الاثنين، 14 مارس 2016

رد على مقال بين الشيعي واليهودي

الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد, فقد أطلعني أحد الإخوة الأفاضل على مقالٍ بعنوان:" بين الشيعي واليهودي", خبَّط فيه صاحبه خبطا عظيما؛ سيرا وراء العاطفة التي لم تُضبط بالشرع, وقد انخدع بهذا المقال من انخدع, وظنوا أن ما فيه حقا يتوافق مع الشريعة وقواعدها ومقاصدها, والأمر خلاف ذلك.
وسأبين بعض مواطن الزلل في هذا المقال؛ عسى أن يرجع صاحبه إلى الحق, وينضبط بضوابط الشرع, وهذا المؤمَّل فيه إن كان طالبا للحق, ويريد نصرة دين الله سبحانه.
قوله: (المُفترض أن ما يجمعنا مع (اخوتنا) الشيعة أكثر مما يجمعنا مع اليهود، على الأقل نحن نجتمع على "لا إله إلا الله محمد رسول الله" صلى الله عليه (وآله) وسلم، لكن واقع بعض الحكومات والجماعات يُنبئ بعكس ذلك، بل قد يتطرف بعض من يُنسبون إلى العلماء ويصف الشيعة بالمجوس وأنهم أسوأ من اليهود، وإذا أراد أن يتلطف ويُحسن الخطاب وصفهم بالرافضة وجمعهم مع اليهود في سلّة واحدة).
والرد عليه:
1-أن الشيعة عند علماء الفرق أعم من الرافضة الذين يتحدث عنهم صاحب هذا المقال, فيدخل في الشيعة من كان يقدم عليا على عثمان مع ترضيه على أبي بكر وعمر واعتقاد أنهما أفضل من علي, ويدخل فيه الزيدية, إلى غير ذلك.
وقد سأل سائل شريك بن عبد الله فقال له: أيهما أفضل أبو بكر أو علي؟ فقال له: أبو بكر فقال له السائل: أتقول هذا وأنت من الشيعة؟! فقال: نعم, إنما الشيعي من قال مثل هذا, والله لقد رقى علي هذه الأعواد فقال ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر, أفكنا نرد قوله؟ أكنا نكذبه؟ والله ما كان كذابا )).
والشيعة وإن كان في مصطلح العوام أصبح يطلق على الرافضة الإمامية إلا أن الواجب على من ينتسب للعلم أن يحرر هذا المصطلح, وأن يكون دقيقا في إطلاقه.
2-أن فرقة الرافضة من الفرق التي خرجت عن فرق أهل الإسلام, فهي فرقة كافرة, هذا من باب العموم, وليس حديثي الآن عن الأعيان.
عن يحيى بن زكريا , قال: كنت عند سفيان بن عيينة فقال له رجل: إنا وجدنا خمسة أصناف من الناس قد كفروا ولم يؤمنوا قال: «من هم؟» قال الجهمية , والقدرية , والمرجئة , والرافضة , والنصارى قال: «كيف؟ ... وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر. قالت الرافضة: لا ليس كما قلت , بل أنت خير منهما , قال: فكفروا وردوا عليه )) [القضاء والقدر للبيهقي]
3-أن قتال الدولة للرافضة الذين اعتدوا على أهل السنة من أهم الأمور؛ فالرافضة مع ما يعتقدونه من اعتقادات باطلة: يستبيحون دماء أهل السنة وأموالهم.
فقد جاء في الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري أنه قال: (( جواز قتلهم, واستباحة دمائهم ))
وقال يوسف البحراني في الحدائق الناضرة: (( إن إطلاق المسلم على الناصب, وأنه لا يجوز أخذ ماله من حيث الإسلام خلاف ما عليه الطائفة المحقة سلفا وخلفا من الحكم بكفر الناصب, ونجاسته, وجواز أخذ ماله, بل قتله ))
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية:

عمن يزعمون أنهم يؤمنون بالله عز وجل وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويعتقدون أن الإمام الحق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو علي بن أبي طالب, وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على إمامته, وأن الصحابة ظلموه ومنعوه حقه, وأنهم كفروا بذلك . فهل يجب قتالهم ؟ ويكفرون بهذا الاعتقاد أم لا ؟
فأجاب:
الحمد لله رب العالمين ، أجمع علماء المسلمين على أن كل طائفة ممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها حتى يكون الدين كله لله . فلو قالوا : نصلي ولا نزكي أو نصلي الخمس ولا نصلي الجمعة ولا الجماعة أو نقوم بمباني الإسلام الخمس ولا نحرم دماء المسلمين وأموالهم أو لا نترك الربا ولا الخمر ولا الميسر أو نتبع القرآن ولا نتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نعمل بالأحاديث الثابتة عنه أو نعتقد أن اليهود والنصارى خير من جمهور المسلمين وأن أهل القبلة قد كفروا بالله ورسوله ولم يبق منهم مؤمن إلا طائفة قليلة, أو قالوا : إنا لا نجاهد الكفار مع المسلمين أو غير ذلك من الأمور المخالفة لشريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته وما عليه جماعة المسلمين . فإنه يجب جهاد هذه الطوائف جميعها كما جاهد المسلمون مانعي الزكاة وجاهدوا الخوارج وأصنافهم وجاهدوا الخرمية والقرامطة والباطنية وغيرهم من أصناف أهل الأهواء والبدع الخارجين عن شريعة الإسلام . وذلك لأن الله تعالى يقول في كتابه : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } . فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب قتالهم حتى يكون الدين كله لله . وقال تعالى : { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } فلم يأمر بتخلية سبيلهم إلا بعد التوبة من جميع أنواع الكفر وبعد إقام الصلاة وإيتاء الزكاة . وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } { فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله } فقد أخبر تعالى أن الطائفة الممتنعة إذا لم تنته عن الربا فقد حاربت الله ورسوله والربا آخر ما حرم الله في القرآن فما حرمه قبله أوكد . وقال تعالى : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض
...  وكذلك المبتدع الذي خرج عن بعض شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته واستحل دماء المسلمين المتمسكين بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته وأموالهم : هو أولى بالمحاربة من الفاسق وإن اتخذ ذلك دينا يتقرب به إلى الله . كما أن اليهود والنصارى تتخذ محاربة المسلمين دينا تتقرب به إلى الله . ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أن هذه البدع المغلظة شر من الذنوب التي يعتقد أصحابها أنها ذنوب . وبذلك مضت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أمر بقتال الخوارج ...إلى آخره كلامه في مجموع الفتاوى (28/ 468)
4- قوله: (الأقل نحن نجتمع على "لا إله إلا الله محمد رسول الله" صلى الله عليه (وآله) وسلم )
والرد عليه: أن مجرد الاجتماع على هذا الكلمة بالنطق مع وجود ما يناقضها لا يكفي في حصول الإخوة الإسلامية, فالرافضة مع نطقهم بكلمة التوحيد إلا أنهم أتوا بنواقض, لا بناقض واحد.
وقد ذكر صاحب المقال أنه مطلع عليها فأغناني عن ذكرها.
ولا بأس أن أذكر شيئا يسيرا من عقائدهم الكفرية تذكيرا لكاتب المقال بها.
من العقائد الكفرية التي يعتقدها الرافضة:
-القرآن ناقص.
جاء في الكافي للكليني بسنده عن أبي عبد الله: ((وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: قلت: وما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد ))
-الطعن في النبي صلى الله عليه وسلم
قال الخميني في كتاب مختارات من أحاديث وخطابات الإمام الخميني س42: (( فكل نبي من الأنبياء إنما جاء لإقامة العدل, وكان هدفه هو تطبيقه في العالم لكنه لم ينجح, وحتى خاتم الأنبياء الذي قد جاء لإصلاح البشر وتهذيبهم وتطبيق العدالة فإنه أيضا لم يوفق, وإن من سينجح بكل معنى الكلمة ويطيق العدالة في جميع أرجاء العالم هو المهدي المنتظر ))
-الطعن في عائشة رضي الله عنها
جاء في بحار الأنوار ص 314 قال لي أبو جعفر: (( لو قام قائمنا قلد ردت إليه الحميراء حتى يجلدها الحد, وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمة منها  ))
-الطعن في أبي بكر وعمر
جاء في مرآة العقول في شرح أخبار الرسول ص 488: (( عن أبي عبد الله في قوله تعالى: أرنا اللذين أضلانا من الجن والإني قال: هما
أي: أبوبكر وعمر.
إلى غير ذلك.
5- قوله: (وإذا أراد أن يتلطف ويُحسن الخطاب وصفهم بالرافضة وجمعهم مع اليهود في سلّة واحدة)
والرد عليه: أن جمعهم مع اليهود في سلة واحدة له مسوغه الشرعي؛ للمشابهة بينهما, ولأن أباهم الأول الذي حرف مذهبهم, هو: عبد الله بن سبأ اليهودي.
فهو أول من ابتدع الرفض, وأراد أن يحرف الإسلام كما حرم بولص النصرانية, لكن الفارق بين الإسلام والنصرانية أن الله تكفل بحفظ الإسلام, وأما النصرانية فقد تكفل بحفظها الأحبار والرهبان, فسَلِم الإسلام من التحريف ولم تسلم النصرانية.
ولمعرفة مشابهة الرافضة لليهود أحيلك إلى كتاب:"بذل المجهود في إثباتا مشابهة الرافضة لليهود" وهو موجود على الشبكة.
قوله: (( من وجهة نظري
وأحدثكم حديث من قرأ عن الشيعة وعقيدتهم، وعرفت آراءهم في الاستغاثة والتبرك والشفاعة والتوسل، وقولهم في أسيادنا أبوبكر وعمر وغيرهم من الصحابة الأجلّاء وفي الطاهرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وأخبار المهدي المُنتظر وعلائم ظهوره من اليماني إلى السفياني إلى قولهم في الرجعة قبل القيامة وغير ذلك الكثير.
بالرغم من كل ذلك...
فلا أستسيغ بحال من الأحوال الحُكم بإخراجهم من الملّة ومساواتهم باليهود واعتبارهم العدو رقم واحد ))
والرد عليه:
والله إني لأعجب من هذا الذي لا يغار على دين الله, ولا على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وزاد الطين بلة أنه ذكر أنه يعرف آراءهم الكفرية, واعتقاداتهم الباطلة.
وأقول له:
 أبعد هذا الاطلاع على الطعن في الله وفي رسول الله وفي صحابته الكريم, تأتي وتقول وجهة نظري كذا؟!.
قل لي بربك على أي ضوابط شرعية تسير, وأي منهج تسلك, وبمن تقتدي؟!
وكيف ترجع ذلك إلى أمور سياسية؟!!
أخبرني:
-من زعم منهم أن القرآن محرف ألا تستسيغ إخراجه من الدين؟!
-من استغاث منهم بالحسين ألا تستسيغ إخراجه من الدين؟!
-من افترى على عائشة رضي الله عنها وزعم أنها زانية ألا تستسيغ إخراجه من الدين؟
قال مالك بن أنس: (( من سب أبا بكر وعمر جلد ومن سب عائشة قتل ، قيل له : لم يقتل في عائشة؟
  قال:  لأن الله تعالى يقول في عائشة رضي الله عنها : ( يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين 
قال مالك:( فمن رماها فقد خالف القرآن, ومن خالف القرآن قتل ). 
قال ابن حزم : ( قول مالك ههنا صحيح وهي ردة تامة وتكذيب لله تعالى في قطعه ببراءتها ). 
وقال أبو بكر ابن العربي : ( لأن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة فبرأها الله فكل من سبها بما برأها الله منه فهو مكذب لله ومن كذب الله فهو كافر فهذا طريق مالك وهي سبيل لائحة لأهل البصائر ) 
قال القاضي أبو يعلى : ( من قذف عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف, وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد, وصرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم )
 يا هذا أما تغار على أمك عائشة ؟! وماذا تفعل في أحكام أئمة الإسلام؟!
ما أقبح ما قلت.
وإليك بعض أقوال السلف التي لا توافق هواك:
قال يزيد بن هارون: (لا يصلى خلف الرافضي) [الشريعة للآجري]
وقال سفيان الثوري: (( اتقوا هذه الأهواء المضلة , قيل له: بين لنا رحمك الله؛ قال سفيان: ... ومنهم الرافضة الذين يتبرءون من جميع الصحابة ويكفرون الناس كلهم إلا أربعة: عليا وعمارا والمقداد وسلمان... ) [الشريعة للآجري]
وقال الإمام أحمد السنة: «الرافضة لا تكلمهم )) [السنة للخلال]
وقال الإمام أحمد: " من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض، ثم قال: من شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين " [السنة للخلال]
وعبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: سألت أبي عن رجل شتم رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما أراه على الإسلام )) [السنة للخلال]

وأخيرا: يكفيني هذا لبيان قبح هذا المقال, ولا يجوز لكل من هب ودب أن يتكلم في دين الله بما يشاء, وبوجهة نظره؛ لقوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم).
والله أعلم, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه
د. أحمد محمد الصادق النجار