الخميس، 24 يوليو 2025

بين الكفر بالطاغوت وتغيير الحكام

 📌 بين الكفر بالطاغوت وتغيير الحكام:

#نقد_منهج_التصعيد
#دواعش_التكفير
✍🏻 بقلم: د. أحمد محمد الصادق النجار

🔹 مما يشيعه #غلاة_التكفير ومن تأثر بهم من دعاة التصعيد في هذا الباب:
أن "الأنبياء بدؤوا دعوتهم بإسقاط الطواغيت"،
وأن "الكفر بالطاغوت لا يكتمل إلا بالدعوة إلى تغييره فورًا"،
وأن من لا يصرّح بعداوة الحكّام ووجوب خلعهم فهو من دعاة الخنوع والتخاذل...

🔹لكن هذه العبارات، وإن بدت حماسية لا سيما في واقعنا المعاصر
إلا أنها تفتقر إلى الفهم العميق لمنهج الأنبياء وطريقة السلف، بل تحمل في طياتها خلطًا بين أصل الإيمان ووسائل الإصلاح، وبين التوحيد والثورة، وبين منهج السلف وطريقة الخوارج...

🧭 أولا: معنى الكفر بالطاغوت

🔹 الكفر بالطاغوت – وهو ركن من أركان الإيمان – معناه عدم الانقياد له، وعدم الرضا بشرعه، واعتقاد بطلانه، ورفض موالاته القلبية والدينية.
🔹 لكنه لا يعني أن يتحول هذا الأصل إلى برنامج سياسي هدفه الأول إسقاط الحاكم
وتوضيحه في:

🧭 ثانيًا: الأنبياء دعوا إلى التوحيد لا إلى الثورة

🔹 موسى عليه السلام أُرسل إلى فرعون، لكنه لم يأتِ بثورة مسلحة، ولا خرج عليه بجموع بني إسرائيل. بل خاطبه بالحكمة ودعاه إلى التوحيد، وقال الله لموسى:﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا﴾
فلما لم يستجب له خرج بقومه؛ ليقيم دولة التوحيد بعد أن هيأ الناس...
🔹 ونبينا ﷺ في مكة، واجه طغاة قريش، لكنه لم يبدأ دعوته بشعار "إسقاط الحكم القرشي"، بل دعا سرًّا إلى التوحيد، ثم جهرًا، وصبر على الأذى، وربّى أصحابه على التوحيد والتزكية..

🧭 ثالثًا: الحكم على الأنظمة في البلدان المسلمة لا يكون بالشعارات
ولا بالعبارات الثورية، كقول البعض: "أنظمة كافرة"، أو "نظم طاغوتية"، أو "موالون لليهووود"، دون تحقيق شرعي دقيق للمناط، ووزن الأمور بميزان العلم والعدل.

⚠️ فهذا التعميم مسلك خطير يخالف طريقة أهل السنة؛ إذ ليس كل من حكم بغير ما أنزل الله يكون كافرًا كفرًا أكبرًا، وليس كل استبدال يكون كفرا أكبر، وإنما المسألة لها ضوابطها...
🔸 وحتى إذا ثبت الحكم بالكفر على النظام من حيث الوصف العام، فإن الحكم على الحاكم أو المسؤول بعينه يحتاج إلى توفر شروط وانتفاء موانع، وليس بمجرد الحكم بالكفر على النظام
دون الحاكم تسقط أصل الولاية، كما يتوهمه هؤلاء..

🔸 فالوهم الذي يتوهمه بعض الناس من أن مجرد الحكم على النظام بالكفر، يُسقط تلقائيًا شرعية الحاكم وولايته بالكلية، هو خلطٌ بين الأحكام، وقد ردّ العلماء هذا التوهم المنحرف منذ قرون، ومن أوضح الأمثلة على ذلك:
ما وقع من خليفتَي بني العباس: المعتصم والواثق، فقد انتحلا القول بخلق القرآن، وهو كفر عند أئمة السنة، ومع ذلك لم يرَ أحد من أئمة أهل السنة إسقاط ولايتهما، بل استمروا في طاعتهما في المعروف، والدعاء لهما، والذبّ عن بيضة الإسلام.

❗فإذا كان الحاكم المسلم اليوم تسقط ولايته بالكلية بمجرد وقوعه في كفر ظاهر= وجب أن يكون المعتصم والواثق كذلك
وهو خلاف إجماع السلف...
فكيف بمن يسقط الولاية بما ليس بكفر أكبر كمن يجعل من موالاة الكفار أو أغلاق المعابر او تقصير في إلإغاثة كفرا أكبر بإطلاق؟!!

🧭 رابعًا: إثارة الجماهير على الحكام المسلمين تمهيدٌ للفوضى

الوصف المتكرر للحكام بالصهينة والخيانة، والنظم بالطاغوتية، يُعد تأهيلاً نفسيًا وجماهيريًا للعنف والتمرد، فالخطاب الذي يُصرّ على نعت الأنظمة بالطاغوتية، دون مراعاة المآلات، ولا التحقق الشرعي، هو خطاب تعبوي خطير، يُهيّئ العامة نفسيًا للتمرد والفوضى، حتى لو لم يصرّح أصحابه بدعوة مسلحة، وحتى لو نفى بعضهم أنه يدعو للخروج المسلح
فالخطر الحقيقي... ليس في الخروج المسلح فقط، بل في تهيئة العقول والنفوس للخروج...

📌 وقد قرر أهل العلم من أهل السنة  أن مثل هذا الخطاب – وإن تزيّن بالدعوة إلى "الكفر بالطاغوت" – هو في حقيقته يُعبّد الطريق للتفجير والعنف ويُغذّي عقلية الخروج باسم الإصلاح.
فمن يقول عن الحاكم: "طاغوت، لا شرعية له... لكن لا أدعو للخروج"، فهو كمن:
🔥 "أوقد النار بين الناس... ثم أنكر أنه دعاهم لاستخدامها!"
• ولتعلم أن كثيرا من التنظيمات والجماعات، بدأت بخطاب نزع الشرعية، وبعد فترة قصيرة: تحول الخطاب من "كفر النظام"، إلى "تحريم الطاعة"، إلى "وجوب خلعه"، إلى "شرعية إسقاطه بالسلاح".

🧭 خامسًا: البراءة من الإرجاء

📌 التحذير من خطاب التهييج والتوصيفات الطاغوتية غير المنضبطة لا يعني السكوت عن المنكر، ولا هو يُفرغ الكفر بالطاغوت من لوازمه العملية.
🔸 فإنكار الظلم واجب، لكنه لا يكون بالصراخ، ولا بالتأليب، ولا بالخروج، بل بالعلم والحكمة والضوابط الشرعية والمصالح المعتبرة.

📌 فالرد على خطاب التكفير الفوضوي ليس رجوعًا إلى الإرجاء، بل هو تثبيت للمنهج السلفي الوسطي الذي يجمع بين قوة العقيدة، وحكمة الدعوة، وفقه المآلات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق