التسميات
- أجوبة في العقيدة (47)
- أصول الفقه (24)
- الأجوبة على الأسئلة الأصولية (9)
- العقيدة (40)
- القواعد (3)
- ضوابط التبديع (70)
- مقاصد الشريعة (3)
إظهار الرسائل ذات التسميات طلب العلم. إظهار كافة الرسائل
إظهار الرسائل ذات التسميات طلب العلم. إظهار كافة الرسائل
الأربعاء، 16 مارس 2016
الخميس، 24 ديسمبر 2015
لكل فنٍّ من الفنون مقصد, وموضوع يبحث فيه.
على طالب العلم حتى يتقن الفن المعين أن يعلم مقصوده, وموضوعه الذي يبحث فيه,
وإلا اختلطت عليه الأمور.
فمثلا: علم الأصول: موضوعه الأدلة, ومقصوده فهم الكتاب والسنة.
وعلم النحو: موضوعه أواخر الكلمة, ومقصوده: ضبط اللسان عند النطق بالألفاظ, وفهم الكلام بحسب الإعراب.
إلى غير ذلك
فمن لم يفهم الموضوع والمقصود حق الفهم قد يقع في أمور عظام, ويستدرك فيما لا يحسن الاستدراك فيه.
وأضرب مثالا:
أكِلت السمكة
يقول النحويون: السمكة نائب فاعل.
فمن لم يعرف موضوع النحاة ومقصودهم لربما يقول: كيف تكون السمكة نائب فاعل؟, هل أكلت السمكة نفسها؟!
فيُضحك عليه الناس.
وعلى طالب العلم أيضا: أن يتنبه لتشابه المصطلحات, فهذا التشابه لا يعنى المماثبة في المعنى, وإنما الواجب فهم المصطلحات على مقصود أهله منه.
فالمكروه على لسان الشارع ليس هو المكروه على لسان الأصولين, ونحو ذلك.
وضبط المصطلحات من أهم المهمات؛ إذ يتوقف عليه صحة التصور والتصديق.
أسأل الله أن ينفع طلبة العلم بهذه التنبيهات.
كتبه:
د.أحمد محمد الصادق النجار
الأربعاء، 23 ديسمبر 2015
همسة في آذان مشايخنا
مشايخنا الكرام: طلبة العلم يحتاجون الى من يأخذ بايديهم فيؤصلهم تأصيلا علميا رصينا، يسلمون به - بعد توفيق الله- من الانخراط في سلك الشبهات، والتزعزع في الثوابت واليقينيات.
وأنتم مشايخنا من يرجى منكم ان تسلكوا بطلابكم مسلك التأصيل والتدقيق.
وهذا يحتاج منكم ان ترسموا لهم منهجا واضحا يترقون به في مسيرة طلبهم للعلم؛ حتى يشتد عودهم، ويقوى تحصيلهم.
وهم مشايخنا الكرام يطلبون منكم ان تحددوا لهم كتبا تأصيلية تشرحونها لهم،وتترقون معهم فيها.
ولا يكون اختيار الكتب المشروحة من غير مراعاة لتأصيلهم.
فحبذا مشايخنا ان تتخيروا لنا كتبا جامعة تغني عن غيرها تناسب كل مرحلة ( المبتدئين والمتوسطين والمنتهين)، فتصوروا لنا مسائلها تصورا صحيحا, وتبيوا لنا قواعدها وأصولها، وتدربونا على ارجاع ما تضمنته هذه الكتب من جزئيات الى كلياتها وقواعدها، وكيف نستنبط احكام هذه الجزئيات من أدلتها، وكيف نقلب الدليل الذي احتج به المخالف عليه، ونرد عليه شبهته , إلى غير ذلك.
مع تسهيل العبارة وتيسيرها.
وفي كل مرحلة ما يناسبها من ذلك.
فلا يتوسف في المرحلة الأولى بما يناسب الثانية أو الثالثة, ولا يختصر في الثانية والثالثة بما يناسب الأولى.
وإنما يراعى في كل مرحلة مقصودها.
فإذا انتهى شيخنا من المراحل يعود مرة أخرى الى نفس الكتب ويبدأ في المراحل من جديد، فيستفيد من لم يحضر في المرة الأولى، ويتأكد لمن حضر ويرسخ.
وإن شئتم أن يحصل بين مشايخنا اتفاق فيأخذ بعضهم المرحلة الاولى ويستمر عليها ولا يغادرها، وبعضهم المرحلة الثانية، وبعضهم المرحلة الثالثة
فيكون هذا الديدن لمشايخنا، ولا بأس بعد ذلك ان تفتح كتب خاصة لمن تمكن من الطلاب في أوقات أخرة غير المخصصة لتلك المراحل, مع استمرار الشيخ في تأصيل من لم يتأصل بنفس الطريقة السابقة.
وبهذه الطريقة يرسخ العلم لدى الطلاب, ويتأصلون تأصيلا دقيقا.
وتقل الفوضى التي نشاهدها اليوم في التكفير والتبديع, وسلوك منهج أهل البدع.
وهذه مجرد وجهة نظر، والا فمشايخنا بحكم خبرتهم وتمكنهم في العلم هم أعلم بالأصلح الطلاب.
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.
تلميذكم ومحبكم:
أحمد محمد الصادق النجار
الأحد، 13 ديسمبر 2015
التأصيل المبني على اليقين يجب أن يكون بغية طالب العلم
القطع واليقين في تأصيل المسائل مطلب ومقصد, وهو ما كان علبه الراسخون في العلم.
وما نعيشه اليوم من كثرة الشبه التي يوردها اهل الباطل على الحق ليجعل اليقين مطلبا أساسيا لكل من أراد النجاة لنفسه, والعصمة من الوقوع في شبهات اهل الباطل.
ومن كان تأصيله في المسائل على يقين أو ما يقرب منه لم تزده الشبه التي ترد على المسائل إلا رسوخا ويقينا, وأما من كان تأصيله عن ظن فربما تعصف به الفتن والشبه فتزيحه عن أصوله, ويصبح المعروف عنده منكرا, والمنكر معروفا.
فينبغي أن تكون دراسة طالب العلم للمسائل العقدية وغيرها دراسة توصله إلى القطع واليقين.
ومن مقاصد أئمة السلف في كتبهم المسندة: كثرة ذكر الآيات والأحاديث واقوال السلف في المسألة الواحدة؛ ليرفعوا المسألة عند القارئ من الظن إلى اليقين.
وهذا مقصد عظيم يكون دافعا ورافعا عند ورود الشبه.
وما نراه اليوم من تذبذب بعض طلبة العلم في المسائل والتلون والتنقل وعدم الثبات ما هو إلا نتيجة لعدم التأصيل اليقيني أو ما يقرب من اليقين.
وليعلم طالب العلم: أن في النقل ما يكون من قبيل المتشابه؛ ليمتحن الله به عباده, فمن لم تكن عنده المحكمات واضحات ضاع, وزاغ.
فاليقين اليقين في التأصيل؛ فهوعاصم بإذن الله من الفتن والشبه.
كتبه
أحمد محمد الصادق النجار
السبت، 12 ديسمبر 2015
تحقيق المسائل هو المقصد لا جمعها
قد صرنا في زمن يتفاخر بعض طلبة العلم بالجمع والإحاطة بالأقوال وسرد الخلاف دون تمييز وتحقيق, ودون معرفة محل النزاع والخلاف, ومن غير تطبيق للقواعد والأصول.
فيستدل من الأدلة ما يظن انه موافق لرايه, وهو على خلافه.
وما علم هؤلاء أن هناك فرقا بين جمع ما قيل في المسألة وبين تحقيقها؛ فالجمع وسيلة للتحقيق, وليس هو التحقيق.
والمرء يُمدح بالتحقيق لا بالجمع, وهذا ما كان عليه أئمتنا وعلماؤنا, فقد برزوا ورفعوا بعد توفيق الله بالتحقيق لا بالجمع, وبالتفنن في الاستنباط والترجيح, لا بمجرد سرد الأقوال.
ومما كان يلمز به من كان جمَّاعا أن يقال عنه: حاطب ليل.
ومن النقص أن يجعل الجمع هو الغاية, فتُجعَل الوسيلة مقصدا.
قال ابن رجب عن كلام السلف: (( ويحتاج من أراد جمع كلامهم إلى معرفة صحيحة من سقيمه وذلك بمعرفة الجرح والتعديل والعلل فمن لم يعرف ذلك فهو غير واثق بما ينقله من ذلك ويلتبس عليه حقه بباطله. ولا يثق بما عنده من ذلك كما يرى من قل علمه بذلك لا يثق بما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن السلف لجهله بصحيحه من سقيمه فهو لجهله يجوز أن يكون كله باطلا لعدم معرفته بما يعرف به صحيح ذلك وسقيمه.))
والتحقيق يقوم على:
١- جمع الأقوال والأدلة.
٢-التمكن من علوم الآلة وتنزليها على الأدلة.
فهذان ركنان لا يقوم التحقيق إلا بهما.
فيبدأ المحقق للمسائل أولا بالجمع, وعلى هذا الجمع يقوى التحقيق أو يضعف, فإذا كان جمعه تاما كان التحقيق تاما, وإذا نقص نقص, فيقوى التحقيق بقوة الجمع, ويضعف بنقصه.
والجمع يقوم على تتبع الأقوال والأدلة والإحاطة بها ما أمكن.
وهناك فقهٌ في الجمع, ومنه: الدمج بين الأقوال المتماثلة والمتشابهة, وإخراج ما كان خطأ محضا أو شاذا من عده قولا, والاعتناء بأقوال الأئمة المعتبرين دون غيرهم.
ثم يثني بالركن الثاني الذي لا ينفك عن الأول وهو: التمكن من علوم الآلة نظرا وتطبيقا, فيعرف كيف يستخرج العلة, وينقحها, ويحققها في مناطها, ويعرف القواعد الكلية ومتى يضعها في محلها, والمقاصد الشرعية من غير أن يلغي النصوص الجزئية, ويميز بين الصحيح والضعيف, ويعرف متى يرجح الوصل على الإرسال, والإرسال على الوصل, ونحو ذلك.
وعلى التمكن يقوى التحقيق أو يضعف, فإذا قوي التمكن قوي التحقيق, وإذا ضعف ضعف.
ولله در شيخ الإسلام ابن تيمية القائل: (( والعلم شيئان: إما نقل مصدق، وإما بحث محقق ،وما سوى ذلك فهذيان مسروق ))
وبعد تحقيق المسألة تأتي مرحلة مهمة لا يوفق إليها إلا من وفقه الله سبحانه, وهي: إيصال المسألة المحقَّقة إلى الآخرين سهلة العبارة, واضحة المعنى, من غير تقعر بالعبارات, واستحداث مصطلحات جديدة, ونحو ذلك
ومتى أمكن الرجوع إلى عبارات السلف فالواجب الرجوع إليها؛ لأنهم كانوا على الحق المبين, وخير الكلام ما قل ودل.
إلا إذا وجدت الحاجة, فيتوسع بقدرها.
قال ابن رجب عن كلام السلف: (( ومع هذا ففي كلام السلف والأئمة كمالك والشافعي وأحمد وإسحاق التنبيه على مأخذ الفقه ومدارك الأحكام بكلام وجيز مختصر يفهم به المقصود من غير إطالة ولا إسهاب: وفي كلامهم من رد الأقوال المخالفة للسنة بألطف إشارة وأحسن عبارة بحيث يغني ذلك من فهمه عن إطالة المتكلمين في ذلك بعدهم بل ربما لم يتضمن تطويل كلام من بعدهم من الصواب في ذلك ما تضمنه كلام السلف والأئمة مع اختصاره وإيجازه ))
وقال: ( وقد فتن كثير من المتأخرين بهذا فظنوا أن من كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل الدين فهو أعلم ممن ليس كذلك. وهذا جهل محض. وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكر وعمر وعلي ومعاذ وابن مسعود وزيد بن ثابت كيف كانوا. كلامهم أقل من كلام ابن عباس وهم أعلم منه وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة والصحابة أعلم منهم وكذلك تابعوا التابعين كلامهم أكثر من كلام التابعين والتابعون أعلم منهم. فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال ولكنه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق ويميز به بينه وبين الباطل ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد.
))
وقال: (( وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين انه أعلم ممن تقدم. فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله))
ونرى في زماننا من يتشدق بكثرة الكلام, ويتوسع فيه بدون حاجة؛ ظنا منه أن هذا هو التحقيق.
اللهم اجعلنا من اهل التحقيق الذين لا يريدون إلا وجهك.
كتبه
أحمد محمد الصادق النجار
الخميس، 29 أكتوبر 2015
من كثر خطؤه وفحش استحق الترك إذا انفرد
إن طالب العلم أو الشيخ إذا كثر خطؤه وفحش فإنه لا يستحق أن يعوَّل عليه، أو يعتمد على أقواله التي يتفرد بها، أو يرجع إليه في النوازل، أو يرجع إليه في تحقيق الأوصاف الشرعية على الوقائع.
وكذا من عُرِف عنه اتباعه لهواه فيُعمِل القواعد على حسب هواه، فتراه يعملها تارة ويلغيها أخرى؛ انطلاقا من الهوى، وإرضاء للجمهور، وحفاظا على المنزلة.
ومتى عُلِّق الشباب والعامة بهؤلاء فلا تعجب بعد ذلك من الفهوم الغريبة, والتأصيلات الفاسدة, والأحكام الجائرة, والأخلاق السيئة.
وكثرة الأخطاء تدل على ضعف في التأصيل، وعدم تحقيق للتصور الصحيح والتصديق الصحيح.
والذي يعتمد على فهمه وقوله: من غلب صوابه على خطئه، وكان متجردا لله لا للهوى.
ويخلط بعضهم بين مدح الرجوع عن الخطأ والأخذ عمن فحش غلطه.
فلا يلزم من مدح من رجع عن خطئه ان يؤخذ عمن كثر خطؤه إذا انفرد.
وللاسف دخلت المجاملات في تعيين طلاب العلم ومراتبهم.
فبدل أن يقوم التعيين وبيان المرتبة على الأصول الصحيحة والضوابط الدقيقة تراه يقوم على الاصول الفاسدة، وأنه من المرضي عنه أو لا .
ومتى ما بعدنا عن الأوصاف الشرعية وتحقيقها في المعينين بالضوابط الصحيحة وقعنا في الظلم والجور.
وما نراه اليوم من البيانات التي تصدر ممن تصدى للتدريس مرة بعد مرة؛ رجوعا عن أخطائهم وقد فحشت لهو أكبر دليل على عدم الالتفات إلى أقوالهم وفهومهم.
مع مدح الرجوع عن الأخطاء إن كان الباعث على الرجوع الخوف من الله ورجاء ما عنده، لا الخوف من الناس ورجاء ما عندهم.
ولا يلزم من المدح: الأخذ، كما تقدم.
وأخيرا: الواجب الحذر من الأخذ عمن كثر خطؤه وفحش فيما انفرد به، أو أن يعتمد عليه في تنزيل الأوصاف الشرعية على الوقائع.
والدين -معاشر الأحبة- أغلى ما يملكه العبد، فعلى الانسان أن يحافظ عليه من جهة الوجود والعدم.
والدين أعلى الضرورات الخمس، وهو مقدم عليها، فضلا عن الحاجيات والتحسينيات.
أسأل الله أن يفقهنا في دينه.
الأربعاء، 14 أكتوبر 2015
بم يُعرف العالم (بإطلاق)؟
مما يعرف به العلماء حقيقة: رسوخهم في العلم.
ويظهر هذا الرسوخ: إذا سألتهم عن علل الأحكام, ومقاصد المسائل, والقواعد التي ترجع إليها الجزئيات.
فتجد العالم المتبحر حقيقة يجيبك بالنكت والدقائق, ويفرق بين الأشباه, ويكون ترجيحه مبنيا على مقاصد الشريعة, ويرجع المسائل الجزئية إلى قواعدها وكلياتها.
ويستنبط الأحكلام من الأدلة بناء على إحاطته بدلالات الألفاظ.
ويعرف الناسخ والمنسوخ محيطا بالأصول والقواعد والمقاصد.
بينما من يُدَّعى فيهم العالم, والعلامة, والفهامة, ونحو هذه الألقاب إذا سئل عن هذه الأمور أعرض, أو أجا ب بكلام عام لا يتعلق بالسؤال من كل وجه, أو يجيب بناء على ما سنح في الخاطر.
وربما قال: لا تسألوني إلا في كذا وكذا.
تجده بعيدا عن التعمق في الأصول والمقاصد والقواعد.
فلا تغتر يا طالب العلم بكل من قيل فيه هذه الألقاب, وإذا أردت أن تعرف علم شيخك فجالس غيره.
وأنزلوا الناس منازلهم.
واحذر أن تتتبع هواك في إنزال هذه الألقاب؛ لأن هذه ألقاب ينزَّل عليها أحكام شرعية.
ويُخشى أن ينال من أعطى هذه الألقاب من لا يستحقها: الإثم, لأن من قيلت فيه هذه الألقاب سيُقلَّد في مسائل ليس أهلا للإفتاء فيها, كالنوازل المتعلقة بالأمة.
حفظ الله علماءنا, وزادهم رسوخا في العلم والسنة.
وكتبه:
أحمد محمد النجار
الثلاثاء، 13 أكتوبر 2015
التلقي من الكتب دون الاشياخ
من كان شيخه كتابه اكتسب المعلومة الجزئية المقروءة من غير مقدرة على تعديتها الى غيرها مما يشاركها في العلة، ومن غير معرفة الكلية التي اندرجت تحتها هذه الجزئية
ذلك أنه تلقى الجزئية من غير معرفة بكليتها، وإذا عرف كليتها لم يعرف مناط كليتها، وإذا عرف مناط كليتها لم يعرف كيف يلحق المسائل الأخرى المشتركة في هذا المناط بتلك الكلية.
ولذا ترى هؤلاء ومن في حكمهم ممن لم يتأصل تأصيلا قويا عند الأشياخ: مذبذبين، يتنقلون من مذهب إلى مذهب، ومن قول إلى قول، ومن ترجيح إلى ترجيح.
وما كان معروفا قد يصبح منكرا، والعكس.
ويحسبون أنهم بلغوا مبلغا في العلم، وأن لهم المقدرة على تدريس الطلاب، وتوجيهم.
وتراهم يتشدقون بالتأصيل والتقعيد، وعند التحصيل تجدهم يخطئون فيما ادعوا فيه أنه تأصيل وتقعيد، ويقلبون الحقائق، ويلزمون الناس بما هو مناقض للدعوى ، ويسمون الأشياء بغير اسمها؛ مما لا يدع مجالا للناظر إلا أن يقول:
وكلٌ يدعي وصلا للعلم. والعلم لا يقر لهم بذاك
وهذه دعوة لنفسي ولأحبتي من طلبة العلم أن يتأصلوا على المشايخ والعلماء المتمكنين في العلم الذين يهتمون بدقيق العلم، ويغوصون في علل الأحكام ومقاصدها.
وليكن انتقاؤهم للمشايخ أشد من انتقائهم للذيذ الطعام وأطيبه.
وليبتعدوا ما استطاعوا عن المتلقين عن الكتب، أو الذين تلقوا عن بعض الأشياخ ولم يتأصلوا عندهم.
وأقول لأهلي في ليبيا وغيرهم: احذروا أمثال هؤلاء، وابتعدوا عنهم، فليس كل من جلس للتدرس يكون مؤهلا، ويؤخذ عنه العلم.
كما أحذر من أهل البدع والتحزب، فهؤلاء فرقوا الأمة، وخرجوا عن أقوال الصحابة ومن اتبعهم بإحسان.
وإذا كان الواحد منا اذا مرض يذهب لمن يثق في طبه بعد أن يسأل الناس عنه
فليكن هذا أشد فيمن يصحح لنا العقائد، ويعلمنا دين الله.
والله هو الموفق وحده.
وكتبه
أحمد محمد الصادق النجار
من كان شيخه كتابه اكتسب المعلومة الجزئية المقروءة من غير مقدرة على تعديتها الى غيرها مما يشاركها في العلة، ومن غير معرفة الكلية التي اندرجت تحتها هذه الجزئية
ذلك أنه تلقى الجزئية من غير معرفة بكليتها، وإذا عرف كليتها لم يعرف مناط كليتها، وإذا عرف مناط كليتها لم يعرف كيف يلحق المسائل الأخرى المشتركة في هذا المناط بتلك الكلية.
ولذا ترى هؤلاء ومن في حكمهم ممن لم يتأصل تأصيلا قويا عند الأشياخ: مذبذبين، يتنقلون من مذهب إلى مذهب، ومن قول إلى قول، ومن ترجيح إلى ترجيح.
وما كان معروفا قد يصبح منكرا، والعكس.
ويحسبون أنهم بلغوا مبلغا في العلم، وأن لهم المقدرة على تدريس الطلاب، وتوجيهم.
وتراهم يتشدقون بالتأصيل والتقعيد، وعند التحصيل تجدهم يخطئون فيما ادعوا فيه أنه تأصيل وتقعيد، ويقلبون الحقائق، ويلزمون الناس بما هو مناقض للدعوى ، ويسمون الأشياء بغير اسمها؛ مما لا يدع مجالا للناظر إلا أن يقول:
وكلٌ يدعي وصلا للعلم. والعلم لا يقر لهم بذاك
وهذه دعوة لنفسي ولأحبتي من طلبة العلم أن يتأصلوا على المشايخ والعلماء المتمكنين في العلم الذين يهتمون بدقيق العلم، ويغوصون في علل الأحكام ومقاصدها.
وليكن انتقاؤهم للمشايخ أشد من انتقائهم للذيذ الطعام وأطيبه.
وليبتعدوا ما استطاعوا عن المتلقين عن الكتب، أو الذين تلقوا عن بعض الأشياخ ولم يتأصلوا عندهم.
وأقول لأهلي في ليبيا وغيرهم: احذروا أمثال هؤلاء، وابتعدوا عنهم، فليس كل من جلس للتدرس يكون مؤهلا، ويؤخذ عنه العلم.
كما أحذر من أهل البدع والتحزب، فهؤلاء فرقوا الأمة، وخرجوا عن أقوال الصحابة ومن اتبعهم بإحسان.
وإذا كان الواحد منا اذا مرض يذهب لمن يثق في طبه بعد أن يسأل الناس عنه
فليكن هذا أشد فيمن يصحح لنا العقائد، ويعلمنا دين الله.
والله هو الموفق وحده.
وكتبه
أحمد محمد الصادق النجار
الأربعاء، 30 سبتمبر 2015
النقاش بين طلبة العلم
النقاش بين طلبة العلم المقصود منه: إثراء البحث، وتلقيح الأفكار، وإنضاج المسألة، والغوص في دقائها، واستخراج عللها، وإنزالها في محلها؛ فيتلذذ طالب العلم بالعلم، ويجد حلاوته.
ولما كان هذا هو المقصود كانت مطلوبة وممدوحة.
ومتى خرجت عن هذا المقصود فأورثت الحقد والبغض والتهاجر أصبحت غير مطلوبة ومذمومة.
ذلك أن الامور بمقاصدها، وما لا يتم اجتناب المحرم الا به فهو واجب.
ولما كان الحكم مترتبا على ما تفضي إليه المناقشات من مصالح، كان انتفاء المصالح مؤديا لعدم ذلك الحكم.
فالحرص الحرص على ان يكون المقصود حسنا من النقاش؛ حتى تقطف الثمرة الطيبة.
وعلى طالب العلم أَلا يناقش الا من كان دقيقا في العلم، متوسعا، معتنيا بالألفاظ والمعاني، مهتما بالعلل والمقاصد؛ حتى تحصل الفائدة.
جعل الله مقاصدنا حسنة كما يحب سبحانه ويرضى.
وكتبه
د/ أحمد محمد الصادق النجار
الخميس، 23 يوليو 2015
المنهجية في طلب العلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الشيخ الفاضل أحمد النجار وفقه الله
هذا سؤال طُلب مني عرضه عليك
السؤال / كثرت المنهجيات العلمية علينا وكل يوصي بما يوصي به غيره...وقرأنا في ذلك الكثير وأكثرهم يُنظر تنظير غير واقعي بل وجدنا بعضهم يوصي بمالم يقرأه هو !
شيخنا ماهي الطريقة التي وجدتها نافعة في طريق الطلب ومجدية ، من جهة التدرج في الطلب ومايغني عن غيره بعداً عن التكرار ، وكم يكفي طالب العلم من وقت ، وماهي المتون التي وجدتم نفع حفظها؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نفع الله بكم
هذا السؤال لا يجيب عليه أمثالي، وإنما يجيب عليه من رسخ في العلم، وحقق فيه نجاحا كبيرا.
لكن مادام أنه وُجِّه إليه فسأجيب عليه، وستكون إجابتي قاصرة؛ لقصوري وتقصيري.
لابد لطالب العلم حتى يتمكن من وضع هدف له واضح ومتزن وموضوعي مناسب لقدرته ووقته
ويجعل هذا الهدف هما له يبذل فيه الغالي والنفيس؛ لتحقيقه.
والمنهجيات متعددة كما جاء في السؤال؛ لتعدد الأهداف، واختلاف قدرة الطلبة على تحقيق أهدافهم.
ولهذا ليس كل منهجية يذكرها العلماء تصلح لكل طالب، وإنما على طالب العلم ان يسلك المنهجية التي تناسب هدفه وقدرته.
وأهم مراحل الطلب مرحلة التأسيس وهي المرحلة الأولى، وبها تتكون شخصية طالب العلم.
وعلى ضوئها تكون النهاية، فمن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة.
وعلى طالب العلم في بداياته ان يأخذ من كل العلوم الشرعية بطرف، ولا يقتصر على فن دون غيره.
ويحرص على المعتمد في كل فن عند أهل التخصص؛ لأنه في الغالب يكون جامعا، وعليه شروحات وتعليقات كثيرة.
ثم بعد ذلك هو بين أمرين على حسب قدرته وهدفه:
١-أن يتفنن فيصبح عالما شموليا.
٢- أن يتخصص في العلم الذي يميل إليه.
والعلم النافع وطرق تحصيله منة، والله ييسر الأسباب.
وأما عن تجربتي فلا يصح ان يعتمد عليها؛ لقصورها، لكن لا بأس بسرد شيء منها:
من توفيق الله لي أن كانت بداياتي الاكاديمية في كلية الحديث، فاشتغلت بعلم الحديث جرحا وتعديلا وتخريجا ونقدا.
وهذا يكسب طالب العلم التثبت والنقد، وألا يأخذ كل ما يلقى إليه مسلما، كما يكسبه تعظيم السنة والذب عنها، وتعظيم أهل الحديث الذين بذلوا أنفسهم للذب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويكسب أيضا تقديم الأثر على الرأي المجرد.
وهذا كله مؤثر في شخصية طالب العلم.
واستمرت دراستي في الكلية أربع سنوات تخللها الحضور للمشايخ في المساجد، وكان من أعظم ما درسته عليهم متون باب الاعتقاد.
ثم انتقلت في الماجستير والدكتوراه لقسم العقيدة
فأكسبتني هذه النقلة التخصص في باب الاعتقاد.
وباب الاعتقاد يستفيد منه طالب العلم اصلاح القلب والجوارح من جهة، ومعرفة ما عليه السلف الصالح من اعتقاد من جهة أخرى
ثم معرفة ما عليه المخالفون لأهل السنة من ضلالات وانحرافات.
وأفدت من هذا التخصص الاعتناء بأصل أقوال أهل البدع وشبههم، وما تؤول إليه أقوالهم.
واتضح لي جليا رسوخ السلف في باب الاعتقاد؛ لاعتمادهم على الوحي.
كما اتضح لي بطلان مذهب أهل البدع؛ لبعدهم عن الوحي، وكثرة تناقضاتهم.
وهذه النظرة جعلت عندي هما وهو إرجاع بقية العلوم لما كان عليه السلف، وتصفيته من الدخيل.
ذلك لما رأيت أن علوم الآلة قد هيمن عليها المتكلمون.
فاتجهتُ إلى أصول الفقه؛ لأن غالب الكتب التي وصلت إلينا فيه هي لأرباب أهل الكلام
فبدأت بمشروع التصفية، فألفت فيه كتبا نقية على هدي السلف، ونقدت كتبا لأهل الكلام كالمنهاج للبيضاوي.
وعنايتي بعلم الأصول أكسبتني حسن التصور والحكم؛ لأنه آلة الاجتهاد حقيقة، ولا أدعي لنفسي الاجتهاد فما زال الوقت عليه طويلا.
كما أكسبتني العناية باللفظ والمعنى، وبالظاهر والتعليل.
وأدركت طرق الجمع والترجيح عند تعارض الأدلة.
وهذا العلم يكسب الدقة، وله تأثير قوي على شخصية طالب العلم.
ولا يزال هم التصفية الذي استفدته من تخصصي في باب الاعتقاد يراودني فانتقلت إلى مقاصد الشريعة؛ لأنها قائمة على التعليل، وهي مسألة كبيرة خالف فيها المتكلمون، وهكذا
وبعد ضبط هذه العلوم سيكون الهدف التالي باذن الله تعالى هو الفقه...
فهذا التدرج أثر في حياتي العلمية وشخصيتي
بدءا بالحديث وانتهاء بالفقه
ولا أزال في مرحلة الطلب
فأسأل الله أن يتمه بخير، ويطرح فيه البركة، ويجعله خالصا لوجهه
والحذر الحذر من المثبطين فما أكثرهم، وعلى طالب العلم ألا يلتفت إليهم.
وأشير هنا إلى أنه في بداية الطلب على طالب العلم أن يعتني بتلخيص الكتب في دفاتر ومراجعتها وحفظها ثم بعد التمكن ينتقل إلى البحث في المسائل، ثم يختم ذلك بتأليف الكتب التي هي ولده المخلد
وأما الكتب التي تقرأ فمعروف أنه يبدأ بالمختصرات ثم المطولات، وقد تكلم عليها أهل العلم كثيرا، وذكروا متونا معينة، لكن الذي أضيفه هنا أن على طالب العلم أن يعتني بالقواعد والأصول في كل فن؛ لأنها تختصر له العلم، وبها يضبط المسائل.
وضبط القواعد يكون بتصورها تصورا صحيحا, ثم بمعرفة أدلتها ومستثنياتها, ومحلها؛ حتى توظف توظيفا صحيحا.
والكتب منها كتب تأصيلية, ومنها كتب للجرد, ومنها كتب تكون مراجع, ومنها كتب للنقد.
وأما المدة الزمنية, فطالب العلم في الطلب ليس له وقت محدد, وإنما يطلب العلم من المهد إلى اللحد.
لكن المراحل الأولية لابد أن يكون لها وقت محدد, فلا يعيش طالب العلم جل عمره في المختصرات أو ما فوقها بقليل, وتحديد هذه الفترة يرجع إلى همة طالب العلم, وسلوكه الطريق الصحيح في الطلب.
وكلما نحى منحى القواعد والأصول قصرت عنده المدة.
ووصيتي لنفسي وطلبة العلم: أن يعتنوا بجليل العلم ودقيقه، وواضحه وخفيه
فيتعلم طالب العلم المسألة وحكمها ودليلها وعلتها والاصل الذي تندرج هذه المسألة تحته
كما يعتني بمعرفة النظائر والاشباه
فرب مسألتين يتفقان في الصورة ويختلفان في الحكم
ويعتني أيضا بإرجاع الجزئيات إلى الكليات، والفروع إلى الأصول
وقديما قال الشافعي:( من طلب العلم فليدقق حتى لا يذهب دقيق العلم)
فمن اعتنى بهذه الأمور فهو حقيقة طالب علم
وبقدر نقص معرفته بهذه الامور ينقص تحقق وصف طالب العلم فيه
ومن أراد أن يستفيد حقيقة فيجب عليه الرجوع إلى كبار العلماء، فيضيئون له الطريق، ويبصرونه السبيل السديد
أسأل الله أن يجعلنا من العلماء الربانيين
كتبه
احمد محمد الصادق النجار
٦-١٠-١٤٣٦هـ
شيخنا الشيخ الفاضل أحمد النجار وفقه الله
هذا سؤال طُلب مني عرضه عليك
السؤال / كثرت المنهجيات العلمية علينا وكل يوصي بما يوصي به غيره...وقرأنا في ذلك الكثير وأكثرهم يُنظر تنظير غير واقعي بل وجدنا بعضهم يوصي بمالم يقرأه هو !
شيخنا ماهي الطريقة التي وجدتها نافعة في طريق الطلب ومجدية ، من جهة التدرج في الطلب ومايغني عن غيره بعداً عن التكرار ، وكم يكفي طالب العلم من وقت ، وماهي المتون التي وجدتم نفع حفظها؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نفع الله بكم
هذا السؤال لا يجيب عليه أمثالي، وإنما يجيب عليه من رسخ في العلم، وحقق فيه نجاحا كبيرا.
لكن مادام أنه وُجِّه إليه فسأجيب عليه، وستكون إجابتي قاصرة؛ لقصوري وتقصيري.
لابد لطالب العلم حتى يتمكن من وضع هدف له واضح ومتزن وموضوعي مناسب لقدرته ووقته
ويجعل هذا الهدف هما له يبذل فيه الغالي والنفيس؛ لتحقيقه.
والمنهجيات متعددة كما جاء في السؤال؛ لتعدد الأهداف، واختلاف قدرة الطلبة على تحقيق أهدافهم.
ولهذا ليس كل منهجية يذكرها العلماء تصلح لكل طالب، وإنما على طالب العلم ان يسلك المنهجية التي تناسب هدفه وقدرته.
وأهم مراحل الطلب مرحلة التأسيس وهي المرحلة الأولى، وبها تتكون شخصية طالب العلم.
وعلى ضوئها تكون النهاية، فمن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة.
وعلى طالب العلم في بداياته ان يأخذ من كل العلوم الشرعية بطرف، ولا يقتصر على فن دون غيره.
ويحرص على المعتمد في كل فن عند أهل التخصص؛ لأنه في الغالب يكون جامعا، وعليه شروحات وتعليقات كثيرة.
ثم بعد ذلك هو بين أمرين على حسب قدرته وهدفه:
١-أن يتفنن فيصبح عالما شموليا.
٢- أن يتخصص في العلم الذي يميل إليه.
والعلم النافع وطرق تحصيله منة، والله ييسر الأسباب.
وأما عن تجربتي فلا يصح ان يعتمد عليها؛ لقصورها، لكن لا بأس بسرد شيء منها:
من توفيق الله لي أن كانت بداياتي الاكاديمية في كلية الحديث، فاشتغلت بعلم الحديث جرحا وتعديلا وتخريجا ونقدا.
وهذا يكسب طالب العلم التثبت والنقد، وألا يأخذ كل ما يلقى إليه مسلما، كما يكسبه تعظيم السنة والذب عنها، وتعظيم أهل الحديث الذين بذلوا أنفسهم للذب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويكسب أيضا تقديم الأثر على الرأي المجرد.
وهذا كله مؤثر في شخصية طالب العلم.
واستمرت دراستي في الكلية أربع سنوات تخللها الحضور للمشايخ في المساجد، وكان من أعظم ما درسته عليهم متون باب الاعتقاد.
ثم انتقلت في الماجستير والدكتوراه لقسم العقيدة
فأكسبتني هذه النقلة التخصص في باب الاعتقاد.
وباب الاعتقاد يستفيد منه طالب العلم اصلاح القلب والجوارح من جهة، ومعرفة ما عليه السلف الصالح من اعتقاد من جهة أخرى
ثم معرفة ما عليه المخالفون لأهل السنة من ضلالات وانحرافات.
وأفدت من هذا التخصص الاعتناء بأصل أقوال أهل البدع وشبههم، وما تؤول إليه أقوالهم.
واتضح لي جليا رسوخ السلف في باب الاعتقاد؛ لاعتمادهم على الوحي.
كما اتضح لي بطلان مذهب أهل البدع؛ لبعدهم عن الوحي، وكثرة تناقضاتهم.
وهذه النظرة جعلت عندي هما وهو إرجاع بقية العلوم لما كان عليه السلف، وتصفيته من الدخيل.
ذلك لما رأيت أن علوم الآلة قد هيمن عليها المتكلمون.
فاتجهتُ إلى أصول الفقه؛ لأن غالب الكتب التي وصلت إلينا فيه هي لأرباب أهل الكلام
فبدأت بمشروع التصفية، فألفت فيه كتبا نقية على هدي السلف، ونقدت كتبا لأهل الكلام كالمنهاج للبيضاوي.
وعنايتي بعلم الأصول أكسبتني حسن التصور والحكم؛ لأنه آلة الاجتهاد حقيقة، ولا أدعي لنفسي الاجتهاد فما زال الوقت عليه طويلا.
كما أكسبتني العناية باللفظ والمعنى، وبالظاهر والتعليل.
وأدركت طرق الجمع والترجيح عند تعارض الأدلة.
وهذا العلم يكسب الدقة، وله تأثير قوي على شخصية طالب العلم.
ولا يزال هم التصفية الذي استفدته من تخصصي في باب الاعتقاد يراودني فانتقلت إلى مقاصد الشريعة؛ لأنها قائمة على التعليل، وهي مسألة كبيرة خالف فيها المتكلمون، وهكذا
وبعد ضبط هذه العلوم سيكون الهدف التالي باذن الله تعالى هو الفقه...
فهذا التدرج أثر في حياتي العلمية وشخصيتي
بدءا بالحديث وانتهاء بالفقه
ولا أزال في مرحلة الطلب
فأسأل الله أن يتمه بخير، ويطرح فيه البركة، ويجعله خالصا لوجهه
والحذر الحذر من المثبطين فما أكثرهم، وعلى طالب العلم ألا يلتفت إليهم.
وأشير هنا إلى أنه في بداية الطلب على طالب العلم أن يعتني بتلخيص الكتب في دفاتر ومراجعتها وحفظها ثم بعد التمكن ينتقل إلى البحث في المسائل، ثم يختم ذلك بتأليف الكتب التي هي ولده المخلد
وأما الكتب التي تقرأ فمعروف أنه يبدأ بالمختصرات ثم المطولات، وقد تكلم عليها أهل العلم كثيرا، وذكروا متونا معينة، لكن الذي أضيفه هنا أن على طالب العلم أن يعتني بالقواعد والأصول في كل فن؛ لأنها تختصر له العلم، وبها يضبط المسائل.
وضبط القواعد يكون بتصورها تصورا صحيحا, ثم بمعرفة أدلتها ومستثنياتها, ومحلها؛ حتى توظف توظيفا صحيحا.
والكتب منها كتب تأصيلية, ومنها كتب للجرد, ومنها كتب تكون مراجع, ومنها كتب للنقد.
وأما المدة الزمنية, فطالب العلم في الطلب ليس له وقت محدد, وإنما يطلب العلم من المهد إلى اللحد.
لكن المراحل الأولية لابد أن يكون لها وقت محدد, فلا يعيش طالب العلم جل عمره في المختصرات أو ما فوقها بقليل, وتحديد هذه الفترة يرجع إلى همة طالب العلم, وسلوكه الطريق الصحيح في الطلب.
وكلما نحى منحى القواعد والأصول قصرت عنده المدة.
ووصيتي لنفسي وطلبة العلم: أن يعتنوا بجليل العلم ودقيقه، وواضحه وخفيه
فيتعلم طالب العلم المسألة وحكمها ودليلها وعلتها والاصل الذي تندرج هذه المسألة تحته
كما يعتني بمعرفة النظائر والاشباه
فرب مسألتين يتفقان في الصورة ويختلفان في الحكم
ويعتني أيضا بإرجاع الجزئيات إلى الكليات، والفروع إلى الأصول
وقديما قال الشافعي:( من طلب العلم فليدقق حتى لا يذهب دقيق العلم)
فمن اعتنى بهذه الأمور فهو حقيقة طالب علم
وبقدر نقص معرفته بهذه الامور ينقص تحقق وصف طالب العلم فيه
ومن أراد أن يستفيد حقيقة فيجب عليه الرجوع إلى كبار العلماء، فيضيئون له الطريق، ويبصرونه السبيل السديد
أسأل الله أن يجعلنا من العلماء الربانيين
كتبه
احمد محمد الصادق النجار
٦-١٠-١٤٣٦هـ
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)