الثلاثاء، 21 فبراير 2023

هل البيت الإبراهيمي كفر أكبر ؟

هل البيت الإبراهيمي كفر؟

مقدمة
مما لا خلاف فيه بين المسلمين أن بيوت الله هي المساجد 
وأما الكنائس فهي بيوت يكفر فيها بالله، فالجمع بين بيوت يعبد فيها الله وبين بيوت يكفر فيها بالله جمع بين المتفرقات..

وقبل الكلام عن حكم البيت الإبرا هيمي يجب أن نتصور ما يدعو إليه هؤلاء من جهة حقيقته ومن جهة ما يصرحون به...

إن المقصود بالبيت الإبراهيمي عند أصحابه: مكان يُجمع فيه بين شعائر أديان ثلاثة
فهو مكون من أربعة مبانٍ: مسجد للمسلمين، وكنيسة للنصارى، وكنيس لليهود، ومركز ثقافي.
وقد تبنته دولة الإمارات هذه الأيام وتحت رعاية شيخ الازهر أحمد الطيب وغيره!!
يريدون بذلك في ظاهر قولهم تحقيق التعايش السلمي ويكون رمزا للأخوة الإنسانية وإبرازا للقيم المشتركة واحتراما لتنوع الأديان مع المحافظة على خصوصية كل دين.
وقد حاول بعضهم إضفاء الصبغة الشرعية عليه بذكر شيء من الأدلة، كقوله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" 
وغفل أن هذا قبل النسخ والتبديل والتحريف.
كما أنهم زيفوا رواية أنه دعوة إلى دين جديد يسمى بالدين الإبراهيمي..
يقول شيخ الأزهر "أولئك الذين يروجون صورة خاطئة عن الأخوة بين الأديان بكونها مزج اليهودية والمسيحية والإسلام في دين "إبراهيمي" واحد ينتهكون أغلى حق تمتلكه البشرية: وهو حرية الاعتقاد".

بعد تصور كلامهم يتضح تفريقهم بين البيت الإبراهيمي والدين الإبراهيمي، فالبيت الإبراهيمي وسيلة للدين الإبراهيمي وليس هو هو

وأما الكلام عن حكم البيت الإبراهيمي فمن جهتين:
الجهة الأولى: تخصيص مكان وأبنية
فهذا الفعل يعد وسيلة إلى الكفر وليس في ذاته كفرا فهو طريق لوحدة الأديان والمساواة بينها وتصحيحها
ووسيلة لزعزعة قطعيات الإسلام وأنه لا يقبل الله دينا سواه ...
ولما كانت هذه الأبنية وسيلة لمعاني كفرية
وفيها ضرار بالمسجد الحرام، وتفريق بين المؤمنين
كانت الصلاة فيما عُد مسجدا غير جائزة، ويأخذ حكم مسجد الضرار؛ بجامع كونه ضرارا على الإسلام ووسيلة للكفر،؛ قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ . لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ )

الجهة الثانية: ما تتضمنه أصل فكرته من نقض أصل الولاء والبراء في القلوب
وما يلزم منها من اعتقاد أن الشرائع المحرفة توصل إلى الله وطريق إلى مرضاته
وتجويز التدين بها وتصحيحها
وما ينتج عنها من عدم ظهور الإسلام وهيمنته وعلوه على الأديان المحرفة
وإلغاء أحكام الإسلام مع الكفار..
ونحو ذلك مما هو كفر بالقرآن وبالإسلام..
فهذه المعاني راجعة إلى تكذيب القرآن أو إلى عدم الانقياد له..

وقد تكون مقصودة من الفعل وقد لا تكون مقصودة، ولا يصح الحكم بالكفر إلا على المعنى الكفري الذي أراده الفاعل
فيكون مناط الحكم بالكفر راجعا إلى التكذيب أو الامتناع.

وأما التعليل بكون المقصود من هذا البيت: الأخوة الإنسانية والتعايش ونبذ العداء
لا تصحيح الأديان!!
فيجاب عنه:
أن التعايش والمواطنة إنما تكون من خلال أصول الإسلام والمحافظة على قطعياته
لا بإلغائها والتنازل عنها، فحفظ الدين بها أصل، ومراعاة التعايش السلمي فرع
ولو فرض تعارضهما من كل وجه فالشرع والعقل يقتضيان المحافظة على الأصل وإن ذهب الفرع
ثم قد ثبت بالشرع وشهد له التاريخ أن عداء اليهو د والنصار ى للمسلمين أصيل في النفوس
لا ترفعه مثل هذا المواثيق والدعايات، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ} [آل عمران: 118]

بقي أن نبين أن استحداث بناء الكنائس لا يجوز بإجماع أهل العلم، وفي البيت الإبراهيمي مخالفة لهذا الإجماع.

وختاما: الواجب على المسلمين عدم الانخداع بما يروجه أهل هذه الدعوات، وعليهم أن يعتزوا بدينهم وأن يعتقدوا أنه لا دين يقبله الله إلا دين الإسلام...
كتبه
د.أحمد محمد الصادق النجار



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق