لا يُستغرب ممن يسير على نهج #محمد_الحسن_الددو أن يسارع إلى إيجاد الأعذار له، أو يحاول تسويغ عباراته؛ فالمشترك المنهجي والفكري يفسّر هذا الدفاع.
لكن المستغرَب حقًا هو موقف بعض #إخواننا الذين حملوا كلام الددو على أحسن المحامل من غير أن يراعوا أصوله الفكرية وبيئته التي صاغت منطقه وخطابه، فتعاملوا مع مجرد ألفاظ، وغفلوا عن السياق المنهجي الذي أفرزها.
فالخطأ في عبارة عابرة قد يُعذر فيه صاحبه إذا لم يقصد باطلاً، أما إذا كان الخطأ متولّدًا من منهج مضطرب يجمع بين #الإخوانية الحركية، و #التصوف الذوقي، و #التلفيق الفقهي؛ فإن العثرة تتكرر وتتحول إلى انحراف في التصورات.
ومن هنا فزلّة الددو ليست مجرد أنه قال "نكبة" بدل "مصيبة"، وإنما هي انعكاس لخلفيته الفكرية التي يشاركه فيها المدافعون عنه.
ومن المعلوم أن #الددو منفتح على الأدبيات الإخوانية والقطبية التي تمزج بين الدين والسياسة تحت شعار "إقامة الدولة الإسلامية".
وهذا جعله يتبنى خطابًا تلفيقيًا توسعيًا لا يضبطه ميزان السلف في تحرير الأصول والمقاصد.
فوصفه #وفاة_النبي ﷺ بأنها نكبة على الأمة لم ينطلق فيه إلا من زاوية سياسية/دستورية، إذ اعتبر أن النكبة هي غياب "النص التفصيلي" في شأن الإمامة، وهذا عين ما ينظر إليه الإخوان والقطبيون الذين جعلوا الإسلام في المقام الأول مشروع حكم ودولة، واختزلوا كلمة التوحيد في "الحاكمية".
من هنا نفهم #أطروحات هذا التيار: فمعيار التدين عندهم، والولاء والبراء، ليس هو تحقيق التوحيد بأبوابه الكبرى (الألوهية، الأسماء والصفات، القدر، الإيمان) ولا لزوم السنة على وجهها والتخذير من البدعة، فهذه عندهم قضايا ثانوية تجاوزها الزمن، وإنما معيارهم الأوحد هو إقامة "الدولة الإسلامية".
ولا شك أن قيام الدولة المسلمة مطلب شرعي عظيم، لكن لا بد أن يفهم في سياقه الصحيح، فلا يُجعل معيار الكمال الديني ولا محور الدين كله.
فالإخوان والقطبيون يرى كثير منهم أن غياب "وثيقة دستورية مكتوبة تفصيلية" يشكل نكبة على الأمة وإشكالًا كان ينبغي سدّه بتأصيل معاصر، انبهارًا منهم بالنموذج الغربي في آليته. بينما السلف رأوا أن النصوص القطعية العامة (البيعة، الشورى، طاعة ولي الأمر، إقامة الدين) مقرونةً بالإجماع العملي للصحابة = تشريع كامل كافٍ يغني عن كل دستور وضعي تفصيلي.
وبهذا يتبين أن الإشكالية الحقيقية في كلام #الددو، والتي حاول المدافعون عنه إخفاءها، أنه جعل غياب "الدستور التفصيلي" إشكالا، ورتب عليه أن وفاة النبي ﷺ كانت نكبة للأمة. وهذا يوحي – بلسان الحال – أن الشريعة تركت شيئا لم تكنله مما سبب نكبة، وهو ما يناقض قوله تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾.
نعم، لم يقل أحد من #النقاد المعتبرين إن الددو يصرّح بأن الشريعة ناقصة، إذ لو صرّح لكُفر، ولكن موضع البحث هو في لازم كلامه، واللازم ليس قولًا حتى يلتزمه صاحبه. غير أن المشكلة أن هذا اللازم ينبع من المنهج الفكري الذي يتبناه....
✍️ بقلم: د. أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق