الاثنين، 25 سبتمبر 2023

تخصيص قراءة السيرة في شهر ربيع الأول

في المسائل التي يكون فيها قولان، والمتعلقة بالبدع

نجد من يخرج عن القولين بإحداث قول ثالث يظن أنه وسط بين القولين
●فلا تراه مع المانعين بإطلاق ولا مع المجوزين بإطلاق وإنما يفرض عليه ضغط الواقع وضعف التأصيل أن يخرج بقول يتودد به إلى الطائفتين المختلفتين.

■وهذا ما نجده في مسألة الاحتفال بالمولد النبوي، فخرج علينا من لم يمنع بإطلاق ولم يجوز بإطلاق، وإنما جوز قراءة السيرة والتذكير بها في شهر ربيع الاول أو في يوم مولده، وهو يحسب أنه بذلك خرج عن تشدد المانعين وتساهل المجوزين من وجهة نظره.!!

■فهذا الصنف من الناس في الغالب ينطلق من ضغط الواقع وما يراه من شدة النزاع.

□ولو أمعن النظر وربط المسألة بدليلها وأصلها لوجد نفسه خارجا عن الأصول الاستدلالية التي يستدل بها الطرفات المتنازعان
●فلا هو مع أصول أهل الحديث الاستدلالية ولا هو مع أصول الصوفية الاستدلالية

●وإنما يأخذ من هذا طرفا ومن ذاك طرفا آخر، ويظن أنه منتهى التحقيق، وطريق توحيد الأمة!!

■لنأصل المسألة:

●الاجتماع لقراءة السيرة والتذكير بها في تاريخ مولد النبي صلى الله عليه وسلم لا يخلو من إحدى مقدمتين:

□الأولى: أن يقرأ السيرة؛ لأنه يعظم تاريخ مولده صلى الله عليه وسلم لذات التاريخ، فالزمن مقصود...
وهذا المعنى هو الذي لأجله حُرم الاحتفال بالمولد، فالباب باب تشريع، والتشريع مختص بالله، فلا فرق بين أن تشرع قراءة السيرة أو تشرع شيئا آخر...

●وهذا مقطع في تأصيل مسألة الاحتفال: https://youtu.be/788mOxM197c?si=kLSMeHJcTsewZA90

□الثانية: أن يقرأ السيرة؛ لمناسبة تاريخ مولده صلى الله عليه وسلم ومصلحة التذكير بها واغتنام إقبال الناس؛ قياسا على التذكير بغزوة بدر في الثامن عشر من رمضان...

■فهنا نقول له: هل لو أجلنا قراءة السيرة إلى شهر رجب يصح؟
فإن قال : لا، لأن المناسب أن نقرأها في شهر ربيع الأول
أصبح الزمن مقصودا عنده، فتكون علة قراءة السيرة تعظيم الزمن، وهذا تشريع.

■ثم إن الاجتماع لقراءة السيرة في شهر ربيع الأول؛ لمناسبة مولد النبي صلى الله عليه وسلم تنشأ عنه مفسدة تخصيص ما لا خصيصة له؛ إذ تخصيص هذه المناسبة بالدروس؛ مظنة لاعتقاد أن فيها فضلا خاصا، وأن ذكر سيرته صلى الله عليه وسلم في هذا الزمن أفضل من غيره ...

●فلما كان التخصيص مظنة لاعتقاد فضل، ولا فضل فيه كان التخصيص داخلا في الابتداع؛ إذ ما من تخصيص إلا ولابد أن يكون له باعث.

●واعتقاد الفضل فيما لا فضل فيه مستلزم إما عدم علم النبي صلى الله عليه وسلم به أو كتمانه، وكلاهما منتف..
ولو كان التخصيص خيرا لما أهملته الشريعة.

■وأما القياس على من خص يوم الثامن عشر من رمضان بالتذكير بغزوة بدر، ومن خص ليلة الإسراء والمعراج بتذكير الناس به فهو قياس على فرع مختلف فيه، ولا نسلم بمشروعيته خصوصا إذا تكرر فعل ذلك كل سنة.

■فإن قال قائل: أنا لا أعتقد الفضل.

●قيل: إن سلمتَ من اعتقاد الفضل -وهو بعيد- فلن تسلم من موافقة من يعتقد الفضل أو خوف اللوم منهم أو اتباع عادتهم، فرجع الأمر إلى التشبه بهم.

كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
http://abuasmaa12.blogspot.com/2023/09

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق