 74) 


■والقول بكراهة وضع اليمين على اليسار في الصلاة هو قول شاذ؛ لمخالفته أقوال عامة اهل العلم ويتصادم مع الروايات الثابتة في وضع اليمين على اليسار.

ويتعارض مع ما هو موجود في أمهات كتب المالكية وهي الموازية والواضحة والعتبية التي فيها عدم الكراهة. 


■وقد سوى ابن عبد البر في الكافي بين الوضع والإرسال, وذكر اللخمي في التبصرة أن الوضع أحسن, وجعله ابن رشد الجد في المقدمات الأظهر, وذكر ابن رشد الحفيد في البداية أنه الأولى, وصححه ابن العربي... 


■وأما حديث أبي حميد الساعدي الذي أخرجه البخاري فيحمل على صريح الأحاديث الأخرى, وغاية ما يفيده قوله:" حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلًا ثم يقرأ ثم يكبر فيركع" أنه يسدل بعد التكبيرة, وليس فيه أنه لا يقبض بعد ذلك.

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/03/blog-post_21.html

السبت، 16 مارس 2024

حقيقة الخلاف مع الفلكيين في إثبات دخول الشهر وخروجه

يزعم يعضهم قطعية كلام الفلكيين
هكذا بإطلاق من غير تحرير

(كان تبحث قليلا فقط وتتجرد)

يضيق الخلاف في صورة ما إذا حكم الفلكيون باستحالة #رؤية_الهلال وتعذرها
أما إذا لم يحكم بذلك فلن يظهر خلاف في واقع الأمر

إذا أردنا تحرير محل البحث والنزاع في مسألة الاعتماد على #علم_الفلك في النفي

كان الواجب علينا أن نفرق بين ما يتفق عليه #الفلكيون من تحديد موعد #ولادة_الهلال ووجوده في الأفق قبل الغروب ومقدار ارتفاعه وعمره ومكثه...
(وهذا نقر بدقتهم فيه ولا يكاد يخطئون فيه)
وبين الحكم بإمكانية رؤية الهلال وعدم رؤيته، ونفي ولادته ولادة ظهور ومشاهدة
(وهذه لم تصل إلى كونها حقيقة علمية ومقطوعا بها)

(إذن فيه شيء اتفقوا عليه وفيه شيء اختلفوا فيه)

فعندما يأتي من يزعم أنه إذا حكم الفلكيون بعدم إمكان رؤية الهلال
أن هذا موجب لرد شهادة الشهود برؤيته؛ بناء على أنه اقترن بها ما يكذبها، وخالفت حقيقة علمية وحسا مقطوعا به
ثم ينتقل بالبحث إلى الكلام عن شهادة الشهود ومتى ترد في الشريعة؛ تطويلا للكلام في غير محله
فهنا محل الغلط والخلط
(يعني يريدون أن يجعلوا المعركة بين الفلكيين وشهادة الشهود
ويخفون الحقيقة وهي أن المعركة بين الفلكيين وظاهر نصوص الكتاب والسنة وإجماع العلماء)

(نعم، لا نقبل كل شهادة، لكن لا نرد الشهادة لحكم الفلكيين بالاستحالة)

فهؤلاء الذين يعتمدون على الحساب في النفي ويردون شهادة الشهود
هم في حقيقة الأمر اعتمدوا على #الفلكيين في رد شهادة الشهود وفي إثبات الصيام به
فإذا نفوا أن يكون يوم الخميس مثلا هو بداية رمضان لأجل ما ذكره الفلكيون من استحالة رؤيته كان ذلك إثباتا لدخول رمضان يوم الجمعة اعتماد على كلام الفلكيين،

الخلاصة
ليس البحث في الدقة والقطع الذي وصل إليه الفلكيون في تحديد موعد #اقتران_القمر وولادته وارتفاعه ووو
وإنما البحث في #إمكانية_الرؤية وفق المعايير التي وضعها الفلكيون...
والتي هم مختلفون فيها!!!!

ويأتي السؤال: هل هذه المعايير حقائق علمية؟

لم تصل هذه المعايير إلى أن تكون حقائق علمية؛ لأنها قابلة للنقض...
وما ذكروه من تكرار الملاحظة على مر سنين لا تخرجها عن كونها نظرية..
وتبقى النظرية محل بحث، ولا يتم تأكيدها بشكل قطعي، لأنها تخضع للتجربة والملاحظة.

وهل يصح شرعا أن نخرج عن دلالة النص الشرعي بنظرية علمية محتملة ؟!!

وقد اعترف الفلكيون أنفسهم بنظريتها باختلافهم في هذه المعايير، وعدم اتفاقهم عليها.
فبعضهم يعتمد على أن أقل مكث شوهد فيه الهلال بعد غررب الشمس ٤٠ دقيقة وبعد ٢٩ دقيقة وبعضهم ٢٠ دقيقة ...
واختلفوا في البعد الزاوي والدرجات...

فكيف إذا أضفنا إلى ما تقدم عدم التفات الشريعة إلى ما اختلف فيه الفلكيون؟!!

فكيف إذا كانت الرؤية لا تنضبط بحساب الفلكيين أصلا؟!

والغريب أن يأتي فقيه ويقول: كيف قبلتم حساب الفلكيين في إخبارهم بوقت صلاة المغرب
ولم تقبلوا قولهم في استحالة الرؤية؟

هذا كلام من لم يفقه حقيقة الخلاف، فالمانعون من الاعتماد على الفلكيين في النفي
لم يردوا حساب الفلكيين في تحديد موعد غروب القمر وولادته...
وإنما ردوا كلام بعضهم فيما لا دخل للحساب فيه وهو إمكانية الرؤية من عدمها،
وردوا أيضا الاعتماد على ما اختلف فيه الفلكيون أنفسهم ولم يصلوا به إلى القطع ولا لكونه حقيقة علمية ..
ثم إن المطلوب في مواقيت الصلاة التحقق من دخول الوقت بأي وسيلة
وأما في الصيام والإفطار فقد حددت الوسيلة وهي الرؤية، وليس المقصود هو التحقق...

والغريب أن يأتي من يلغي شهادة الشهود لا لشيء إلا لكونها خالفت ما ظنه هو قطعا ثم يبحث عن قول شاذ
وهو إذا حكم الفلكيون بإمكان رؤيته في بلد من البلدان إلا أنهم لم يروه لوجود الغيم
فيحكم بدخول شهر رمضان
لأجل من قال به...

كتبه
د أحمد محمد الصادق النجار

http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/03/blog-post_16.html


الجمعة، 8 مارس 2024

الاعتماد على الحساب الفلكي في دخول الشهر وخروجه

 في مسألة الاعتداد بالحساب الفلكي في النفي ورد شهادة الشهود لمخالفتها حكم الحساب باستحالة الرؤية 


تجد من يتغافل عن تحرير محل النزاع ويحتج بالمطلوب إثباته 

ويجعله من ضمن المقدمة الاستدلالية!!! 


بمعنى

أن المطلوب إثباته هو قطعية الحساب الفلكي من أصله

فيأتي من يحتج على رد شهادة الشهود لمخالفتها حكم الحساب بأن الحساب قطعي!!!

وأن شهادة الشهود تخالف المحسوس المتيقن!!

وأن الحساب إذا نفى إمكان الرؤية؛ لأن الهلال لم يولد بحسب معادلاته وحساباته فيجب رد شهادة الشهود؛ لأنه قطعي... 


ويأتي آخر فيتفلسف ويقول: كيف تقبل شهادة الشهود على دخول الشهر وأنت تقطع بكذبهم لمخالفتهم الحساب؟!!!

وآخر يقول: هو من باب تمحيص الشهادات؛ لأن الشاهد يشهد بما يخالف قطعي الحس، وليس هو من باب الأخذ بالحساب الفلكي!!! 


يا طالب العلم!!!

هذا هو الذي يراد إثباته، فكيف جعلته دليلا لك؟!!! 


هل علم الحساب قطعي؟

وهل الشريعة لما علقت دخول شهر رمضان بالرؤية بحيث يثبت بثبوتها وينتفي بانتفائها الانتفاء المعهود عند العرب

لم تكن الرؤية مقصودة لها؟


سبحان الله

ليت هؤلاء يتصورون المسألة تصورا صحيحا... 


يا عبد الله المانعون لم يسلموا بقطعية الحساب، وكيف تريدهم أن يسلموا وهم يرون اختلاف الحسابيين أنفسهم 

بحساب الفلك نفسه

في إمكان الرؤية واضطرابهم؟!! 


فهمني

كيف تريد منهم أن يسلموا باستحالة الرؤية لأن حساباتهم أثبتت عدم ولادة الهلال

وهم مختلفون على وفق حساباتهم في إمكان رؤية الهلال بعد ولادته؟


تأمل في كلامي

بعد حصول الاقتران كيف يمكنهم أن يقيموا دليلا (قطعيا) من حسابهم المدعى أنه قطعي 

على إمكان الرؤية واستحالتها وفق حساباتهم 

وقد اختلفوا هم بعد ولادة القمر قبل الغروب في الوقت الذي تتمكن فيه العين أو التلسكوب من الرؤية.......

وهل عمر الهلال يعتبر معيارا لإمكان الرؤية؟

يعني بالمختصر

اختلافهم هذا يمنع من جعل العلم قطعيا؟!!

وما ثبت بالتجارب يمكن أن يتخلف فتنخرم الكلية القطعية...

...

ثم إن رؤية الهلال التي علق عليها دخول الشهر وخروجه  لا تعتمد على ذلك ولا تنضبط بالحساب الفلكي، وإنما تعتمد على صفاء الجو وعلو مكان الرائي وحدة النظر والخبرة وما يحدث من انكسارات وانعكاسات في الغلاف الجوي إلى غير ذلك...

ولو قلنا بمعرفتهم الدقيقة لولادة القمر وغيابه وارتفاعه عند مغيب الشمس

فهذا لا يدل على المعرفة الدقيقة بإمكان الرؤية؛ لعدم اعتبار ارتفاع مكان الرصد.


ولو سلمنا باتفاقهم على معايير وضعوها لكن عند تطبيقها يقع الخلاف 


يبقى السؤال 

هل الشريعة تعلق أمر العبادات التي يشترك فيها الناس كلهم على أمر خفي ويختلف أهله في تحققه؟!! 


ثم لو سلمنا بقطعية الحساب بعدم ولادة الهلال

فكيف نسلم بعدم إمكانية رؤيته بعد ولادته بالنظر إلى درجة ارتفاعه؟!!


وسأزيد المسألة توضيحا في مقطع مرئي... 


ثم نبئوني بعلم ألم ينقل الأئمة الإجماع -وهو قول المذاهب الأربعة وغيرهم- على المنع من الاعتماد على الحساب الفلكي مطلقا في الإثبات والنفي؟


ولم يقل بالاعتداد بالحساب إلا أفراد قليلون من المتقدمين؛ مما يدل على شذوذه...


وأنتم تحكمون على المسائل بالشذوذ بأقل من ذلك!!


بل ترون مخالفة مشهور المذهب تشويشا وها أنتم تخالفون المشهور بل القول الذي حكي عليه الإجماع

فكيف تحكمون؟!! وعلى أي معيار تعتمدون؟!! 


وحاول بعضهم أن يمرر هذا القول بنسبته للمجامع الفقهية عموما

وهو يحسب أن الناس لا يراجعون!!


فقد قرر مجمع الفقه الإسلامي بمكة عدم اعتبار الحساب الفلكي وذاك في سنة 1401

وأما المجمع الفقهي بجدة في درته الثالثة 1407 أصدر قرارا بوجوب الاعتناد على الرؤية ويستعان بالحساب الفلكي

وصوت عليه 24 من 40 

فجعلوه من باب الاستئناس، وخالف البقية فلم يعتبروا به...


■وكوننا نستأنس بالحساب فنتشدد مع الشهود بأن يكونوا من أهل الخبرة وحدة في النظر فهذا لا إشكال فيه، وليس هو من باب رد شهادة الشهود لمخالفتهم القطع والحس.... 


■ولا يكفي في اعتماد الأخذ بنفي الفلكيين أن ترى به الجهة التي تعنى برصد الأهلة ، ولا تأييد الحكومة لها؛ لأنه قول شاذ ويدخل في معنى حديث لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

لكن مع ذلك يمنع من الفتنة، وتدرأ...

وسأتكلم عن ذلك مفصلا بإذن الله 


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 8 فبراير 2024

مسألة حجز #الإسمنت

مسألة حجز #الإسمنت من شركة الاتحاد

اختلفت الآراء في هذه المسألة؛ فمنهم من جوز التنازل عن الرقم الوطني لأجل الحجز في الإسمنت, ومنهم من منع مطلقا سواء تنازل عنه للتجار أو لغيرهم ممن يحتاج إلى الإسمنت

واختلف المانعون في التعليل, فمنهم من منع؛ لأن حق الإسمنت حق انتفاع وليس حق منفعة, وحق الانتفاع هو للاستعمال الشخصي ولا يجوز بيعه,  ومنهم من منع بالنظر إلى أن عقد الشراء فيه جهالة, وأن المضاربة فيه من باب القرض الذي جر نفعا على قولهم...

والذي أقو ل به:

 يجوز لصاحب الرقم الوطني أن يتنازل عن حقه في الإسمنت لمن يحتاج إليه في البناء, ويعطيه الرقم تفويضا وتوكيلا؛ لأنه حق خصص له آيل إلى ملكه, ولا يجوز له أن يتنازل عنه للتجار, ولا تجوز المضاربة فيه؛ لأن الإسمنت قد خُصص للمواطن المحتاج إليه بقدر ما يحتاجه, وأعطي سعرا أقل من السعر الذي يباع للتجار, وروعي فيه حاجة المواطن إلى الإسمنت, ولم يخصص للمتاجرة فيه.

فهو حق أعطته الشركة لمن يحتاج إليه بسعر يناسبه، وليس للمتاجرة, فيجب استغلال هذا الحق وفق الشرط الذي وضع له والمقصود

والإخلال به يعود إلى مفسدة استغلال التجار لهذا الحق, واحتكار الإسمنت, وبيعه بسعر يرهق المواطن, ويتفاقم الأمر لو أمكن تهريبه خارج البلاد.

فالمنع ليس لذات الفعل وإنما لأمر خارجي, فليس المنع لأجل أن هذا الحق من حق الانتفاع,؛  لأن حق الانتفاع غير قابل للانتقال إلى الغير، وغير قابل للتملك من الشخص الذي خُصص له، وهو مجرد إذن في الاستيفاء فقط, بينما الإسمنت يقبل الانتقال إلى الغير ويتملكه صاحب الحق, فهو آيل إلى الملك، فالحق هنا من حق المنفعة, ولولا تقييد شركة الاسمنت بالمحتاج وهو ما تقتضيه المصلحة العامة, وإلا لقلنا بجواز التنازل عنه للتجار  وبيع هذا الحق لهم.

وليس المنع أيضا راجعا إلى خلل في العقد, فعقد الاسمنت عقد استصناع, وقيمة #الإسمنت يتم تحديدها وسدادها عند وقوع العقد، ووفقا لسعر الإسمنت ذلك اليوم، ويتم تحديد موعد التسليم بعد سداد القيمة في مجلس العقد, فالغرر إن وجد فهو مقابل مصلحة أرجح منه, وهي رفع الحرج عمن يحتاج إليه.

سؤال: على أي شيء استند المحرمون؟

الجواب: الذين حرموا عقد شراء الإسمنت تعللوا بأمرين:

 ١-الجهالة في الثمن

 ٢-الجهالة في الأجل.

والجواب عنهما: إن الجهالة في ثمن المبيع ليست جهالة في شيء غير معلوم أصلا ولا سعر له، وإنما هي جهالة فيما يعلم سعره عرفا بين الناس، وستؤول إلى العلم وقت انعقاد البيع فلم تبق هناك جهالة.

وأما الجهالة في الأجل

فالجواب عنها أن العقد لما كان عقد استصناع، ولا يعد الأجل من صلب العقد، وكان الحاجة إلى الإسمنت شديدة لمن يريد البناء قوي ترجيح ما تقتضيه الحاجة من التخفيف على المفسدة الموجودة في الجهالة في الأجل, وعند الحنفية يسقط إذا أسقطه البائع والمشتري، قال الكاساني الحنفي:( لو أمكن دفع الفساد بدون فسخ البيع لا يفسخ كما إذا كان الفساد لجهالة الأجل فأسقطاه يسقط ويبقى البيع مشروعا كما كان)

وأدلة رفع الحرج عند وجود الحاجة التي هي مظنة الحرج مستفيضة وتقتضي الاستثناء من المنع، فيُخرَج بالمسألة عن حكم نظائرها عند وجودها وتعينها , ومن القواعد أن الجهالة في الأجل في موضع الحاجة مغتفرة.

ووجود هذه الجهالة لا تمنع من صحة إذا أمكن تصحيحه, فتصحيحه أولى من فسخه.

ثم إن المشتري يقدم على عقد شراء الإسمنت مع رضاه بالتأخير؛ لحاجته,  وهو لا يملك شيئا في تغيير الشروط؛ لأنه من عقود الإذعان, التي لا يملك المشتري تغيير شروط العقد، فتنفرد شركة الإسمنت بوضع شروط العقد.

والخلاصة: أن الجهالة اغتُفرت في الأجل؛ لكونها في موضع الحاجة ومظنة الحرج، وفي غير صلب العقد، ولا تؤدي إلى النزاع.

تنبيه: لا يجوز بيع الإسمنت إلا بعد قبضه، فبيع الواصل قبل الاستلام والقبض لا يجوز؛ لأنه لم يدخل في ضمانه.

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

https://abuasmaa12.blogspot.com/2024/02/blog-post.html?spref=tw

السبت، 27 يناير 2024

حكم سحب البطاقة المصرفية من التجار بمبلغ أقل مما في البطاقة

يسأل بعض الإخوة عن حكم السحب من التجار بمبلغ أقل مما هو موجود في البطاقة

[ربا، لا يجوز]

لابد من تكييف العلاقة أولا  بين صاحب البطاقة والتجار أصحاب آلة نقاط البيع
ثم ننزل الحكم الشرعي

تكيف العلاقة بين صاحب البطاقة والتجار على أنها علاقة بيع (صرف) إذا كان مقصود صاحب البطاقة بمبادلة مال نقدي مقبوض حقيقة بمال مقبوض حكما العوض والتربح.........
بأن يكون المال الذي في البطاقة عوضا عن المال الذي يعطيه التاجر، ويحصل التاجر منه ربحا
ويمكن تكييف بعض صورها على أن العلاقة علاقة قرض إذا لم يكن المقصود منها المعاوضة ولا التربح، وإنما كان المقصود هو الإرفاق والإحسان، ويكون المقرض هو صاحب البطاقة، والتاجر مقترضا...

فعندما يذهب صاحب البطاقة إلى التاجر ويعطيه البطاقة المشحونة ب 900 دينار مثلا على أن يعطيهم التاجر 880 أقل مما في البطاقة
فهنا العقد
إما أن يكون عقد صرف بين صاحب البطاقة والتاجر بالنظر إلى أن البطاقة تقوم مقام النقد، والتاجر قد قبض المال حكما وأما صاحب البطاقة فيقبضه حالا نقدا، وكان المقصود ابتداء المعاوضة والتربح، كما هو الواقع كثيرا في مكاتب الصرافة ...
وإذا كانت عقد صرف والعملة واحدة فهنا يجب التماثل والتقابض، وإلا كان ذلك من ربا البيوع، ويستثنى منه الخصم التي يتم من المصرف بقدر أجور الخدمات الفعلية لا العمولة الزائدة التسويقية التي يأخذها المصرف من التاجر الذي عنده آلة نقاط البيع...

وإما أن يكون عقد قرض؛ لوقوع الضمان على التاجر بعد أن دخل في حسابه وثبوته في ذمته، ولكونه يرد بدله لا عينه،
ولم يكن المقصود المعاوضة والتربح
فهنا وجب رد المثل بلا نقص إلا بما تقتضيه الخدمات الفعلية من البنك لا مازاد؛ لأن الزيادة تكون في مقابل الضمان والقرض، وهذا لا يجوز
وليست هي من قبيل ضع وتعجل، لأن النقص مشروط ابتداء، وليس هو مقابل الزمن.

وخلاصة العملية أنه يخصم من حساب صاحب البطاقة المبلغ ويقيد باسم التاجر ويثبت في ذمته، والقيد في الحساب يعد قبضا في العرف، فيتحقق به التقابض الحكمي، وليس الإشكال في التقابض...
ثم يعطي التاجر صاحب البطاقة من جيبه مبلغا نقديا أقل من المبلغ الذي قيد في حساب التاجر من مال صاحب البطاقة...

أين المحذور؟

المحذور أن العملة واحدة ولم يحصل التماثل سواء كيفت على أنها قرض أو صرف، وهذا لا يجوز

ثم هناك محذور آخر وهو إذا استعمل حامل البطاقة ماكينة نقاط البيع -التي تكون عند التاجر- للسحب النقدي؛ بأن يأخذ من التاجر نقدا
فهنا توجد عدة محاذير شرعية منها:
١-الكذب والتدليس؛ لأنها تسجل على أنها نقاط بيع وشراء لسلعة، بينما هي في الحقيقة مبادلة نقد نقد.
ومن ضمن شروط العقد التي اطلعت عليها: أنه يمتنع على التاجر قبول أية بطاقة تقدم إليه للحصول على مبالغ نقدية إلا بإذن كتابي من البنك.
وإذا كان كذلك فلا يجوز للتاجر مخالفة شروط العقد، ولا يجوز لصاحب البطاقة إعانته.
٢-في نقاط البيع يأخذ البنك عمولة من التاجر لأجل التسويق له؛ زيادة على الخدمات الفعلية
فيأتي التاجر ويحملها على صاحب البطاقة
ولما كُيفت المعاملة على أنها صرف أو قرض لم تجز هذه الزيادة ودخلت فيها شبهة الربا.

ولأجل هذه المحاذير:
لم يصح تجويزها مع اختلاف العملة بأن يعطيه دولارا
ولم يصح تجويزها ولو أعطاه المبلغ كاملا من غير نقص.

وأما تكييف المعاملة في السحب من التاجر عن طريق أجهزة نقاط البيع بأنها وكالة بأجر
فتكييف غير صحيح؛ لأن التاجر ليس مأذون التصرف في استعمال الجهاز لأجل السحب
وليس وكيلا للبنك في هذا التصرف...
ولأن العقد عقد صرف لا عقد وكالة؛ لتحقق صورة الصرف في هذه المعاملة.

وحتى نصحح المعاملة ونسهل على الناس ونرفع عنهم الحرج
يجب أن يكون التعامل مع صاحب البطاقة والتاجر بالشيك المصدق أو بالتحويل المباشر عن طريق المصرف لا الآلة
ثم يعطيه التاجر دولارا وليس دينارا مع التنبه لمسألة التقابض بأن يكون حقيقيا أو حكميا.

كتبه
د. أحمد محمد الصادق النجار
أستاذ مساعد بكلية علوم الشريعة- المرقب

http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/01/blog-post_27.html

السبت، 13 يناير 2024

هل حديث المسيء صلاته اقتُصر فيه على ذكر الواجبات في الصلاة دون السنن؟

هل حديث #المسيء_صلاته اقتُصر فيه على ذكر الواجبات في #الصلاة دون السنن؟

قد وجدتُ عامة الفقهاء يستدلون على وجوب الفعل أو عدمه بوروده في #حديث_المسيء أو عدم وروده, ويجعلون الصارف عن وجوب الفعل عدم ذكره في حديث المسيء؛ط.
وقد دل على مفهوم الحصر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في مقام تعليم من قصر في الواجبات اقتضى ذلك أن يعرفه واجبات الصلاة، ولما عرفه ما أساء فيه وما لم يسئ
دل ذلك على حصر الواجبات فيما ذكر وانتفائه عما لم يذكر.

وإذا نظرنا في حديث المسيء وجدنا أنه لم يذكر بعض الواجبات المتفق عليها كالنية؛ مما يدل على أن المفهوم قد يعارضه ما هو أقوى منه فيقدم الأقوى
ويكون الأصل فيما لم يُذكَر في حديث المسيء, هو: عدم الوجوب, لكن يستثنى من ذلك: إذا ورد الأمر بالفعل في حديث آخر, وكان أقوى دلالة وأرجح.
فلا يكتفى في نفي وجوب الفعل بعدم ذكره في روايات حديث المسيء, بل يحتاج مع ذلك إلى نفي المعارض الراجح.

إذا تقرر هذا: لم يختلف عامة الفقهاء في وجوب الأفعال التي ذُكرت في حديث أبي هريرة في الصحيحين, وهي: القيام إلى الصلاة, واستقبال القبلة, والتكبير, وقراءة القرآن والركوع, والاطمئنان له, والرفع من الركوع والاستواء والاعتدال له, والسجود والاطمئنان له, والرفع من السجود والاستواء والاطمئنان له,  ففي صحيح البخاري (8/ 56, 136) بلفظ: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تستوي قائما (وفي لفظ: حتى تعتدل قائما) ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا (وفي لفظ: حتى تستوي وتطمئن جالسا )، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا (وفي لفظ: حتى تستوي قائما )، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها»

وإنما وقع الاختلاف فيما زاده الرواة في حديث رفاعة, ومنه:  إقامة الصلاة للمنفرد, والافتراش, والتحميد والتكبير إذا لم يكن يحفظ القرآن, وتكبيرات الانتقال, وقول سمع الله لمن حمده, ومد الظهر إلى غير ذلك

والعبرة في وجوب ما لم يذكر في حديث أبي هريرة: صحة الزيادة وسلامتها من الشذوذ والنكارة, ورجحان دلالتها على مفهوم حديث المسيء.

ولنمثل بزيادة الإقامة:
جاء في جامع الترمذي (1/ 333) حدثنا على بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن يحيى بن على بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقى عن جده عن رفاعة بن رافع بلفظ« إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله ثم تشهد وأقم... »
وأخرجه في موضع أخر بالسند نفسه لكن بالفاء وليس بالواو: « ثم تشهد فأقم... »
وأخرجه أبو داود في سننه (1/ 228) عن شيخه عباد بن موسى الختلي به، وذكر لفظ الحديث بالفاء وليس بالواو
وكذلك ابن خزيمة في صحيحه (1/ 274) ذكره بالفاء وبنفس سند الترمذي, والبيهقي في سننه الكبرى (2/ 532)  وبنفس سند أبي داود.
والمقصود بالتشهد هنا: التشهد الذي يكون في الإقامة, ومن العلماء من حمل التشهد على الأذان, فيجمع المصلي بين الأذان والإقامة, وقال الشوكاني في نيل الأوطار (2/ 306): (ثم تشهد " الأمر بالشهادتين عقيب الوضوء لا التشهد في الصلاة كذا قال ابن رسلان وهو الظاهر من السياق؛ لأنه جعله مرتبا على الوضوء، ورتب عليه الإقامة والتكبير والقراءة كما في رواية أبي داود. والمراد بقوله وأقم الأمر بالإقامة)
هذه الزيادة: « ثم تشهد فأقم... » تفرد بها  يحيى عن على بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقى, ولم يذكرها غيره من الرواة كإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عند أبي داود وابن ماجه, ومحمد بن إسحاق عند أبي داود وابن خزيمة, ومحمد بن عمرو عند الطبراني في المعجم الكبير, وداود بن قيس عند عبد الرزاق في المصنف, وعبد الله بن عون عند الطبراني في المعجم الكبير.
ويحيي بن علي ذكره البخاري في التاريخ الكبير(8/ 297), وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل(9/ 175) وابن حبان في الثقات (7/ 612) وقال عنه في مشاهير علماء الأمصار (ص: 221): (وكان متقنا) وقال ابن القطان: (مجهول) إكمال تهذيب الكمال (12/ 349), وقال ابن حجر في تقريب التهذيب (ص: 594): (مقبول من السادسة)
فمثله لا يحتمل منه هذا التفرد.
وعليه فلا تكون الإقامة للمنفرد واجبة, ولا الأذان, فعن علقمة قال صلى عبد الله بن مسعود بي وبالأسود بغير أذان ولا إقامة. أخرجه ابن ابي شيبة في المصنف
- وعن الأسود وعلقمة قالا: " أتينا عبد الله يعني ابن مسعود في داره فقال: أصلى هؤلاء خلفكم؟ قلنا لا فقال: قوموا فصلوا فلم يأمرنا باذان ولا اقامة " رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " إذا كنت في قرية يؤذن فيه ويقام اجزأك ذلك " اخرجه البيهقي في السنن الكبرى
لكنهما مستحبان, ففي السنن الكبرى للبيهقي (3/ 99) عن  الجعد أبو عثمان اليشكري قال: " صلينا الغداة في مسجد بني رفاعة وجلسنا، فجاء أنس بن مالك في نحو من عشرين من فتيانه، فقال: " أصليتم؟ " قلنا: نعم، فأمر بعض فتيانه فأذن وأقام، ثم تقدم فصلى بهم "

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/01/blog-post_13.html


الثلاثاء، 9 يناير 2024

قاعدة أخف الضررين


اعترض علي أحدهم لما استعملت قاعدة #احتمال_أخف_الضررين لدفع أعلاهما في الأحوال الاستثنائية العارضة

بأن استعمال هذه القاعدة يكون عندما نكون بين مفسدتين لا مفر لنا من فعل إحداهما...

فأقول:

تقييد قاعدة #احتمال_أخف_الضررين لدفع أعلاهما بما إذا كنا بين ضررين لابد لنا من فعل أحدهما وليس له بديل جائز

تقييد صحيح عند الإطلاق

بمعنى إذا كان البديل الجائز كافيا في إزالة الضرر الأكبر استغني به عما فيه ضرر أخف...

فلا يكتفى بترك الضررين او المفسدتين إذا وجد بديل لا يكفي في دفع المفسدة الكبرى؛ لأنه لا يتحقق بالترك دفع المفسدة الكبرى، والمطلوب إزالة الضرر وفق المستطاع 

وإذا تأملت في أدلة القاعدة وجدت ذلك جليا واضحا..

فالفقهاء والمقاصديون متفقون على أنه لابد في قاعدة أخف الضررين من لزوم فعل أحد الضررين

لكنهم يختلفون في تحقيق المناط في الوقائع إذا وجد البديل الجائز من جهة كفايته في دفع الضرر الأكبر أو لا


وتوضيح ذلك: 


قاعدة احتمال أخف الضررين لدفع أعلاهما مقيدة

بلزوم فعل أحد الضررين

فلا يصح استعمال هذه القاعدة إلا إذا كان لابد من ارتكاب أحد الضررين، فيرتكب الأخف والأقل مفسدة.

وهذا يبين لنا أن محل القاعدة إذا اجتمع في الفعل محرمان لا يمكن ترك أعظمهما وإزالته إلا بفعل أدناهما. 


وهنا يأتي سؤال إذا وجد #بديل جائز عن فعل أخف الضررين، فهل يصح لنا استعمال قاعدة ارتكاب أخف الضررين؟ 


وجوابه أن ينظر في هذا #البديل الجائز، هل يكفي وحده في تحقيق المقصود الشرعي ودفع الضرر الأكبر أو لا؟

فإن كان يكفي في دفع #الضرر_الأكبر اكتفي به ولم يجز فعل الضرر الأخف؛ لأن الأصل في الضرر أنه لا يزال بما فيه ضرر

وأما إذا كان لا يكفي لدفع الضرر الأكبر واحتيج معه إلى فعل الضرر الأخف جاز فعل الضرر الأخف

لأن المطلوب هو دفع الضرر الأكبر، ولا يتحقق دفعه بالبديل الجائز.

وهذا كله يجري على قاعدة:"#الضرر_يزال"

فسواء أزلناه بالفعل الجائز إذا كان يكفي لإزالته، أو أزلناه به وبارتكاب الضرر الأخف إذا لم يمكن إزالته إلا بذلك، وهي حالة استثنائية عارضة. 

لأنه في الحالة الطبيعية يكتفى بالفعل الجائز في إزالة الضرر، ويكون كافيا لدفعه. 


ومن ذلك: السماح بمشاركة المخالف في رد مفسدة الطعن في منهج السلف ومحاربة الدين

ذلك أن الطعن في منهج السلف ومحاوله محوه مفسدة يجب أن تزال

فإن لم يكف في الواقع استعمال الطرق الجائزة في دفع هذه المفسدة واحتيج معها إلى استعمال طرق فيها مفسدة إلا أن هذه المفسدة أقل من المفسدة الكبرى التي يجب إزالتها

جاز استعمالها، وهي حالة استثنائية عارضة. 


إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم 


كتبه

د أحمد محمد الصادق النجار

الجمعة، 5 يناير 2024

هل يصح تعليق مسألة #الخروج_على_الحاكم المسلم الفاسق على تقدير المصالح والمفاسد؟

 #فقه_عقيدة_أهل_السنة


هل يصح تعليق مسألة #الخروج_على_الحاكم المسلم الفاسق على تقدير المصالح والمفاسد؟ 


استقر أمر أهل السنة على المنع من مجرد الخروج، وأن الخروج خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم ومشاققة له..

وعللوا المنع بدرء الفتنة..

وتعليلهم المنع بدرء الفتنة هو تعليل بأمر لازم لا ينفك عن الخروج والقتال، فالتعليل هنا من باب بناء الحكم على المفسدة وليس من باب تعليق الحكم على المفسدة يدور معها وجودا وعدما. 


وأقرب هذا المعنى بمسألة المنع من شرب الخمر؛ تعليلا بالمفسدة، فالتعليل بالمفسدة الحاصلة للعقول هو تعليل بأمر لا ينفك عن الخمر، فالمنع من الخمر إنما شرع لكون الخمر مُذهبا للعقول ويوقع في العداوة، فهذا يسمى بناء الحكم على المفسدة 

وليس هو من تعليق الحكم على المفسدة بحيث يدور معها وجودا وعدما. 


فالفساد الحاصل من الخروج بني عليه المنع وشرع لأجله، فكان النهي عن الخروج رفعا للفساد الحاصل منه.

ولهذا قال ابن تيمية:(...وإن كان فيهم ظلم. كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال واقتتال ولا فتنة. فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما) منهاج السنة(٤/٥٢٩) 


فكما تلاحظون أن ابن تيمية بنى المنع من الخروج نفسه على الفساد الحاصل في القتال والفتنة، ولم يعلقه به، وكذا ابن عبد البر وغيرهما من الأئمة

(وانتبه للفرق بين البناء والتعليق.) 


فالمصلحة المترتبة على المنع من الخروج مقصودة للشارع، وتتعلق بحفظ الضرورات، ولذا شدد أئمة أهل السنة في المنع من ذات الخروج. 


فالمنع من ذات الخروج على الحاكم الفاسق اشتمل على:

١-المعنى المناسب للتشريع، وهو: المفسدة الحاصلة من القتال.

٢-المصلحة المترتب على تشريع المنع من الخروج وهي: حفظ الضرورات.

٣-الوصف الظاهر المنضبط المشتمل على المعنى المناسب وهو: نفس الخروج على الحاكم، فيدور الحكم عليه وجودا وعدما.

فإذا وُجد الخروج وجد معه المعنى المناسب وهي المفسدة، ووجودها مع الخروج وجودا ملازما لا ينفك، وهو بحسب الواقع يقيني.


فتبين لنا عدم صحة تعليق الحكم على المصلحة وجودا وعدما..


ولا يصح أيضا تعليق الحكم على المصلحة والمفسدة من جهة عدم انضباط تقدير المصالح والمفاسد. 


واعلم أن منع ذات الخروج بإطلاق: أصل من أصول أهل السنة 

خلافا للمتكلمين ومن تأثر بهم الذين يجعلونه فرعا من الفروع ويسوغون فيه الخلاف

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (كان من العلم والعدل المأمور به الصبر على ظلم الأئمة وجورهم كما هو من أصول أهل السنة والجماعة) مجموع الفتاوى(٢٨/١٧٩)


كبف تعامل بعض السلف مع بعض أعيان من يرى السيف؟ 


سأمثل بمثال واحد 


الحسن بن صالح بن حي عُرف بالزهد والورع وقوة الحفظ إلا أنه كان يرى الخروج، ولم يكن خارجيا

قال الذهبي عن الحسن بن صالح "كان يرى الخروج على أمراء زمانه؛ لظلمهم وجورهم، ولكن ما قاتل أبدا"،

وقال "هو من أئمة الإسلام لولا تلبسه ببدعة" 


فذمه أئمة لرأيه:

ذكر الذهبي في السير أن الحسن بن صالح ذكر عند الثوري ، فقال : ذاك رجل يرى السيف على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- .

وقال أبو معمر : كنا عند وكيع ، فكان إذا حدث عن حسن بن صالح أمسكنا أيدينا ، فلم نكتب . فقال : مالكم لا تكتبون حديث حسن ؟ فقال له أخي بيده هكذا -يعني أنه كان يرى السيف- فسكت وكيع .

وعن أبي صالح الفراء: سمعت يوسف بن أسباط يقول: كان الحسن بن حي يرى السيف. [تهذيب الكمال (6/ 177)]

وقال أحمد بن يونس يقول: لو لم يولد الحسن بن صالح كان خيرا له، يترك الجمعة، ويرى السيف، جالسته عشرين سنة وما رأيته رفع رأسه إلى السماء ولا ذكر الدنيا. [تهذيب الكمال (6/ 177)]

وقال خلف بن تميم: كان زائدة يستتيب من [أتى] الحسن بن حي [تهذيب التهذيب (1/ 398)]

وقال بشر بن الحارث: كان زائدة يجلس في المسجد يحذر الناس من ابن حي وأصحابه. قال: وكانوا يرون السيف [تهذيب التهذيب (1/ 398)] 


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار