الأربعاء، 28 أغسطس 2024

✍️وضع النقاط على الحروف في #المعلوم_من_الدين_بالضرورة

 


✍️بعضهم يقول أنا لا أقول إن المعلوم من الدين بالضرورة لا يشترط فيه إقامة الحجة مطلقا،
بمعنى أنه يستثني صورا يشترط فيها إقامة الحجة

✍️طيب ما الذي يستثنيه؟

■يستثني من المعينين من نشأ في بادية بعيدة ومن في حكمه...

■ويُخرِج من الاستثناء من عاش في حاضرة الإسلام وأنكر معلوما من الدين بالضرورة
●فهذا عنده لا يعذر بالجهل ولا يشترط في تكفيره إقامة الحجة
وإن حاول أن يضيق قيد العذر بالجهل بزمن اندراس الهدى...

✍️ ما وجه الخلل عنده؟

✍️أنه أطلق تكفير من عاش في حاضرة الإسلام وفي زمن عدم اندثار نور الهدى ثم أنكر معلوما من الدين بالضرورة...!!!!

✍️وهذا الإطلاق يشمل ما كان مناط التكفير فيما أنكره يحتمل اعتبار الجهل فيه أو لا

✍️فمثلا من أنكر تحريم الخمر متأولا
وهو يعيش في بلاد المسلمين وفي زمن لم يندثر فيه نور الهدى

■فمناط التكفير بإنكار تحريم الخمر هو استلزام التكذيب أو الامتناع
●وهذا المناط يحتمل اعتبار الجهل فيه والتأويل..

■فلما يأتي ويطلق القول بتكفيره وعدم اعتبار الجهل فيه لكونه يعيش بين المسلمين........
●هنا صار داعشيا صغيرا( تنفيرا من القول)
●وخالف اتفاق الصحابة في عذر قدامة وهو يعيش بين أظهرهم ونور الهدى ظاهر ولم يندثر
■ومع ذلك قد أنكر تحريم الخمر متأولا واعتبر الصحابة فيه بمانع التأويل................

♤وكذلك الجهمية أنكروا معلوما من الدين بالضرورة في زمن عدم اندثار الهدى
ولم يكفرهم أئمة السلف بأعيانهم إلا بعد إقامة الحجة

■وقل مثل ذلك فيما مناطه يرجع إلى استلزام التكذيب...

✍️فإن قال: أنا أستثني العامي دون العالم
قيل لك يرد عليك نفس الإشكال...

✍️كذلك من أوجه الخلل عنده
أنه أطلق القول باعتبار الجهل لمن نشأ في بادية بعيدة وهو ينكر معلوما من الدين بالضرورة
■وهذا الإطلاق يدخل فيه من ينكر استحقاق الله للعبودبة وحده
وهذا النوع من المعلوم من الدين بالضرورة لا يعتبر فيه الجهل بالحكم مطلقا ولو نشأ في بادية بعيدة؛ لأنه ينافي الإقرار المجمل بالشهادتين...

✍️■هناك إشكال ورد على بعضهم وهو حصر المعلوم من الدين بالضرورة في المسائل العقدية العامة والأحكام العامة كالإيمان بالله والرسل ووجوب الصلاة...
وخفي عليه
■أنه يلحق بها ما كان معلوما  بالاضطرار من دين الإسلام عند عموم المسلمين في زمن السلف
كعلو الله وإثبات رؤية قي الآخرة...
■وقد أطبق السلف على تكفير من أنكر العلو كحكم مطلق، وجعلوه مما علم بالاضطرار من دين الإسلام

■وكونه يأتي على الناس زمن يغلب فيه الجهل فيأتي من ينكرها
لا يعني ذلك أنها ليست من المعلوم من لدين بالضرورة بالنظر إلى المسألة نفسها وما كان عليه السلف فيها
■ولا ينفي أيضا إقامة الحجة فيها قبل تكفير من ينكرها

●قال ابن تيمية:(والأمور المعلومة بالضرورة عند السلف والأئمة وعلماء الدين قد لا تكون معلومة لبعض الناس)
●وقال:(السلف والأئمة مطبقون على تكفير الجهمية حين كان ظهور مخالفتهم للرسول مسهورا معلوما بالاضطرار لعموم المسلمبن حتى قل العلم بالإيمان فيما بعد، وصار يشتبه بعض ذلك على كثير ممن ليس بزنديق)
○والتكفير هنا مطلق وليس على الأعيان...

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الاثنين، 26 أغسطس 2024

#تقسيم_النصوص_الشرعية_إلى_قطعية_وظنية

 باختصار

قضية #تقسيم_النصوص_الشرعية_إلى_قطعية_وظنية في الأصل هي قضية كلامية من جهة عزل النصوص الشرعية عن الاحتجاج بها في باب الاعتقاد

وقد أحدثها #المعتزلة وتلقفها #متأخرو_الأشاعرة وملئت بها الكتب الأصولية... 


إلا أن هذا التقسيم في نفسه تلقاه أهل الحديث بالقبول وحملوه على معنى صحيح

لكن لابد عند الكلام عنه من ملاحظة الأصل الكلامي الذي انطلق منه المعتزلة ووافقهم متأخرو الأشاعرة

وهذا التقسيم عند #أهل_الحديث ينظر فيه من جهتين:

جهة #الدليل نفسه ودلالته على مراد الشارع

وجهة #المستدل ووصوله إلى مراد الله.. 


فبالنظر إلى الجهة الأولى فإن نصوص الشرع كلها قطعية الدلالة، ولا تنقسم إلى قطعي وظني...


فجميع النصوص في نفسها قطعية الدلالة على معانيها بغض النظر عن إدراك المستدل لذلك قطعا أو لا

وهي قطعية أيضا من جهة إحكامها...

ووو 


والخلاصة أن مسألة قطعية النصوص وظنيتها هي من جهة ظهور القطع والظن للمستدل وليست وصفا للدليل نفسه. 


وليس في هذا إلغاء لوجود نص ظاهر أو لفظ مجمل أو مشترك كما توهمه من لا يحسن النظر ...!!! 


فمع وجود الظاهر والمجمل .. إلا أن النصوص قد بينت مراد الله منهما بدلالة قطعية يدرك قطعيتها من شاء الله من عباده، ولم يتركه الشارع من غير بيان يدل على مراده قطعا..

إلا أن المستدل قد لا يصل إلى المبين قطعا، وإنما يصل إليه ظنا.........

هذا هو تحقيق المسألة

وقد أحسن في تفصيل ذلك وبيانه #ابن_القيم في مختصر الصواعق و #الشاطبي في الموافقات 

فلله درهما 


كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار

الأحد، 11 أغسطس 2024

تحرير مسالة التعزير بقتل الداعية إلى بدعة مغلظة

 

هل من لازم التبديع العيني استباحة دمه وقتله؟ 


جَعْلُ لازم التبديع العيني: القتل واستباحة الدم هو من افتراءات #حسن_السقاف على #ابن_تيمية، فقد زعم أن ابن تيمية (يحرض بشدة على قتل المبتدع)

ورفع السقاف شعار (تحذير المؤمنين من نظرية قتل المخالف بتهمة الابتداع) 


وقلده في أصل الفرية أو وافقه بعض التيارات عندنا في ليبيا...!!!!!!! 


وحتى نجيب على هذا السؤال ونرد على افتراء السقاف

لابد: 


١- أن ندرك قاعدة الشريعة في رفع الضرر والتعزير بالقتل......

والتعزير بالقتل الخلاف فيه معتبر...

ودليل من جوز التعزير بالقتل: المصلحة ودفع ضرر المفسد.

والمخول بالتعزير الذي يصل إلى القتل هو السلطان وليس عامة الناس...

ويكون مقصود السلطان نصرة الدين وحمايته. 


٢-أن ندرك أن الابتداع في الأصول مفارقة لجماعة المسلمين، والجماعة هم السواد الأعظم في القرون الثلاثة 

وليس هو مجرد رأي يبديه ويقيم عليه حجته... 


٣- أن نبحث في المناط الذي لأجله قتل بعض السلف بعض المبتدعة.

فقد كان أكثر السلف يأمرون بقتل الداعي إلى البدعة الذي يضل الناس. انظر مجموع الفتاوى (١٢/٥٠٠)

وليس هو محل اتفاق...

وقد قَتَلَ عمرُ بن عبد العزيز غيلان القدري، وجوز مالك وغيره قتل القدرية.

وسئل الإمام أحمد عن قتل الجهمية؟ فقال:(ارى قتل الداعبة منهم، 

وقال الإمام مالك: عمرو بن عبيد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.. مختصر الإنصاف(٢/٧٢٥) 


والسؤال المطروح: هل مناط القتل مجرد كونه مبتدعا عينا؟ كما ظنه بعض من لا يفقه

أو لابد مع الابتداع من معاني أخرى؟...

وهل يعنون بالبدعة البدعة المغلظة كبدعة الرافضة والجهمية والقدرية الأول والخوارج أو مطلق البدعة؟ 


إن الناظر في فعل السلف المستند على قواعد الشريعة وكلياتها يجد أنهم أمروا بقتل بعض المبتدعة ولم يأمروا بقتل غيرهم ممن وقع في نفس البدعة أو مثلها أو دونها واستحق التبديع العيني؛ مما يدل على أن مناط القتل ليس هو مجرد الابتداع أو التبديع العيني أو وقوعه في بدعة مغلظة كفرية... 


وإنما المناط الذي انطلق منه الأئمة في قتل المبتدع مركب من أمرين:

١-الداعي إلى بدعته إذا كان لا يقبل الحق إما لهواه وإما لفساد إدراكه.

٢-لا يندفع فساده وضرره على الناس إلا بالقتل

فهذان الأمران لابد من اجتماعهما، فكل واحد منهما جزء علة.

بمعنى: المبتدع الذي 

١-وقع في بدعة مغلظة 

٢-يدعو إليها 

٣-لا ينكف شره عن الناس إلا بقتله

٤-لم ينفع معه نصح وبيان 

٥-قد جربت معه عقوبات أخرى كالهجر والحبس فلم تنفع...

٦-أن يقوم به السلطان ومن في حكمه، ويكون مقصودهم نصرة الدين وحفظه. 


ولما كانت البدع المغلظة تهدم أصل الدين ناسب أن تكون عقوبة الداعي لها الذي لا يندفع ضرره على الناس إلا بقتله: القتل؛ تقديما لحفظ ضرورة الدين على ضرورة حفظ النفس؛ ولكون مصلحة قتله عامة؛ إذ يتحقق بها سلامة المجتمع من الوقوع في البدع المغلظة التي تهدم أصل الدين. 


قال ابن تيمية ": ومن لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قتل، مثل المفرق لجماعة المسلمين والداعي إلى البدع في الدين" (الفتاوى ٢٨/ ١٠٨).

وقال أيضا:" وأما قتل الداعية إلى البدع فقد يقتل لكف ضرره عن الناس، كما يقتل المحارب، وإن لم يكن في نفس الأمر كافرا، فليس كل من أمر بقتله يكون قتله لردته، وعلى هذا قتل غيلان القدري وغيره قد يكون على هذا الوجه" (الفتاوى ٢٣/ ٣٥١). 


وقد دلت الأدلة على قتل المفسد الذي لا يندفع ضرره إلا بالقتل، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه" 

ولشبهه بالتارك لدينه المفارق للجماعة؛ لكونه ذريعة ووسيلة إليه.

ولقياس المفسد على الصائل، فالصائل إذا لم يندفع إلا بالقتل قتل. 


ولحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة فهو محمول على التعزير بالقتل...

وهذه كلها أدلة خاصة إذا فُرض تعارضها مع حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمارق من الدين التارك للجماعة)! رواه البخاري ومسلم، فهي مقدمة عليه؛ لأن دلالة الخاص على معناه بالنص ودلالة العام على معناه بالظاهر فلا يبطل الظاهر حكم النص، والخاص يقضي على العام.

قال ابن رجب ردا على من قال بأن حديث ابن مسعود ناسخ:(لا يعلم ان حديث ابن مسعود كان متأخرا عن تلك النصوص كلها لاسيما وابن مسعود من قدماء المهاجرين وكثير من تلك النصوص يرويها من تأخر إسلامه كأبي هريرة وجرير بن عبد الله ومعاوية فإن هؤلاء كلهم رووا حديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة)


وهذا ما قرره بعض أصحاب المذاهب الأربعة 

قال ابن عابدين من الحنفية:" والمبتدع لو له دلالة ودعوة للناس إلى بدعته ويتوهم منه أن ينشر البدعة وإن لم يحكم بكفره جاز للسلطان قتله سياسة وزجرا لأن فساده أعلى وأعم حيث يؤثر في الدين" (ابن عابدين ٤/ ٢٤٣).

وقال ابن فرحون من المالكية:" وأما الداعية إلى البدعة المفرق لجماعة المسلمين فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وقال بذلك بعض الشافعية في فتل لداعية كابجهمية والروافض والقدرية، وصرح الحنفية بقتل من لا بزول فساده إلا بالقتل، وذكروا ذلك في الوطب إذا كثر نه ذلك يقتل تعزيرا" 

(تبصرة الحكام ٢/ ٢٩٧)

وفي حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج عند حديثه عن بعض المتبدعة: »نعم إن تضررنا بهم، تعرضنا لهم، إلى زوال الضرر أي ولو بقتلهم«.

وفي الإنصاف للمرداوي: (عند الحنابلة وجه بقتل الداعية إلى البدعة وفاقاً لمالك رحمه الله) 


فالمبتدع الداعية إلى بدعته الذي لا يقبل الحق: يقتله السلطان إذا كان ضرره على الناس لا يمكن إزالته إلا بالقتل

وهذا متعلق بالبدع المغلظة، وأما ما دونها فيكتفى بالتعزير بما هو أدنى من القتل كالهجر والحبس ... 

وقتله لا يدل على ردته؛ لأن مناط قتله ليس كونه كافرا.

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 8 أغسطس 2024

التعايش بين الطوائف والفرق والجماعات

 التعايش بين الطوائف والفرق والجماعات 


الأصل في أهل البدع الهجر والعقوبة؛ صيانة للشريعة وزجرا للناس

ولكل قاعدة استثناءات بحسب ما تقتضيه الضرورة وفقه المصالح... 


فمع كون الهجر أصلا لمن تسمى باسم أخص من اسم الإسلام وهو المبتدع

 إلا أن التطبيق الواقعي يدور على المصالح والمفاسد، وقوة أهل السنة وضعفهم، فليس كل مبتدع بجب هجره والتحذير منه على كل حال. 


فلا يلزم بالضرورة من تسميته مبتدعا هجره وعدم التعاون معه لا سيما ضد من يحارب الإسلام

ولا ينافي التعايش معه وفق ما تأمر به الشريعة سواء في حال الاختيار أو في حال الاضطرار 


فأهل السنة إذا تمكنوا لم يظلموا ولم يعتدوا بالتكفير والقتل وسفك الدماء...

وإنما يعطونهم ما يستحقونه من الأسماء ويحرصون على تعليمهم وإقامة الحجة عليهم

وإذا عاقبوهم عاقبوهم بقدر ما يخمد بدعتهم... فيتعاملون معهم بالعدل

وأما إذا كان أهل السنة في ضعف صبروا ولم ينافقوهم...

بخلاف ما نراه اليوم من بعض التيارات والمؤسسات الذين يحاولون جاهدين منافقة الطوائف التي يرون بدعيتها، وأما التي لا يبدعونها من طوائف اهل الكلام فيحاولون تسويغ  اعتقادها وجعل الخلاف معها خلاف اجتهاد وفروع...!!! 

قال ابن تيمية { ... ولهذا كان أهل السنة مع أهل البدعة بالعكس إذا قدروا عليهم لا يعتدون عليهم بالتكفير والقتل وغير ذلك، بل يستعملون معهم العدل الذي أمر الله به ورسوله، كما فعل عمر بن عبد العزيز بالحرورية والقدرية، وإذا جاهدوهم فكما جاهد علي - رضي الله عنه - الحرورية بعد الإعذار إقامة للحجة وعامة ما كانوا يستعملون معهم الهجران والمنع من الأمور التي تظهر بسببها بدعتهم، مثل ترك مخاطبتهم ومجالستهم لأن هذا هو الطريق إلى خمود بدعتهم، وإذا عجزوا عنهم لم ينافقوهم بل يصبرون على الحق الذي بعث الله به نبيه كما كان سلف المؤمنين يفعلون وكما أمرهم الله في كتابه حيث أمرهم بالصبر على الحق وأمرهم أن لا يحملهم شنآن قوم على أن لا يعدلوا.} ( الفتاوى الكبرى ج6/ ص528) . 


فأهل السنة إذا جلسوا مع من يرونهم مبتدعة فهم في جلوسهم ما بين أن يكونوا متمكنين فيتعاملون معهم بالعدل وما تقتضيه المصلحة الشرعية، أو يكونوا ضعافا فيتعاملون معهم بالصبر ولا ينافقون...


فالتسامح والتعايش ودفع خطاب الكراهية يجب أن يقوم على وسطية الشريعة واعتدالها، وبما يحافظ على الضرورات الخمس وما يقتضيه فقه الموازات بين المصالح والمفاسد

لا أن يقوم على الإنسانية ومبادئ العلمانية... 


ومصطلح التعايش أول من استعمله الرئيس السوفيتي (خروتشوف)...وفق ما اقتضاه واقعه... 


وعرفته (اليونسكو) باحترام الآخرين وحرياتهم والاعتراف بالاختلافات والقبول بالآخر...

ويجعلونه بديلا عن العلاقة العدائية... 


وكالعادة تنصرف همم بعض المسلمين إلى أسلمة هذا المصطلح؛ بقطعه عن سياقه التاريخي وجذوره العقدية....

وهذا يستقيم في مصطلحات دون مصطلحات بحسب قوة تعلق تلك الجذور بالمصطلح وضعفها، وهل يمكن انفكاكها عنه أو لا؟ 


وفي محاولة الكلام عن أسلمة مصطلح التعايش السلمي لابد أن نلحظ أمرا في غاية الأهمية وهو: أن العقيدة الصحيحة واحدة لا تقبل التعدد والتناقض، فلا يمكن لعقيدتين متضادتين او متناقضتين أن تكونا صحيحتين عند الله سبحانه، وعليه لابد أن تقوم الأسلمة على أن العقيدة الصحيحة واحدة، وعلى دوران مصطلح اهل السنة عليها.. 


ولهذا لما تعايش النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة مع العقائد والدييانات المختلفة تعايش معها وفق أن الإسلام هو الحق دون غيره... 


وهذا لا يستقيم مع التعايش الذي يدعو إليه الغرب وجعلوه أنموذجا حضاريا، فالتعايش عندهم يقوم على تعدد الحق... 


طيب

إذا حاولنا أسلمة هذا المصطلح ( التعايش السلمي) وحصرنا الكلام بين الطوائف والفرق الإسلامية

فنقول: 


هذا المصطلح قد يعبر به عن قبول فكرة تعدد الفرق والطوائف وتسويغ اعتبار معتقداتها من الناحية الشرعية......

وقد يعبر به عن إعطاء الحقوق والتعاون في المشتركات والحفاظ على الأمن ورفض النزاعات الطائفية التي تجر إلى الفوضى والفتنة العامة.. 


فليس الإشكال في التعايش بمفهومه العام؛ لأنه ضرورة لا تقوم الحياة إلا به 


وإنما الإشكال في التعايش بمفهومه الخاص؛ مما يستدعي تفصيلا

فالتعايش بمفهوم عدم الظلم وإقامة العدل: تدعو إليه الشريعة قال تعالى:[ ولا يجرمنكم سنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا]

والتعايش بمفهوم دعوتهم إلى عقيدة أهل السنة بالتي هي أحسن، وتأليفهم والرحمة بهم: تدعو إليه الشريعة (فو الله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم) 


والتعايش بمفهوم نصرتهم أمام العدو الكافر والوقوف معهم: تدعو إليه الشريعة... 


وأما التعايش القائم على إلغاء الفروق والاختلافات أو تسويغ اعتبارها شرعا بجمعهم تحت مصطلح عام، فهذا يتناقض مع الشريعة وأصل الولاء والبراء.. 


فالتعايش حتى يكون صحيحا يتوافق مع قواعد الشريعة لابد أن يبنى على العدل والنصح، لا أن يبنى على المساواة وإلغاء الفروق.

وأن يبنى على قاعدة الشريعة في اعتنائها بدرء المفاسد وتقدمه على جلب المصالح

وهذا يتطلب تحديد مجاله وفق ما يتوافق مع قواعد الشريعة... 


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار