الجمعة، 22 مارس 2024

2 #السدل في الصلاة

 2

#السدل في الصلاة


أقوى ما احتج به من قال بالإرسال: أنه جرى عليه العمل الظاهر المتصل, 

وهو يتوافق مع ظاهر قول الإمام مالك في المدونة: (لا أعرف ذلك في الفريضة) أي لا أعرف العمل به.


واحتُج على ذلك بما أخرجه أبو زرعة في تاريخه (319) قال حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم عن عبد عن عبدالله بن يحيى المعافري، عن حيوة، عن بكر بن عمرو: "أنه لم ير أبا أمامة -يعني: ابن سهل- واضعا إحدى يديه على الأخرى قط، ولا أحدا من أهل المدينة، حتى قدم الشام، فرأى الأوزاعي وناسا يضعونه"

وبكر بن عمرو المعافري المصري توفي في خلافة أبي جعفر بعد الأربعين ومائة, قال ابن القطان فيه: "لا نعلم عدالته" وذكره ابن حبان في الثقات, وقال الحاكم سألت الدارقطني عنه فقال: ينظر في أمره. انظر: تهذيب التهذيب (1/ 486)

ولو سلمنا أن العمل المتصل في المدينة هو عدم الوضع فالعمل المتصل في الشام وغيرها هو الوضع, وهو من باب تعارض العمل بالعمل.


ووردت في ذلك بعض الآثار عن آحاد من السلف لا ترقى لأن تكون عملا مظاهرا متصلا


وإنما الذي جرى عليه عمل الصحابة, وعامة أهل العلم في مختلف الأمصار والأزمنة, هو وضع اليد اليمنى على اليسرى, حتى قال الترمذي: (والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ومن بعدهم، يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة) سنن الترمذي (1/ 336)

وقال ابن عبد البر عن الوضع: (لم تختلف الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب, ولا أعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافا إلا شيء روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى وقد روي عنه خلافه مما قدمنا ذكره عنه, وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "وضع اليمين على الشمال من السنة", وعلى هذا جمهور التابعين وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (20/ 74)


وهذا يقتضي تأويل قول الإمام مالك بالكراهة وجريان العمل على وجه لا يتعارض مع ظاهر الأحاديث المستفيضة وما جرى عليه العمل, ولا يتعارض مع أقواله في الروايات الأخرى, فَيُتأول على أن محل الكراهة ما زاد على الوضع من معنى مكروه وهو قصد الاعتماد, وسياق كلام الإمام مالك في المدونة كان في الاعتماد في الصلاة والاتكاء, ففي المدونة (1/ 169): (قال: وسألت مالكا عن الرجل يصلي إلى جنب حائط فيتكئ على الحائط؟ فقال: أما في المكتوبة فلا يعجبني وأما في النافلة فلا أرى به بأسا، قال ابن القاسم: والعصا تكون في يده عندي بمنزلة الحائط، قال وقال مالك: إن شاء اعتمد وإن شاء لم يعتمد وكان لا يكره الاعتماد، قال: وذلك على قدر ما يرتفق به فلينظر أرفق ذلك به فيصنعه.

قال: وقال مالك: في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة؟ قال: لا أعرف ذلك في الفريضة وكان يكرهه. ...)


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق