السبت، 4 أبريل 2020

التكييف الفقهي لعقود المدارس الخاصة


التكييف الفقهي لعقود المدارس الخاصة
د. أحمد بن محمّد النّجار
كليّـة علوم الشّريعة / جامعة المرقب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد؛ فإن للمدارس الخاصة المنضبطة بجميع مراحلها أهمية عظيمة في الوقت الحالي؛ لتميزها عن المدارس العامة بجودة تعليمها, وحسن اختيار معلميها, والاعتناء بالتربية, ولوجود بيئة مناسبة للطلاب.
لذا كان الاعتناء بها, وتذليل الصعوبات التي تواجهها من أهم المهمات المنوطة بالوزارة أولا, ورجال الأعمال ثانيا, وأولياء الأمور أخيرا.
وهذه الدراسة جاءت لبيان التكييف الفقهي في العقود التي تجريها المدارس الخاصة مع أولياء الأمور, وتكييف علاقتها مع الوزارة.
أما تكييف علاقتها مع الوزارة, فـالمدرسة جهة تنفيذية, فهي مطالبة من الوزارة بتدريس المقررات المعتمدة من الوزارة، والالتزام بتنفيذ الخطة الدراسية المعتمدة بمؤسسات التعليم العام بما فيها توزيع الدروس وعدد الحصص المقررة لكل مادة.
وأما عقد ولي أمر الطالب مع المدرسة فهو: عقد إجارة على منفعة تقدمها المدرسة موصوفة بصفة مضمونة في الذمة.
فولي الأمر يشتري هذه المنفعة, والأجر المدفوع هو عوض هذه المنفعة.
ويجب أن تكون المنفعة موصوفة وصفا واضحا منضبطا تدرأ به الجهالة.
وهذه المنفعة هي التعليم في فترة زمنية, والمرجع في تحديد المادة ومنهجها وحصصها: وزارة التعليم, كما تقدم.
ومحل تعلق الحق هنا بين ولي الأمر والمدرسة: ذمة المؤجر لا العين, فالمنفعة متعلقة بالذمة وليست متعينة.
وتجب الأجرة بالعقد وتستحق بتمام المنفعة.
وتكييف كون العقد إجارة لا عقد سلم يُجوِّز تأخير الثمن, ولا يؤوله إلى بيع الكالئ بالكالئ على ألا يكون بلفظ السلم.
وذهب المالكية إلى جواز تأخير الثمن إذا شرع في استيفاء المنفعة, وذهب الشافعية إلى عدم الجواز؛ لأن الإجارة في الذمة سلم في المنافع.
والخدمات التابعة للمنفعة الموصوفة في الذمة على المؤجر, وتكون بالصفة التي يتمكن معها المستأجر من الاستفادة من المنفعة.
ولما كانت المنفعة في ذمة المؤجر (المدرسة) كان لزاما عليه أن ينفذه على الوجه التام بأي وسيلة كانت في فترة محددة؛ لأن كونها في ذمته يجعله ضامنا لتقديمها كاملة على كل حال.
فإن وُجد ما يمنع وجود المنفعة وجودا تاما في المستقبل, فهذا المانع لا يخلو من:
1-أن يكون مما يمكن تضمينه.
فإن التقصير الواقع :
إذا كان من المدرسة كإغلاق المدرسة لصيانتها, أو إضراب مدرسيها, أو غيابهم غيابا طويلا؛ فهنا يجب التعويض وتوفير البديل المناسب؛ لإمكانه؛ لأن العقد قد وقع على منافع موصوفة لا عينية, ولأن المؤجر ضامن لتقديم المنفعة على كل حال, فالخراج مستحق بالضمان, فإن عجزت عن التعويض أرجعت الفرق؛ لكون العوض وقع على غير منفعة.
وإذا كان من الوزارة لمصلحة رأتها في تقليل المدة أو في المنهج تقليلا يسيرا, فلا شيء على المدرسة, وهذا من الغرر اليسير المغتفر, ويدخل فيه العطل الرسمية.
وإذا كان التقصير من الطالب بغير الموت والمرض المزمن فلا شيء أيضا على المدرسة.
وإذا كان بموت الطالب ومرضه مرضا مزمنا فهنا يفسخ؛ لعدم تمام المنفعة, وتستحق المدرسة من الأجر بقدر ما درس.
2-أن يكون مما لا يمكن تضمينه, كآفة سماوية, والجيوش التي تسرق.
فهنا يجب على المدرسة التعويض؛ لعدم تمام قبض المنفعة وهي في ضمانهم, فإن عجزت فيجب رد الأجرة بمقدار نقص المنفعة؛ لأن المنافع هنا معدومة فلا يتمكن من قبضها ولا تدخل في ضمان المستأجر.
أو تقوم الدولة بتعويض المدارس الخاصة؛ لأنه حصل بسبب أمر لا يمكن الاحتراز منه.
فعلة تعويض المدرسة بسبب الجائحة فإن لم يكن فبالنقص في الأجرة: عدم التمكن من استيفاء قبض المنفعة, ولا أثر لكونها منفعة في الذمة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق