الجمعة، 3 أكتوبر 2025

هل يصح استعمال اللفظين على وجه الترادف التام في جميع السياقات؟

 


هل يصح استعمال اللفظين على وجه الترادف التام في جميع السياقات؟ 


بعض من تجرأ على ما لا يُحسِن زعم أن «النَّكبة» و«المصيبة» بمعنى واحد في جميع السياقات، وجمع لذلك أقوالًا متفرقة من المفسرين واللغويين والمحدثين في تفسير النكبة بالمصيبة. وهذا من أمثلة من يكثر النقل والجمع دون أن يُحسن الفهم والتأصيل... 


بادئ ذي بدء

لم أنكر تفسير النكبة بالمصيبة، وليس هذا هو من محل البحث، وإنما محل البحث:

هل يصح استعمال اللفظين على وجه الترادف التام في جميع السياقات؟ أي: هل يمكن أن تحل «النكبة» محل «المصيبة» في كل سياق دون فرق؟

وهل يصح إهمال الفروق الدلالية بين الكلمات المتقاربة في الدلالة؟ 


الجواب:

ليس ما صح استعماله في سياق يجوز استعمال ما ينوب عنه في كل سياق ؛ إذ الاتفاق في قدر من الدلالة بحيث ينوب أحدهما على الآخر لا يلغي اختصاص كل لفظ بنوع من الدلالة...

وتفسير لفظة بلفظة أخرى لا يعني التطابق التام بينهما، بل لا بد من فرق بين المفسَّر والمفسِّر. 


وقد قرر المحققون من أهل اللغة أن اختلاف الأبنية يستلزم اختلافًا في الدلالة

قال ابن فارس:( ونحن نقول: إن في قعد معنى ليس في جلس

ألا ترى أنا نقول: قام ثم قعد ..ثم نقول كان مضطجعا فجلس، فيكون القعود عن قيام، والجلوس في حالة هي أدنى من الجلوس؛ لأن الجَلس المرتفع...فالجلوس ارتفاع عما هو دونه) 


ونصر ابن تيمية القول بعدم وجود الترادف التام إلا قليلا 

فقال:(فإن الترادف في اللغة قليل، وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر وإما معدوم، وقَلَّ أن يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه، بل يكون فيه تقريب لمعناه) 


بل ذهب بعضهم إلى أن الأصل في الشيء أن يكون له اسم واحد وما عداه يكون من باب الصفات ولذا لما قال ابن خالوية: أحفظ للسيف خمسبن اسما

تبسم أبو علي الفاسي وقال: ما أحفظ إلا اسما واحدا وهو السيف

قال ابن خالوية: فأين الكهند وابثارم وكذا وكذا

فقال أبو علي: هذه صفات... 


ومن هنا تعلم خطأ من يستعمل الألفاظ التي تنوب بعضها عن بعض في جميع السياقات...


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق