الاثنين، 18 أكتوبر 2021

مناقشة الشيخ الددو في حكم الاحتفال بالمولد النبوي

قديما كتبت

مناقشة الشيخ #الددو في حكم #الاحتفال_بالمولد النبوي 


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

أما بعد، فإني سأقف وقفات مختصرة مع فتوى الشيخ الددو -عفا الله عنا وعنه- في حكم الاحتفال بالمولد؛ لننظر مع بعض أهي مضطربة غير منضبطة أم لا؟ 


فأقول:

■أولا: قوله جوابا عن حكم الاحتفال بالمولد (الاحتفال بالمولد له ثلاث صور راجعة إلى اعتقاد الإنسان فيه)

فكما يلاحظ القارئ أن السؤال الموجه للشيخ عن حكم الاحتفال من حيث هو 

فجاء الجواب عن حكم الاحتفال بحسب اعتقاد المحتفل، فلم يطابق الجواب السؤال، فللاحتفال بالمولد حكم من حيث هو احتفال أو بعبارة أخرى حكم مجرد عن اعتقاد المحتفل، وهذا مما أهمله الشيخ في الجواب!!

وكأن الشيخ لا يرى وصف الفعل بأنه بدعة أو عيد إلا إذا اعتقد الفاعل انه بدعة أو عيد.

وهذا خروج عما عليه أهل الحديث في الاستدلال فهم بكتفون بمجرد تحقق الصورة الظاهرة في كون الفعل بدعة أو عيدا؛ إذ العبرة عندهم بالمسمى الشرعي للفعل لا باعتقاد الفاعل. 


ثانيا: قوله: (من اعتقده عيدا كعيدي الفطر والأضحى فقد ابتدع).

فهنا الشيخ قد بنى الابتداع على اعتقاد المحتفل كون الاحتفال بالمولد عيدا

وذكرني هذا بشيخ اشترط فيمن اعتقد اعتقاد الخارج وسفك دماء المسلمين أنه لا يسمى خارجيا إلا إذا اعتقد أنه من الخوارج!!

وهذا من العجب؛ لإهمال الشيخ تحقق مسمى العيد في الفعل

ولو لم يكن في الاحتفال بالمولد تحقق صورة العيد لما دار في ذهن المحتفل أنه عيد، فهذا التعظيم المقصود لليوم والاجتماع فيه وتكرار الاحتفال به هي مسمى العيد في الشرع

وهو اعتراف ضمني من الشيخ الدوو بأن صورة العيد متحققة في الاحتفال بالمولد، ومع ذلك لم يأخذ حكم العيد إلا بالاعتقاد، وهذا بدع من القول ولعله لم يسبقه إليه شيخ قط!

بمعنى أن ما تحقق فيه صورة الشيء لا يأخذ اسمه وحكمه إلا بالاعتقاد!!

ويترتب عليه عدم التسوية بين المتماثلات إلا بضميمة أمر خارجي وهو الاعتقاد

وهذا فيه خروج عن أصل الشريعة في التسوية بين المتماثلات

وتقريره هذا ينسحب على كل يوم معظم مقصود وتكرر بتكرر السنة، كعيد الأم وعيد الميلاد وعيد الوطن فلا يكون عيدا إلا إذا اعتقد أنه عيد!

وقريب منه ما سمعته من بعض الأشياخ أن البدعة لا تكون بدعة إلا إذا اعتقد صاحبها التشريع!

فلا تبقى هناك بدعة في الشريعة!! 


والتحقيق المتفق عليه عند أهل الحديث أنه إذا تحقق ضابط العيد في الاحتفال بالمولد تحققت البدعية 

وخرج عن كونه عادة محضة

وبطلت بقية الصور التي ذُكرت بعد ذلك. 


أما النقطة الثانية  قوله: ( من اتخذه ذكرى للنبي صلى الله عليه وسلم باعتباره نعمة من نعم الله، وشكر هذه النعمة بالأعمال الصالحة، فهذا مأذون فيه بل هو مطلوب لأنه أمر بالصيام فيه شكرا لله على ميلاده).

ففيها لبس واضح؛ إذ إن تخصيص عمل ليوم مقصود شكرا لا يكون إلا بتشريع من الله؛ لأنه من جنس التشريع, فلو أن إنسانا نجاه الله من حادث يوم السبت فأراد أن يشكر الله فبدأ يعظم يوم السبت ويحتفل به كل سنة وخصص فيه أعمالا لأجل اليوم

فهل يكون هذا من جنس الابتداع أو هو من العادات؟

لا يختلف العلماء على أنه من جنس التشريع الذي لا يكون إلا لله. 


وقد ترك الصحابة تخصيص يوم المولد باحتفال وجعله ذكرى مع وجود مقتضيه ولا مانع؛ مما يدل على المنع، لأنه من جنس التشريع الذي لا يكون إلا لله

فنحن لا نحتج بمطلق تركهم على المنع، وإنما نحتج على تركهم في أمر متعلق بالتشريع لأنه تخصيص تعظيم

وعليه فإن قياس الاحتفال على صيام عاشوراء شكرا من باب القياس الفاسد الاعتبار، لأنه مصادم للإجماع التركي الذي وجد مقتضيه ولا مانع.

ولأن الشكر بالصوم في يوم عاشوراء ورد فيه دليل خاص لولاه لما كان مشروعا.

وأما قوله: لأنه أمر بالصيام فيه شكرا لميلاده.

فأشد تلبيسا وبعدا عن التحقيق العلمي !!

لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بصيام يوم مولده, وإنما أمر بصيام الاثنين الذي من علل صيامه: أنه ولد فيه, كما أن السائل إنما سأل عن صيام الاثنين لا عن صيام يوم مولده، فجاء الجواب مطابقا للسؤال. 


وأما النقطة الثالثة (3- من اتخذ يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، مناسبة لبعض الأمور المباحات كإظهار الملابس الجديدة والمطاعم ونحو ذلك فهذا في الأصل من الأمور الجائزة لأنه ليس مما يدخل حيز البدع فالبدع لا تدخل في العادات ولا في اللباس..) 


فجوابه أنه تبع لكونه بدعة أو لا, وتبع لكونه عيدا أو لا

فإذا كان الاحتفال بدعة كان ما خصص له من لباس ونحوه تابعا له، فالتابع تابع.

والتخصيص لأجل اليوم المقصود هو من جنس التشريع...

فمنع الاحتفال لأجل اليوم يقتضي منع كل مظهر من مظاهر الاحتفال لأجل اليوم

فالاحتفال ليس مجرد فرح، وإنما كل ما فعل لأجل اليوم يسمى احتفالا ولو كان في الأصل من باب العادة.

فهذه أجوبة مختصرة لم تحتج إلى كثير تأمل

فليت الشيخ وفقه الله ينتبه لمثل هذه الفتاوى غير المحررة.

والله المستعان

هناك تعليقان (2):