السبت، 27 أبريل 2024

لماذا تحارب #دار_الإفتاء الليبية؟

 لماذا تحارب #دار_الإفتاء الليبية؟

(أنت فاهمني غلط)

كثيرا ما أُسأل هذا السؤال، وجوابه:

لم أحارب يوما دار الإفتاء كمؤسسة
لم أحارب دار الإفتاء لألغي جهود العاملين فيها
لم أحارب دار الإفتاء في مسائل اجتهادية يسوغ فيها الخلاف
فكون الدار تأخذ بمشهور المذهب المالكي لا إشكال في ذلك، ولم نعترض عليه...

ثم إن كلمة أحارب ليست دقيقة في التعبير عن موقفي من الدار
لأن الحرب فيه معنى السلب والإتلاف، وأما ردودي فقد قامت على العلم والأدب والحفاظ على رأس المال نقيا صافيا...

المهم
ردودي إنما كانت على من دخل تحت مظلة هذه المؤسسة الرسمية التابعة للدولة ليمرر منهجا وفكرا دخيلين...
كيف ذلك؟

عندما يلتف على الدار من عرفوا بغلوهم أيام حرب الخليج، ومن يبرئ منهم ابن لا دن من الغلو في التكفير، كان لا بد من الوقوف ضدهم وبيان حالهم؛ حتى لا يكونوا سببا في إغلاق المؤسسة بعد أن فرحنا بوجودها؛ إذ إن هذا المنهج ما دخل مكانا إلا وكان سببا في زواله وإسقاطه.......

ولا غرابة من دخولهم تحت هذه المظلة مع أنها تتبع الدولة التي لا يقرون بولايتها الولاية الشرعيةإلا أن الغاية قد تبرر الوسيلة، ولما كانت أفكارهم لا تتعارض مع طريقة الشيخ وأسلوبه في تناوله قضايا الأمة مع أحكامه المطلقة التي لا يراعي فيها المناط الخاصة للوقائع ولا عوارض الأهلية ووجود الموانع في الأعيان؛ حتى جعله بعضهم شيخ الإسلام والإمام الأوحد...
التفوا حوله ...
من هنا كان لابد من بيان حالهم وتوالي الردود عليهم...........

عندما يظهر جليا بين سطور بيانات مجلس البحوث التلويح بالردة والكفر في مسائل تحتمل، خصوصا ما تعلق منها بموالاة الكفا ر ... كان لابد من الردود عليهم......................

عندما يُجعل الكلام في قضايا الأمة بما يتوافق مع ميولهم وما يقتضيه منهجهم هو المعيار في الولاء والبراء والحب والبغض كان لابد من الردود عليهم..................

عندما يُجعل الكلام حول العقيدة الصحيحة وبيان ان الخلاف مع الفرق خلاف أصول: كلاما غير مرغوب فيه بل يقرب المنحرف في العقيدة ويقدم للناس على أنه عالم ومفت في وقت يحتاج فيه إلى بيان معتقده بل وبيان محاربته للاعتقاد الصحيح كان لابد من الردود عليهم..................
ولما كنت أدرس عندهم في المعهد وأبين المعتقد الصحيح أخذوا مني مادة العقيدة وأعطوني مادة أخرى
فرفضت
وللأسف جملة من الطلاب انحرفوا عما كانوا عليه...

عندما يجعلون الإفتاء بما خالف مشهور المذهب من التشويش على الناس وإذكاء الفتنة مع أنه لا فتنة في واقع الأمر؛ لأن الناس يستفتون دار الإفتاء في مسائل الفروع؛ لكونها مؤسسة تتبع الدولة، فكان من الطبيعي أن يتوجهوا إليها في الفروع
ويستفتون غيرها
وقد تآلف الناس على وجود الخلاف في الفروع من غير أن يحدث بينهم فتنة كان لابد من الردود عليهم في إحياء التعصب..................

عندما يأخذون بقول شاذ في الاعتماد على قول الفلكيين في النفي ويتركون ما دلت عليه النصوص الشرعية في أمر متعلق بركن من أركان الإسلام كان لابد من الردود عليهم..................

عندما تستعمل قواعد في غير محلها كقاعدة اجتماع المباشر والسبب، ويخلط بين مجرد الترك والامتناع في مسألة مشاركة الفاعل في الفعل والعقوبة، ويتساهل في تنزيل الأحكام المطلقة على واقع خاص كان لابد من الردود عليهم..................

عندما يصبح المتحكم في تصور الشأن العام والحكم عليه أشخاصا معينين لهم تأثيرهم التام على الفتاوى والبيانات  كان لابد من فضحهم والردود عليهم.......
...........

عندنا ينشئون تيارا يريدون به أن يتفردوا بالقول ويحملوا الشعب عليه
وما عدا قولهم واجتهادهم فإنه يعد تشويشا وتشغيبا وتحنبلا!! هذا في الفروع ..
وأما في الأصول؛ فيريد كثير منهم أن يسوغ عقائد الجميع ولو كانت عقيدة معتزلية!؛ ليتسنى بعد ذلك إقناع الناس برباعيتهم؛ بحجة أنه عمل أهل البلد!!
وأما في السياسة فما أريكم إلا ما أرى !!!
كان لابد من فضحهم والردود عليهم.......
...........

عندما يُنَظِّر بعضهم إلى الالتفات إلى المآسي المجتمعية وقضايا العامة
ثم يقومون بفتح ملفات على قناتهم وفي صفحاتهم ليس من المصلحة على تنظيرهم فتحها؛ إذ إن فتحها يقتضي ممن يخالفهم فتحها أيضا...
كان لابد من فضحهم والردود عليهم.......
...........

إلى غير ذلك
فليست القضية قضية شخصية، ولا المقصود مجرد الإسقاط
وإنما هو النصح والبيان...

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار 

الأربعاء، 17 أبريل 2024

الأحوط في الرخص


محل الأخذ بالاحتياط والاحتجاج به

■ذكرت في منشور سابق أن باب #الرخص كالمسح على الجورب ليس محلا للأخذ فيه بالأحوط؛ لأن الباب مبني على التسهيل والتيسير, فلا يناسبه الأحوط؛ لأن الأخذ بالأحوط فيه تشديد, فتنافت الحقيقتان...
■وبينت أن محل #الأخذ_بالأحوط والاحتحاج به بالنسبة للناظر هو #التردد والشك، فإذا تردد في كون الفعل #رخصة أو لا؛ لأنه لم يتبين له ساغ له حينئذ الأخذ بالأحوط, وإنما ساغ للمتردد أو الشاك الأخذ بالأحوط لأن ذمته مشغولة بالعبادة, فلا تبرأ ذمته إلا بيقين, والرخصة هنا مشكوك فيها عنده.
■وفسرت ذلك ببيان الغلط, وهو أن ينطلق الناظر ابتداء في عدم المسح على الجوربين مثلا من #الأحوط؛ اعتمادا على وجود #خلاف أو اعتمادا على أن المسح مختلف فيه والغسل متفق عليه...
وانتبه لهذا؛ لأنه مهم (الانطلاق من كونه أحوط)

■فاعترض أحد الإخوة بما لا يصح أن يعترض به, وأخذ يجمع أقوال الأئمة من غير أن ينقح مناطها ويهذبه كما هي عادته في غير مسألة
■فزعم وفقه الله أن السلف حرصوا على #الاحتياط_في_الرخص, ومن ذلك  -على زعمه- احتياط بعضهم في مسألة المسح على الخفين, فأورد أثرا لعمر وابن عمر ولأبي أيوب...
●ففي الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف لابن المنذر (1/ 439)
قال روينا عن عمر بن الخطاب أنه أمرهم أن يمسحوا على خفافهم، وخلع هو خفيه وتوضأ، وقال: إنما خلعت؛ لأنه حبب إلي الطهور،
وكان أبو أيوب يأمر بالمسح على الخفين ويغسل قدميه، ويقول: أحب إلي الوضوء، وروينا عن ابن عمر أنه قال: إني لمولع بغسل قدمي، فلا تقتدوا بي.

■تحليل الروايات ومناطاتها:
●1-هم مقرون بثبوت رخصة #المسح_على_الخفين, ولهذا أمروا الناس بالمسح.
●2-علة غسلهم القدمين وتقديمه على المسح أن الغسل أحب إليهم, وليس الشك في المسح أو في عدم إجزائه, أو لاحتمال بطلان العبادة كما ادعى, فلا مدخل للأحوط هنا؛ لأنه مبنى على هذه الاحتمالات...
وأما ابن عمر فعلل بميله الطبيعي إلى غسل القدمين.
■□فكونه أحب أو أميل للطبيعة ليس فيه أخذا بالأحوط على النحو المتقدم, ولا عللوا بالعمل بما هو أضمن وأوكد في القبول.

□غريب الاستدلال بأقوالهم على الأحوط!!!!

■وأما قول الأخ:(وهذا دليل ظاهر على أن ترك الرخصة الاجتهادية المؤدية لاحتمال بطلان للعبادة الواجبة ليس تشديدا مذموما)
●لما تقرر في نفسه أن الأحوط في مسألة الرخص لابد أن يصاحبه احتمال عدم الإجزاء أو شك احتاج أن يذكره فنقض نفسه من حيث لا يدري, وهو دليل على عدم تنقيحه المناط, وأخذه الآثار من غير فقه لها, وقد تقدم نحو ذلك في عدة مسائل كمسألة الإنكار العلني, وضابط الولاية الشرعية, ومعنى القدرة الشرعية المشترطة في جها د الدفع ...


وأما ما أورده عن #الإمام_مالك (المسح [على الخفَّين] في السفر والحضر يقين لا شك فيه، ولكني كنت آخذ في نفسي بالطهور [بغسل الرجلين]، فمن مسح فلا أراه مقصرا).

●فهذه إحدى الروايات عن مالك
فقد ذكر يحيى بن إسحاق بن يحيى الأندلسي في كتابه عن أصبغ ابن الفرج قال: اختلف قول مالك في المسح على الخفين بأقاويل ثلاثة ، أخبرنا بها ابن القاسم وأشهب وابن وهب، مرة قال: لا يمسح في حضر ولا سفر، ومرة قال: يمسح في السفر ولا يمسح في الحضر، ومرة قال: يمسح على كل حال في السفر والحضر ولا يوقت وقتا ولا غيره، وهو أعم قوله في موطأه  وغيره. انظر اختلاف أقوال مالك وأصحابه لابن عبد البر(ص: 67)

■ومبنى هذا القول على مسألة الأفضل لا على الأحوط, فاتقاه في نفسه لا على وجه الشك فيه واحتمال عدم الإجزاء, وإنما نظر إلى معنى آخر...
●قال صاحب الاستذكار والمازري: ينبغي أن يحمل قوله بالمنع على الإطلاق على الكراهة في خاصة نفسه, كالفطر في السفر جائز والأفضل تركه, انظر الذخيرة للقرافي (1/ 322)
●وقد أشار إلى هذا ابن قدامة في المغني  (620) (3/ 126) لما تكلم عن القصر في السفر: (ولا أعلم فيه مخالفا من الأئمة إلا الشافعي في أحد قوليه, قال : الإتمام أفضل ؛ لأنه أكثر عملا وعددا ، وهو الأصل ، فكان أفضل ، كغسل الرجلين) . فعلل بكونه أفضل؛ لكونه أكثر عملا, وقاسه على غسل الرجلين في الوضوء.

■والغريب أن الأخ الكريم أورد عدة مسائل لا علاقة لها بالاحتياط فجعل الداعي لها الاحتياط!!, كالحرص على صلاة الجماعة مع وجود المرض الشديد, فكون الإنسان يتحامل على نفسه ويأخذ بالشدة لا يدل على أنه فعل ذلك احتياطا؛ لأن الذمة بريئة بصلاته في بيته...
■وأورد مسألة تقديم الصوم على الفطر في السفر, وفيها أدلة محتملة...
■ومسألة القصر في السفر تركها بعض السلف حتى لا يفهم أنها فرضت كذلك, قال الشاطبي في الموافقات (4/ 102):( ( الصحابة عملوا على هذا الاحتياط في الدين لما فهموا هذا الأصل من الشريعة، وكانوا أئمة يقتدى بهم؛ فتركوا أشياء وأظهروا ذلك ليبينوا أن تركها غير قادح وإن كانت مطلوبة؛ فمن ذلك ترك عثمان القصر في السفر في خلافته، وقال: "إني إمام الناس، فينظر إلي الأعراب وأهل البادية أصلي ركعتين؛ فيقولون: هكذا فرضت")

■وليته وقف عند هذا الحد في النقل مع عدم تحريره تلك النقول, وإنما جاوز ذلك فنقل كلاما عن بعض العلماء لا علاقة له بالمسألة المبحوثة أصلا كنقله عن #الشاطبي قوله: (فالأحرى بمن يريد براءة ذمته وخلاص نفسه الرجوع إلى أصل العزيمة، إلا أن هذه الأحروية تارة تكون من باب الندب، وتارة تكون من باب الوجوب) الموافقات (1/ 516)
●وهنا فيه بتر في كلامه, فالشاطبي قبل هذه الجملة كان يتكلم عن الرخصة التي لم يوجد شرطها.

■كما أوهم أن الشاطبي يتبنى أن الأخذ بالعزيمة وترك الرخصة سائغ بل قد يكون مستحبا, لما نقل قوله: "... فثبت أن الوقوف مع العزائم أولى، والأخذ بها في محال الترخص أحر).
●مع أن الشاطبي إنما يذكر حجج من أخذ بالعزيمة والتي ذكر منها هذا القول:" فثبت أن الوقوف مع العزائم أولى", ثم ذكر حجج من لم يقدم الأخذ بالعزيمة إلى أن قال: (فإن قيل: الحاصل مما تقدم إيراد أدلة متعارضة، وذلك وضع إشكال في المسألة؛ فهل له مخلص أم لا؟ قيل: نعم، من وجهين: أحدهما:
أن يوكل ذلك إلى نظر المجتهد؛ فإنما أورد هنا استدلال كل فريق، من غير أن يقع بين الطرفين ترجيح، فيبقى موقوفا على المجتهد، حتى يترجح له أحدهما مطلقا، أو يترجح له أحدهما في بعض المواضع، والآخر في بعض المواضع، أو بحسب الأحوال). الموافقات (1/ 531)

■ثم نقل الأخ وفقه الله عن #الونشريسي وعليش كلاهما عن العز بن عبد السلام قوله: "الأخذ بالرخص محبوب ودين الله يسر ... وإن كان الأفضل الأخذ بالعزيمة تورعاً واحتياطاً واجتناباً لمظان الريب والتهم" انتهي
●والغريب أنه أهمل السياق, فالكلام في سياق تتبع الرخص, ولا شك أن الأخذ بالعزيمة مقدم على تتبع الرخص, وقد رد الونشريسي على العز قوله الأخذ بالرخص محبوب.

■وأما استعمال الأئمة للأحوط في غير الرخص لغير علة التردد والشك فهذا لا إشكال فيه وله ضابطه, وهو خارج محل البحث, وهذه مغالطة..

■ثم خلص لاستخراج نتائج لا محل لها, والوقت لا يسع لمناقشتها, فيكفي ما تقدم, والاشتغال بالتخطئة ممن لا يحسن النظر في المعاني ليس من العلم والعقل والدين.

وأختم بقول #شيخ_الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (26/ 54):(فإن الاحتياط إنما يشرع إذا لم تتبين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإذا تبينت السنة فاتباعها أولى).

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الأحد، 14 أبريل 2024

فتوى اقتحام المعابر في الميزان الشرعي

 

فتوى اقتحام المعابر في الميزان الشرعي

(تقصير الأمة حكاما وشعوبا في تحرير الأ قصى وإنقاذ إخوانهم, وعدم استعدادها, وبعدها عن دينها: لا يعالج بإقحامهم في أمر مضرته راجحة, ويؤدي إلى إزهاق أنفس مسلمة بما لا مصلحة فيه راجحة, ويفتح الباب لتسلط الاعداء على بلدان المسلمين واحتلالها)

لنتصور المسألة

(بعيدا عن تصور صاحب اللحظات, وإطلاقاته, وعدم تحقيقه للمناطات,...)

 

بلاد فلس طين محتلة, وواجب على (جميع المسلمين من حيث هو جميع) جها دهم, ويتعين ابتداء على أهل فلس طين من ذوي الأهلية وعدم المانع عند (وجود القدرة الشرعية), لأن الواجب يحصل بهم؛ لحضورهم, فإن عجزوا فمن يليهم بقيد (وجود الاستطاعة الشرعية), إلى أن يعم جميع الأمة بنفس القيد ...

وهذه (الاستطاعة الشرعية) المشروطة لا تعني الخوف من الموت؛ حتى يقال فتنة علو الكفر أعظم من فتنة الموت, ولا تعني حصرها في العجز الحسي؛ حتى تحصر في الأعمى ونحوه, ولا تعني التمكن من هزيمة العدو ...

ولا علاقة لها باشتراط (التكافؤ بين الجيشين), فلم تشترط الشريعة في المقاتلين التكافؤ في العدد والعدة؛ لأنه يبذل نفسه فيما فيه مصلحة للمسلمين، بل يجب على المقاتلين ألا يتركوا القتال وإن كانوا لا طاقة لهم بقتال الكفار إذا ترتب على انصرافهم من القتال استيلاء الكفار على النساء ومن يخلفون من المسلمين.

 

طيب ماذا تعني القدرة الشرعية أو الاستطاعة الشرعية؟

وإنما تعني ألا يكون في الإقدام على الفعل مع سلامة الآلات مفسدة راجحة, كما قال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (3/ 49): (فالشارع لا ينظر في الاستطاعة الشرعية إلى مجرد إمكان الفعل، بل ينظر إلى لوازم ذلك، فإذا كان الفعل ممكنا مع المفسدة الراجحة لم تكن هذه استطاعة شرعية).

وهذا له نظائر في الشريعة, كمن يقدر على الصلاة قائما إلا أنه يلحقه ضرر بالقيام, أو يقدر على الحج إلا أنه يلحقه ضرر راجح إذا حج؛ فهنا لا يعد قادرا في الشريعة ولا مستطيعا الاستطاعة الشرعية.

قال الجويني: (وقد أجمع المسلمون قاطبة على أن من غلب على الظن إفضاء خروجه إلى الحج إلى تعرضه أو تعرض طوائف من المسلمين للغرر والخطر، لم يجز له أن يغرر بنفسه وبذويه، ومن يتصل به ويليه، بل يتعين عليه تأخير ما ينتحيه، إلى أن يتحقق تمام الاستمكان فيه). الغياثي (ص: 176)

ولعدم فهم هذا القيد على وجهه جاءت مثل هذه الفتاوى التي لم يراع فيها المآلات ولا لوحظت فيها القدرة الشرعية.

(والغريب أن التصور الخاطئ لسألة من يتوجه إليه الخطاب ويتعين في الواجب العيني والواجب الكفائي هو من منشأ الغلط عند الكثير في هذه المسائل

فعندما يأتي أحدهم ويقول: جها د الدفع واجب على الأعيان, وأن اشتراط القدرة الشرعية هو من باب الخلط بين جها د الطلب وجها د الدفع: عندها تدرك حقيقة الإشكال عند هؤلاء.

وبعضهم يظهر الإشكال عنده في تفسيره شرط القدرة بمجرد وجود مقاتلين بعتادهم مما يتحقق معه نكاية بالعدو, وبتفسيره انتفاء المفسَدة المحضة بحصول الموت في المسلمين مع عدم النكاية بعدوهم,

والجامع لغلطهم, هو: عدم تصور شرط القدرة الشرعية على وجهه, وظنهم أن النكاية بالعدو مقصد شرعي في جها د الدفع, بينما هي مقصد في جها د الطلب.)

 

وحتى لا أطيل, سأقتصر على بيان خطأ التصور في توجه الخطاب وتعينه؛ لأن له تعلقا بفتوى اقتحام المعابر:

إذا اقتحم العدو بلدة مسلمة , فهل يصبح قتاله فرض عين على كل واحد في الأمة ؟

هنا تأتي مسألة توجه الخطاب وتعينه

المطلوب شرعا دفع العد و, ويتعين دفعه ابتداء على أهل تلك البلدة, وعندما نقول يتعين على أهل تلك البلدة لابد أن نلحظ تحقق الأهلية وعدم المانع, ولابد أن نلحظ أمرا آخر مهما يغفل عنه الكثير, وهو: ألا يترتب عليه إضرار أكبر بالمسلمين وإذهاب للدين...

وتعين القتال على أهل تلك البلدة ينفي تعينه على غيرهم, فإذا لم تحصل الكفاية بأهل تلك البلدة,

فمن جهة تعلق الخطاب وتوجهه فإنه يتوجه إلى جميع أهل البلدة المجاورة من حيث هو جميع, وذلك بإيقاعه منهم من أي فاعل فعله حتى يدفع العدو, ولا يتعين على كل واحد, وإنما يتعين إما بأمر الحاكم, أو أن يغلب على ظن المكلف أن غيره لم يقم به...إلخ

ولا يتعين إلا على من تتحقق به المصلحة وتدفع به المفسدة, وقد أبدع الشاطبي لما تكلم عن الواجب الكفائي فقال: (... وكذلك الجهاد -حيث يكون فرض كفاية-  إنما يتعين القيام به على من فيه نجدة وشجاعة، وما أشبه ذلك من الخطط الشرعية؛ إذ لا يصح أن يطلب بها من لا يبدئ فيها ولا يعيد؛ فإنه من باب تكليف ما لا يطاق بالنسبة إلى المكلف، ومن باب العبث بالنسبة إلى المصلحة المجتلبة أو المفسدة المستدفعة، وكلاهما باطل شرعا.) الموافقات (1/ 278)

وانتقال التعين إلى من يليهم مقيد بوجود القدرة الشرعية, فعند عدم وجودها ينتفي تعين القتال, ولهذا استثنى بعض الفقهاء  إذا خشي غير المفجوئين معرة على نسائهم وعيالهم وبيوتهم من عدو بتشاغلهم بالدفع عمن فجأهم العدو.

 ولا يلزم من انتفاء تعين القتال انتفاء واجب النصرة؛ لأنه أعم...

 (ولا نشك في تقصير الحكا م والشعوب, وعدم فعلهم ما يجب عليهم من التهيئة والاستعداد...إلخ)

وفتوى اقتحام المعابر بنيت على عدم اعتبار القدرة الشرعية في تعين القتال من جهة, وعلى نظر خاطئ في تعين القتال على كل معين في الأردن ومصر من جهة أخرى؛ حتى جُعل موت أهل الأردن ومصر ليس بأولى من موت أهل غ ز ة, هكذا بكل سطحية.

والدعوة إلى وجوب نصرة أهلنا في غ ز ة لا يلزم منها أن يكون باقتحام المعابر الذي ضرره أكثر من نفعه, ولا أظن أن عاقلا ينازع في الضرر الذي سيحصل للمسلمين في هذا الاقتحام...

وأما وصف عدم اقتحامهم بالتخذيل فبعيد عن التحقيق؛ لأن عدم وجود القدرة الشرعية مانع شرعي.

 

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

 

الثلاثاء، 26 مارس 2024

من المخاطب غي الواجب الكفائي؟


#الواجب_الكفائي
لا يتعين على كل مسلم، وإنما يتعين على من قامت به الأهلية دون غيره ولم يمنعه مانع، وشك في قيام غيره به، ويتعين أيضا بأمر الإمام، وقيل بالشروع فيه..

فمثلا: لو اتصل متصل بالهاتف أنه وجد عائلة ستموت من الجوع
فمن كان عنده ما يغيثهم به وعنده الوسيلة التي توصله إليهم أو توصل الإغاثة لهم ولم يمنع من ذلك مانع لا حسي ولا شرعي
أصبحت إغاثتهم تجب وجوبا عينيا عليه

قد يقول قائل: أليس الخطاب في الواجب الكفائي موجها إلى عموم المكلفين، فكيف لا يتعين إلا بهذه الأمور؟
قيل
اختلف الأصوليون فيمن يتوجه إليه الخطاب في الواجب الكفائي أهو موجه إلى جميع المكلفين، ويسقط الطلب بفعل بعضهم، أم هو موجه إلى بعض المكلفين فلم يدخلوا كلهم في الخطاب؟..

وعلى قول الجمهور وهو أن الخطاب موجه إلى جميع المكلفين
يقع غلط في الفهم والتفسير
فيظن بعضهم أن الخطاب موجه إلى كل واحد من المكلفين؛ حتى صرح بعض من لا يفقه أنه فرض عين على كل مسلم
وهذا خلط
لأن الخطاب في الواجب الكفائي موجه إلى جميع المكلفين (من حيث هو جميع)
بمعنى أنه لا يجب على عين كل واحد من المكلفين، فلا يتعلق الواجب الكفائي بكل واحد بعينه، وإنما يتعلق بالمجموع
مثلا تجب صلاة الجنازة على المسلمين
فالخطاب في صلاة الجنازة موجه إلى جميع الأمة من حيث هو جميع فلا يقصد فلانا بعينه من الأفراد، وإن كان الحكم يصدق على كل واحد منهم ويتناوله...

وكونه موجها إلى جميع الأمة (من حيث هو جميع) لا يعني أن المخاطب غير معين فيضيع الواجب، كما يتصور بعضهم، وإنما هو خطاب لمعين لكن لم يُنص على تعيينه، فيتاول كل من كان ذا أهلية وتوفرت القيود الأخرى..

وذهب الشاطبي إلى أن الخطاب في الواجب الكفائي موجه إلى جميع المكلفين من جهة كلي الطلب، وأما من جهة جزئي الطلب فموجه إلى البعض ممن توفرت فيه الأهلية.

(من طلب العلم فليدقق حتى لا يذهب دقيق العلماء)

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار 

الجمعة، 22 مارس 2024

2 #السدل في الصلاة

 2

#السدل في الصلاة


أقوى ما احتج به من قال بالإرسال: أنه جرى عليه العمل الظاهر المتصل, 

وهو يتوافق مع ظاهر قول الإمام مالك في المدونة: (لا أعرف ذلك في الفريضة) أي لا أعرف العمل به.


واحتُج على ذلك بما أخرجه أبو زرعة في تاريخه (319) قال حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم عن عبد عن عبدالله بن يحيى المعافري، عن حيوة، عن بكر بن عمرو: "أنه لم ير أبا أمامة -يعني: ابن سهل- واضعا إحدى يديه على الأخرى قط، ولا أحدا من أهل المدينة، حتى قدم الشام، فرأى الأوزاعي وناسا يضعونه"

وبكر بن عمرو المعافري المصري توفي في خلافة أبي جعفر بعد الأربعين ومائة, قال ابن القطان فيه: "لا نعلم عدالته" وذكره ابن حبان في الثقات, وقال الحاكم سألت الدارقطني عنه فقال: ينظر في أمره. انظر: تهذيب التهذيب (1/ 486)

ولو سلمنا أن العمل المتصل في المدينة هو عدم الوضع فالعمل المتصل في الشام وغيرها هو الوضع, وهو من باب تعارض العمل بالعمل.


ووردت في ذلك بعض الآثار عن آحاد من السلف لا ترقى لأن تكون عملا مظاهرا متصلا


وإنما الذي جرى عليه عمل الصحابة, وعامة أهل العلم في مختلف الأمصار والأزمنة, هو وضع اليد اليمنى على اليسرى, حتى قال الترمذي: (والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ومن بعدهم، يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة) سنن الترمذي (1/ 336)

وقال ابن عبد البر عن الوضع: (لم تختلف الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب, ولا أعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافا إلا شيء روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى وقد روي عنه خلافه مما قدمنا ذكره عنه, وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "وضع اليمين على الشمال من السنة", وعلى هذا جمهور التابعين وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (20/ 74)


وهذا يقتضي تأويل قول الإمام مالك بالكراهة وجريان العمل على وجه لا يتعارض مع ظاهر الأحاديث المستفيضة وما جرى عليه العمل, ولا يتعارض مع أقواله في الروايات الأخرى, فَيُتأول على أن محل الكراهة ما زاد على الوضع من معنى مكروه وهو قصد الاعتماد, وسياق كلام الإمام مالك في المدونة كان في الاعتماد في الصلاة والاتكاء, ففي المدونة (1/ 169): (قال: وسألت مالكا عن الرجل يصلي إلى جنب حائط فيتكئ على الحائط؟ فقال: أما في المكتوبة فلا يعجبني وأما في النافلة فلا أرى به بأسا، قال ابن القاسم: والعصا تكون في يده عندي بمنزلة الحائط، قال وقال مالك: إن شاء اعتمد وإن شاء لم يعتمد وكان لا يكره الاعتماد، قال: وذلك على قدر ما يرتفق به فلينظر أرفق ذلك به فيصنعه.

قال: وقال مالك: في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة؟ قال: لا أعرف ذلك في الفريضة وكان يكرهه. ...)


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 21 مارس 2024

حكم السدل في الصلاة، والقول بكراهة الوضع

■حكم #السدل_في_الصلاة، والقول بكراهة الوضع 


●وصورته: إرسال اليدين في القيام بعد تكبيرة الإحرام. 


■وإرسال اليدين زمنا يتنافى مع هيئة الذليل الخاشع, ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه حديث صحيح صريح,

□ والله سبحانه قد شرع الصلاة لمقصد أصلي, وهو: الإقبال على الله تعالى والتوجه إليه ومناجاته, والخضوع بين يديه, وكل ما كانت الصفة أقرب لتحقيق هذا المقصد كانت هي المقدمة, ووضع اليمين على اليسار في الصلاة أقرب للخشوع وقيام التذلل والخضوع, فزمن الوقوف طويل. 


■والقول بكراهة الوضع أقرب إلى كونه #قولا_شاذا، وقد شهره بعض المتأخرين من #المالكية

 

■ولم يجر على السدل العمل الظاهر في زمن الصحابة والتابعين، فقول عامة أهل العلم بالوضع ومنهم علماء أهل المدينة: قرينة قوية على نفي العمل الظاهر على السدل


■وقد جاءت أحاديث صريحة ومتنوعة في الدلالة بوضع اليمين على اليسار بعد تكبيرة الإحرام ؛ فقد روي مسلم عن وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن دخل في الصلاة «ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى». وفي رواية لأحمد وأبي داود: «وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد». 


■وقد تتابع المحدثون في كتبهم الحديثية على التبويب على استحباب وضع اليمين على اليسار كالبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وغيرهم 


■وبه قال عامة أهل العلم ...   

                                     

■وممن نص على الاستحباب من أئمة المالكية: أبو الوليد الباجي وابن رُشد الجَدُّ وأبو بكر بن العربي وابنُ رشد الحَفيد والقاضي عِياضٌ والمازَريُّ والقرافي, وابن الحاج، والقباب، والبناني، وابن شاس، وابن عرفة, وابن جُزَي, وغيرهم... 


■وأما الإمام مالك ففي حكم وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة ثلاث روايات عنه...  

                                        

●واختلف المالكية في تعليل رواية الكراهة؛ فمنهم من ذكر أن العلة في كراهته في الفرض: الاعتماد؛ لشبهه بالمستند، وهو تأويل عبد الوهاب، فلو فعله استنانا لا للاعتماد لم يكره، ومنهم من ذكر أن العلة في كراهته في الفرض: خيفة اعتقاد وجوبه، وليس واجبًا، ومنهم من ذكر أن العلة في كراهته في الفرض خوف إظهار خشوع -أي: وليس موجودًا في الباطن- وهو تأويل عياض. جواهر الدرر في حل ألفاظ المختصر (2/ 131). 


■وأقوى ما احتج به من قال بكراهة الوضع: مخالفة عمل أهل المدينة, وهي القريبة من قول مالك في المدونة: (لا أعرف ذلك في الفريضة) أي لا أعرف العمل به 


●لكن هذا منقوض بفعل الصحابة, وجريان العمل به عند عامة اهل العلم, بل قال ابن عبد البر عن الوضع: (لم تختلف الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب, ولا أعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافا إلا شيء روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى وقد روي عنه خلافه مما قدمنا ذكره عنه, وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "وضع اليمين على الشمال من السنة", وعلى هذا جمهور التابعين وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (20/ 74) 


■والقول بكراهة وضع اليمين على اليسار في الصلاة هو قول شاذ؛ لمخالفته أقوال عامة اهل العلم ويتصادم مع الروايات الثابتة في وضع اليمين على اليسار.

ويتعارض مع ما هو موجود في أمهات كتب المالكية وهي الموازية والواضحة والعتبية التي فيها عدم الكراهة. 


■وقد سوى ابن عبد البر في الكافي بين الوضع والإرسال, وذكر اللخمي في التبصرة أن الوضع أحسن, وجعله ابن رشد الجد في المقدمات الأظهر, وذكر ابن رشد الحفيد في البداية أنه الأولى, وصححه ابن العربي... 


■وأما حديث أبي حميد الساعدي الذي أخرجه البخاري فيحمل على صريح الأحاديث الأخرى, وغاية ما يفيده قوله:" حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلًا ثم يقرأ ثم يكبر فيركع" أنه يسدل بعد التكبيرة, وليس فيه أنه لا يقبض بعد ذلك.

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/03/blog-post_21.html

السبت، 16 مارس 2024

حقيقة الخلاف مع الفلكيين في إثبات دخول الشهر وخروجه

يزعم يعضهم قطعية كلام الفلكيين
هكذا بإطلاق من غير تحرير

(كان تبحث قليلا فقط وتتجرد)

يضيق الخلاف في صورة ما إذا حكم الفلكيون باستحالة #رؤية_الهلال وتعذرها
أما إذا لم يحكم بذلك فلن يظهر خلاف في واقع الأمر

إذا أردنا تحرير محل البحث والنزاع في مسألة الاعتماد على #علم_الفلك في النفي

كان الواجب علينا أن نفرق بين ما يتفق عليه #الفلكيون من تحديد موعد #ولادة_الهلال ووجوده في الأفق قبل الغروب ومقدار ارتفاعه وعمره ومكثه...
(وهذا نقر بدقتهم فيه ولا يكاد يخطئون فيه)
وبين الحكم بإمكانية رؤية الهلال وعدم رؤيته، ونفي ولادته ولادة ظهور ومشاهدة
(وهذه لم تصل إلى كونها حقيقة علمية ومقطوعا بها)

(إذن فيه شيء اتفقوا عليه وفيه شيء اختلفوا فيه)

فعندما يأتي من يزعم أنه إذا حكم الفلكيون بعدم إمكان رؤية الهلال
أن هذا موجب لرد شهادة الشهود برؤيته؛ بناء على أنه اقترن بها ما يكذبها، وخالفت حقيقة علمية وحسا مقطوعا به
ثم ينتقل بالبحث إلى الكلام عن شهادة الشهود ومتى ترد في الشريعة؛ تطويلا للكلام في غير محله
فهنا محل الغلط والخلط
(يعني يريدون أن يجعلوا المعركة بين الفلكيين وشهادة الشهود
ويخفون الحقيقة وهي أن المعركة بين الفلكيين وظاهر نصوص الكتاب والسنة وإجماع العلماء)

(نعم، لا نقبل كل شهادة، لكن لا نرد الشهادة لحكم الفلكيين بالاستحالة)

فهؤلاء الذين يعتمدون على الحساب في النفي ويردون شهادة الشهود
هم في حقيقة الأمر اعتمدوا على #الفلكيين في رد شهادة الشهود وفي إثبات الصيام به
فإذا نفوا أن يكون يوم الخميس مثلا هو بداية رمضان لأجل ما ذكره الفلكيون من استحالة رؤيته كان ذلك إثباتا لدخول رمضان يوم الجمعة اعتماد على كلام الفلكيين،

الخلاصة
ليس البحث في الدقة والقطع الذي وصل إليه الفلكيون في تحديد موعد #اقتران_القمر وولادته وارتفاعه ووو
وإنما البحث في #إمكانية_الرؤية وفق المعايير التي وضعها الفلكيون...
والتي هم مختلفون فيها!!!!

ويأتي السؤال: هل هذه المعايير حقائق علمية؟

لم تصل هذه المعايير إلى أن تكون حقائق علمية؛ لأنها قابلة للنقض...
وما ذكروه من تكرار الملاحظة على مر سنين لا تخرجها عن كونها نظرية..
وتبقى النظرية محل بحث، ولا يتم تأكيدها بشكل قطعي، لأنها تخضع للتجربة والملاحظة.

وهل يصح شرعا أن نخرج عن دلالة النص الشرعي بنظرية علمية محتملة ؟!!

وقد اعترف الفلكيون أنفسهم بنظريتها باختلافهم في هذه المعايير، وعدم اتفاقهم عليها.
فبعضهم يعتمد على أن أقل مكث شوهد فيه الهلال بعد غررب الشمس ٤٠ دقيقة وبعد ٢٩ دقيقة وبعضهم ٢٠ دقيقة ...
واختلفوا في البعد الزاوي والدرجات...

فكيف إذا أضفنا إلى ما تقدم عدم التفات الشريعة إلى ما اختلف فيه الفلكيون؟!!

فكيف إذا كانت الرؤية لا تنضبط بحساب الفلكيين أصلا؟!

والغريب أن يأتي فقيه ويقول: كيف قبلتم حساب الفلكيين في إخبارهم بوقت صلاة المغرب
ولم تقبلوا قولهم في استحالة الرؤية؟

هذا كلام من لم يفقه حقيقة الخلاف، فالمانعون من الاعتماد على الفلكيين في النفي
لم يردوا حساب الفلكيين في تحديد موعد غروب القمر وولادته...
وإنما ردوا كلام بعضهم فيما لا دخل للحساب فيه وهو إمكانية الرؤية من عدمها،
وردوا أيضا الاعتماد على ما اختلف فيه الفلكيون أنفسهم ولم يصلوا به إلى القطع ولا لكونه حقيقة علمية ..
ثم إن المطلوب في مواقيت الصلاة التحقق من دخول الوقت بأي وسيلة
وأما في الصيام والإفطار فقد حددت الوسيلة وهي الرؤية، وليس المقصود هو التحقق...

والغريب أن يأتي من يلغي شهادة الشهود لا لشيء إلا لكونها خالفت ما ظنه هو قطعا ثم يبحث عن قول شاذ
وهو إذا حكم الفلكيون بإمكان رؤيته في بلد من البلدان إلا أنهم لم يروه لوجود الغيم
فيحكم بدخول شهر رمضان
لأجل من قال به...

كتبه
د أحمد محمد الصادق النجار

http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/03/blog-post_16.html