السبت، 6 أغسطس 2022

[هل يشترط في منع الفعل؛ لعلة التشبه: القصد؟]

 [هل يشترط في منع الفعل؛ لعلة التشبه: القصد؟]


من علل التحريم في الشريعة: #التشبه


فإذا أحدث الكفار أو أهل البدع أمرا مبنيا على اعتقاد فاسد أو كان في أمر ديني،

بل ولو كان عاديا مختصا بهم ولا مصلحة راجحة فيه

فإن الشريعة تحرمه وتنهي عنه

ولو لم يقصد المسلم التشبه بهم ولا خطر على باله..


ومن أدلة عدم اشتراط قصد التشبه بهم:

ما أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثوبين معصفرين فقال له : ( إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها )

فجعل علة النهي مجرد التشبه بالكفار في الصورة الظاهرة، فقد رتب الحكم على أنها لباس الكفار ولم ينظر في النهي إلى القصد.

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير الشيب وجعل علة الأمر عدم التشبه باليهود مع أن الشيب يقع من غير فعل الإنسان ولا قصده

قال المناوي: "وإذا نهى عن التشـبه بهم في بقاء بياض الشيب الذي ليس من فعلنا فلأن ينهى عن إحداث التشـبه بهم أولى"

كما قد علل النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من الأوامر والنواهي بمخالفة الكفار وعدم التشبه بهم في الصورة الظاهرة، كالنهي عن قيام الرجل للقاعد، وعدم الصلاة في النعال، والنهي عن الاشتمال بالثوب، والنهي عن الصلاة وقت طلوع الشمس وغروبها، وتغيير الشيب، والأمر بتعجيل الفطر في رمضان، والنهي عن الوصال، والأمر بإعفاء اللحية وحف الشارب، والخضاب، والنهي عن الإشارة بالسلام، والنهي عن لباس الحرير والديباج إلى غير ذلك...

وهناك أدلة أخرى كثيرة...


فعلى المسلم أن يبتعد عن التشبه بهم، فمن تشبه بقوم فهو منهم


وهذا التشبه يفضي إلى مفسدة ولا مصلحة راجحة فيه

فينهى عنه

كما نهي عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها.


ومن حكمة عدم التشبه بهم: بقاء أمر الدين والسنة ظاهرا لا يشوبهما شيء


وأما حديث:(إنما الأعمال بالنيات) فهو متعلق بترتب العقاب على الفاعل

فالفاعل لا يكون مستحقا للعقاب إلا إذا كان قاصدا ذات الفعل مع علمه أنه من فعل الكفار أو أهل البدع

وأما الفعل نفسه فيحكم عليه بالتحريم لمجرد التشبه في الصورة الظاهرة.


وأخيرا: هناك صورة تشتبه على بعض طلبة العلم وهي: الفعل العادي الذي أحدثه أهل البدع بناء على اعتقاد فاسد ثم زال عنه الاختصاص فصار يفعله عامة المسلمين من غير أن يعتقدوا الاعتقاد الفاسد

فهل يباح أو يبقى على التحريم؟

والجواب أنه يبقى على التحريم؛ لأن الفعل صار مظهرا من مظاهر الاعتقاد الفاسد وشعارا له، ولما يلزم على ذلك من عدم بقاء السنة صافية نقية، ولما يجر إليه من اندراسها.

والشريعة تمنع المشابهة مطلقا في كل ما كان سبب إحداثه اعتقادا فاسدا

وتأملوا معي حديث النهي عن الصلاة وقت طلوع الشمس

فمع أنه لا يخطر على بال مسلم أنه يسجد للشيطان نهي عن الصلاة وقت طلوع الشمس وغروبها ومنعت التشبه مطلقا، ولم يعلق الحكم على القصد والعلم.


ويعجبني في هذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم ١/٥٥٢:(وأما عمل لم يعلم الفاعل أنه من عملهم فهو نوعان:

أحدهما: ما كان في الأصل مأخوذا عنهم، إما على الوجه الذي يفعلونه، وإما مع نوع تغيير في الزمان أو المكان أو الفعل ونحو ذلك، فهذا غالب ما يبتلى به العامة: في مثل ما يصنعونه في الخميس الحقير والميلاد ونحوهما، فإنهم قد نشئوا على اعتياد ذلك، وتلقاه الأبناء عن الآباء، وأكثرهم لا يعلمون مبدأ ذلك، فهذا يعرف صاحبه حكمه، فإن لم ينته وإلا صار من القسم الأول).


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق