الأربعاء، 27 سبتمبر 2023

[مناقشة #وزارة_الشؤون_الدينيمناقشة شبهة أن مشروعية الأصل تدل على مشروعية الأثر. والانطلاق منها إلى جواز الاحتفال بالمولد من غير حاجة إلى إثبات دليل خاص]

[مناقشة شبهة مشروعية الأصل تدل على مشروعية الأثر.

والانطلاق منها إلى جواز الاحتفال بالمولد من غير حاجة إلى إثبات دليل خاص]


هل جواز الأصل يدل على جواز أثره؟

كما ذكر ذلك بعضهم

ومثلوا على ذلك بعدة أمثلة

منها أن مشروعية تعظيم المصحف يدل على مشروعية تقبيله وتجليده وطباعته

فمادام أن الأصل مشروع فآثاره كذلك، ولا يسأل عن دليها إلا إذا ورد في وسيلة معينة دليل خاص ينهى عنها.

وتوصلوا بذلك إلى أن الاحتفال بالمولد جائز ولا يسأل عن دليله؛ لأنه أثر من آثار مشروعية تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم. 


والجواب عنها: 


أن ما كان مشروع الأصل وأطلق الشارع وسائله من غير تحديد ولا تعيين(عبروا عنها بالأثر)

لم يكف إطلاق مشروعية الأصل على أن يكون دليلا على تعيين وسيلة مخصوصة وتخصيصها

بمعنى أن الوسيلة المعينة وإن كان يتناولها إطلاق مشروعية الأصل إلا أن تعيينها وتخصيصها من بين الوسائل المتعددة يحتاج إلى دليل خاص، فنطالب بالدليل الخاص على تعيين وتخصيص هذه الوسيلة دون غيرها، ولا نطالب بالدليل على دخول هذه الوسيلة في الإطلاق.

ويزداد الطلب تأكيدا وهو الذي لم يدل عليه الإطلاق الأول إذا دخل تخصيص الوسيلة في تخصيص التشريع

بأن يكون تخصيص هذه الوسيلة في زمن تعظيما  لذاتية الزمن أو في مكان تعظيما لذاتية المكان أو بهيئة تعظيما لذاتية الهيئة أو بعدد تعظيما لذات العدد، بأن يكون الزمن مقصودا والمكان مقصودا والهيئة مقصودة والعدد مقصودا.

فهذا التخصيص لم يدل عليه إطلاق المشروعية أصلا

فكيف إذا التزمه وصار يتكرر بتكرر الأوقات؟!

قال الشاطبي في "الاعتصام"(201/1): (.. فإن أتى به المكلف فِي ذلك الأمر بكيفية مخصوصة أو زمان مخصوص أو مقارناً لعبادة مخصوصة، والتزم ذلك بحيث صار مُتخيلاً أن الكيفية أو الزمان أو المكان مقصودة شرعاً من غير أن يدل الدليل عليه: كان الدليل بمعزل عن هذا المعنى المستدل عليه ) 


فمثلا الشارع وإن عظم المصحف وأطلق وسائله إلا أن من خصص التعظيم بالتقبيل احتاج إلى إثبات ذلك بدليل خاص غير الدليل المطلق

ويزداد الأمر تأكيدا إذا خصص التقبيل بيوم الأحد تعظيما ليوم الأحد، أو لا يقبله إلا في مسجد فلان تعظيما للمسجد ...

فهذا لم يدل عليه الإطلاق أصلا 


فعندما نطالب بالدليل إنما نطالب بالدليل الخاص على  مشروعية تخصيص التقبيل وإن تناوله إطلاق تعظيم المصحف.

فضلا عن تخصيص التشريع

وعندما نجد السلف قد تركوا هذه الوسيلة مع وجود داعيها ولا مانع يتأكد عندنا أنها ليست مقصودة للشارع، ولا يريدها، بل هذا الترك يخرجها من إطلاق مشروعية الأصل.

قال ابن دقيق في "إحكام الأحكام" (1/200و201): (..إن هذه الخصوصيات بالوقت أو بالحال والهيئة، والفعل المخصوص: يحتاج إلى دليل خاص يقتضي استحبابه بخصوصه.. ). 


وهكذا الأمر في الاحتفال بالمولد النبوي، فإنه وإن تناوله إطلاق تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن تخصيص التعظيم بالاحتفال وتعيينه يحتاج إلى دليل خاص

كيف وهذا التخصيص قد قيد بيوم تعظيما لليوم فهو أوكد للمطالبة بالدليل؛ لأن التخصيص أصبح تخصيص تشريع فيما لا يعقل معناه.

كيف وقد التزم وتكرر بتكرر السنة؟!!

وعندما نجد السلف قد تركوا الاحتفال مع وجود داعيه وهو المحبة والتعظيم ولا مانع تأكد لنا أنه ليس مقصودا للشارع، ولا يريده، وكان هذا الترك قد أخرجه من إطلاق مشروعية التعظيم والمحبة؛ لعدم وجود دليل خاص يدل عليه. 


وأما قياس ذلك على جمع القرآن فغير سديد؛ لأنه لم يُستدل على جوازه بإطلاق مشروعية تعظيم القرآن، وإنما استُدل على جوازه بفعل الصحابة بل بإجماعهم؛ 

ونجد أيضا أن عمر رضي الله عنه لم يحتج على جوازه بإطلاق مشروعية تعظيم القرآن؛ لما تقرر عنده أن تخصيص تعظيم القرآن بالجمع يحتاج إلى دليل خاص يدل على مشروعيته، 

وإنما ذكر أمرا آخر وهو الخوف من ضياع القرآن بموت القراء وهو ينافي حفظ القرآن. 


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

http://abuasmaa12.blogspot.com/2023/09/blog-post_27.html

الاثنين، 25 سبتمبر 2023

تخصيص قراءة السيرة في شهر ربيع الأول

في المسائل التي يكون فيها قولان، والمتعلقة بالبدع

نجد من يخرج عن القولين بإحداث قول ثالث يظن أنه وسط بين القولين
●فلا تراه مع المانعين بإطلاق ولا مع المجوزين بإطلاق وإنما يفرض عليه ضغط الواقع وضعف التأصيل أن يخرج بقول يتودد به إلى الطائفتين المختلفتين.

■وهذا ما نجده في مسألة الاحتفال بالمولد النبوي، فخرج علينا من لم يمنع بإطلاق ولم يجوز بإطلاق، وإنما جوز قراءة السيرة والتذكير بها في شهر ربيع الاول أو في يوم مولده، وهو يحسب أنه بذلك خرج عن تشدد المانعين وتساهل المجوزين من وجهة نظره.!!

■فهذا الصنف من الناس في الغالب ينطلق من ضغط الواقع وما يراه من شدة النزاع.

□ولو أمعن النظر وربط المسألة بدليلها وأصلها لوجد نفسه خارجا عن الأصول الاستدلالية التي يستدل بها الطرفات المتنازعان
●فلا هو مع أصول أهل الحديث الاستدلالية ولا هو مع أصول الصوفية الاستدلالية

●وإنما يأخذ من هذا طرفا ومن ذاك طرفا آخر، ويظن أنه منتهى التحقيق، وطريق توحيد الأمة!!

■لنأصل المسألة:

●الاجتماع لقراءة السيرة والتذكير بها في تاريخ مولد النبي صلى الله عليه وسلم لا يخلو من إحدى مقدمتين:

□الأولى: أن يقرأ السيرة؛ لأنه يعظم تاريخ مولده صلى الله عليه وسلم لذات التاريخ، فالزمن مقصود...
وهذا المعنى هو الذي لأجله حُرم الاحتفال بالمولد، فالباب باب تشريع، والتشريع مختص بالله، فلا فرق بين أن تشرع قراءة السيرة أو تشرع شيئا آخر...

●وهذا مقطع في تأصيل مسألة الاحتفال: https://youtu.be/788mOxM197c?si=kLSMeHJcTsewZA90

□الثانية: أن يقرأ السيرة؛ لمناسبة تاريخ مولده صلى الله عليه وسلم ومصلحة التذكير بها واغتنام إقبال الناس؛ قياسا على التذكير بغزوة بدر في الثامن عشر من رمضان...

■فهنا نقول له: هل لو أجلنا قراءة السيرة إلى شهر رجب يصح؟
فإن قال : لا، لأن المناسب أن نقرأها في شهر ربيع الأول
أصبح الزمن مقصودا عنده، فتكون علة قراءة السيرة تعظيم الزمن، وهذا تشريع.

■ثم إن الاجتماع لقراءة السيرة في شهر ربيع الأول؛ لمناسبة مولد النبي صلى الله عليه وسلم تنشأ عنه مفسدة تخصيص ما لا خصيصة له؛ إذ تخصيص هذه المناسبة بالدروس؛ مظنة لاعتقاد أن فيها فضلا خاصا، وأن ذكر سيرته صلى الله عليه وسلم في هذا الزمن أفضل من غيره ...

●فلما كان التخصيص مظنة لاعتقاد فضل، ولا فضل فيه كان التخصيص داخلا في الابتداع؛ إذ ما من تخصيص إلا ولابد أن يكون له باعث.

●واعتقاد الفضل فيما لا فضل فيه مستلزم إما عدم علم النبي صلى الله عليه وسلم به أو كتمانه، وكلاهما منتف..
ولو كان التخصيص خيرا لما أهملته الشريعة.

■وأما القياس على من خص يوم الثامن عشر من رمضان بالتذكير بغزوة بدر، ومن خص ليلة الإسراء والمعراج بتذكير الناس به فهو قياس على فرع مختلف فيه، ولا نسلم بمشروعيته خصوصا إذا تكرر فعل ذلك كل سنة.

■فإن قال قائل: أنا لا أعتقد الفضل.

●قيل: إن سلمتَ من اعتقاد الفضل -وهو بعيد- فلن تسلم من موافقة من يعتقد الفضل أو خوف اللوم منهم أو اتباع عادتهم، فرجع الأمر إلى التشبه بهم.

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
http://abuasmaa12.blogspot.com/2023/09

الجمعة، 22 سبتمبر 2023

حكم_الاحتفال_بالمولد_النبوي بلغة إقناعية

#حكم_الاحتفال_بالمولد_النبوي بلغة إقناعية

أخي القارئ يمكن أن يكون هذا هو المخرج لك، ودعنا نحسبها مع بعض:

#يشترك المانعون والمجوزون في محبة النبي صلى الله عليه وسلم ووجوب نصرته واتباعه..
#يشترك المانعون والمجوزون في أن التعبد لله بالاحتفال بدعة مذمومة.
#يشترك المانعون والمجوزون في عدم إطلاق اسم العيد عليه.
#يشترك المانعون والمجوزون في منع ما يحدث في المولد من أمور محرمة.

ومعلوم أن للفكرة مصالح ومفاسد:
ما مصالح الاحتفال بالمولد ومفاسده عند المانعين؟
المصالح، منها:
التذكير بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وإظهار محبته...
المفاسد، منها:
١-تخصيص المحتفل نفسه بفضل ومزية لم يختص به كل من لم يحتفل ومن أعظمهم النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون ...
٢-تعظيم تاريخ مولده بأعمال وأذكار لم يعظمه النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما عظم النبي صلى الله عليه وسلم يوم مولده (الاثنين) وشرع فيه الصيام لا الاحتفال، ولم يعظم تاريخ مولده، ولذا اختلف المؤرخون في تحديده.
٣-تحقق فيه مسمى العيد بتعظيم تاريخ مولده والاجتماع فيه وتخصيص أعمال والتعنئة به، والأصل في الأعياد التوقيف.
إلى آخر المفاسد ...

فغلبوا جانب المفاسد ؛ لخطورتها ورجحانها.

ما مصالح الاحتفال بالمولد ومفاسده عند المجوزين؟
المصالح، منها:
التذكير بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وإظهار محبته، والفرح بتاريخ مولده وإظهار السرور، ووسيلة لطاعته...
المفاسد ، منها:
التعبد لله بالمولد، أفعال محرمة واعتقادات فاسدة يرتكبها المحتفلون، اعتقاد انه سنة أو واجب ...

فغلبوا جانب المصلحة مع خطورة المفاسد...

فيا أخي
ما الأحوط لدينك؟ (والخطاب لمن أشكل عليه الأمر )

لا شك أن جوابك: عدم الاحتفال

لماذا؟

لأنك لاحظت أن المحتفل عند المانعين من الاحتفال يرون أنه ارتكب بدعة وأحدث عيدا وشرع أمورا لم يشرعها النبي صلى الله عليه وسلم
والاحتفال متضمن لاعتقاد خطير وهو أنه خُصص بفضل لم يختص به النبي صلى الله عليه وسلم فكان أحسن منه في هذا الأمر والعياذ بالله

المفاسد خطيرة...

وأما غير المحتفل عند المجوزين فغاية ما سبحكمون عليه أنه ترك عادة وخالف ما اعتاد عليه بعض الناس.
ومن تجرأ من عوامهم فسيصفه بأنه لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لمجرد عدم الاحتفال
وهذا جاهل معتد ظالم باغ
فهل الصحابة الذين لم يحتفلوا لا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم؟!!

فيا أخي المسلم
أيهما أبرأ إلى دينك، الاحتفال أو عدم الاحتفال؟
خصوصا وأن من لم يحتفل هم الصحابة وأهل القرون الثلاثة الذين شهد النبي صلى الله عليه وسلم بخيريتهم فكانوا هم المقياس لنا فيما نفعله ..

ولا يقال عدم النقل عن الصحابة لا يدل على عدم احتفالهم
لأن العلماء مجمعون على إثبات عدم احتفالهم، ولأن الاحتفال مما تدعوا الحاجة إلى نقله لو فُعِل، لا سيما وأن الاحتفال أمر ظاهر يجتمع الناس عليه وليس هو مما يخفى.

ولا يقال أيضا الاحتفال بالمولد خير، وكل خير يفعل
لأن المانعين ينازعون في كونه خيرا
وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه للذين اجتمعوا على التسبيح: وكم من مريد للخير لن يصيبه.
مع أن ظاهره خير
ولا يمكن بحال أن يكون الأمر خيرا في الدين ويتركه النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود داعيه ولا مانع.
وضع خطا عند قولنا مع وجود داعيه ولا مانع

ولا يصح قياس الاحتفال بالمولد على صوم يوم عاشوراء ونحن أولى بموسى منهم...
لأن شكر الله بصوم عاشوراء ورد فيه دليل خاص وفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولولا ذلك لما كان مشروعا
فهل حصل هذا في المولد؟!

فكر يا أخي وانظر قبل أن تحتفل

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

http://abuasmaa12.blogspot.com/2023/09/blog-post_22.html

الاثنين، 18 سبتمبر 2023

كيف استخف فرعون عقول قومه؛ حتى أضلهم؟!!

 كيف استخف فرعون عقول قومه؛ حتى أضلهم؟!! 


لقد اتبع فرعون منهجا ممتلئا بالمغالطات في استجهال قومه واستخفافه بعقولهم

فلم يقابل براهين موسى عليه السلام وحججه بالنقض، وإنما تعمد الخروج عنها.

ومن نماذج خروجه عنها :

١- تعظيم نفسه؛ حتى يغلق على عقول قومه ويمنعهم من الاعتراض عليه؛ لكونه ربا، [فقال أنا ربكم الأعلى]

٢-تحقير موسى عليه السلام فقد وصفه بأنه مهين ولا يكاد يبين

فاستدل على إبطال الحجج والآيات التي جاء بها موسى عليه السلام بتحقير موسى عليه السلام.

٣-الاستدلال بفقر موسى على بطلان حجته ﴿ وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ * فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾

٤-التدليس ورمى موسى بما ليس فيه فقال عنه ساحر؛ حتى تسقط حجته ويتحقق عدم اتباعه.

٥-ادرار العاطفة وتحريك الشفقة وإثارة الجمهور عليه فزعم أن موسى يريد أن يخرجهم من أرضهم، فاستدل على بطلان حجته بهذه المغالطة العاطفية.

٦-الاحتكام إلى القوة ومصادرة أقوال الآخرين فقال لقومه ما أريكم إلا ما أرى، وما علمت لكم من إله غيري.

٧-شخصنة الجدال، فيستدل على بطلان حجته بأنه رباه صغيرا.

٨-تجريح الشخص والطعن فيه، فقال عنه مجنون.

...

فنظرية فرعون تقوم على السيطرة على عقول قومه بمنهجية ترك الجواب عن الحجة ومناقشتها إلى الخروج عنها بالشخصنة والتدليس وتعظيم النفس وتحقير الغير والخروج عن الموضوع إلى السب والتجريح؛ لأجل العجز والهروب من مناقشة الحجة، وما كانت لنظريته أن تؤتي أكلها لولا أن قومه كانوا مستعدين لاستخفاف فرعون بعقولهم وقابلين له.

فالعقول مبرمجة ابتداء على تبعيتهم لفرعون وعبوديتهم له، ولذا لما دعاهم إلى الباطل بمغالطات منكقية انقادوا له.

فجاءهم العقاب...


وهذا فيه درس لكل من يسلم عقله لمن لا يملك حججا صحيحة تبرهن على صحة دعواه، وإنما يسلك مسلك فرعون في الخروج عن الموضوع إلى الحيدة والشخصنة... 


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار 



السبت، 9 سبتمبر 2023

حكم استعمال العطور التي فيها كحول

 حكم استعمال العطور التي فيها كحول


 ينظر فيها إلى نسبة الكحول، فإن كانت يسيرة مستهلكة كنسبة ٥% بحيث إنه إذا شرب الكثير منها لم يسكر؛ لكون الكحول مغمورا مستهلكا: جاز استعمالها؛ لأن الكحول فيها مستهلك ولا يصدق عليها اسم الخمر ولا حكمه ولم تتحقق فيها علة الإسكار وذهاب العقل.


وكذلك إذا وضع الكحول لإذابة الزيوت ويتبخر عند الاستعمال مباشرة ولا يبقى منه شيء فلا بأس باستعماله... 


وأما إن كانت نسبة الكحول كثيرة ليست مغمورة وتبقى 

فلا يجوز استعمالها ولا بيعها ولا حملها؛ 

١-لأنها مسكر، وقد أمر الله باجتناب المسكر مطلقا.

٢-ولأنه يصدق عليها حكم الخمر.

٣-وسدا لذريعة شربها

٤-ولفتاوى بعض الصحابة باجتناب المسكر مطلقا، قال الزهري كانت عائشة تنهى أن تمتشط المرأة بالمسكر. مصنف ابن أبي شيبة(٥/٩٨)

وروي عن غيرها من الصحابة كابن عمر وجابر بن زيد... . 


قال القرطبي : " قوله : ( فَاجْتَنِبُوهُ ) يقتضي الاجتناب المطلق الذي لا ينتفع معه بشيء بوجه من الوجوه ، لا بشرب ، ولا بيع ، ولا تخليل ، ولا مداواة ، ولا غير ذلك ، وعلى هذا تدل الأحاديث الواردة في الباب ". انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (6/289).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وأمر باجتنابها مطلقا ، وهو يعم : الشرب ، والمس ، وغير ذلك " انتهى من " شرح العمدة " (1/109).


كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار

الجمعة، 8 سبتمبر 2023

هل الخوض في الخلاف القديم الواقع في مسائل العقيدة والفقه إشغال للأمة عن قضاياها؟

محاولة تصحيحية


●هل الخوض في الخلاف القديم الواقع في مسائل العقيدة والفقه إشغال للأمة عن قضاياها؟

●هل الخوض في الخلاف في صفات الله وعلوه واستوائه ومسائل الإيمان والكفر... يشغل عن قضايا الأمة وأصول أركان الإيمان؟ 


□لنفتت السؤال ونحلله

المنع من الخوض في مسائل الخلاف العقدي والفقهي

•هذه نتيجة

تحتاج إلى دليل واستدلال. 


■ما دليلها؟

لأنه يشغل الأمة، وكل ما أشغل الأمة عن قضاياها يمنع الخوض فيه. 


وكما تلاحظون هناك إطلاق في النتيجة، فهي مطلقة غير مقيدة... 


■وأول نقد يَرِد على النتيجة ودليلها هو عدم التلازم بين الدليل والمدلول

فيحصل خوض في الخلاف العقدي والفقهي من غير أن يلزم منه إشغال الأمة عن قضاياها...

●فكم خاض علماء الأمة في الخلاف العقدي والفقهي وألفوا في ذلك كتبا وعقدوا مناظرات من غير أن يشغلهم ذلك عن قضايا الأمة!!

■ومعلوم أن الدليل يجب طرده، ويكون ملزوما للمدلول عليه. 


■فتبين لنا أن ما ذكروه دليلا -وهو إشغال الأمة عن قضاياها- على المدلول -وهو المنع من الخوض في مسائل الخلاف-

انتفى فيه التلازم، فلم يصح أن يكون دليلا. 


●فإن قيل: هل يمكن تصحيح النتيجة ودليلها؟


●قيل: نعم

بإضافة قيد الحاجة. 


■فتصاغ على النحو الآتي: 


المنع من الخوض في الخلاف العقدي والفقهي عند عدم الحاجة للخوض فيه

لأنه يشغل الأمة عن قضاياها عند الحاجة إلى الكلام فيها

وكل ما أشغل الأمة عن قضاياها عند الحاجة إلى الكلام فيها يمنع. 

وبهذا يصح التلازم بين الدليل والمدلول.

●وهو الذي ينسجم مع أصول الشريعة وقواعدها وفقه السلف. 


■وأما الإطلاق الأول فقد اتخذه قوم ذريعة إلى إماتة الخلاف العقدي القديم، والانطلاق من ذلك إلى تسويغ الخلاف، وربما نسبية الحق والصواب. 


■ثم إن الخوض في الخلاف العقدي وسيلة لتصحيح الاعتقاد ورد الحجج المتهافتة

ومصلحته راجحة

إلا في الأحوال العارضة التي تستوجب عدم الخوض فيها؛ لرجحان المفسدة

والأحوال العارضة في حكم الاستثناءات التي لا يرد بها إطلاق الحكم الأصلي. 


■والغريب أن إطلاق المنع من الخوض في الخلاف العقدي والفقهي

يحضر ويغيب !!

● فتجد من ينادي بهذا الإطلاق هو نفسه يخوض في مسائل الخلاف، ويصوب ويخطئ وينتقد ويطعن، بل وتجده يدافع عمن فرط في بعض قضايا الأمة ويلتمس له الأعذار؛ لكونه من حزبه وعلى هواه!! 


●شعارات ترفع، لا حقيقة لها واقعا.. 


■وللأسف 

استُعمل هذا الإطلاق في تشويه سمعة الخصوم؛حتى لا يقبل منهم أي تصحيح عقدي، وهذه مغالطة تسميم البئر... 


■كما استخدم هذا الإطلاق في التضليل عن تضخيم المواقف السياسية على حساب الأصول العقيدية والانحراف في صفات الله وأفعاله ومسائل الإيمان والكفر

● فجعلوا هذه المسألة ملهية عن مناقشة الموضوع الأصلي وهي أيهما أعظم: الولاء والبراء على أصول العقيدة أو الولاء والبراء على المواقف السياسية والمصالح الخاصة بحزب؟

وهي ما تعرف بمغالطة الرنجة الحمراء... 


والكلام يطول... 


فإن قلت: كلامك صحيح لكن هناك أولويات.


قيل: الأولويات لها عدة اعتبارات، فما كانت أولوية بالنسبة لشخص ليس بالضرورة أن تكون أولوية لغيره

وما كانت أولوية بالنظر إلى زمن أو مكان معينين ليس بالضرورة أن تكون أولوية في زمن أو مكان آخرين

وما كانت أولوية في نفسهاط ليس بالضرورة أن يقدم الكلام عنها مطلقا.


والجامع أن هناك أولوية لذاتها كالكلام في توحيد الله

وهناك أولوية لغيرها، اقتضى كونها أولوية ظرف خاص، كما لو أُنكر المسح على الخفين في بلد ما  فهنا الأولوية تقتضي الكلام عن مشروعية المسح على الخفين وأنه مقدم على الكلام في صفات الله مثلا.


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار