الجمعة، 21 أبريل 2023

هل يعتد بكلام الفلكيين غي استحالة رؤية الهلال؟

 [العمل بحساب الفلكيين في النفي ورد شهادة الشهود لأجله ليس من مقتضى الشرع ومخالف لإجماع السلف.....

بمعنى أن الشرع لم يلتفت إلى إمكانية الرؤية  أو لا على ما يقرره الحساب الفلكي ولم يعتبر ذلك]


كيف ذلك؟ 


أولا من جهة ما يبحث فيه الفلكيون، فالفلكيون يبحثون في وجود الهلال ومولده وتحققه وعدم تحققه بحساب منازل سير القمر والزمن وتنبؤات واستعمالات آلات...

بمعنى هل هناك هلال موجود في السماء أو لا؟ 


وأما الشريعة فلم تبحث في وجوده، ولذا لم تعلق الصيام بالوجود وإنما علقته بالرؤية، فلم تقل صوموا لوجوده، 

وإنما قالت صوموا لرؤيته؛ مما يدل على أن الرؤية مقصودة وأن الشرع أغلق باب الوسائل في إثبات دخول الشهر أو خروجه

بمعنى: حتى لو حصل خطأ في الرؤية واشتهر عند الناس أنه رئي فقد ثبت في الشرع الحكم وهو الصيام أو الإفطار...

وعليه فاستعمال الحساب الفلكي وسيلة للشهر ينافي طريقة الشرع في تعليق الأحكام ومقصوده 


وهذا بخلاف أوقات الصلاة؛ فالشريعة علقت الصلاة بالزوال لا برؤية الزوال، فدل ذلك على أن الله أراد فتح باب الوسائل وأن الرؤية ليست مقصودة للشارع ... 


والرؤية في إثبات دخول الشهر وإن كانت وسيلة من جهة إلا أنها مقصودة للشارع من جهة أخرى، كالوضوء فهو مقصود للشارع في إثبات صحة الصلاة وإن كان وسيلة من جهة أخرى

فليس لأحد أن يعدل عن الوضوء إلى غيره بحجة أن المقصود منه التنظيف وطهارة أعضاء الوضوء... 


ثانيا: من الغلط جعل قطع الفلكيين بعدم إمكان ثبوت الرؤية من الحقائق العلمية ومخالفة الحس

وأن الإخبار بالرؤية ظن وما قرره الحساب قطع، والظن متى ما خالف القطع طرح

وهذا مبني على خلل من جهتين: 


الأولى: الاعتماد على العرف العلمي على حساب ما استقرت عليه الشريعة، فالشريعة لم تلتفت إلى تحقق الهلال أو عدم تحققه، وإنما التفتت إلى أمر يتحقق به اجتماع الأمة الأمية، فالهلال اسم لما استهل به الناس واشتهر

ولذا لم تعتبر الشريعة دعوى استحالة رؤية الهلال لرد شهادة الشاهدين؛ لأن مناط دخول الشهر وخروجه ما اشتهر عند الناس واجتمعوا عليه لا ما تحقق ظهوره في السماء ووجوده

وليس في هذا إثبات الشرع لما ثبت في  العلم استحالته؛ لأن الشريعة لم تثبت وجود ما زعم العلم استحالته ولا أمرت به ولا علقت الأحكام عليه، وإنما فيه بيان أنه ليس محل نظر الشريعة أصلا

فرد شهادة الشاهدين بما يزعم الفلكيون استحالته هو من باب معارضة ما أقرته الشريعة بما لم تلتفت إليه ولم تعتبره

بمعنى أن الشريعة لم تكذب ما زعم الفلكيون استحالته وإنما لم تنظر إليه أصلا ولم تعتبره

كما أثبتت الولد للفراش ولم تلتفت إلى العلم بما يقطع به نسبه... 


الثانية: التسليم على أن نفي إمكان ثبوت الرؤية مبني على مقدمات قطعية عند الفلكيين: غلط؛ لأنه يعتمد على الحساب والتنبؤ بما يمكن أن يحدث في المستقبل....

والحساب والتنبؤ يدخلهما الغلط، ويعتري تحققهما في الواقع ما يعتريهما من متغيرات ومؤثرات، وفوق ذلك مشيئة الله سبحانه. 


والخلاصة

رد رؤية الشهود لمعارضتها ما يقطع به الفلكيون: مخالف لنظر الشارع وطريقته ومقصوده، ولا يترتب عليه حكم شرعي 


وهو ما أدخل البلاد في فتنة، وجرأ الجهال على التشكيك في عيد غالب المسلمين والطعن في هيئات بلدانهم... 


كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق