حول مصطلح "#الجاهلية" في فكر #سيد_قطب
✍️ بقلم: د. أحمد محمد الصادق النجار
يحاول بعض المدافعين عن فكر سيد قطب التقليل من دلالة مصطلح "الجاهلية" الذي يستخدمه، فيوهمون القارئ أنها مجرد وصف اجتماعي أو أخلاقي عابر، دون أبعاد عقدية خطيرة، وهذا تدليس واضح، وابتعاد عن التحقيق العلمي والتدقيق البحثي، ، إذ إن نصوص سيد قطب الصريحة، والسياق العام لفكره، تنقض هذا الادعاء من جذوره، فهم يتجاهلون نصوصًا صريحة وأبعادًا عقدية بالغة الأهمية في فكره.
أولًا:
لا أحد ينكر أن مجرد وصف مجتمع بـ"الجاهلية" لا يلزم بالضرورة تكفير جميع أفراده.
لكنّ المشكلة الحقيقية في فكر سيد قطب ليست في مجرد الوصف، وإنما في ربط هذا الوصف بـ حكم شرعي عقدي صريح بالكفر والردة على المجتمعات التي لم تطبق حاكمية الله، حتى ولو نطق أهلها بالشهادتين
قال سيد:(البشرية عادت إلى الجاهلية، وارتدّت عن لا إله إلا الله) (في ظلال القرآن ـ 2/1057- دار الشروق).
وقال (ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان؛ ونكصت عن لا إله إلا الله، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن : لا إله إلا الله)(في ظلال القرآن ـ 4/2009- دار الشروق)
فهو لا يتحدث فقط عن "وصف اجتماعي"، بل يُقرر حكمًا شرعيًا عقديًا بالكفر أو الشرك على من لا يطبق الحاكمية، ولو نطق بالتوحيد.
ثانيًا:
ارتباط مفهوم الجاهلية بمفهوم الحاكمية عند سيد قطب يعني تكفيرًا سياسيًا وعقديًا.
وهذا التصور كان هو الأساس النظري والفكري الذي تبنته لاحقًا جماعات الغلو والتكفير، كـ"القاعدة"، و"داعش"، و"التكفير والهجرة"، وغيرها، واعتبرته سندها الشرعي في تكفير المجتمعات، واستحلال الخروج والقتل والقتال.
وبعضهم يتوارى تحت مصطلح الامتناع...
ثالثًا:
قوله"لم نكفّر الناس" لا تُبطل النصوص العقدية السابقة.....
🛑قول سيد قطب في كتابه "لماذا أعدموني؟" ص22 :"إننا لم نكفّر الناس، وهذا نقل مشوّه. إنما نحن نقول: إنهم صاروا – من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة، وعدم تصور مدلولها الصحيح، والبعد عن الحياة الإسلامية – إلى حال تُشبه حال المجتمعات في الجاهلية."
لا يبطل نصوصه الصريحة السابقة
والغريب أن بعض المدافعين يستندون إلى هذا النص الواحد المتأخر لينفوا عنه كل التبعات العقدية والفكرية التي ظهرت في كتبه السابقة، ولا سيما:
• في ظلال القرآن (الطبعة الثانية)،
• معالم في الطريق،
• العدالة الاجتماعية في الإسلام،
وهي المصادر التي اعتمد عليها كثير من الجماعات التكفيرية مثل القاعدة، وداعش، وجماعات الهجرة والتكفير وغيرها.
🛑فاستناد هؤلاء المدافعين إلى نص واحد مجمل هو محاولة منهم نسخ العبارات الصريحة التي تُقرر حكمًا شرعيًا عامًا على المجتمعات المسلمة اليوم بأنها "مرتدة" و**"لا توحد الله"**.
هذا الأسلوب الانتقائي منهم في قراءة فكر سيد قطب يُعد نوعًا من التزييف المنهجي؛ لأنه يُعلّق الفكر العقدي الكامل على نص واحد مجمل ومتأخر، في مقابل نصوص كثيرة صريحة في التكفير، لم يُبدِ فيها قط تراجعًا واضحًا أو استدراكًا صريحًا.
وهذا هو الندليس بعينه وابتعاد عن المنهجية العلمية.....
فقوله: "لم نكفر الناس" دون أن ينفي نصوصًا سابقة له تحتوي تكفيرًا عامًا وصريحا، لا يُعتبر تراجعًا شرعيًّا .
👈 ولذلك فإن العلماء الكبار مثل ابن باز، الألباني، ابن عثيمين، لم يعتبروا هذا النص تراجعًا كافيًا، بل بقوا يحذرون من عباراته في الحاكمية والتكفير.
⚖️ تنبيه مهم:
إن نقد الفكر لا يستلزم بالضرورة الحكم على النيات أو المصير، ولا يعني الجزم بعدم التوبة أو المراجعة، فالحكم على الأقوال والأفكار شيء، والحكم على الذوات والمآلات شيء آخر.
http://abuasmaa12.blogspot.com/2025/08/blog-post_4.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق