الخميس، 17 ديسمبر 2020

حكم المشاركة في الانتخابات

 

حكم المشاركة في الانتخابات

من المعلوم أنه لا قيام للدين والدنيا إلا بالولايات, ولذا قد وضع الشارع لها طرقا تتحقق بها مصالح الدين والدنيا, فكانت هذه الطرق عند الاختيار وعدم الاضطرار هي المسلك الشرعي الذي يجب سلوكه والأخذ به.

والانتخابات في نفسها ليست طريقة شرعية ابتداء, وإنما أخذت من نُظم كفرية راعت أصولها واعتقاداتها, كما أنها تتصادم مع جاء به الشرع من أن يكون المختار بصفات وشروط خاصة, وتتصادم أيضا مع جاء به الشرع من أن الاختيار إنما يكون لأهل الحل والعقد, وعدم التسوية بين المسلمين في الاختيار, فالانتخابات تقوم على الرجوع إلى جميع الناس وتسوي بينهم في الأصوات ويُبنى الاختيار على الأغلبية لا على توفر الشروط الشرعية للإمام, ولكن لما تعينت الانتخابات (واقعا) لحفظ ضروري أصبح حكمها مناسبا لحكم الضروري الذي توقف وجوده عليها, وإن كانت في أصلها محرمة, ونظير ذلك: أكل الميتة للمضطر.

فهي وسيلة لا مقصد.

والحكم الذي يتناسب مع ما توقف عليه حفظ الضروري هو وجوب الاشتراك في الانتخابات, لكن هذا الحكم قد يتخلف فيما لو استغني على الانتخابات بغيرها في حفظ الضروري أو ثبت عدم صلاحيتها لحفظ الضروري واقعا, هذا بالنظر إلى الحكم المطلق, وأما بالنسبة لما يتعلق بالمعين فقد يثبت في حقه الوجوب, وقد لا يثبت, فمتى كانت مشاركته يتوقف عليها حفظ الضروري تعينت عليه, ومتى كانت مشاركته وعدم مشاركته سواء؛ لأسباب كالتزوير أو عدم وجود الأصلح في نظره, ونحو ذلك لم تتعين؛ لأن وجوب المشاركة معلق بتوقف حفظ الضروري عليه.

ويغلط -في نظري- من يطلق الحكم على كل معين فيوجب عليه المشاركة مطلقا ويؤثمه.

وإنما التحقيق أن ينظر المعين في مصلحة مشاركته؛ لأنه سيُقدِم على فعل في الأصل أنه محرم, وهو وسيلة, فإذا غلب على ظنه أن في مشاركته تحقيقا لمصلحة حفظ الضروري أقدم ولم يسعه إلا الإقدام.

وإذا شارك وجب عليه اختيار الأصلح, والأصلح أعم من أن يكون المختار المنتَخَب في نفسه صالحا عادلا, ولا يجوز له أن يختار ما يتوافق مع هواه؛ لتقديم المصلحة العامة على الخاصة.

 

كتبه: أحمد محمد الصادق النجار


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق