لم ينفرد الددو بإنكار وجود فرقة ناجية واحدة، فقد قامت #جمعية_التجديد_الثقافية_الاجتماعية
بإقامة مؤتمر في #البحرين بعنوان "الوحدة الإسلامية"
قرروا فيه نفي وجود #الفرقة_الناجية في خطوة منهم للقفز على تراث الأمة وموروثها من أجل الوصول إلى وحدة إسلامية متوهمة..!!
هذه الجمعية تنادي بالتقريب بين السنة والشيعة بترك النقاش حول الماضي والتراث الخلافي والنظر في المشترك من أجل المستقبل
وتحاول أن تؤسس للمنطق الإنساني الذي يكون الزمن فيه عامل تغيير وتجديد، وتدعو إلى حرية الرأي في التعبير عن الإيمان الخاص والقراءة الذاتية للنص الشرعي بمشاركة أهل كل زمن بحسب قدراتهم دون الاعتماد على الموروث والمناهج التي يسمونها بالتقليدية- كل ذلك بدعوى التجديد وترك التقليد..
وهي وجه آخر للحداثة وإن حاولوا التفريق بين الحداثة وتجديدهم المزعوم
الغريب أن #محمد_الحسن_ولد_الددو قد وافقهم وربما أخذ عنهم الفكرة
فزعم أن #الفرقة_الناجية غير موجودة، انطلاقا فيما يبدو من من ضغط البيئة الأشعرية الموريتانية
وما أوصله إليه تضخيم تفسيره السياسي للدين الذي بني على أن الحاكمية هي أعلى الغايات وجوهر التوحيد متابعة للمودودي وسيد قطب في أصل الفكرة وإن كان قد يختلف معهم في لوازمها
[وتضخيم التفسير السياسي ليس هو كون السياسة من الدين ووجوب حاكمية الله ...]
وقد تولد عن هذا التضخيم لدى الددو وأمثاله عقلية تجميعية بين فرق الأمة،
ومن هنا ندرك وجه ثنائه على الخليلي ، وجعله الحق متفرقا بين أهل الحديث والأشاعرة والماتريدية، ونتفهم موقفه من الصوفية....وأنه ممكن أن بعض الشيعة يكونون ناجين وبعض المعتزلة ووو
ونتعرف على وجه استشكاله أحاديث الصبر على ولاة الجور وقيامه بتثوير الشعوب...
ونتفهم لماذا يريد أن يجعل وجود التفرق في الأمة علامة نضج واتساع في العقول؟!!
مع أن التفرق والتنازع لم يأتيا في النصوص إلا على وجه الذم
ولم يكتف بنفي وجود الفرقة الناجية بل زعم أن الطوائف لا يمكن أن يُحكَم عليها بحكم واحد؛ لأن الطائفة لا تبعث يوم القيامة، وإنما يبعث الناس فرادى.
وهي الفكرة نفسها التي دعا إليها عباس النجار في ورقته التي قدمها في مؤتمر البحرين والتي كانت بعنوان:"الفرقة الناجية في الميزان"
وإن كانا قد يختلفان في المنطلق والباعث لهذا النفي.......
والرد عليهم أن إنكارهم وجود الفرقة الناجية هو خلاف ما عليه الجماعة في القرون الثلاثة، فقد اشتهر عنهم واستفاض أن الفرقة الناجية موجودة وواحدة
ولذا أجمعوا على محاربة الفرق وتضليلها، ولما ذكر يوسف بن أسباط أن أصول البدع أربعة وهي الروافض والخوارج والقدرية والمرجئة قال والثالث والسبعون الجماعة التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها الفرقة الناجية . الإبانة لابن بطة (١/٣٧٦)
وقد سمى ابن بطة كتابه الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة
وذكر الإسماعيلي في اعتقاد أىمة الحديث(٧٩) الفرقة الناجية
وبوب ابن حبان في صحيحه(١/١٧٨):(ذكر وصف الفرقة الناجية من بين الفرق)
ومن فقهه أنه لم يذكر في هذا الباب إلا حديث العرباض الذي فيه( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين)
للإشارة إلى أن علامة الفرقة الناجية تمسكها بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعدم التعريج على غيرها.
وقد كان أئمة السلف يعينون الفرقة الناجية، فلو لم تكن موجودة ما صح منهم تعيينهم لها
قال الإمام احمد:(إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم؟)
وقال ابن المديني:( هم أهل الحديث)
وقال ابن تيمية:(إن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة)
وسمى أبو المظفر السمعاني كتابه ب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين.
وممن يرى وجودها الشاطبي في الاعتصام حيث قال( فالسالك سبيلها معدود في الفرقة الناجية)
وما من طائفة إلا وهي تعتقد أنها هي الفرقة الناجية؛ مما يدل على إجماع كل الطوائف المنتسبة للإسلام على وجود فرقة ناجية
فالخوارج لم يكفروا غيرهم إلا وهم يعتقدون أنهم هم الفرقة التاجية وما عداهم كفارا
والرافضة يعتقدون انهم هم الفرقة التاجية فقد ذكر الهلالي بسنده عن علي رضي الله عنه(وأما الفرقة التاجية المهدية...فهي المؤتمة بي المسلمة لأمري)
والمعتزلة خصوا أنفسهم بأنهم هم أهل التوحيد والعدل دون غيرهم
وذكرها عبد القاعر البغدادي الأشعري في مقدمة كتابه الفرق ببن الفرق، وبوب لها بابا قال:(باب في بيان الفرقة الناجية وتحقيق نجاتها)
وأيضا الإيجي الأشعري في كتابه المواقف قال:(وأما الفرقة الناجية المستثناة...)
...وغيرهم كثير....
فالدوو وأصحاب الخطاب الإنساني والقراءة الذاتية جعلوا الموروث عن السلف والأئمة وأهل العلم بل والطوائف في إثبات الفرقة الناجية خلف ظهورهم ولم يعتبروا به...
وأما إنكاره أن يكون للطائفة حكم واحد كأن يقال الجهمية كفار....
ودليله أن الناس يبعثون يوم القيامة فرادى وأن الطائفة لا تبعث..!!!
فالذي يلاحظه الناظر ببداية النظر أنه لا تلازم بين الدليل والمدلول، فكون البعث في الآخرة يكون للأفراد لا يلزم منه ألا يكون للطائفة حكم في الدنيا.
وهذا النفي منه مبني على تصور خاطئ للطائفة، فقد درج أئمة السلف على أن الطائفة المنحرفة لا بد أن تكون مخالفة لأصول أهل السنة ومفارقة للجماعة، وتخصيص طل طائفة باسم لتميزها بأصول عن غيرها......
فلم يجعلوا الرافضة طائفة منحرفة إلا لما خالفت أصولا، وكذلك الجهمية والمعتزلة ووو
وهذه المخالفة لاصول الشريعة وقطعيها توجب الحكم عليها مباشرة بالبدعة أو بالكفر من غير نظر لكون الطائفة تبعث كطائفة أو لا
وعلى هذا قام علم الفرق....
والحكم على الطائفة بحكم واحد استفاض عن أئمة السلف
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" قالا يوسف بن أسباط وعبدالله بن المبارك وهما إمامان جليلان من أجلاء أئمة المسلمين قالا :" أصول البدع أربعة: الروافض، والخوارج، والقدرية، والمرجئة، فقيل لابن المبارك والجهمية فأجاب بأن أولئك ليسوا من أمة محمد وكان يقول إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية وهذا الذي قاله اتبعه عليه طائفة من العلماء من أصحاب أحمد وغيرهم". " مجموع الفتاوى" (3/350).
ولما قيل لعبد الله ابن المبارك: لم أسمعك تذكر الجهمية قال:(إنما سألتني عن فرق المسلمين) الإبانة لابن بطة(١/٣٧٩)
وهنا سؤال: ما منشأ الغلط عند #الددو في إنكاره الحكم على الطوائف بحكم واحد؟
منشأ الغلط فيما يظهر هو الفرار من الحكم على كل فرد بعينه بحكم الطائفة؛ ظنا منه وجود تلازم بين الحكمين..............
فمثلا الحكم على الرافضة كطائفة هو الكفر فظن أن هذا الحكم يلزم بالضرورة كل فرد بعينه منتسب للطائفة، فأراد أن يفر من هذا اللازم بإنكار أن يكون للطائفة حكم واحد٠
والتحقيق في هذا أن الحكم على الطائفة يقصد به أمران:
١- بيان نوع المسائل التي تقول بها هذه الطائفة ودرجتها.
٢-الحكم على الأفراد لا بأعيانهم.
ولا يلزم من الحكم على الطائفة الحكم على كل أعيان المنتسبين لها بمجرد الانتساب إلا إذا تحقق الموجب الخاص، وهو محل اتفاق
فالفرد المعين وإن كان يتناوله الحكم المطلق للطائفة إلا أن كونه هو المقصود بعينه بالحكم يحتاج إلى دليل خاص
وهذه هي قاعدة الشريعة في الإطلاقات....
كتبه
أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق