الأحد، 27 ديسمبر 2020

المؤسسات الافتائية بين الحفاظ على المصالح وهدمها والموقف منها

 

المؤسسات الافتائية بين الحفاظ على المصالح وهدمها

والموقف منها

 

لما وضع الله الشريعة لمصالح العباد كان الاجتهاد في النصوص الشرعية على النظر المقاصدي هو تطبيق لما وضع الشارع الشريعة عليه.

إلا أن المصالح قد تتعارض لما يفرضه الواقع من هذا التعارض, فهو تعارض بالنظر الواقعي لا التشريعي, فيحصل تعارض بين المصالح نفسها, أو بين المصالح والمفاسد, أو بين المفاسد نفسها, وهذا يتطلب من الفقيه الموازنة والترجيح بالنظر إلى طريقة الشارع والأقرب إلى مراده من حيث ما بنيت عليه الشريعة وشرعت عليه الأحكام, أو بالنظر إلى مراتب المصالح والمفاسد في نفسها أو في أثرها.

وإن النظر إلى المؤسسات الإفتائية من جهة حفاظها على المصالح وما يعتريها من نقص بحسب بُعد فتاويها ومواقفها عن كليات الشريعة وجزئياتها: يقتضي في التعامل معها وبيان الموقف منها أن نزن بين مصالح ومفاسد السكوت عن فتاويها باعتبار كونها مؤسسة يحصل بها حفظ لمصالح العباد من حيث هي مؤسسة إفتائية وبين الكلام عن مخالفاتها بقدر ما ندفع به المفاسد ولا يتعدى ذلك إلى إهدار المصالح.

فالنظر الدقيق فيما إذا خالفت المؤسسات الإفتائية أصولا عامة للشريعة وقواعد كلية هو أن يكون التحذير من المخالفات بقدر ما يدفع مفاسد السكوت من غير إهدار لمصلحة كونها مؤسسة إفتائية إذا ما حافظت المؤسسة على مصالح وجودها.

وتطبيق هذا في الواقع بالنظر إلى المخاطَب يحتاج من المتكلم بيان موطن الزلل والخطأ وتحديده مع إرشاد الناس إلى سلامة ما عداه؛ ليتوجه الناس في الأخذ عنهم فيما لا لبس فيه ولا زلل دون ما كان فيه زلل .

وبهذا نحافظ على بقاء المؤسسة الإفتائية وتوجه الناس إليها مع الأمن من مفاسد تضليل الناس فيما خالفوا فيه أصول الشريعة وكلياتها ومقاصدها.

فالأصل في المؤسسة الإفتائية أن تحمي الضروري وتحافظ عليه, فمتى هدمت الضروريات وأضرت بالقطعيات وشوشت على الناس أصول دينهم حتى يغلب عليها هذا التشويه والهدم فهذه خرجت عن كونها حامية لضروريات الدين, ولابد من التحذير منها بإطلاق؛ حفاظا على كليات الدين وأصوله وقطعياته, ودرءا لمفسدة تشويه الدين, وما روعي في المؤسسة الإفتائية من مصالح أصبحت في هذه المؤسسة مفاسد.

وأما إذا أضرت بقطعيات بعض أبواب الدين وهدمت أصوله وحافظت على قطعيات في أبواب أخرى, فيكون التحذير هنا بقدر ما هدمت من أصول وخالفت من كليات مع المحافظة على رجوع الناس إليها في غير تلك الأبواب, فتتحقق بذلك المصالح وتتوازن.

 

كتبه: أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق