الجمعة، 11 يونيو 2021

حكم أخذ الأجرة مقابل الشفاعة والوساطة الحسنة

حكم أخذ الأجرة مقابل الشفاعة والوساطة الحسنة

خلاصة الحكم: التحريم إذا كان في مقابل الشفاعة.

وصورتها: أن يشفع إنسان لإنسان في أمر حسن كوظيفة من غير أن يترتب عليها ضرر على الغير ولا رشوة مع اشتراط أخذ أجرة مقابل هذه الشفاعة. والأصل فيها المنع للآخذ والمعطي؛ لما أخرجه أبو داود في سننه [ص:292] عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من شفع لأخيه بشفاعة، فأهدى له هدية عليها فقبلها، فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا»

ومعنى هذا الحديث يتوافق مع ما دلت عليه النصوص الأخرى, وقد دل هذا الحديث على منع الهدية من غير اشتراط؛ لتشبيهه له بالربا, وهي مشايهة للتنفير, ووجه المشابهة: أنه أَخْذ مالٍ بلا عوض يقابله, فيكون من أكل أموال الناس بالباطل؛ وهذا المعنى موجود في الأجرة المشروطة, فأخذ الأجرة المشروطة أولى بالمنع من قبول الهدية غير المشروطة.

والشفاعة للمسلم:

قد تكون واجبة على العبد, كما لو قدر على إرجاع حق مسلوب, فمن قدر على قضاء حاجة عند ظالم أو رد مظلمة كان واجبا عليه, وما كان واجبا على العبد فإنه لا يجوز له أن يأخذ عليه مالا؛ لأن الشارع ألزمه به, وما ألزم الشارع به العبد فإنه لا يستحق أن يأخذ عليه المال.

ولا يصح أيضا في هذه الشفاعة التي فيها إعانة على فعل واجب أو ترك محرم أن تجعل من " باب الجعالة " ولو بذل جهدا وعملا؛ لكونها واجبة سواء كان الوجوب عينيا أو كفائيا.

وسدا لذريعة الرشوة.

وهو المنقول عن الصحابة.

وقد جاء في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (28/ 359): (لا يجوز إعطاء الهدية لمن يشفع عند السلطان ونحوه. ذكره القاضي، وأومأ إليه؛ لأنها كالأجرة، والشفاعة من المصالح العامة، فلا يجوز أخذ الأجرة عليها، وفيه حديث صريح في السنن).

وقد تكون الشفاعة في مباح, فهي من باب القُرب والعمل الصالح, وهذه ثوابها يكون من الله لا من البشر, فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجةٍ أقبَلَ على جلسائه فقال: ((اشفَعوا تُؤجَروا، ويقضي الله على لسان نبيِّه ما أَحَبَّ)) متفق عليه

فأخذ الأجرة على العمل الصالح يذهب الأجر من الله, وقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن سيرين قال : جاء عقبة بن مسعود إلى أهله فإذا هدية ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : الذي شفعت له ، فقال : أخرجوها ، أتعجل أجر شفاعتي في الدنيا ؟

وهي من مكارم الأخلاق كالصدق ولا تؤخذ الأجرة على ما كان من هذا الباب. فهذا هو الأقرب فيها إلا أن الشفاعة في غير الواجب يصح أن تجعل من باب الجعالة أو الإجارة إن كان فيها جهد وعمل يصح معهما أخذ العوض, فتكون الأجرة مقابل الجهد والعمل لا الشفاعة.

 

كتبه: د. أحمد محمد الصادق النجار

محاضر في مادة العقيدة بقسم أصول الدين

كليّـة علوم الشّريعة / جامعة المرقب – الخمس

والمتعاون مع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (سابقا)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق