السبت، 1 يوليو 2023

تقصد التكبير الجماعي بصوت واحد على وتيرة واحدة

تقصد التكبير الجماعي بصوت واحد على وتيرة واحدة 


هذه الصورة يتفق الجميع على أنها زائدة على مجرد الجهر بالذكر وزائدة على الاجتماع على الذكر وزائدة على التكبير الجماعي

فلا يلزم بالضرورة في الاجتماع على الذكر والتكبير الجماعي وإظهار التكبير والجهر به أن يكون بصوت واحدة على وتيرة واحدة؛ إذ يتصور أن يجتمع الناس على الذكر وترتفع أصواتهم وكل واحد يذكر الله وحده بصوت عال ... 


لما كان قصد التكبير بصوت واحد على وتيرة واحدة زائدا على ما ذكرنا سابقا 

تطلب من المجوزين له أن يحتجوا بدليل خاص يدل على جوازه؛ حتى يثبتوا أنه مقصود لله يحبه، فهو وإن تناولته النصوص المطلقة لكن لا يكفي ذلك في إثبات كونه مقصودا لله يحبه

فاحتج بعضهم على جوازه ب

ما ورد في صحيح البخاري تعليقا

قال رحمه الله: "كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد، فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيراً. وكن النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد

ففهموا من تكبير أهل السوق بتكبير ابن عمر أنهم قصدوا أن يكون على صوت واحد وعلى وتيرة واحدة!! 


وهذا الفهم لم يراعَ فيه حال الصحابة في الذكر والهيئة التي كانوا عليها

فمع أن الأثر يحتمل إلا أنه ليس من الفقه في شيء أن نخرج في التكبير الجماعي في العيد عن نظائره ولا عن أصله

فإذا نظرنا إلى حال الصحابة في الذكر الجماعي وجدنا أنهم لا يتقصدون صورة الذكر بصوت واحد على وتيرة واحدة ولا كان ذلك معروفا عنهم

بل كان المعروف عنهم أن كل واحد يكبر وحده بصوت عال

وفي حديث أنس: (كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمنهم المهلل ومنهم المكبر)

فيجب حمل الصورة المحتملة على المحكم من فعلهم، فيكون معنى يكبرون بتكبيره أي بسبب تكبيره من غير قصد أن يكون ذلك بصوت واحد وعلى وتيرة واحدة.

وكذلك إذا نظرنا إلى الأصل وجدنا أن تخصيص هيئة في الذكر تكون مقصودة للشارع تحتاج إلى دليل خاص وإلا كان ذلك من التشريع من دون الله [أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن الله] 


والخلاصة: عندما تثبت هيئة مخصوصة في الذكر كان معنى ذلك أنك تثبت أن هذه الهيئة مقصودة للشارع ويحبها الله 

وهذا قدر زائد على ما دلت عليه النصوص من الذكر المطلق

فالنصوص التي أطلقت الذكر وحثت عليه ليس فيها تخصيص هيئة تكون مقصودة للشارع ويحبها دون غيرها.


فهنا راعينا في المنع مقصود الشارع في التشريع ولم نخرج بالمسألة عن نظائرها ولا عن أصلها

فلا يأتي أحد ويقول ليس هناك نص خاص يمنع!!


فهذا غلط في الاحتجاج؛ لأنه لا يشترط في المنع ورود نص خاص بالمنع، فالشريعة تفهم جملة واحدة، ولابد من إعمال القواعد الشرعية الحاكمة لفهم النص الشرعي الجزئي، فضلا عن آثار السلف، فالآثار ليست أصولا بنفسها وإنما تفهم على ضوء قواعد الشريعة وأصول الأبواب ومقصد الشارع. 


وأما مفسدة التشويش في تكبير كل واحد بصوت عال فلم يلتفت إليها الشارع ولم ينظر إليها

فحتى وإن حصل تشويش فلا يشرع الذكر بصوت واحد على وتيرة واحدة تكون مقصودة للذاكر. 


فإن قيل: لابد أن يحصل اتحاد ولو بين اثنين.

قيل: هذه الصورة ليست منكرة ؛ لأن الاتحاد حصل اتفاقا، وليس مقصودا للذاكر، والذي ننكره هو تقصد الاتحاد الذي يلزم منه أن يكون مقصودا للشارع، وهو في الحقيقة غير مقصود له. 


وأنبه هنا أنه لما وجد الاحتمال في أثر ابن عمر في التكبير في العيد لم يصح الإنكار الشديد فيها.

والله أعلم 


كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق