الجمعة، 7 أغسطس 2015

خُلُق طلبة العلم بعضهم مع بعض


من توفيق الله لطالب العلم أن يحب لأخيه طالب العلم ما يحب لنفسه من الخير،
فلا يحب فضيلة لنفسه إلا وتجده يحبها لأخيه.
ولذا تجده مرآة له، إذا رءا منه خطئا ستر ونصح، وإذا رءا منه فتورا حرص على تنشيطه وإرجاعه لما كان عليه من الحرص على الطلب.
وإذا وجد فيه قوة على الحفظ شجعه، وإذا رآه أهلا للتأليف مدح كتاباته وأثنى عليها.
وإذا سمع له بمحاضرة أو درس حث الناس على حضوره، والاستفادة منه.
وهكذا...
فطالب العلم ينظر لأخيه أنه مكمِّل له، لا أنه خصيمه وعدوه.
فليس هناك من كمَّل العلم أو أحاط به.
وقد ذم الله من يريد العلو فقال تعالى: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين
فحب التفرد على الناس مذموم
ومنطوق الآية أن الدار الآخرة يجعلها الله للذين لا يريدون علوا
ومفهوم المخالفة أن من أراد علوا فلا يجعل الله له الآخرة
قال ابن رجب في الفتح:(. فأما حب التفرد عن الناس بفعل ديني أو دنيوي : فهو مذموم ، قال الله تعالى : ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا ( ( القصص : 83 ) ، وقد قال علي وغيره : هو أن لا يحب أن يكون نعله خيرا من نعل غيره ولا ثوبه خيرا من ثوبه.
وفي الحديث المشهور في " السنن " : " من تعلم العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار .
وأما الحديث الذي فيه أن رجلا سأل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : إني أحب الجمال ، وما أحب أن يفوقني أحد بشراك أو بشسع نعلي ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وسلم ) " ليس ذلك من الكبر "، فإنما فيه أنه أحب أن لا يعلو عليه أحد ، وليس فيه محبة أن يعلو هو على الناس ، بل يصدق هذا أن يكون مساويا لأعلاهم فما حصل بذلك محبة العلو عليه والانفراد عنهم ، فإن حصل لأحد فضيلة خصصه الله بها عن غيره فأخبر بها على وجه الشكر ، لا على وجه الفخر كان حسنا كما كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر)
فهذا الخلق- وهو أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه- ينبغي أن يكون سائدا بين طلبة العلم، وليبتعدوا عن الحسد والحقد، والغيرة، والازدراء، والاحتقار، والعجب، والبغي.
فلستَ كاملا ولن تجد كاملا.
وما يضيرك لو أثنيت على أخيك بما فيه، فكما تحب أن يثنى عليه أثن على الناس.
وبعض من ضعف الإيمان في قلبه يسلك مسالك سيئة في التنفير من إخوانه طلبة العلم، فتجده إذا سئل عن محاضرة لأخيه يقول مثلا: هو لا يجيد النحو، أو يخطئ كثيرا، أو لا يحسن الاسلوب، أو لا يحفظ، أو أو...
وكل ذلك لأجل أن يقول بلسان الحال: أنا الذي أُحسن، وأنا الأولى أن تحضروا لي.
وبعضهم إذا سمع بمحاضرة لأخيه انقبض قلبه، ولعب الشيطان به، وألقى عليه الوساوس: لماذا لم يدعونني أنا؟، ولماذا ولماذا؟...
ولربما اتصل بمن دعوه وبدأ يلمز في أخيه طالب العلم.
فيا طلبة العلم أصلحوا قلوبكم تصلح لكم أعمالكم، وتنالوا خيري الدنيا والآخرة
فالرجوع الرجوع لما كان عليه السلف، ولنقتد بأخلاقهم.
تشبهوا وإن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت.
خاطرة، كتبها:
أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق