الخميس، 8 سبتمبر 2022

شبهات حول القدر المشترك في الصفات الخبرية

شبهات حول #القدر_المشترك في الصفات الخبرية

لا يزال المتكلمون يوردون الشبه تلو الشبه لأجل نفي القدر المشترك في الصفات الخبرية
مع تكرار وقوعهم في نفس الخطأ المتعلق بأصل الاستدلال

وأصل الإشكال عندهم:
1- توهم أن إثبات معاني الصفات الخبرية -ومنها اليد- على ما تقتضيه اللغة إثبات لذاتيات الماهية, وأن الذي في الخارج معنى عاما يوجد عاما في الخارج، وهو نفسه مشترك, بمعنى أن الذي في الخارج عضو له صورة هو نفسه مشترك في كل من أضيفت إليه اليد
وقد بينت في نقضي على #مولود_السريري أن الذاتيات دخيلة على العربية ولا تستقيم في صفات الله؛ لأنه لا يتوصل إلى الذاتي إلا بتصور #ماهية_الصفات والموصوف والحقيقة الخارجية، فمعرفة الذاتيات التي لا تتصور الماهية إلا بها متوقف على معرفة ماهية الموصوف، فإذا لم نعرف ماهية الموصوف فكيف نعرف الذاتيات؟!
وحتى لو قلنا بإثبات المعنى الحقيقي الذاتي فنحن نثبته على أنه ذهني كلي لا يتماثل فيه أفراده, ولا نتصور في الذهن صورة, فهذا من خصائص الوجود الخارجي لا الذهني, فلا يشتركان في أمر معين موجود في الخارج
ومع إثبات الاشتراك في #مسمى_اليد الذهني إلا أن التميز يحصل باليد المختصة المضافة.
فهؤلاء يتوهمون من المعنى الذهني العام المشترك أنه شيء موجود يكون بعينه في هذا وهذا.
2-توهم أن إثبات اليد إثبات لعضو وأن هذا من خصائص جسم المخلوق, وهذا مما لا يلتزمه أهل الحديث, فأهل الحديث يثبتون الصفة على خلاف ما هو ثابت في المخلوق, ولا يخوضون في الألفاظ المجملة
واليد إنما كانت عضوا -بالحقيقة المشاهدة- وجارحة بالنظر إلى الإنسان الذي أضيفت إليه اليد، فكانت مساويا لذات الإنسان ومن جنسه؛ لان نسبة اليد إلى الإنسان من نسبة الجزء إلى الكل
وأما اليد المضافة إلى الله فإننا ننسبها إليه كما ننسب الذات إلى الله، وتفريقكم بين اليد والذات تحكم.

3-توهم أن اليد جزء من الجملة التي في الذهن, فالجملة عندهم مركبة من أجزاء وأنها متقدمة عليه,
وهذا معلوم انتفاؤه بالضرورة في الخارج, فالموجود في الخارج صفات قائمة بالموصوف ليست متقدمة عليه ولا كانت أجزاء متفرقة فركب منها, فعندما يقال: الإنسان له وجه ويد ويتحرك, فليس الإنسان  في الخارج مركبا من هذه الأجزاء، وأنها متقدمة عليه أو أنها جواهر
فاتصاف الذات بالصفات لا يسمى تركيبا في اللغة والشرع والعقل والحس, ولو سماه مسم تركيبا كان النزاع معه في اللفظ.
وهناك تلازم بين الذات والصفات, فلا توجد الذات إلا مع وجود صفتها الملازمة لها ولا توجد الصفة إلا مع وجود الذات الملازمة لها.
وتسمية الصفة جزءا هذا أمر في ذهن المسمي وليس أمرا في الخارج.

فعلم من ذلك ضلال من زعم أن أهل الحديث عند إثباتهم القدر المشترك يثبتون المعنى العقلي (ما به يقبض) وملزومه ( صورة مخصوصة لليد وإثباتها عينا ),
ولما لم يتصور من المعنى الحقيقي والملزوم إلا ما يوهم الحدوث والنقص, جعلهم مشبهة ومتناقضين: مشبهة؛ لأن إثبات المعنى الكلي الحقيقي إثبات لصورة مخصوصة وهذه مستحيلة؛ لأنه تجسيم, وتناقض؛ لأن نفي الملزوم نفي لكل صورة مع أنهم يثبتون المعنى الحقيقي الذي هو صورة, وهو تناقض
ويرى هؤلاء أن الواجب إثبات المعنى العقلي لليد الذي يقتضي نفي كل صورة وإثبات معنى مجرد من كل صورة, فهو معنى تجريدي فلا تبقى صورة ولا عين, فيجعلون هذا من باب التأويل باللازم العقلي المجرد مع نفي الملزوم وهو الصورة وأنها عين
وقد فسر الغزالي المعنى العقلي المجرد بما يتلقاه العقل مجردا من غير أن يثبت له صورة في الخيال أو في الحس أو في الخارج.
وهذا قول آخر غير قول مولود السريري الذي ينفي المعنى المجرد مطلقا فلا يبقى لها معنى نعلمه نحن.

ونقول في مناقشتهم:
إنهم ينطلقون من الكلي العقلي لا الكلي الطبيعي فالمناطقة يجعلون الكلي العقلي وهو المطلق بشرط الإطلاق لا يكون في الخارج بخلاف الكلي الطبيعي وهو المطلق لا بشرط الإطلاق فيكون في الخارج فيطلق على هذا وهذا...
ومعلوم أن ما كان كليا يكون كليا في الذهن لا في الأعيان, والكلي الطبيعي لا يكون ما في الخارج مماثلا له من كل وجه بل يكون ما في الخارج معينا, له خصائصه التي تختص به, وأما الكلي العقلي الذي يكون مجردا في الذهن عن كل قيد ثبوتي وسلبي فلا يكون إلا في الأذهان لا في الأعيان.
فإذا جعلتم معنى اليد معنى عقليا مجردا عن كل قيد لم تكن اليد موجودة في الخارج باتفاق العقلاء، بل أمر يفرضه الذهن، كما يفرض الجمع بين النقيضين, فلا يوجد في الخارج يد بشرط الإطلاق فتكونون قد نفيتم أن تكون اليد صفة حقيقية لله وأنه لا وجود لها في الخارج
ويكفي في رد هذا لما كان معظما للوحي أن القرآن يثبت اليد لله صفة قائمة به موجودة في الخارج  توصف بالقيض والبسط والطي ..., فلو كانت لا وجود لليد الحقيقة العينية في الخارج لما وصفت وثنيت
وقد أثبت الصحابة وأئمة الحديث لها وجودا في الخارج ورتبوا عليه أحكاما, فقد أخرج الدارمي عن عبد الله بن عمر قال: (خلق الله أربعة أشياء بيده العرش والقلم وعدْن وآدم ثم قال لسائر الخلق كن فكان) فليست اليد هنا عنده بمعنى القدرة, وقد خص خلق أشياء بها.
وعن عطاء بن السائب عن ميسرة قال:  (إن الله لم يمس شيئًا من خلقه غير ثلاث خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده)
وعن كعب قال: ( لم يخلق الله بيده غير ثلاث خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده ثم قال لها تكلمي قالت قد أفلح المؤمنون)

وأنتم لما نفيتم أن تكون اليد الحقيقية صفة لله قائمة به جعلتم إضافتها إلى الله إضافة خبرية, بمعنى أنها مضافة إليه لا صفة قائمة به, وتسمون نصوصها بنصوص الإضافات موافقة للمعتزلة؛ لأن اليد الحقيقية عندكم عضو وجزء جسم

ولا ريب إن جعلتم الجسمية والعضو والجزء من جنس ما عليه المخلوق فإننا ننفيه في حق الله سبحانه لكن نمنع أن يكون لازم إثبات اليد الحقيقية الجسمية والعضو والجزء بالمعنى الذي عليه المخلوق
ولما كان إطلاق الجسم والعضو والجزء لم يرد في الكتاب والسنة ويحتمل حقا وباطلا لم يتكلموا فيه أهل الجديث بنفي ولا بإثبات.

وأصل شبهة المتكلمين أنهم ظنوا أنهم بذلك ينزهون الله عن التشبيه, وأنهم متى جعلوا اليد عينا قائمة بذات الله كانوا قد جسموا وشبهو!!
وما علموا أن التشبيه المنفي عن الله هو ما كان وصفه بشيء من خصائص المخلوقين، أو أن يجعل شيء من صفاته مثل صفات المخلوقين ; بحيث يجوز عليه ما يجوز عليهم، أو يجب له ما يجب لهم، أو يمتنع عليه ما يمتنع عليهم مطلقا.
وأما من أثبت يدا على خلاف ما عليه يد المخلوف انتفى في حقه التشبيه المنفي عن الله,

ويجب أن يعلم: أن أصل الخلاف معهم في مصادر المعرفة القطعية, فعندهم أنه لا قطع يعلم من الشرع, وإنما القطع يؤخذ من العقل,  وكل نص صادم ظاهره ما اقتضاه العقل قدم العقل عليه, وقد دل العقل على استحالة أن يكون الله جسما, والجسم ما ركب من أجزاء, فيكون اتصاف الله بالصفات الخبرية كالوجه يلزم منه أن يكون جسما, فإذا استحال أن يكون الله جسما استحال أن يكون متصفا بالصفات الخبرية.
وهذا كله ليس بلازم, وليس في العقل ولا في الشرع ما يمنع من اتصاف الله بالصفات التي هي على خلاف ما عليه المخلوق.
كتبه
د. أحمد محمد الصادق النجار
https://abuasmaa12.blogspot.com/2022/09/blog-post_8.html?spref=tw


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق