الثلاثاء، 1 ديسمبر 2020

مناقشة فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في قوله بالإلزام باجتهاد العالم صاحب المنصب العلمي

 

مناقشة فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في قوله بالإلزام باجتهاد العالم صاحب المنصب العلمي

 

يقول الشيخ صالح في جريدة المسلمون: ("إنَّ اجتهاد العالِم إذا كان ذا منصبٍ عِلمي، فإنَّه يرفع الخلاف، ويَلزم مَن يَتبع منصبَه الأخذُ به، وسماحة الشيخ ابن باز، هو المفتي العامُّ في هذه البلاد، ففتواه مُلزِمة".

وليس هذا القول مما تفرد به الشيخ, بل هناك من يقول به من أهل العلم فيرون إلزام المفتين بما تصدره المؤسسات الرسمية.

وما ذكره فضيلة الشيخ إن أراد به تعميم مسائل الاجتهاد فهذا لا ينسجم مع إطلاقات النصوص؛ فإن النصوص الشرعية التي أوجبت طاعة ولاة الأمور ومنهم العلماء لم تقيد الطاعة بعلماء له مناصب رسمية كالمفتي, وإنما أطلقت العلماء؛ ليدخل في العالم كل من تحقق فيه الوصف الشرعي.

ثم إن القاعدة الأصولية العامة هي عدم إلزام عالم مجتهد بقول عالم مجتهد؛ إذ ليس من طرق الوصول إلى الحكم بالنسبة للعالم: العالم, وإنما طريق ذلك الأدلة, والعالم ليس دليلا بالنسبة إلى عالم آخر, قال أبو المظفر السمعاني في قواطع الأدلة في الأصول (2/ 362): (اعلم أنه قد ذكر بعض الأصوليين في فصل المفتى والمستفتى كلمات أحببت أن أذكرها هاهنا ويوجد في أثنائها فوائد لم تدخل فيما قد ثناه ذكر فصلا في كيفية فتوى المفتى وقال: لا يجوز للمفتى أن يفتى بأحكام عن غيره بل إنما يفتى باجتهاده لأنه إنما سئل عنه ولم يسأل عن قول غيره وإن سئل أن يحكى قول غيره جازت حكايته...)

وأما النظر إلى الإلزام من جهة كون المفتي ولي أمر يرفع حكمه الخلاف, فهذا أيضا مقيد بالمسائل التي لا يصح نقض حكم الحاكم فيها, ولا تشمل كل حكم صدر من ولي الأمر -حاكما كان أو عالما-, قال الزركشي في المنثور في القواعد الفقهية (2/ 69): (...الثاني :قالوا حكم الحاكم في المسائل المختلف فيها يرفع الخلاف، وهذا مقيد بما لا ينقض فيه حكم الحاكم، أما ما ينقض فيه فلا.

الثالث: مدار نقض الحكم على تبين الخطأ، والخطأ إما في اجتهاد الحاكم في الحكم الشرعي حيث تبين النص أو الإجماع أو القياس الجلي بخلافه ويكون الحكم مرتبا على سبب صحيح، وإما في السبب، حيث يكون الحكم مرتبا على سبب باطل، كشهادة الزور , وفي القسمين تبين أن الحكم لم ينفذ في الباطن)

وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (3/ 240): (وأما إلزام السلطان في مسائل النزاع بالتزام قول بلا حجة من الكتاب والسنة: فهذا لا يجوز باتفاق المسلمين ولا يفيد حكم حاكم بصحة قول دون قول في مثل ذلك، إلا إذا كان معه حجة يجب الرجوع إليها فيكون كلامه قبل الولاية وبعدها سواء وهذا بمنزلة الكتب التي يصنفها في العلم).

وقال مجموع الفتاوى (35/ 372): (وليس المراد بالشرع اللازم لجميع الخلق " حكم الحاكم " ولو كان الحاكم أفضل أهل زمانه؛ بل حكم الحاكم العالم العادل يلزم قوما معينين تحاكموا إليه في قضية معينة؛ لا يلزم جميع الخلق ولا يجب على عالم من علماء المسلمين أن يقلد حاكما لا في قليل ولا في كثير إذا كان قد عرف ما أمر الله به ورسوله؛ بل لا يجب على آحاد العامة تقليد الحاكم في شيء؛ بل له أن يستفتي من يجوز له استفتاؤه وإن لم يكن حاكما )

كتبه: أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق