الخميس، 24 أكتوبر 2024

ما معنى قول العلماء بتأثيم الأمة جميعا بترك الواجب الكفائي؟

ما معنى قول العلماء بتأثيم الأمة جميعا بترك الواجب الكفائي؟ 

وهل يصح الانطلاق من هذا الإطلاق إلى تأثيم أكثر الأمة بتركها مسألة من مسائل الواجب الكفائي؟


لننطلق من فهم كلام النووي حتى نوضح المسألة

قال: (وأما اليوم فهو - الجهاد- ضربان، أحدهما: أن يكون الكفار مستقرين في بلدانهم، فهو فرض كفاية، فإن امتنع الجميع منه، أثموا، وهل يعمهم الإثم، أم يختص بالذين يدنوا إليه؟ وجهان.

قلت: الأصح أنه يأثم كل من لا عذر له)


(حكم ابتداء بإثم الجميع ثم أورد سؤالا هل يعمهم أو لا؟ ثم أجاب بأن الأصح تقييد الإثم بانتفاء العذر)


وتوضيح ذلك:

ليس مقصود الأصوليين ومن وافقهم من أهل العلم بكون الأمة تأثم إذا تركت الواجب الكفائي أن يعم الإثم الأمة كلها أو أكثرها أو حتى كثير منها

وهذا منشأ الغلط عند من تكلم في هذه المسألة, فينطلق من قول العلماء بأن الأمة تأثم بترك الواجب إلى تأثيم أكثر المعينين أو كثير منهم من غير اعتبار للعذر الشرعي الخاص في إطلاقه تأثيم أكثر المعينين أو كثير منهم، ظنا منه أن يحذر من ترك الواجب


بمعنى هل يؤخذ من قول الأصوليين "إن جميع الأمة يأثم بترك الواجب الكفائي" تأثيم أكثر المعينين 

أو لا يؤخذ وإنما ينظر في كل معين وما قام به من عذر؟


فإن قلت: يؤخذ منه تأثيم أكثر المعينين كنت قد خرجت عن قواعد الشريعة وسنن أهل العلم, 

وإن قلت: لا, بل لابد من النظر إلى الشروط والموانع في كل معين, كنت أعملت كلامهم في محله، ولم يصح منك الانطلاق من قولهم إلى تأثيم أكثر الأمة أو كثير منها...............

فليس مقصود العلماء من قولهم إذا تُرك الواجب الكفائي أثم جميع الأمة 

إطلاق التأثيم من باب التحذير, وإنما هو تأثيم لجميع الأمة من حيث هو جميع؛ لكون الخطاب كان موجها للجميع من حيث هو جميع، فهو بيان لحقيقة الواجب الكفائي من جهة توجه الخطاب وإثم الترك....

جاء في التقرير والتحبير على تحرير الكمال بن الهمام (2/ 135): (الإيجاب على الجميع من حيث هو فإنه لا يستلزم الإيجاب على واحد ويكون التأثيم للجميع بالذات ولكل واحد بالعرض)


والتأثيم للجميع من حيث هو جميع لا يستلزم تأثيم كل فرد من الأمة أو أكثرهم؛ لأن تأثيم المعينين لابد فيه من العلم والقدرة الشرعية، والنظر في الموانع والأهلية...

وهذا الذي جعل الغزالي في الوسيط في المذهب (7/ 7) يقول: (ولتعلم أنه إذا تعطل فرض كفاية في موضع أثم من علم ذلك وقدر على إقامته ويأثم من لم يعلم إذا كان قريبا من الموضع وكان يليق به البحث فلم يبحث, أما من هو معذور لبعده أو لتعذر البحث عليه فلا يأثم)


من الفقه تحرير المسائل وإعمالها في محالها.


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار


http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/10/blog-post_24.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق