شرعية الولاية الاضطرارية بين المنهج السلفي والطرح السروري
من أبرز القضايا الخلافية المعاصرة والتي ظهرت جليا بعد أحداث الخليج: مسألة مناط إسقاط شرعية الولاية الاضطرارية: أهو كفر الحاكم عينا أم فساد النظام والمنظومة التي يدير بها الدولة؟
1-ثبوت الولاية الشرعية الاضطرارية عند أهل السنة مرتبط أولاً وأساسًا بإسلام الحاكم، لا بمجرد عدله أو النظر إلى نظام حكمه وفساد منظومته، ما لم يصل ظلمه أو نظامه إلى الكفر البواح الموجب للكفر (العيني) الذي يخرج من الملة. ولهذا جاء في الأحاديث: «إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان».
فالعبرة بتحقق الكفر العيني في الحاكم، لا بمجرد فساد النظام أو انحراف المنظومة، وأما جَوْر الحاكم وظلمه وفساد نظامه يُعَدّ منكرًا، لكنه يُعالج عند أهل السنة بالوسائل الشرعية:، لا بإسقاط الشرعية بالكلية ما دام الحاكم مسلمًا.
ومعنى قوله : « مَا أَقَامُوا الصَّلاَةَ فِيكُم » : أي ما داموا على حكم أهل القبلة والصلاة، ولم يرتدوا ويبدلوا الدين، وهو معنى حديث : « إلاَّ أن تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً ».
2-جَعْل معيار الشرعية قائما على النظر إلى عدالة النظام أو صورة الحكم مع التغاضي عن إسلام الحاكم نفسه = منهج تبناه التيارات ذات النزعة #القطبية و #السرورية، التي ركزت على النظام وبنيته ورفض الظلم المتعدي وجعلته كمعيار
وأسقطت به شرعية الحاكم حتى لو بقي في دائرة الإسلام
3-إذا نظرنا في النصوص الشرعية: وجدنا أنها علقت نزع أصل الولاية الشرعية على تحقق الكفر البواح العيني في الحاكم الذي توفرت فيه شروط المكلف من حبث هو مكلف، لا على مجرد فساد النظام ومنظومته التي يدير بها الدولة ما لم يصل الأمر إلى الكفر العيني........وهذا ما فهمه الأئمة
ففي عهد الواثق والمعتصم فُرض القول بخلق القرآن، واعتُبر من خالفه مجرمًا يُقتل أو يُسجن. وسُفك الدم الحرام بسبب ذلك، وحوربَ المصلحونَ ...
ومع ذلك لم يرَ الأئمة إسقاط شرعية هؤلاء الخلفاء، لأن مناط الشرعية عندهم هو إسلام الحاكم، لا فساد النظام واشتماله على الكفر الأكبر
بغض النظر عن كون هؤلاء الخلفاء كانوا يعتقدون أن هذا هو الدين أو لا، فالعبرة بحقيقة الأمر لا بظنهم...
أرأيتم لو أن حاكما ظن أن فصل الدين عن السياسة هو ما دل عليه الشرع، فهل سيبرأ نظامه من الفساد لظنه؟!!
4-تعليق شرعية الولاية على إسلام الحاكم نفسه ليس هو من الظاهرية والجمود على ظاهر النص كما توهمه المتوهمون، بل هو عين فقه المقاصد الذي يوازن بين النصوص والمآلات.وبين حفظ الدين واستقرار الأمة....
فإبقاء ولاية الحاكم المسلم ولو فسد نظامه يضمن بقاء أصل الإسلام في الأمة ويحافظ على بقاء الشرائع ظاهرة في المجتمع، كما أن الحاكم المسلم يبقى قائمًا بالشهادة وأحكام الإسلام، فلا يزول حكمه إلا إذا وقع في كفر بواح ظاهر..
أضف إلى ذلك أن الشريعة جاءت باجتماع الكلمة وهو مقصد كلي، ولو تحت إمام جائر ونظامه فاسد، على أن يُعالج الظلم بالوسائل الشرعية، لا بتمزيق الصف.
وحتى مع ظلم الحاكم وفساد نظامه، تبقى هناك مصالح عامة لا تتحقق إلا بالولاية: الأمن، القضاء، إقامة الشعائر.
وفي المقاصد ينظر إلى مجموع المصلحة لا إلى جانب واحد فقط.
5-الطرح القطبي/السروري الذي ينظر إلى بنية النظام دون مراعاة إسلام الحاكم هو في الحقيقة يمثل نظرة ظاهرية، إذ تعلّق الأحكام على مظاهر النظام دون مراعاة لمآلات إسقاط الشرعية.
6- الغريب أنك ترى تناقضا بين التنظير والتنزيل على الواقع، فإذا ما سألتهم عن حاكم تركيا أو حكم الإخوان قالوا ولايتهم شرعية....
فإن قلت لهم: على أصولكم لا تكون الولاية شرعية؛ لأن نظام الحكم إما علماني وإما دستور فيه من الكفريات ما فيه
وها هي سوريا اليوم تدخل تحت النظام الدولي وووو
قالوا: هم حكام مسلمون يريدون الإصلاح
قلنا لهم: إذن نظرتكم اختلفتم فأصبحتم تنظرون إلى إسلام الحاكم وصلاحه في إثبات الولاية بغضّ النظر عن طبيعة النظام الذي يحكم به !!!وهذا من تناقضكم
كتب د. أحمد محمد الصادق النجار
https://abuasmaa12.blogspot.com/2025/09/blog-post_14.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق