الخميس، 9 ديسمبر 2021

حكم قراءة القرآن بالألحان والمقامات

 

حكم قراءة القرآن بالألحان والمقامات

إن القرآن الكريم أنزله الله لتدبره والعمل به, ولشفاء القلوب من أمراضها, وحث الشرع على الاستماع إليه والتلذذ به؛ لتصل معانيه إلى القلوب, ويحل المقصود من إنزاله

ولأجل ذلك حض الشرع على التغني بالقرآن واستماعه من حسن الصوت, وقد أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقراءة.

فالتغني به مشروع متى ما كان وسيلة لتحقيق المقصود الشرعي ولم يترتب عليه مفسدة راجحة.

ولما كان الأمر مرتبا على المصالح والمفاسد نظر إلى كيفية التغني بالقرآن, فما كان التطريب فيه يطغى على مقصد وصول المعاني إلى القلوب وتدبره, بحيث إن القلب ينشغل بالألحان ووزنها الموسيقي على المعاني, حتى يكون الإصغاء إليه لأجل الصوت الملحن لا للتدبر والانتفاع به, أو يُخرج بالكلام عن وضعه واستقامته بزيادة حروف أو مدود ونحوه, أو تشبع الحركات حتى يتولد من الفتحة ألف ومن الضمة واو ومن الكسرة ياء؛ فهنا يكون هذا التطريب وهذه القراءة منهيا عنه.

وما كان التطريب فيه يعين إلى وصول المعاني إلى القلوب وتدبره فهذا مرغب فيه.

ومظنة المنهي عنه: ما خرج عما اقتضته الطبيعة وسمحت به مما يحصل بتكلف وتصنع على نحو ألحان الموسيقى المتكلفة الموزونة، بحيث يسير فيه على نسق موزون ولا يدخل مقاما على مقام إلا إذا كان يناسبه وفي درجته فهذه مظنة التطريب الذي مفاسده راجحة وينهى عنه, والأقرب في حكمه التحريم إذا تغير الكلام بزيادة أو نق أو لم يفهم معناه, ويكره إذا كان دون ما تقدم من تغيير.

وأما القراءة بالمقامات فجائز إذا كانت القراءة من غير خروج عما اقتضته الطبيعة, ولا تنقل بينها على النحو الموسيقي, ولا كان فيها مشابهة لألحان الموسيقى المركبة على الأوزان والقانون الموسيقائي فإن هذا يلهي عن المقصود وهو: الانشغال عن المعاني وتفهمها وتدبرها, كما أن هذا التطريب والتلحين الموسيقائي من ضرورته أن يمد في غير موضع المدّ ، وينقص؛ مراعاة للوزن.

وإنما كانت القراءة بالمقامات التي لا يكون فيها محذور شرعي جائزة؛ لأن وسيلة لتحقيق المقصود من القراءة, ولأن تحسين الصوت باعث للخشوع والرقة, ولدخولها في عموم النص الحاضة على التغني بالقرآن وتحسين الصوت به.

 

كتبه: د. أحمد محمد الصادق النجار

4-جمادى الأولى- 1443هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق