السبت، 27 يناير 2024

حكم سحب البطاقة المصرفية من التجار بمبلغ أقل مما في البطاقة

يسأل بعض الإخوة عن حكم السحب من التجار بمبلغ أقل مما هو موجود في البطاقة

[ربا، لا يجوز]

لابد من تكييف العلاقة أولا  بين صاحب البطاقة والتجار أصحاب آلة نقاط البيع
ثم ننزل الحكم الشرعي

تكيف العلاقة بين صاحب البطاقة والتجار على أنها علاقة بيع (صرف) إذا كان مقصود صاحب البطاقة بمبادلة مال نقدي مقبوض حقيقة بمال مقبوض حكما العوض والتربح.........
بأن يكون المال الذي في البطاقة عوضا عن المال الذي يعطيه التاجر، ويحصل التاجر منه ربحا
ويمكن تكييف بعض صورها على أن العلاقة علاقة قرض إذا لم يكن المقصود منها المعاوضة ولا التربح، وإنما كان المقصود هو الإرفاق والإحسان، ويكون المقرض هو صاحب البطاقة، والتاجر مقترضا...

فعندما يذهب صاحب البطاقة إلى التاجر ويعطيه البطاقة المشحونة ب 900 دينار مثلا على أن يعطيهم التاجر 880 أقل مما في البطاقة
فهنا العقد
إما أن يكون عقد صرف بين صاحب البطاقة والتاجر بالنظر إلى أن البطاقة تقوم مقام النقد، والتاجر قد قبض المال حكما وأما صاحب البطاقة فيقبضه حالا نقدا، وكان المقصود ابتداء المعاوضة والتربح، كما هو الواقع كثيرا في مكاتب الصرافة ...
وإذا كانت عقد صرف والعملة واحدة فهنا يجب التماثل والتقابض، وإلا كان ذلك من ربا البيوع، ويستثنى منه الخصم التي يتم من المصرف بقدر أجور الخدمات الفعلية لا العمولة الزائدة التسويقية التي يأخذها المصرف من التاجر الذي عنده آلة نقاط البيع...

وإما أن يكون عقد قرض؛ لوقوع الضمان على التاجر بعد أن دخل في حسابه وثبوته في ذمته، ولكونه يرد بدله لا عينه،
ولم يكن المقصود المعاوضة والتربح
فهنا وجب رد المثل بلا نقص إلا بما تقتضيه الخدمات الفعلية من البنك لا مازاد؛ لأن الزيادة تكون في مقابل الضمان والقرض، وهذا لا يجوز
وليست هي من قبيل ضع وتعجل، لأن النقص مشروط ابتداء، وليس هو مقابل الزمن.

وخلاصة العملية أنه يخصم من حساب صاحب البطاقة المبلغ ويقيد باسم التاجر ويثبت في ذمته، والقيد في الحساب يعد قبضا في العرف، فيتحقق به التقابض الحكمي، وليس الإشكال في التقابض...
ثم يعطي التاجر صاحب البطاقة من جيبه مبلغا نقديا أقل من المبلغ الذي قيد في حساب التاجر من مال صاحب البطاقة...

أين المحذور؟

المحذور أن العملة واحدة ولم يحصل التماثل سواء كيفت على أنها قرض أو صرف، وهذا لا يجوز

ثم هناك محذور آخر وهو إذا استعمل حامل البطاقة ماكينة نقاط البيع -التي تكون عند التاجر- للسحب النقدي؛ بأن يأخذ من التاجر نقدا
فهنا توجد عدة محاذير شرعية منها:
١-الكذب والتدليس؛ لأنها تسجل على أنها نقاط بيع وشراء لسلعة، بينما هي في الحقيقة مبادلة نقد نقد.
ومن ضمن شروط العقد التي اطلعت عليها: أنه يمتنع على التاجر قبول أية بطاقة تقدم إليه للحصول على مبالغ نقدية إلا بإذن كتابي من البنك.
وإذا كان كذلك فلا يجوز للتاجر مخالفة شروط العقد، ولا يجوز لصاحب البطاقة إعانته.
٢-في نقاط البيع يأخذ البنك عمولة من التاجر لأجل التسويق له؛ زيادة على الخدمات الفعلية
فيأتي التاجر ويحملها على صاحب البطاقة
ولما كُيفت المعاملة على أنها صرف أو قرض لم تجز هذه الزيادة ودخلت فيها شبهة الربا.

ولأجل هذه المحاذير:
لم يصح تجويزها مع اختلاف العملة بأن يعطيه دولارا
ولم يصح تجويزها ولو أعطاه المبلغ كاملا من غير نقص.

وأما تكييف المعاملة في السحب من التاجر عن طريق أجهزة نقاط البيع بأنها وكالة بأجر
فتكييف غير صحيح؛ لأن التاجر ليس مأذون التصرف في استعمال الجهاز لأجل السحب
وليس وكيلا للبنك في هذا التصرف...
ولأن العقد عقد صرف لا عقد وكالة؛ لتحقق صورة الصرف في هذه المعاملة.

وحتى نصحح المعاملة ونسهل على الناس ونرفع عنهم الحرج
يجب أن يكون التعامل مع صاحب البطاقة والتاجر بالشيك المصدق أو بالتحويل المباشر عن طريق المصرف لا الآلة
ثم يعطيه التاجر دولارا وليس دينارا مع التنبه لمسألة التقابض بأن يكون حقيقيا أو حكميا.

كتبه
د. أحمد محمد الصادق النجار
أستاذ مساعد بكلية علوم الشريعة- المرقب

http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/01/blog-post_27.html

السبت، 13 يناير 2024

هل حديث المسيء صلاته اقتُصر فيه على ذكر الواجبات في الصلاة دون السنن؟

هل حديث #المسيء_صلاته اقتُصر فيه على ذكر الواجبات في #الصلاة دون السنن؟

قد وجدتُ عامة الفقهاء يستدلون على وجوب الفعل أو عدمه بوروده في #حديث_المسيء أو عدم وروده, ويجعلون الصارف عن وجوب الفعل عدم ذكره في حديث المسيء؛ط.
وقد دل على مفهوم الحصر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في مقام تعليم من قصر في الواجبات اقتضى ذلك أن يعرفه واجبات الصلاة، ولما عرفه ما أساء فيه وما لم يسئ
دل ذلك على حصر الواجبات فيما ذكر وانتفائه عما لم يذكر.

وإذا نظرنا في حديث المسيء وجدنا أنه لم يذكر بعض الواجبات المتفق عليها كالنية؛ مما يدل على أن المفهوم قد يعارضه ما هو أقوى منه فيقدم الأقوى
ويكون الأصل فيما لم يُذكَر في حديث المسيء, هو: عدم الوجوب, لكن يستثنى من ذلك: إذا ورد الأمر بالفعل في حديث آخر, وكان أقوى دلالة وأرجح.
فلا يكتفى في نفي وجوب الفعل بعدم ذكره في روايات حديث المسيء, بل يحتاج مع ذلك إلى نفي المعارض الراجح.

إذا تقرر هذا: لم يختلف عامة الفقهاء في وجوب الأفعال التي ذُكرت في حديث أبي هريرة في الصحيحين, وهي: القيام إلى الصلاة, واستقبال القبلة, والتكبير, وقراءة القرآن والركوع, والاطمئنان له, والرفع من الركوع والاستواء والاعتدال له, والسجود والاطمئنان له, والرفع من السجود والاستواء والاطمئنان له,  ففي صحيح البخاري (8/ 56, 136) بلفظ: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تستوي قائما (وفي لفظ: حتى تعتدل قائما) ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا (وفي لفظ: حتى تستوي وتطمئن جالسا )، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا (وفي لفظ: حتى تستوي قائما )، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها»

وإنما وقع الاختلاف فيما زاده الرواة في حديث رفاعة, ومنه:  إقامة الصلاة للمنفرد, والافتراش, والتحميد والتكبير إذا لم يكن يحفظ القرآن, وتكبيرات الانتقال, وقول سمع الله لمن حمده, ومد الظهر إلى غير ذلك

والعبرة في وجوب ما لم يذكر في حديث أبي هريرة: صحة الزيادة وسلامتها من الشذوذ والنكارة, ورجحان دلالتها على مفهوم حديث المسيء.

ولنمثل بزيادة الإقامة:
جاء في جامع الترمذي (1/ 333) حدثنا على بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن يحيى بن على بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقى عن جده عن رفاعة بن رافع بلفظ« إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله ثم تشهد وأقم... »
وأخرجه في موضع أخر بالسند نفسه لكن بالفاء وليس بالواو: « ثم تشهد فأقم... »
وأخرجه أبو داود في سننه (1/ 228) عن شيخه عباد بن موسى الختلي به، وذكر لفظ الحديث بالفاء وليس بالواو
وكذلك ابن خزيمة في صحيحه (1/ 274) ذكره بالفاء وبنفس سند الترمذي, والبيهقي في سننه الكبرى (2/ 532)  وبنفس سند أبي داود.
والمقصود بالتشهد هنا: التشهد الذي يكون في الإقامة, ومن العلماء من حمل التشهد على الأذان, فيجمع المصلي بين الأذان والإقامة, وقال الشوكاني في نيل الأوطار (2/ 306): (ثم تشهد " الأمر بالشهادتين عقيب الوضوء لا التشهد في الصلاة كذا قال ابن رسلان وهو الظاهر من السياق؛ لأنه جعله مرتبا على الوضوء، ورتب عليه الإقامة والتكبير والقراءة كما في رواية أبي داود. والمراد بقوله وأقم الأمر بالإقامة)
هذه الزيادة: « ثم تشهد فأقم... » تفرد بها  يحيى عن على بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقى, ولم يذكرها غيره من الرواة كإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عند أبي داود وابن ماجه, ومحمد بن إسحاق عند أبي داود وابن خزيمة, ومحمد بن عمرو عند الطبراني في المعجم الكبير, وداود بن قيس عند عبد الرزاق في المصنف, وعبد الله بن عون عند الطبراني في المعجم الكبير.
ويحيي بن علي ذكره البخاري في التاريخ الكبير(8/ 297), وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل(9/ 175) وابن حبان في الثقات (7/ 612) وقال عنه في مشاهير علماء الأمصار (ص: 221): (وكان متقنا) وقال ابن القطان: (مجهول) إكمال تهذيب الكمال (12/ 349), وقال ابن حجر في تقريب التهذيب (ص: 594): (مقبول من السادسة)
فمثله لا يحتمل منه هذا التفرد.
وعليه فلا تكون الإقامة للمنفرد واجبة, ولا الأذان, فعن علقمة قال صلى عبد الله بن مسعود بي وبالأسود بغير أذان ولا إقامة. أخرجه ابن ابي شيبة في المصنف
- وعن الأسود وعلقمة قالا: " أتينا عبد الله يعني ابن مسعود في داره فقال: أصلى هؤلاء خلفكم؟ قلنا لا فقال: قوموا فصلوا فلم يأمرنا باذان ولا اقامة " رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " إذا كنت في قرية يؤذن فيه ويقام اجزأك ذلك " اخرجه البيهقي في السنن الكبرى
لكنهما مستحبان, ففي السنن الكبرى للبيهقي (3/ 99) عن  الجعد أبو عثمان اليشكري قال: " صلينا الغداة في مسجد بني رفاعة وجلسنا، فجاء أنس بن مالك في نحو من عشرين من فتيانه، فقال: " أصليتم؟ " قلنا: نعم، فأمر بعض فتيانه فأذن وأقام، ثم تقدم فصلى بهم "

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/01/blog-post_13.html


الثلاثاء، 9 يناير 2024

قاعدة أخف الضررين


اعترض علي أحدهم لما استعملت قاعدة #احتمال_أخف_الضررين لدفع أعلاهما في الأحوال الاستثنائية العارضة

بأن استعمال هذه القاعدة يكون عندما نكون بين مفسدتين لا مفر لنا من فعل إحداهما...

فأقول:

تقييد قاعدة #احتمال_أخف_الضررين لدفع أعلاهما بما إذا كنا بين ضررين لابد لنا من فعل أحدهما وليس له بديل جائز

تقييد صحيح عند الإطلاق

بمعنى إذا كان البديل الجائز كافيا في إزالة الضرر الأكبر استغني به عما فيه ضرر أخف...

فلا يكتفى بترك الضررين او المفسدتين إذا وجد بديل لا يكفي في دفع المفسدة الكبرى؛ لأنه لا يتحقق بالترك دفع المفسدة الكبرى، والمطلوب إزالة الضرر وفق المستطاع 

وإذا تأملت في أدلة القاعدة وجدت ذلك جليا واضحا..

فالفقهاء والمقاصديون متفقون على أنه لابد في قاعدة أخف الضررين من لزوم فعل أحد الضررين

لكنهم يختلفون في تحقيق المناط في الوقائع إذا وجد البديل الجائز من جهة كفايته في دفع الضرر الأكبر أو لا


وتوضيح ذلك: 


قاعدة احتمال أخف الضررين لدفع أعلاهما مقيدة

بلزوم فعل أحد الضررين

فلا يصح استعمال هذه القاعدة إلا إذا كان لابد من ارتكاب أحد الضررين، فيرتكب الأخف والأقل مفسدة.

وهذا يبين لنا أن محل القاعدة إذا اجتمع في الفعل محرمان لا يمكن ترك أعظمهما وإزالته إلا بفعل أدناهما. 


وهنا يأتي سؤال إذا وجد #بديل جائز عن فعل أخف الضررين، فهل يصح لنا استعمال قاعدة ارتكاب أخف الضررين؟ 


وجوابه أن ينظر في هذا #البديل الجائز، هل يكفي وحده في تحقيق المقصود الشرعي ودفع الضرر الأكبر أو لا؟

فإن كان يكفي في دفع #الضرر_الأكبر اكتفي به ولم يجز فعل الضرر الأخف؛ لأن الأصل في الضرر أنه لا يزال بما فيه ضرر

وأما إذا كان لا يكفي لدفع الضرر الأكبر واحتيج معه إلى فعل الضرر الأخف جاز فعل الضرر الأخف

لأن المطلوب هو دفع الضرر الأكبر، ولا يتحقق دفعه بالبديل الجائز.

وهذا كله يجري على قاعدة:"#الضرر_يزال"

فسواء أزلناه بالفعل الجائز إذا كان يكفي لإزالته، أو أزلناه به وبارتكاب الضرر الأخف إذا لم يمكن إزالته إلا بذلك، وهي حالة استثنائية عارضة. 

لأنه في الحالة الطبيعية يكتفى بالفعل الجائز في إزالة الضرر، ويكون كافيا لدفعه. 


ومن ذلك: السماح بمشاركة المخالف في رد مفسدة الطعن في منهج السلف ومحاربة الدين

ذلك أن الطعن في منهج السلف ومحاوله محوه مفسدة يجب أن تزال

فإن لم يكف في الواقع استعمال الطرق الجائزة في دفع هذه المفسدة واحتيج معها إلى استعمال طرق فيها مفسدة إلا أن هذه المفسدة أقل من المفسدة الكبرى التي يجب إزالتها

جاز استعمالها، وهي حالة استثنائية عارضة. 


إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم 


كتبه

د أحمد محمد الصادق النجار

الجمعة، 5 يناير 2024

هل يصح تعليق مسألة #الخروج_على_الحاكم المسلم الفاسق على تقدير المصالح والمفاسد؟

 #فقه_عقيدة_أهل_السنة


هل يصح تعليق مسألة #الخروج_على_الحاكم المسلم الفاسق على تقدير المصالح والمفاسد؟ 


استقر أمر أهل السنة على المنع من مجرد الخروج، وأن الخروج خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم ومشاققة له..

وعللوا المنع بدرء الفتنة..

وتعليلهم المنع بدرء الفتنة هو تعليل بأمر لازم لا ينفك عن الخروج والقتال، فالتعليل هنا من باب بناء الحكم على المفسدة وليس من باب تعليق الحكم على المفسدة يدور معها وجودا وعدما. 


وأقرب هذا المعنى بمسألة المنع من شرب الخمر؛ تعليلا بالمفسدة، فالتعليل بالمفسدة الحاصلة للعقول هو تعليل بأمر لا ينفك عن الخمر، فالمنع من الخمر إنما شرع لكون الخمر مُذهبا للعقول ويوقع في العداوة، فهذا يسمى بناء الحكم على المفسدة 

وليس هو من تعليق الحكم على المفسدة بحيث يدور معها وجودا وعدما. 


فالفساد الحاصل من الخروج بني عليه المنع وشرع لأجله، فكان النهي عن الخروج رفعا للفساد الحاصل منه.

ولهذا قال ابن تيمية:(...وإن كان فيهم ظلم. كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال واقتتال ولا فتنة. فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما) منهاج السنة(٤/٥٢٩) 


فكما تلاحظون أن ابن تيمية بنى المنع من الخروج نفسه على الفساد الحاصل في القتال والفتنة، ولم يعلقه به، وكذا ابن عبد البر وغيرهما من الأئمة

(وانتبه للفرق بين البناء والتعليق.) 


فالمصلحة المترتبة على المنع من الخروج مقصودة للشارع، وتتعلق بحفظ الضرورات، ولذا شدد أئمة أهل السنة في المنع من ذات الخروج. 


فالمنع من ذات الخروج على الحاكم الفاسق اشتمل على:

١-المعنى المناسب للتشريع، وهو: المفسدة الحاصلة من القتال.

٢-المصلحة المترتب على تشريع المنع من الخروج وهي: حفظ الضرورات.

٣-الوصف الظاهر المنضبط المشتمل على المعنى المناسب وهو: نفس الخروج على الحاكم، فيدور الحكم عليه وجودا وعدما.

فإذا وُجد الخروج وجد معه المعنى المناسب وهي المفسدة، ووجودها مع الخروج وجودا ملازما لا ينفك، وهو بحسب الواقع يقيني.


فتبين لنا عدم صحة تعليق الحكم على المصلحة وجودا وعدما..


ولا يصح أيضا تعليق الحكم على المصلحة والمفسدة من جهة عدم انضباط تقدير المصالح والمفاسد. 


واعلم أن منع ذات الخروج بإطلاق: أصل من أصول أهل السنة 

خلافا للمتكلمين ومن تأثر بهم الذين يجعلونه فرعا من الفروع ويسوغون فيه الخلاف

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (كان من العلم والعدل المأمور به الصبر على ظلم الأئمة وجورهم كما هو من أصول أهل السنة والجماعة) مجموع الفتاوى(٢٨/١٧٩)


كبف تعامل بعض السلف مع بعض أعيان من يرى السيف؟ 


سأمثل بمثال واحد 


الحسن بن صالح بن حي عُرف بالزهد والورع وقوة الحفظ إلا أنه كان يرى الخروج، ولم يكن خارجيا

قال الذهبي عن الحسن بن صالح "كان يرى الخروج على أمراء زمانه؛ لظلمهم وجورهم، ولكن ما قاتل أبدا"،

وقال "هو من أئمة الإسلام لولا تلبسه ببدعة" 


فذمه أئمة لرأيه:

ذكر الذهبي في السير أن الحسن بن صالح ذكر عند الثوري ، فقال : ذاك رجل يرى السيف على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- .

وقال أبو معمر : كنا عند وكيع ، فكان إذا حدث عن حسن بن صالح أمسكنا أيدينا ، فلم نكتب . فقال : مالكم لا تكتبون حديث حسن ؟ فقال له أخي بيده هكذا -يعني أنه كان يرى السيف- فسكت وكيع .

وعن أبي صالح الفراء: سمعت يوسف بن أسباط يقول: كان الحسن بن حي يرى السيف. [تهذيب الكمال (6/ 177)]

وقال أحمد بن يونس يقول: لو لم يولد الحسن بن صالح كان خيرا له، يترك الجمعة، ويرى السيف، جالسته عشرين سنة وما رأيته رفع رأسه إلى السماء ولا ذكر الدنيا. [تهذيب الكمال (6/ 177)]

وقال خلف بن تميم: كان زائدة يستتيب من [أتى] الحسن بن حي [تهذيب التهذيب (1/ 398)]

وقال بشر بن الحارث: كان زائدة يجلس في المسجد يحذر الناس من ابن حي وأصحابه. قال: وكانوا يرون السيف [تهذيب التهذيب (1/ 398)] 


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار