السبت، 16 يناير 2016

مناقشة د. عبد الله البخاري في عده صفة العَسْل من باب الإخبار لا الصفات.


الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد, فقد سألني أحد الإخوة الأفاضل عن رأيي في كلام د. عبد الله البخاري لما سئل عن العَسْل هل هو صفة من صفات الله؟
فأجاب الدكتور بأنه من باب الإخبار, وأنه لا يعرف أنه صفة من صفات الله.
بعد أن صحح الحديث وهو: ما جاء عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد الله بعبد خيرا عسله» . قلت: وكيف يا رسول الله يعسله؟ قال: «يوفقه لعمل صالح قبل موته بسنة، فيقبضه عليه )) أخرجه الطبراني, وغيره, وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
والجواب عما قاله الدكتور من أوجه:
الوجه الأول: أن باب الإخبار أعم من باب الأسماء والصفات من وجه, وقسيم لهما من وجه آخر:
-أعم من جهة الإطلاق العام للخبر, وهو ما يقبل الصدق والكذب لذاته.
فيدخل فيه باب الاسم والصفة.
- وقسيم له من جهة المأخذ.
وهو الذي يريده أهل العقائد لما يغايرون بين باب الأسماء والصفات وباب الإخبار, ويجعلونه أوسع.
وكلام الدكتور متوجه للإخبار الذي هو قسيم باب الصفات؛ لأنه أثبت أن العسل من باب الإخبار, ونفى أن يكون من باب الصفات.
وما ذكره الدكتور بعيد عن ضابط باب الإخبار, وضابط باب الصفات, كما سيأتي.
الوجه الثاني: أن العَسْل أضافه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله بصيغة الفعل, فدل النص على أنه صفة فعل بالمطابقة.
وهو وصف لا يقوم بنفسه, وإنما يقوم بموصوف, وكمال, وله معنى.
فانطبق عليه ضابط الصفة.
والصفة: ما قام بالذات.
سواء كان من الأمور الذاتية أو الفعلية.
ومورد التقسيم: ما قام بالذات, وهذا الذي يقوم بالذات إما أن يكون صفة ذات, أو صفة فعل.
فكلاهما قائم بذات الله.
والعسل من صفات الأفعال, وهو نوع من أنواع الهداية, والهداية ثابتة لله باتفاق أهل السنة.
وثبوت الجنس ثبوت لأفراده, ومن أفراد الهداية التي دلت عليها النصوص: العسل.
وقد فسر العسل في الحديث بـ: «يوفقه لعمل صالح قبل موته بسنة، فيقبضه عليه) وفي بعض الألفاظ: "يهديه ..."
قال الطحاوي في مشكل الاثار: (   
قال فطلبنا معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو؟ فوجدنا العرب تقول: هذا رمح فيه عسل, يريدون فيه اضطراب, فشبه سرعته التي هي اضطرابه باضطراب ما سواه من الرمح ومن غيره, فاحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم:" إذا أراد الله بعبد خيرا عسله" أن يكون أراد بميله إياه إلى ما يحب من الأعمال الصالحة؛ حتى يكون ذلك سببا لإدخاله إياه جنته, والله عز وجل نسأله التوفيق )
الوجه الثالث: أن باب الإخبار إنما يؤخذ من النص الشرعي إما مطابقة فيما يراد به الموجود, والإخبار به عن الذات, كالشيء, وشخص.
أو يؤخذ تضمنا مما أُثبت وأضيف إلى الله, كموجود, فكون الرب حيا يتكلم, وله سمع إلى آخره.. يدل على وجوده.
أو يؤخذ التزاما؛ إذ إن لازم الحق حق.
أو يكون من باب الترجمة واستعمال المرادف لما ثبت.
أو يشتق مما ثبت اسما أو صفة مما لم يرد في النصوص بصيغة الاسم والصفة, كالصانع.
فما يخبر به عن الله لابد أن يكون معناه صحيحا أخذ من دلالات النصوص, على الوجه الذي تقدم.
مع مراعاة شروط باب الإخبار, وهي: الحاجة, وألا يكون المعنى سيئا.
وهذه الأوجه فيها بيان خطأ الشيخ البخاري فيما قرره.
أما قوله: " ولا يعرف أنه صفة من صفات الله"
 فجوابه: أن الحديث أصل بنفسه, وعدم العلم بمن قاله لا يلزم منه العلم بالعدم.

وأخيرا: ينبغي التحرز عند الكلام عن صفات الله سبحانه, ولابد من إعمال القواعد الصحيحة في محالها, وعدم فتح الباب لأهل البدع من أهل الكلام.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كتبه:
د. أحمد محمد الصادق النجار


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق