السبت، 26 أكتوبر 2019

(لنكن موضوعيين ومنصفين في نقد التكفير المنفلت من كل من صدر منه )



#التكفير باب خطير, ولا ينضبط إلا بالانطلاق من النصوص الشرعية وما عليه سلف الأمة وأئمتها
ويعظم خطره إذا توجه التكفير إلى شريحة كبيرة من الأمة
وهذا للأسف مما وقع فيه بعض أئمة #الأشاعرة وكثير من المعتزلة, فضلا عن الجهمية.
قال أبو المعالي الجويني الأشعري: (من مات في صباه ... ولو انقضى من أول حال التكليف زمن يسع النظر المؤدي إلى المعارف, ولم ينظر مع ارتفاع الموانع واخترم بعد زمن الإمكان فهو ملحق بالكفرة) كتاب الشامل له(22).

وقال ابن العربي في كتابه (المتوسط في الاعتقاد): (ومع أنَّا نقولُ إن المعرفة واجبة، وإن النظر الموصل إليها واجب؛ فإنَّ بعضَ أصحابِنَا يقولُ: إنَّ من اعتقد في ربه الحقَّ وتعلَّقَ به اعتقادُه على الوجه الصحيح في صفاته فإنَّه مؤمن موحد، ولكنّ هذا لا يصح في الأغلب إلا لناظرٍ، ولو حصلَ لغير ناظر لم نأمن أن يتخلخل اعتقاده، فلابد عندنا أن يعلمَ كُلَّ مسألةٍ من مسائل الاعتقاد بدليل واحد، ولا ينفعُهُ اعتقاده إلا أن يصدُرَ عن دليلٍ عَلِمه بذلك.
فلو اختُرم وقد تعلق اعتقاده بالباري تعالى كما ينبغي وعجز عن النظر؛ فقال جماعة منهم: يكون مؤمنًا.
وإن تمكن من النظر ولم ينظر؛ قال الأستاذ أبو إسحاق: يكون مؤمنًا عاصيًا بترك النظر، وبناه على أصل الشيخ أبي الحسن.
فأما كونه مؤمنًا مع العجز والاخترام فظاهر إن شاء الله تعالى، وأما كونه مؤمنًا مع القدرة على النظر وترَكَه، فقوله فيه نظر عندي، ولا أعلم صحته الآن)
فعلّق الدسوقي في حاشيته على شرح السنوسي للصغرى بقوله: (والحاصل أن من اخترمته المنيَّةُ قبل أن ينظر أو عجز عن النظر لبلادة فهو مؤمن، وإن تمكن من النظر بأن وسع الزمن النظر ولم ينظر ولم يخترم= فهو مؤمنٌ عاصٍ عند الأستاذ، وكافرٌ عند ابن العربي)

وقال السنوسي في (شرح الصغرى) بعد ذكر الاختلاف في إيمان المُقلِّد: (والحقُّ الذي يدلُّ عليه الكتاب والسنة: وجوبُ النظر الصحيح مع التردُّد في كونه شرطًا في صحة الإيمان أو لا ؟ والراجحُ أنَّه شرطٌ في صحتِه)

ونسب إلى بعض المتكلمين تكفير من لم يستدل بأدلتهم على إثبات وجود الله وقد ردَّ عليهم أبو عبد الله القرطبي فقال: (ذهب بعض المتأخرين والمتقدمين من المتكلمين إلى أنَّ من لم يعرف الله تعالى بالطرق التي طرقوها والأبحاث التي حرروها لم يصح إيمانه وهو كافر، فيلزم على هذا تكفير أكثر المسلمين، وأول من يبدأ بتكفيره آباؤه وأسلافه وجيرانه، وقد أورد على بعضهم هذا فقال: لا تشنع علي بكثرة أهل النار، أو كما قال.
قلت: وهذا القول لا يصدر إلا من جاهل بكتاب الله وسنة نبيه؛ لأنه ضيق رحمة الله الواسعة على شرذمة يسيرة من المتكلمين، واقتحموا في تكفير عامة المسلمين).

وقال أبو عثمان المغربي كنت أعتقد شيئا من حديث الجهة - أي الأحاديث التي فيها إثبات العلو لله- فلما قدمت بغداد زال ذلك من قلبي فكتبت إلى أصحابنا بمكة أن أسلمت الآن إسلاما جديدا ) ذكره القشيري في الرسالة القشيرية
وهذا غيض من فيض

فمن ينادي بطرح التكفير المنفلت فلا ينس هذا

كتبه: أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق