السبت، 6 يناير 2018

حقيقة ما يجري في الدعوة السلفية


(مكاشفات)
(لله ثم للتاريخ)

إن الدعوة السلفية دعوة مباركة طيبة؛ لسلامة مصدر التلقي عندها، فهي تستقي عقيدتها وفقهها من الكتاب والسنة والإجماع.
أعلامها: الصحابة والتابعون ومن سار على نهجهم كمالك والشافعي وأحمد.
وقد كانت هذه الدعوة تنتشر انتشارا عظيما بين الناس، فما إن يتولى العلماء نشرها وإظهارها بين الناس إلا ويعتنقها كثير من الناس؛ حتى أصبح المخالفون ينسبون ما هم عليه للسلفية؛ ترويجا لباطلهم.
وعلى مر العصور نجد الدعوة السلفية ظاهرة واضحة ذائعة الصيت واضحة المعالم ، مع تكالب الأعداء على إضعافها.
فنور مصدر التلقي عندها لا ينطفئ ولا يزول، وهو حجة الله على خلقه.
وهذا من فضل الله ورحمته.
وبعد هذه التوطئة سأسلط الضوء على من ينتسب لهذه الدعوة في عصرنا:
فقد كان العلماء( ابن باز والألباني والعثيمين) " أبرز "من يمثل الدعوة الى المنهج السلفي في هذا العصر، وقد كانت هذه الدعوة -لما دعا هؤلاء العلماء إلى نورها الصافي، ومعينها النابض، مع محو الذات والانتصار إليها، وجَعْلهم الولاء والبراء على الكتاب والسنة والإجماع ولازم ذلك-: منتشرة، لا يسمع بها أحد عرف صفاءها ونورها إلا ودخل فيها، وسعى إلى نصرتها، والذب عنها.
وهكذا استمرت الدعوة في الظهور والانتشار، وتحقق فيها قوله تعالى:(ليظهره على الدين كله).
وكانت في وئام مع كل مذهب وطريقة لا يعارض نورها الصافي، ولا يبطل ضوءها الساطع، فاعترفت بالمذاهب الفقهية الأربعة لا على وجه التعصب المقيت، واعتبرت كل وسيلة صحيحة تحقق المقصود الصحيح سواء كان ذلك في الدعوة او في السياسة او نحو ذلك.
ولا أريد أن أطيل في مزاياها فليس هذا محله.
وكان هؤلاء العلماء الثلاثة هم المرجع لنوازل الأمة لكل من كان سلفيا- عالما أو طالب علم أو عاميا-، فكانوا حقيقةً نِعم الأهل، فقد نظروا في النصوص الجزئية والمقاصد الكلية، فكانت فتاويهم محققة لرفعة الأمة وحفظها في دينها وعرضها وأموالها.
ولا يعني ذلك عصمتهم، وإنما كلامٌ في المجموع على المجموع.
نعم. كانت لهم إطلاقات لكنها مناسبة لما مرت به الأمة من أزمات، ولا يصح أن تؤخذ على إطلاقها في كل حال.
لكن وُجد قوم أخذوا بإطلاقها فرجعت إلى نقض انتشارها .
وقد عصفت الأمة في زمانهم رياح عاتية، فبينوا حكم الله فيها بحسب اجتهادهم، فخاطبوا الأمة بما يصلح معهم وبما هم مخاطبون به، وخاطبوا الحكام خطابا تقتضيه النصوص الشرعية والمصالح العامة، وبما هم مخاطبون به.
وليس العالم مخاطبا برفع المنكر وإزالته فيما لا يستطيعه، وإنما هو مخاطب بإنكاره وفق ما تقتضيه النصوص الشرعية.
فكانوا خير عون، وقالوا كلمة الفصل وفق مقاصد الشريعة وكلياتها، فوثق الناس بعلمهم، ورفع الله كلمتهم.
وكان مما عصف بالأمة في وقتهم ما يعرف بفتنة الخليج
وظهر بسبب ذلك مشايخ عرفوا بردهم على المخالفين( المخالف أعم من المبتدع) كأمثال الشيخ ربيع
ولم يكن التفات السلفيين في البلدان إليه التفاتا كبيرا، وإنما حصل الالتفات إليه بعد حصوله على تزكيات المشايخ( ابن باز والألباني والعثيمين) ؛ لما رأوا منه من ردٍّ على بعض المخالفين زمن الفتنة
إلا أنهم او بعضهم لاحظوا الشدة في ردوده، والحكم باللازم في بعضها؛ مما جعل بعض المشايخ الثلاثة يشير في بعض المواطن إلى ذم هذه الشدة.
وهكذا استمر الالتفات إلى الشيخ ربيع والنظر في ردوده أيام حياة المشايخ الثلاثة، وازداد بعد موتهم، بل صار ذلك علامة على سلفية الرجل وعدمها،
فبدأ للدعوة السلفية عهد جديد محدث كان سببا لإضعاف انتشارها.
فبعد موت المشايخ الثلاثة حصل هناك انزلاق خطير في مسار الدعوة، أدى إلى خروجٍ جزئي عن أصول الدعوة السلفية ومقاصدها، وإطفاءٍ لبعض نورها، وطمس لبعض معالمها.
إذ ظهر في بعض المنتسبين للدعوة السلفية: تقديس الأشخاص، والعدول من الاستدلال للرجال إلى الاستدلال بهم وجعلهم فيصلا بين الحق والباطل، فعظموا مشايخ معينين تعظيما طغى على تعظيم النصوص وأقوال السلف، فجعلوهم هم المرجع لفهم النصوص دون غيرهم فيما سموها منهجا وجرحا وتعديلا.
وساهم في هذا من تصدر للدعوة، وجُعلوا مرجعا للدعوة السلفية كالمشايخ المتناحرين في وقتنا -علنا أو سرا- وهم الشيخ عبيد الجابري ومحمد بن هادي وعبد الله البخاري
فأفهموا الأتباع -اقتضاء أو إشارة- أنهم هم الموافقون للسلف دون غيرهم من مشايخ أهل السنة، وأنهم يسيرون على نهج المشايخ الثلاثة، و
وأن المنهج لا يعرف إلا عن طريقهم، وأن من تكلموا فيه جرحا لا يكون إلا مخالفا مجروحا عدوا للسنة، ذا نية فاسدة، وأن الشدة على المخالف هو علامة سلوك منهج السلف.
وبنوا أحكامهم على قواعد غير مطردة، ورتبوا عليها الولاء والبراء.
فخرج علينا جيل لا يعرف من السلفية إلا الشدة والجرح والكلام فيما سموه منهجا، ولا يراعون مصلحة ولا يحققون مقصدا
فحصلت البلية ، واختصم الإخوة، وذهبت الأخوة، وحصل الاقتتال بين الأحبة.
(والتاريخ يسجل)
وصار اسم #السلفية عند من لم يذق حلاوة الدعوة السلفية مشوها، لا يحمل في طياته إلا العداوة والبغضاء والشحناء.
وهذه جناية على السلفية، والسلفية منهم براء.
فنتج عن هذا العهد الجديد المحدث ما لا يحمد عقباه، وما إن تسلط بعضهم إلا وأثخن في الأمة، وأعمق جراحها، وسلب حقوقها.
فلا تصفية ولا تربية.
والله المستعان
شهادة أُسأل عنها بين يدي الله سبحانه
اللهم قد بلغت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق