الأربعاء، 23 يونيو 2021

طريقة سداد الدين عند تغير قيمة العملة الورقية؟

 طريقة سداد الدين عند تغير قيمة العملة الورقية؟

الأصل في الدين أن يرد مثله لا قيمته, فمن اقترض 100 دينار وجب عليه أن يرد مثلها 100 دينار

إلا أن العملة الورقية لما كانت تتأثر بالقوة الشرائية وترتبط عملات الدول الضعيفة بعملات الدول القوية وتتأثر بالأمور السياسية والاقتصادية للبلد صار التضخم فيها كبيرا, بحيث إن قيمة الأوراق تتغير تغيرا كبيرا, فقيمة 100 دينار في وقت قد تكون أضعاف قيمتها في وقت آخر؛ مما ينشأ عنه ظلم وعدم التساوي.

وهذا مما يجعل استصحاب الخلاف القديم في كون سداد دين المثليات بالمثل أو بالقيمة من كل وجه غير سديد.

والخلاف القديم أن المثليات سدادها بالمثل وهو مذهب المالكية في المشهور والشافعية والحنابلة وأبي حنيفة, وخالف أبو يوسف وعليه الفتوى عندهم في غير الذهب والفضة فذهب إلى سداده بالقيمة وقت قبض الدين إذا تغير بالرخص والغلاء.

ووجه المغايرة بين الذهب والفضة وبين العملات الورقية أن الذهب والفضة أثمان حقيقية بالخلقة, وحتى المغشوش منها له قيمة, بخلاف العملات الورقية فهي بحسب عرف الناس وما اصطلحوا عليه, وليس لها قيمة في ذاتها, ولهذا لا تستقر.

فلما كان الأمر كذلك كان النظر متوجها إلى كثرة الفرق وضخامته, فإذا كان الفرق كبيرا -ويحدده العرف- حُمل عليهما معا في أقرب أقوال العلماء المعاصرين إذا تضرر المدين بالفرق, فيكون على المقرض قدر وعلى المقترض قدر على حسب ما يتفقان أو يقرره المصلح أو القاضي؛ تحقيقا للعدل ورفعا الضرر.

وأما إذا لم يتضرر المدين أو كان تضرره يسيرا فهنا يرد القيمة وحده ولا يتحمل الدائن معه شيئا, وهذا ليس من الربا في شيء؛ لعدم تحقق المثلية؛ إذ إن المثلية في قيمتها؛ لكونها اصطلاحية, فتغير الاصطلاح بتغير قوة الشراء, فكأن العملة تغيرت, فما اصطلح عليه مائة تغير وأصبح ألفا من جهة القوة الشرائية, ولكون تغير القيمة عيبا.

والخلاصة: أنه في مسألتنا خرجنا عن الأصل وهو رد المثل في المثليات؛ استحسانا, فخرجنا بالمسألة عن نظائرها لدليل خاص وهو رفع الضرر, قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار), وتحقيق مقصد الشارع في إقامة العدل ورفع الظلم.

 

كتبه: أحمد محمد الصادق النجار

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق