الأربعاء، 14 ديسمبر 2022

#الحاكمية بمفهومها الخاطئ ومنبعها الفكري

 #الحاكمية بمفهومها الخاطئ ومنبعها الفكري 


الحلقة الخامسة 


إن الناظر في واقع #التيار_الجهادي يجد أن اعتماده الأكبر ومصدره في العصر الحديث ما أنتجه #المودودي و #سيد_قطب رحمهما الله؛ بناء على تصريحات رموز التيار نفسه، مما يقطع الطريق على من يريد أن يلصق التيار بغيرهما، ومعلوم أنه لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح، والاعتراف سيد الأدلة.


قال أبو مصعب السوري فيما كتبه في مجلة؛ قضايا الظاهرين على الحق، العدد؛ 2، ذ والحجة/1421 هـه في مجلة بعنوان "الفجوة الفكرية المنهجية في التيار الجهادي الحالي": (فإذا أردنا تقسيم الصحوة الجهادية من حيث السمت العام، رأينا أنها أنهت مرحلتها الأولى، وهي ما يمكن وصفه بأنها "مرحلة التنظيمات السرية القطرية الهرمية المسلحة"، وابتدرت مع نهاية التسعينات وبداية القرن الحادي والعشرين مرحلة يمكن وصفها بالمواجهة الشمولية العالمية، التي بدا أن من أهم ما يميزها المواجهات الجبهوية المفتوحة والمبادرات الإرهابية الفردية المحدودة.

وأما إذا أردنا تقسيمها من حيث الأجيال والمراحل؛ فإننا نلاحظ أن الصحوة الجهادية قد مر منها جيلان، جيل الستينات والسبعينات (1960 - 1975) م، ثم جيل السبعينات والثمانينات (1975 - 1990) م، والآن الجيل الجديد الذي لحق ويلحق بركب التيار الجهادي وجمهوره، وهم جيل أواخر التسعينات وبداية القرن الحالي (1990 - 2001) م.

فأما الجيل الأول؛ فقد مضى معظمه وقضى رحمهم الله وجزاهم عنا ألف خير، وكان من أعلامهم أمثال سيد قطب وعبد القادر عودة والمودودي وسعيد حوى ومروان حديد ومن عاصر هذا الجيل، التي بدأت غريبة ثم امتدت واتسع وجودها، فجاء رواد الجيل الثاني من رواد التنظيمات الجهادية والمبادرات الجهادية في النصف الثاني من السبعينات إلى آخر الثمانينات). 


ولما قدم شباب الصحوة المتأثرون بابن تيمية وابن عبد الوهاب إلى أفغانستان عقدت لهم مراكز للحوار والمناقشات؛ لأجل إقناعهم بالفكر الجهادي..

يقول أبو مصعب السوري في الفجوة الفكرية في التيار الجهادي:( فقد صارت بيشاور ومعسكرات التدريب في باكستان وأفغانستان وتجمعاتها مراكز للحوار الفكري والصدام في كثير من الأحيان بين مختلف تلك الطروحات، وهكذا وجد التيار الجهادي ومن يمثله في ساحة الجهاد العربي في بيشاور ومعسكرات أفغانستان أنفسهم يصطدمون مع جبهتين رئيسيتين:

جبهة الإخوان المسلمين، والفكر الديمقراطي السياسي الذي كان أصحابه يروجون له عبر أبحاث ودراسات.

جبهة مدرسة الفقه السعودي الرسمي الذي كان يدعو لنبذ فكر الحاكمية وإلى اعتبار الحكام أولياء أمور شرعيين، ويدعو إلى احترام العلماء الرسميين، ولاسيما في السعودية ودول الجزيرة

وشيئا فشيئا ولنصاعة الحق وشيوع منهج اتباع الدليل بدأ الفكر الجهادي يسيطر على ساحة التجمع العربي، وبدأ يكتسب اكثرية الساحة، حيث اقتنع آلاف الشباب القادمين من معظم بلاد العالم الإسلامي بالفكر الجهادي) 


واحتاجوا إلى الاستدلال بما يقفون عليه من إطلاقات لأهل العلم الموثوقين كابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهما وأصبحوا ينزلون كلامهم في غير محله وعلى غير أهله، كما فعلوا مع كلام ابن تيمية في التتار الذي أنزلوه على حكام المسلمين وجيوشهم 

حتى قال أبو مصعب السوري في دعوة المقاومة الإسلامية:(ولعب كتاب الفريضة الغائبة الذي كتبه الشهيد عبد السلام فرج من الجماعة الإسلامية والذي شارك في اغتيال السادات وأعدن بعد ذلك.

وقد لعب ذلك الكتيب دورا هاما في تأسيس مفاهيم الفكر الخارجي رغم بساطة محتواه وأسلوبه وصغر حجمه، إلا أن المهم الجديد الذي أضافه للفكر الجهادي طان طرح فتاوى ابن تيمية في حكام التتار الذين حكموا بلاد المسلمين ومنها التتار، كما طرح مسألة المقارنة بين حكام المسلمين وأعوانهم وجنودهم اليوم وبين أولئك التتار وفتاوى العلماء في كفرهم ووجوب قتالهم ومن قاتل معهم على من فيهم من الجاهلين والمكرهين، ومن ثم إسقاط تلك الأحكام على واقع الحكومات العربية وفي بلاد المسلمين) 


وقد كان لهذا الدمج والاستدلال من الجماعات الجهادية مع ما وجدوه من إطلاقات أثر بالغ على الشباب الذين شاركوا في الجهاد الأفغاني ممن كان متأثرا بابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، فوجود من يعظم ابن تيمية وغيره من العلماء استدعى من منظري الفكر الجهادي التكفيري إقحام اطلاقاتهم، وكذلك ما وجدوه أيضا من حل لإشكالات ترد على تقعيدهم.

أضف إلى ذلك أن من تربى في بيئة تعظم مشايخ معيينين سيسعى المتأثر بفكر دخيل أن يجد لهم كلاما يؤيد اعتقاده ولو كان في غير محله أو له ما يقيده.


ومن الفروق الجوهرية بين دعوة محمد بن عبد الوهاب ودعوة الخوارج:

١-أن دعوة محمد بن الوهاب قامت على أن توحيد العبادة والنهي عن الشرك هو أخص خصائص الألوهية وجوهوها، وبه يبتدأ في الإصلاح والدعوة.

بينما الخوارج يرون أن الحكم هو أخص خصائص الألوهية وجوهرها، وبه يبتدأ في الإصلاح والدعوة.

٢-أن دعوة محمد بن عبد الوهاب في التكفير بالشرك الأكبر تكفر بمناط صحيح للتكفير، فالشرك الأكبر الذي هو جعل ند مع الله في العبادة كفر أكبر

وإن أخطأ بعضهم في التنزيل وعدم الإعذار بالجهل

بينما دعوة الخوارج في التكفير بالحاكمية تكفر بمناط غير صحيح، فكفروا وفجروا وسفكوا الدماء؛ بناء على ما ليس بمكفر. 


والكلام هنا في تبرئة دعوة لا في تبرئة كل من انتسب إليها؛ إذ وجود إجمالات وإطلاقات وكلام غير محرر في بعض كلام أئمة الدعوة لا يسقط الدعوة كلها ويجعلها نواة جماعة الجهاد والتكفير المنفلت، وهو مما لا يعترف به أصحاب التيار أنفسهم.

 

وسنبين في الحلقة القادمة وجه تأثر غيرهم بهم


يتبع بإذن الله... 


كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق