الثلاثاء، 26 ديسمبر 2023

اسم الفسق عند المعتزلة

اسم #الفسق_عند_المعتزلة

إن من الأمانة العلمية ومقتضى العدل والإنصاف نسبة القول إلى أصحابه على وفق ما يعتقدون، فمن الظلم تقويل القائل ما لم يقله.
وهذا ما دعاني لتحقيق القول في مذهب المعتزلة في اسم الفسق، فأرجو من الله أن أكون قد وفقت في ذلك.

الفسق اسم من أسماء الدنيا، وليس حكما في الآخرة
وهذا باتفاق الفرق
وهو قسيم لاسم الإسلام واسم الكفر عند الطوائف خلافا للخوارج، فليس عندهم إلا إيمان وكفر.

فإن قيل: الفسق وإن كان قسما لاسم الإسلام والكفر إلا أنه في نفسه كفر أكبر عند المعتزلة.

قيل: لا، فالفسق عند المعتزلة ليس كفرا، لأن الكفر عندهم اسم لمن تجري عليه أحكام الكفر كالمنع من الصلاة عليه والدفن في مقابر المسلمين...
قال القاضي عبد الجبار المعتزلي:(... لأن الكفر صار بالشرع اسما لمن يستحق إجراء هذه الأحكام عليه) شرح الأصول الخمسة ١٤١

ولأن الفسق عندهم لا ينافي التوحيد ولا يمنع من الثواب على الطاعة
ولذا ينتفع الفاسق بثواب ما فعل من طاعة عند الموازنة، فالكبيرة تحبط الطاعة وتوجب التخليد في النار إلا أن مقتضى العدل -على من استقر عليه مذهبهم- أن ينتفع بثواب الطاعة في تخفيف العذاب، فلا يعاقب على ما ساوى ثواب الطاعة، فهم يقولون بالإحباط مع الموازنة، ولهذا كان عذاب الفاسق في الآخرة أخف من عذاب الكافر
قال القاضي عبد الجبار:(ما وقع منه من طاعة وإيمان أفسده بفسقه وأحبط له بمعاصيه، فإنما أتي فيها من قبل نفسه...ومع ذلك فإنه لولا إيمانه لما خف عقابه، فيصير ثواب إيمانه مسقطا من عقابه ما يوازيه ويستحق الزائد) المختصر في أصول الدين ٣٨٣
وقال:(والكلام في الموازنة فإن أبا هاشم يثبته ويقول به، وصورته: أن يأتي المكلف بطاعة استحق عليها عشرة أجزاء من الثواب، وبمعصية استحق عليها عشرين جزءا من العقاب، فإن الله يعاقبه بعشرة أجزاء، فأما العشرة الأخرى فإنها تسقط بالثواب الذي استحقه على ما أتى به من الطاعة...، وهذا هو الصحيح من المذهب) شرح الاصول الخمسة ٦٢٥

فلو لم يكن موحدا وينتفع بثواب طاعته ما خفف عنه العذاب إذا ارتكب كبيرة
وهذا يفيدنا أن رفع اسم الإسلام عندهم لا يوجب أن يكون الفسق كفرا؛ إذ لو كان كفرا ما انتفع بثواب طاعته في تخفيف العذاب.
وحتى نفهم مذهبهم لابد أن ندرك أنهم يرون أن فعل الكبيرة لا ينافي التوحيد، ولا بمنع من فعل الطاعة والثواب على فعلها؛ لأن الفاسق الذي يطيع الله قد أطاع الله على الوجه الذي كلف به، فكان ارتكابه الكبيرة غير مانع من الثواب.
وبهذا يتضح لنا أن ارتكاب الكبيرة ليس كفرا عندهم بحيث إنه لا يصح معه فعل الطاعة مطلقا ويمنع ثوابها. انظر المجموع في المحيط بالتكليف للقاضي عبد الجبار ٣/٣٩١

والخلاصة: أن اسم الفسق مغاير لاسم الإسلام والكفر، وأن وجود الفسق لا يمنع من ثبوت أحكام الإسلام ولا يمنع من الانتفاع بثواب الطاعة على وجه يخفف العذاب الدائم
إلا أن وجود الفسق قادح في العدالة وموجب للتخليد في النار
قال القاضي عبد الجبار المعتزلي:(إن الإيمان عبارة عن خصال الخير إذا اجتمعت سمى مؤمنا، وهو اسم مدح، والفاسق لم يستجمع خصال الخير ولا استحق اسم مدح فلا يسمى مؤمنا، وليس هو بكافر مطلقا أيضا؛ لأن الشهادة وسائر خصال الخير موجودون فيه ولا وجه لإنكارها) شرح الأصول الحمسة ٧٠٧

كتبه 
د. أحمد محمد الصادق النجار
http://abuasmaa12.blogspot.com/2023/12/blog-post_26.html
إن هذا العلم دين
فانظر عمن تأخذ دينك

السبت، 16 ديسمبر 2023

هل الطائفة المنصورة المقاتلة موجودة في عصرنا الآن؟

#الطائفة_المنصورة


ما هي الصفات اللازمة التي لا تنفك للطائفة المنصورة؟ 


جاء في حديث المغيرة عند البخاري ومسلم بلفظ:( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتي أمر الله..)

من غير ذكر يقاتلون ولا التقييد ببلد...

وأخرجه الدارمي بزيادة لفظ (يقاتلون)

وأخرجه البخاري من حديث معاوية وفيه قال مالك بن يخامر قال معاذ: وهم بالشام

قال معاوية هذا مالك يزعم أنه سمع معاذا يقول: هم بالشام.

وأخرجه مسلم من حديث جابر بن سمرة بلفظ:( لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة)

واخرجه مسلم من حديث جابر بن عبد الله بلفظ:( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم: تعال صل لنا...)

وأخرجه مسلم عن ثوبان وسعد بن أبي وقاص بدون ذكر يقاتلون ومن غير تقييده ببلد...

وأخرجه مسلم عن عقبة بن عامر بلفظ:(لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاعرين لعدوهم...)

وأخرجه أبو داود الطيالسي من حديث زيد بن أرقم بدون ذكر يقاتلون ومن غير تقييده ببلد...

وكذا احمد من حديث أبي هريرة... وأبو داود الطيالسي من حديث عمر..

وأخرجه أبو داود من حديث عمران بن حصين بزيادة يقاتلون

وأخرجه أبو داود الطيالسي من حديث معاوية بن قرة بلفظ:(إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين...)

وأخرجه ابن ماجه بدون زيادة (إذا فسد أهل الشام..)

إلى غير ذلك من الروايات...

واخرجه عبد الله بن أحمد من حديث أبي أمامة وفيه لعدوهم قاهرين وأنهم ببيت المقدس

وجاء في رواية سعد بن ابي وقاص عند مسلم:(لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق..)، واختلف في تفسيرها، فخصها بعض العلماء بأهل الشام، وعمم غيرهم... 


وخلاصتها:

روايات مطلقة بدون ذكر القتال وأهل الشام، وروايات فيها ذكر القتال دون أهل الشام، وروايات فيها ذكر أهل الشام دون القتال... 


والوصف اللازم الذي لا ينفك هو: هو قيامهم بأمر الله وأنهم على الدين الحق ظاهرين عليه.

وأما الأوصاف الأخرى فقد توجد في وقت دوت وقت، فهي ليست صفات لازمة، ولذا لم تذكر في كل الروايات... 


وكونها طائفة وعصابة وقوم يدل على قلة عددهم، وجاء وصفها بأنها منصورة وظاهرون على الحق، وقائمة بأمر الله ومستقيمة عليه

وهذا يدل على أنهم قائمون بالدين الصحيح ومستقيمون عليه، ولذا أظهر الله حجتهم ونصرهم على مخالفيهم... 


على من تنطبق هذا الأوصاف؟ 


تنطبق على أهل الحديث، ولذا فسر الأئمة حديث الطائفة المنصورة بأنهم أهل الحديث:

قال ابن المبارك:(هم عندي أهل الحديث)

وقال الإمام احمد:(إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم؟)

وقال ابن المديني:( هم أصحاب الحديث)

وقال البخاري:(يعني أصحاب الحديث) 


وليس المقصود بأهل الحديث حقبة زمنية معينة ولا من اشتغل بعلم الحديث، وإنما المقصود كل من يعتقد عقيدة أهل الحديث

فقد يكون مفسرا أو فقيها أو محدثا أو طبيبا أو مهندسا أو أو...

ولذا قال القاضي عياض في شرحه على مسلم:(وإنما مراد أحمد أهل السنة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث)

مع التنبيه على مصطلح أهل السنة عند القاضي عياض ...

فتنزيلها على غير أصحاب من اعتقد معتقد أهل الحديث ممن شاركهم في بعض الصفات غير اللازمة من الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.. 


وأما تقييدها بأهل الشام في بعض الروايات فهو من باب التمثيل، ولكونهم في آخر الزمان عندما ينزل عيسى يكونون في الشام...

وليس كل من كان في الشام يكون من الطائفة المنصورة ولا كل من قاتل العدو يكون منها، بل لابد أن يكون قائما بأمر الله على معتقد أهل الحديث ومنهجهم... 


وقد دلت الروايات المطلقة والواقع على أن منهم من يكون في الشام ومنهم من يكون في غير الشام؛ وقد جاء في البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحبة إلى جحرها)

قال ابن حجر في الفتح:( لا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد، بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وافتراقهم في أقطار الارض..)

ويشهد لهذا أيضا اختلاف العلماء في تفسير رواية أهل المغرب...


وهنا يأتي سؤال: هل القتا ل في المعارك من الصفات اللازمة التي لا تنفك عن هذه الطائفة؟ 


والجواب: لا، فالنصر التي وصفت به هذه الطائفة أعم من النصر في المعارك، فقتا ل العد و بالسلاح ليس وصفا لازما وإنما يكون في أوقات دون أوقات

ولذا جاءت روايات مطلقة من غير أن تقيد بالقتال وقهر العدو.

وقد أثبت الواقع وجودهم مع عدم وجود قتال. 


هل الطائفة المنصورة المقاتلة موجودة في عصرنا الآن؟ 


توجد كأفراد وليست كطائفة 

فإذا وجد قتال للكفا ر من أفراد تحققت فيهم الصفات اللازمة للطائفة المنصورة، فهؤلاء الأفراد من الطائفة المنصورة

لكن لا يوجد طائفة الآن مجتمعة تقاتل يمكن أن يقال عنها هي الطائفة المنصورة؛ لتخلف الصفات اللازمة للطائفة المنصورة.

ولكنها ستوجد في آخر الزمان عندما ينزل عيسى عليه السلام في الشام...

قال الشيخ الألباني:(الطائفة المنصورة بالحجة فهذه موجودة دائما على وجة الأرض، أما الطائفة المنصورة بالقوة المادية فهذا قد و قد...

الطائفة المنصورة بالقوة غير موجودة اليوم ولذلك يسيطر الكفر في كل البلاد إذا عرفنا هذه الحقيقة وخلاصتها أن هناك أفراداً يمكن أن يقاسوا على بعض أفراد أصحاب الرسول مع قياس الفارق الذي ذكرناه لكن لا يوجد هناك طائفة أي أصحاب بعضهم مع بعض يمكن قياسهم على أولئك الأصحاب...) 


والمسلم عليه أن يحذر من تنزيل النصوص الشرعية على واقع لم تتحقق فيه مناطاتها  

فيدخل في الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.


وكوننا نؤيد من قا تل الكفا ر ونقف معهم حال قتا لهم لا يعني ذلك أن ننزل الأحاديث على كل من قا تل.....

فهل ح ز ب الله لكونهم قاتلوا الي ه و د يكونون من الطائفة المنورة؟!!


اللهم اهدنا

كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار

الجمعة، 15 ديسمبر 2023

أحكام_الوقوع_غير_أحكام_الشروع

 


■قاعدة صحيحة متعلقة بجلب أعلى المصلحتين ودرء أعلى المفسدتين

■وهي تدخل في إحدى جهاتها تحت قاعدة:"يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء"

ويعبر عنها أيضا" ما لا يجوز في الابتداء يجوز في البقاء" 


■فأحكام الابتداء قد تكون معلقة بشروط، وهذه الشروط قد لا يلتفت إليها بعد الوقوع ولا يمكن استصحابها؛ لذهاب محلها من جهة ولما يترتب على اعتبارها من مفسدة أكبر من جهة أخرى

●فيصبح ما لا يجوز الابتداء به يجوز البقاء عليه؛ لتعلقه بأحكام أخرى، كأحكام الضرورات... 


○إلا ان هذا مشروط بما لا يترتب على البقاء مفسدة أكبر من المفسدة التي نخشاها من عدم الدوام والاستمرار.

•كما لو ترتب على ذلك إخلال بجانب من الضرورات من غير أن يعارضه ما هو أعلى منه من المصالح الضرورية


■والخلاصة أنه يغتفر الإخلال ببعض الشروط في البقاء ما لا يجوز ذلك في الابتداء إذا كان يترتب على عدم البقاء والاستمرار مفسدة أكبر

وذلك بقيد أن يكون الفعل في أصله مشروعا لكن اختلت فيه بعض الشروط. 


■فيجب أن يلاحظ أنه إذا كان تغيير أحكام البقاء يترتب عليه مفسدة أكبر من بقائه حكم ببقائه؛ درءا للمفسدة الأكبر.

والعكس بالعكس 


■فلا وجه لإنكارها في جها د الدفع بإطلاق، ولا يصح أيضا اعتبارها فيه بإطلاق من غير نظر إلى المفسدة الأكبر.


□ولا مكان للعاطفة غير المنضبطة.... 


■فجها د الدفع يشترط في وجوب مشروعيته ابتداء القدرة الشرعية التي من مكوناتها ألا تكون مضرة الفعل راجحة

فإذا ما وقع هجوم الأعدا ء

انتقلنا إلى أحكام الوقوع وتسامحنا فيما صاحب الابتداء من خلل

بقيد ألا يترتب على البقاء مفسدة أكبر من المفسدة التي نخشاها من عدم الدوام والاستمرار. 

ودفع المفسدة الأكبر يكون بحسب الوسع والإمكان.


□كلامي تنظيري لا تنزيل على واقع معين.


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

[القول الذي يخالف ما اشتهر عن السلف]



■إن الناظر في كتب السنة المطولة التي اعتنت بذكر مسائل أصول الدين وما تعلق به 

يجد فيها بيان القول الذي اشتهر عن السلف

●وأحيانا تذكر بعض الآثار عن واحد أو اثنين أو ثلاثة تخالف في ظاهرها المعنى الذي اشتهر القول به عن السلف 

والذي حكي عليه الإجماع، وصار شعارا على السنة وأهلها٠


■فيأتي من لم يفقه طريقة أهل السنة في الاستدلال، فيثبت أن للسلف قولين معتبرين يسوغ فيهما الخلاف، أو يجعل القول الذي انفرد به القليل عن العامة هو القول المعتبر الذي ينسب للسلف!! 


■وهذا انحراف منهجي استدلالي، وهو يشبه من وجه دعاة تجديد قراءة النص الشرعي الذي يجعلون القول المهجور المندثر هو الفهم الصحيح للنص أو منه ينطلقون في تشويه التراث الفقهي!!!


●مع أن حقيقة الأمر أن هناك قولا ظاهرا معتبرا عند السلف، وقولا خفيا مهجورا. 


■والمنهج الصحيح:

أن يجعل المعنى الذي اشتهر عن السلف القول به، ونص عليه أهل الحديث في كتب السنة على أنه هو السنة اللازمة 

هو مذهب السلف


■وأما ما عداه فلا يخلو أن يكون قولا أو فعلا

□فإن كان قولا لا يمكن حمله على معنى يوافق ما اشتهر عن السلف فإنه يعد شاذا مهجورا وإن قال به أفاضل...

○ومن ذلك: تفسير مجاهد لقوله تعالى:[إلى ربها ناظرة] بمنتظرة

قال ابن عبد البر :(ومجاهد وإن كان أحد الأئمّة يتأول القرءان فإنّ له قولين مهجورين عند أهل العلم :

...

الثاني : في تأول قوله تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربّها ناظرة ) قال ( تنتظر الثواب ليس من النظر ) .القرطبي ج10 ص311 . 


□وإن كان فعلا 

فالأصل في الأفعال أنها لا عموم لها، فإن أمكن حملها على معنى يتوافق مع المعنى المشتهر عن السلف وجب حملها عليه

وإلا فإنها تعد شاذة مهجورة، 


●وكم من أفعال صدرت عن بعض السلف لم يتابعهم عليها أهل الحديث، بل تتابعوا على الإعراض عنها مع اختلاف أزمنتهم وأمصارهم، وجعلوا الأخذ بها ليس من السنة اللازمة وإنما هو طريق من يتبع المتشابه...


●وإذا كان العلماء تتابعوا على ترك عمل أيي هريرة وابن عباس في إسباغهم الوضوء مع أنهم صحابة

لا لشيء إلا لأنهم خالفوا ما اشتهر عن الصحابة وما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم

فكيف بمن دونهما؟!! 


■ومن المعلوم أن تتابع العلماء في القرون الثلاثة وقرن أحمد والثوري وابن المديني ...على معنى مع اختلاف أزمنتهم وأمصارهم يمتنع معه شرعا وعادة أن يكون قولهم خطأ ... 


■وهذا يقودني إلى التمثيل بما اشتهر عن أئمة أهل الحديث من الدعاء للسلطان الجائر بالصلاح، وتعليلهم ذلك بأن في صلاحه صلاحا للأمة

○قال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله: (مَن قال: الصلاة خلفَ كُلِّ برٍّ وفاجرٍ، والجهاد مَعَ كُلِّ خليفةٍ، ولم يرَ الخروجَ على السلطان بالسيف، ودعا لهم بالصلاح، فقد خَرَجَ من قول الخوارج أوله وآخره)

○وذكر  ابن بطة والصابوني والطحاوي وو ان الدعاء له هو مذهب السلف...

○وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ( ولهذا كان السلف كالفضيل بن عياض، وأحمد بن حنبل، وسهل بن عبد الله التستري، وغيرهم، يُعظِّمون قدرَ نعمة الله به - أي بالسلطان - ويرون الدُّعاءَ له ومناصحته من أعظم ما يتقرَّبون به إلى الله تعالى) 


●ومع ذلك روي عن بعض السلف الدعاء على الحاكم الجائر وغيبته

وهنا يجب أن تفهم هذه الآثار بما لا يتعارض مع المعنى الذي اشتهر عن السلف 

■ولا شك أن هذه الافعال وردت على أحوال خاصة، وفي مجالس خاصة لا عامة اقتضتها مصلحة خاصة ولم يترتب عليها مفسدة أرجح

فيجب أن تفهم على الحال والواقع الذي وردت عليه...

من غير رفع للمعنى الذي اعتبره السلف


□ومن ذلك

قال رجل للإمام أحمد:إن المأمون قد سل سيفه ويقسم إن لم تجبه إلى أن القرآن مخلوق ليقتلنك، فجثى على ركبتيه وقال:

سيدي غرَّ حلمك هذا الفاجر حتى تجرأ على أولياءك بالضرب والقتل، اللهم فإن يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤنته.

فجاءهم الصريخ بموت المأمون في الليل.

■فهذه الرواية أخرجها أبو نعيم في الحلية وفي سندها ضعف، وفي متنها ما يتنافى مع ما نقل عن أحمد.. 


■وعلى التسليم بصحتها فيجب أن تفهم على الوجه الذي لا يتعارض مع المعنى الذي اشتهر به القول عن أهل السنة.. 


●فالقصة قد وردت في سياق خاص وهو أن المأمون قد سل سيفه وتوعد الإمام احمد بالقتل........

●فدعا عليه في مجلس خاص بما يدفع الضرر عليه 

لما تحقق من وقوع ظلمه عليه 

من غير أن يترتب على ذلك مفسدة أرجح 

ومن غير أن يؤجج العامة عليه، ولا أن يدعو عليه من فوق المنبر بما يكون سببا للفتنة العامة... 

■فالنهي عن الصورة التي يكون الدعاء فيها ملازما للفتنة لا يلزم منه النهي عن الصورة التي لا تلازم الفتنة

■ثم إن وجود المقتضي للدعاء ورجحان مصلحته في حال لا يلزم منه رجحان مصلحته في كل حال ولو وجد مقتضيه


●وكذا ما صدر من أقوال عن بعض السلف من جواز غيبته وذكر حاله

إنما ورد في مجلس خاص بمناط ظهور فسقه 

وكانت المصلحة راجحة في ذكر حاله

من غير أن يلزم منها ما يكون سببا للفتنة العامة


فهو على هذا الوجه لا يتعارض مع المعنى الذي اشتهر عن السلف من منع الإنكار العام الذي يلازم الفتنة والفوضى العامة ... 


■والجامع: أن النهي عن الصورة التي يكون فيها الإنكار العلني ملازما للفتنة لا يلزم منه النهي عن الصورة التي لا تلازم الفتنة والمفسدة الراجحة.


فالصورة التي يكون فيها الإنكار العلني على الحاكم ملازما لزوما لا ينفك في الغالب  أو الكثير عن المفسدة الراجحة والفتنة العامة منعت بإطلاق كتهييج الناس عليه بذكر مساوئه والإنكار عليه في غيبته وعدم وجوده 

والصورة التي انتفى فيها التلازم في الغالب

علق جوازها بالمصلحة والمفسدة كالإنكار العلني بين يديه، وكغيبته بذكر حاله في مجلس خاص، والدعاء عليه إذا تحقق من ظلمه له في مجلس خاص ...


كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار

الثلاثاء، 5 ديسمبر 2023

ما هي نظرة علماء #أهل_الحديث في ولاية #حكام_زماننا؟

 في خضم شحن العواطف بإسقاط #الولايات, والحكم بالردة من جماعات الغلو في التكفير


باختصار 

ما هي نظرة علماء #أهل_الحديث في ولاية #حكام_زماننا؟


ليس حبا لذواتهم ومناصبهم ولا تأييدا لهم وإنما هو حماية الأمة وتمكينها من القيام بدينها وحفظا للأنفس والأعراض والأموال. 


[ معلومٌ أن قيام الناس بأمور دينهم ودنياهم وبما أوجبه الله عليهم من أحكام يتوقف على وجود حاكم مسلم يبسط الأمن وتستقر به حياة الناس، فالعلاقة بين الأمن وحفظ ضرورات الناس علاقة تلازم لا تنفك، وقد شاهدنا البلدان التي لا يكون فيها حاكم يطاع فوجدنا أنه لا يقام فيها حق، ولا يأمن الناس على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، ويتسلط عليها الكفار

واسألوا الآن أهل السودان...


فاحتمل أهل السنة قصور الحاكم وتقصيره وبعده عن دينه وتسلط الغرب عليه ووو 

مادام أنه مسلم قد استقر له الأمر وحقق أدنى مصالح الإمامة في الأمة

مع وجوب نصحه وبيان الحق له وعدم إعانته على ظلمه ووو


فهم بذلك يحفظون مصالح الأمة, ولا يرسخون للاستبداد والظلم كما يتهمهم بذلك من لم يدرك حقيقة الأمور!!

وتجد من يتتبع المواقع التي يوجد فيها الصحيح والمكذوب والخبر الكامل والناقص ثم يشيع ذلك بين الناس لا لإنكار الفعل

وإنما لإسقاط الولاية

والنتيجة فوضى..!!!

فأين الفقه؟ وأين منهج أهل السلف؟!!

وقد جاء بعض الفقهاء في فتنة خلق القرآن للإمام أحمد فقالوا له: إنا نخاف على أولادنا، إذا ظهر هذا لم يعرفوا غيره ويُمحى الإسلام ويدرس.

فكانوا يخافون من تغيير الدين، وأن ينشأ الطفل على عقيدة فاسدة فترسخ في قلبه

فقال الإمام أحمد: (كلا، إن الله عز وجل ناصر دينه، وإن هذا الأمر له رب ينصره، وإن الإسلام عزيز منيع). محنة الإمام أحمد لحنبل (ص70-72)

ولو سمع هذا بعض أهل زماننا لأنكروه, وجعلوا تمييعا للدين, ومحوا له، وتزلفا للحكام...

بينما الإمام أحمد نظر إلى مصلحة الأمة...

وقد ظنت الجماعات التي عندها غلو في التكفير أن طريق إصلاح الأمة نزع ولاية الحكام والحكم !!

فكانت النتيجة فوضى وسفكا للدماء وتسلط الأعداء على بلدان المسلمين!!!]


توضيح ذلك:


الشريعة لم تُلغ منصب الولاية إلا في وجود الكفر البواح, ولم تبطل تعليق الأحكام عليه لمجرد كون الحاكم غير عدل أو ليس أهلا للولاية، أو لم يحقق المقصود الواجب شرعا للولاية بكماله، مادام أن الحاكم مسلم محقق أصل الإسلام وأدنى مصالح الإمامة في الأمة، 


بل صورت لنا الشريعة صورة تمثل غايةً في الفساد الذي يمكن أن يقع فيه حاكم مسلم، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه يقوم أئمة لا يهتدون بهديه ولا يستنون بسنته، ويقوم منهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان الإنس، فكيف سيحكم هؤلاء بالشريعة؟ وما مقدار الظلم والجور المتعدي في ولايتهم؟ وما مدى تسلط الكفار عليهم؟

ومع هذه الولاية التي يكون فيها الحكام قلوبهم قلوب الشياطين أمر بالواجب، فلم يلغ ولايته بالكلية، إلا أنه قيد تصرفاته؛ فأمر السمع والطاعة له في المعروف، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك بغير حق، فيجب السمع والطاعة في غير الظلم الذي بسببه ضرب الظهر وأخذ المال.


فمصلحة إبقاء المنصب مع فقد الحاكم الأهلية وكون قلبه قلب شيطان في جثمان إنس أعظم من مفسدة إلغائه؛ لما يترتب على إلغائه من تفويت مصالح تتعلق بالضرورات، وتفويت ما مصلحته أعظم من اعتبار أهليته وصلاحه


وهذا ما عليه #أهل_السنة ( وعهدنا عليه مشايخ مشايخنا #ابن_باز و #العثيمين) 

في عدم إلغاء الولاية بالكلية إلا بمناط قار لا يتغير بتغير الزمان والمكان والحال وهو الكفر البواح، وراعوا في عدم إلغائه إذا لم يوجد المناط القار مصلحة إبقاء هذا المنصب في الأمة, 


قال #ابن_تيمية : (ويقولون -أي أهل السنة-: إنه قد تولى غير هؤلاء: تولى بالغرب طائفة من بني أمية وطائفة من بني علي، ومن المعلوم أن الناس لا يصلحون إلا بولاة، وأنه لو تولى من هو دون هؤلاء من الملوك الظلمة لكان ذلك خيرا من عدمهم، كما يقال: ستون سنة مع إمام جائر، خير من ليلة واحدة بلا إمام...

وكل من تولى كان خيرا من المعدوم المنتظر الذي تقول الرافضة: إنه الخلف الحجة، فإن هذا لم يحصل بإمامته شيء من المصلحة لا في الدنيا ولا في الدين أصلا، فلا فائدة في إمامته ...

والناس لا يمكنهم بقاء أيام قليلة بلا ولاة أمور، بل كانت تفسد أمورهم، فكيف تصلح أمورهم إذا لم يكن لهم إمام إلا من لا يعرف ولا يدري ما يقول؟). منهاج السنة النبوية (1/ 547)


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار