الجمعة، 10 مارس 2023

هل للألباني -رحمه الله- سلف في تحريم صيام يوم السبت للتطوع؟

هل للألباني -رحمه الله- سلف في تحريم صيام يوم السبت للتطوع؟ 


إن هذه المسألة من المسائل الفقهية التي اعتنى بذكر الأقوال فيها كتب الخلاف العالي

ومن الأقوال التي حكوها من غير وصف لها بالشذوذ: التحريم, كما فعل ذلك ابن رشد في البداية والنهاية وغيره

ولولا وجود من قال به واحتمالية أن يكون القول -وإن ضعفت- صوابا ما حكوه على أنه قول معتبر...

ثم إن احتمالية حديث الصماء لهذا القول يقتضي أن يكون له قائل عند من صححه..


فعندما يأتي من يتحدى أن يكون للشيخ الألباني سلف واحد يقول بتحريم صيام يوم السبت من غير الفرض ويجعل المسألة من جنس القطعيات في الشريعة

فاعلم أنه تحد ممن لا يدري ما يقول!!

وربما كان باعثه مناكفة الخصوم ومحاولة الظهور عليهم!!


والقول بتحريم صوم يوم السبت تطوعا – وإن كنت لا أقول به بإطلاق- قد نسبه العيني إلى بعض التابعين كـ:

1-مجاهد. 

2-طاووس. 

3-إبراهيم النخعي.

4-خالد بن معدان.

وذكر الطحاوي -الذي هو في القرن الرابع- أنه قد ذهب إليه قوم من أهل العلم أي: ممن سبقه.

قال العيني: (قال أبو جعفر الطحاوي رحمه الله فذهب قوم إلى هذا الحديث، فكرهوا صوم يوم السبت تطوعًا. 

ش: أراد بالقوم هؤلاء: مجاهدًا وطاوس بن كيسان وإبراهيم وخالد بن معدان؛ فإنهم كرهوا صوم يوم السبت تطوعًا، واحتجوا في ذلك بالحديث المذكور). [نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار 8/ 434]

والمراد بالكراهة هنا التحريمية..


وقد اختلف العلماء في حديث الصماء بنت بسر عن النبي صلى الله عليه و سلم: ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم...)

فمنهم من أعل الحديث أو حكم عليه بالنسخ, كالزهري والاوزاعي ومالك وأبي داود والنسائي وغيرهم

ومنهم من صححه كالترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن الملقن والألباني..

واختلف المصححون في دلالته؛ فمنهم من حمل المنع على إفراده بالصوم, ومنهم من منع مطلقا في غير الفرض...

والمسألة مبسوطة في محالها.


ومن غير الفقه أن نأتي لمسائل ثبت الخلاف فيها بين الأئمة المعتبرين فنلغي الخلاف بدعوى الإجماع!!

وهذا الفعل لا يقتضيه النظر الصحيح؛ لأن المسائل المجمع عليها مقطوع بها في الشريعة؛ لدلالة الإجماع..

ومن أحكامها: عدم جواز الاجتهاد فيها, وإذا اجتهد مجتهد فيها فأخذ بقول يخالف الإجماع عُد قوله غلطا وبدعة...

ولذا كان الخلط بين المسائل المجمع عليها والمسائل المختلف فيها خلطا يقدح في أهلية الناظر وتمام نظره..

فمن يجعل المسألة المختلف فيها من جنس المسائل المجمع عليها يكون قد خلط بين ما يسوغ فيه الخلاف وما لا يسوغ فيه الخلاف, ومعلوم أن لكل واحد من النوعين أحكامه المختصة...


وأما قاعدة "الكتاب والسنة على فهم السلف", فهي سيقت لبيان مذهب السلف في الأصول والعقائد

والذي طريقه النقل.

ولم تُسّق لمسائل الاجتهاد التي اختلف فيها السلف.

بمعنى إذا اختلف الأئمة في فهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكون طريقة أحدهم في الفهم هي فهم السلف؛ لوجود الخلاف بين السلف في فهم الحديث

وبالتالي من أخذ بأحد الأقوال ليس له أن ينسب قوله للسلف؛ لمجرد فهمه.


كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار


http://abuasmaa

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق