السبت، 25 أبريل 2020

[حكم الدعاء بقول: "صحه فطورك" ونحوه بعد الإفطار من الصيام]


[حكم الدعاء بقول: "صحه فطورك" ونحوه بعد الإفطار من الصيام]
 سؤال: شيخ, حكم قول صحة فطورك مع التفصيل رحم الله والديك ونفع بك
والجواب:
هذه تهنئة خاصة لسبب خاص, وقد اشتملت هذه التهنئة على الدعاء له بالصحة والهناء عقب الإفطار من صيام.
ولاشك أن المسلم يفرح بإفطاره, لكن هل هذا الفرح يقتضي دعاء خاصا ملتزما؟
فهنا أمران:
الأول: الفرح بما أذن الله الفرح به, والفرح هنا يشمل الفرح الطبيعي بسد الجوع بالأكل, والفرح الإيماني وهو إتمام العبادة وسلامتها مما يفسدها.
فالفرح هو المأذون به شرعا, وأما ما زاد عليه من التهنئة فهو جائز في الجملة بقيد ألا يجري مجرى الشرعيات من الالتزام إذا كانت مقرونة بعبادة أو لوحظ فيها قصد زمان أو مكان لذاتهما؛ لأن الالتزام يخرجه عن كونه عادة, إلا ما ورد عن الصحابة, كالتهنئة بعيد الفطر والأضحى.
ولم يرد عنهم التهنئة بالإفطار.
لكن تجوز لا على وجه الالتزام.
وأما ما ورد في قصة توبة كعب, وفيه: (وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجا فوجا يهنؤني بالتوبة, ويقولون: لتهنك توبة الله عليك...)
فليست من الباب الذي نتكلم فيه؛ لعدم وقوع الالتزام فيه, وإنما يدل على أن من وقع له أمر عظيم فيه خير دنيوي أو ديني فإنه يهنأ عليه, ومثل هذا لا يتصور فيه أن يجري مجرى الشرعيات.
الثاني: تخصيص دعاء له, ومعلوم أن الدعاء في نفسه عبادة أمر الله به في الجملة, وهنا قد أتى العبد به عقب عبادة مخصوصة وهي الصيام, وله حالان:
الحالة الأولى: ألا يلتزمه وإنما يفعله أحيانا, فهنا جائز؛ لأنه لم يضاهي الشرعيات, ولا أخذ صفة التشريع, ولا هو مظنة اعتقاد السنية والفضل.
الحال الثانية: أن يلتزمه, فهنا قد ضاهى المشروع في التخصيص والالتزام, وأعطاها صفة التشريع؛ إذ إن من أسباب كون الفعل سنة: الالتزام والمداومة, والتخصيص والتقيد, وهذا التخصيص والالتزام لم يدل عليه الدليل العام الوارد في حض الناس على الدعاء, كما أنه ذريعة لأن يعتقد الناس سنية الفعل وفضله.
ولو كان هذا التخصيص والالتزام مشروعا لفعله السلف؛ لوجود مقتضيه ولا مانع.
قال الشاطبي في الاعتصام (1/ 318): (وبيان ذلك أن الدليل الشرعي إذا اقتضى أمرا في الجملة مما يتعلق بالعبادات مثلا، فأتى به المكلف في الجملة أيضا، كذكر الله والدعاء والنوافل المستحبات وما أشبهها مما يعلم من الشارع فيها التوسعة؛ كان الدليل عاضدا لعلمه من جهتين: من جهة معناه، ومن جهة عمل السلف الصالح به.
فإن أتى المكلف في ذلك الأمر بكيفية مخصوصة، أو زمان مخصوص أو مكان مخصوص أو مقارنا لعبادة مخصوصة، والتزم ذلك بحيث صار متخيلا أن الكيفية، أو الزمان أو المكان مقصود شرعا من غير أن يدل الدليل عليه؛ كان الدليل بمعزل عن ذلك المعنى المستدل عليه.
فإذا ندب الشرع مثلا إلى ذكر الله، فالتزم قوم الاجتماع عليه على لسان واحد وبصوت، أو في وقت معلوم مخصوص عن سائر الأوقات؛ لم يكن في ندب الشرع ما يدل على هذا التخصيص الملتزم، بل فيه ما يدل على خلافه؛ لأن التزام الأمور غير اللازمة شرعا شأنها أن تفهم التشريع...)
وقال في الاعتصام (1/ 319): (فكل من خالف هذا الأصل؛ فقد خالف إطلاق الدليل أولا؛ لأنه قيد فيه بالرأي، وخالف من كان أعرف منه بالشريعة ـ وهم السلف الصالح رضي الله عنهم ـ، بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يترك العمل وهو يحب أن يعمل به خوفا أن يعمل به الناس فيفرض عليهم).
ومثله في الحكم التهنئة بيوم الجمعة.
كتبه: أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق