السبت، 2 أغسطس 2025

هل يُشترط في جهاد الدفع أن يكون هناك هجوم بري مباشر وفوري من العدو؟

 ✍️ جواب السؤال الثاني

✍️ بقلم: د. أحمد محمد الصادق النجار

الحمد لله، وبعد:
فقد كتبتُ عددًا من المقالات في شأن نازلة السابع من أكتوبر، سعيت فيها إلى تأصيل المسألة تأصيلًا شرعيًا، وبيّنتُ التكييف الفقهي لما وقع. وفيما يلي الجواب على السؤال الثاني:

❖ السؤال:
هل يُشترط في جهاد الدفع أن يكون هناك هجوم بري مباشر وفوري من العدو؟ أو أن استمرار القتل، والحصار، وتدمير البيوت – ولو جزئيًا – يُعد صيالًا شرعيًا كافيًا لبدء القتال والدفاع دون شروط؟

❖ الجواب:

لا يُشترط في جهاد الدفع أن يكون العدوان هجومًا عاما فوريا مباشرًا أو مستمرًا، بل يكفي لاعتباره "صيالًا شرعيًا" يجب دفعه من حيث الأصل:
وجود عدوان محقق، كالقتل المتكرر، أو تدمير البيوت، سواء كان ذلك مستمرًا أو متقطعًا.

فالقتل اليومي، والاعتقال العشوائي، والتهجير القسري والجزئي، كلها صور من العدوان المتجدد الذي يتحقق به سبب جهاد الدفع، حتى ولو لم يكن الهجوم فوريا ومباشرا.

ومع أن جهاد الدفع من حيث الأصل لا يحتاج إلى شروط، إلا أنه عند التطبيق العملي وتنزيله على واقع خاص فإنه يتطلب في بعض صوره: الاستطاعة الشرعية، وتقدير النتائج والمآلات، وهذا من لوازم إيقاع الفعل الاختياري شرعا وعقلا، ...
فالقتال في جهاد الدفع يكون إما واجبًا مباشرًا أو مقيدًا بالتقدير العقلي والشرعي للمصلحة والمفسدة.
وبهٰذا نَجمع بين:
• أصل شرعي ثابت: وجوب دفع الصائل.
• وقاعدة مقاصدية فقهية: اعتبار المصالح والمفاسد.
• وشرط تطبيقي معتبر: توفر القدرة الشرعية والاستطاعة الواقعية.

وهذا هو التوازن الذي جاءت به الشريعة: الحسم في الأصل، والحكمة في التنزيل.

فـدفع الصائل واجب من حيث الأصل، ولا فرق فيه بين دفع اضطراري لا يُحتمل فيه غير القتال، وبين دفع اختياري تتعدد فيه الوسائل.،

لكن من حيث التطبيق العملي والنزول إلى الواقع يفرق فيه بين قتال دفع اضطراري لا يسع فيه إلا القتال وبين قتال دفع اختياري يسع فيه غير القتال

ففي الثاني: ينظر فيه هل سيؤدي إلى مفسدة أعظم (مثل قتل آلاف من الأبرياء، أو تمكين العدو من اجتياح أعظم)؟
أو هل الوسائل المتاحة غير مجدية وتؤدي لضرر أكبر على الضعفاء؟
فإن غلب على الظن وقوع المفسدة، أو كانت الوسائل المتاحة غير كافية لرد العدوان دون ضرر أكبر، فهنا لا يُلغى الحكم، بل يُؤجَّل تنفيذه حتى تتهيأ أسبابه أو تتغير الظروف.

ومن المعلوم أن الضرر لا يزال بالضرر الأعظم، بل يُرتكب أخف الضررين لدفع أعظمهما، وهذا أصل مقاصدي قطعي..
• فالنبي ﷺ تحمّل حصار الشعب ثلاث سنوات دون قتال، مع أنه كان مظلومًا محاصرًا.
• ولم يُقاتل قريشًا في مكة رغم شدة الأذى، لأن الواقع آنذاك لم يكن يسمح بمواجهة تحقق مصلحة راجحة.
وقد ذكر الأئمة المحققون أن هذه الأحكام لم تنسخ وإنما يعمل بها زمن الاستضعاف...

• ❖ تنبيه مهم:

القول بأن تقسيم جهاد الدفع إلى "اضطراري" و"اختياري" تقسيمٌ محدث لا أصل له، قول غير دقيق، ويُرد عليه من وجهين:

أولًا: هذا ليس تقسيمًا بديلًا أو مُحدثًا، بل تفصيل واقعي داخل إطار جهاد الدفع نفسه، يُقصد به بيان اختلاف الحال من جهة الوسائل المتاحة.
• فثمة حالات لا بد فيها من القتال (اضطراري).
• وأخرى يُمكن فيها اختيار وسيلة أنجع وأقل مفسدة (اختياري).

ثانيا: أن المقصود بقولنا "اضطراري" و"اختياري"، هو: هل هناك سعة في الوسائل أو أن القتال هو الوسيلة الوحيدة المتاحة؟
• فإن كان القتال لا مفرّ منه، تعيّن ووجب (وهو ما يُسمّى دفعًا اضطراريًا).
• وإن كان يمكن الدفع بوسائل أخرى، أو تأجيل المواجهة لتقدير مصلحةٍ أعظم، فهذا يُعد دفعًا اختياريًا، ويخضع لفقه المآلات والترجيح

الجمعة، 1 أغسطس 2025

التفريق بين قتال الدفع الاضطراري وقتال الدفع الاختياري [حرب 7 أكتوبر نموذجا]

 ✍️ د. أحمد محمد الصادق النجار

فقد كتبتُ عددًا من المقالات في شأن نازلة السابع من أكتوبر، سعيت فيها لتأصيل المسألة تأصيلًا شرعيًا، وبيّنتُ التكييف الفقهي لما وقع، ثم أعقبت ذلك ببيان الحكم الشرعي، وركزتُ في تلك المقالات على حكم شروع حماس ومن معها من الفصائل في القتال، مع التفريق بين هذا الحكم، وبين ما يخصّ أهل غزة الذين نزل بهم البلاء، وما ينبغي من فقه خاص في التعامل مع مصابهم.

وقد أثارت هذه المقالات عند بعض الفضلاء من المشايخ وطلبة العلم أسئلة دقيقة، ونقاشات علمية رفيعة، عكست رغبةً جادّة في تحرير المسألة وتأصيلها، بعيدًا عن غوغائية الجدل، ومواطن الطعن والتصنيف، وسعيًا جادًا لفتح أبواب الفهم الدقيق للفروق بين باب النصرة وباب التخذيل.

فما كان مني إلا أن وجدتُ نفسي منقادًا للمشاركة في هذا التحقيق، سوقَ المُكرَه لا المُختار، رجاءً أن يجعل الله لما أكتب قبولًا في السماء والأرض، وسائلاً منه سبحانه الإخلاص في القول، والتوفيق في التعبير، والإصابة في الفهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

✍️ جواب السؤال الأول:

السؤال: ما المرجع الفقهي الذي اعتمدتَ عليه في التفريق بين "جهاد الدفع الاضطراري" و"الاختياري"؟

الجواب:

إن النوازل التي تنزل بالأمة في هذا العصر، وإن كانت لها أصول في كتب الفقهاء، فإن تنزيل أحكامها لا يكون على وجه المطابقة التامة لما في تلك الكتب؛ لاختلاف الوقائع وتغيّر صورها، إذ إن الفقهاء حينما قسّموا الجهاد إلى جهاد طلب وجهاد دفع، إنما قسّموه لتقريب فهم الأحكام، لا لحصر الواقع فيه.

وفي كثير من الأحوال المعاصرة، لا يتحقّق جهاد الدفع على صورته الخالصة، ولا جهاد الطلب على وجهه الصرف، وإنما تتداخل الأحوال، وتتشابك الوقائع، فيستدعي ذلك من الفقيه أن يُحدِث تفريقًا يناسب الواقع، حتى يُنزّل الحكم الشرعي بدقة وعدل، محافظًا على مقاصد الشريعة وكلياتها.

ومن هذا المنطلق جاء التفريق الذي اعتمدته بين:

• جهاد الدفع الاضطراري: وهو الذي يتنزل عليه كلام الفقهاء القدامى، ومن أخص خصائصه أنه جهاد ضرورة واضطرار، لا خيار فيه، كحال من باغته العدو في داره، فصار القتال هو السبيل الوحيد للبقاء، ودفع العدوان والحفاظ على الارواح.

• جهاد الدفع الاختياري: وهو الذي تنتفي فيه صفة الاضطرار؛ لوجود نوع من الهدوء النسبي أو الاستقرار الجزئي، حيث يكون العدو محتلًا للأرض، لكنه يُبقي لأهلها مساحةً من الحياة، وقد يسمح لهم باختيار من يدير شؤونهم، وإن كانت يده لا تزال قائمة، أو سلطته حاضرة جزئيًا.

وعليه، فإن هذا النوع -أعني الاختياري-لا يُنزّل عليه جميع أحكام الدفع الاضطراري، وإن اشتركا في اسم "جهاد الدفع"، لاختلاف الدوافع والمآلات، مما يوجب تفصيلًا في الحكم الشرعي. فالاضطرار يقتضي أحكامًا تناسبه، فيباح فيه ما لا يباح في غيره (كإسقاط الشروط المتعلقة بالإذن، وو ).
أما الدفع الاختياري، فلا تجري عليه هذه الأحكام بذات الوجه؛ لأنه لا ينبني على ضرورة ملجئة، بل على تقدير للمصلحة والمفسدة، وقراءة للمآلات، وتحقيق للمقاصد.

وفي هذا السياق، فإن الحديث عن غير القتال في حال الدفع الاضطراري تمكينٌ للمحتل وتخذيلٌ للمظلومين، بينما الحديث عن غير القتال أو العمل السياسي أو الدعوي في الدفع الاختياري معتبر شرعًا اي تجري عليه الأحكام في الشريعة، ولا يدخل في باب التخذيل، بل هو وجه من وجوه النصرة، إذا قُدّر أن فيه مصلحة راجحة، أو دفعًا لمفسدة متحققة أو راجحة.

فهذا التفريق، وإن لم يُذكر بصيغته هذه في كتب الأوّلين، إلا أن معناه مستفاد من كلامهم، ومستنِد إلى قواعد الشريعة وكلياتها، ومنها:
• قاعدة: "الضرورات تبيح المحظورات": تُطبّق في الدفع الاضطراري دون الاختياري.
• قاعدة: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح": توجب التريث في الدفع الاختياري عند وجود مفاسد راجحة.
• قاعدة: "النظر في المآلات": وهي أصل عظيم في فقه النوازل.
• مقصد حفظ النفس: قد يقدّم في بعض السياقات على القتال نفسه.

وفي ختام جواب السؤال الأول أقول: التفريق بين "الاضطراري" و"الاختياري" ليس اصطلاحًا حادثًا من خارج التراث، بل هو امتدادٌ لفهمٍ مقاصدي، وتطبيق لأصول فقهية متينة، ومراعاة لتغير الزمان والمكان والحال، وهو اجتهادٌ مقصده بيان الحق..

الثلاثاء، 29 يوليو 2025

🔥 توضيح الفوارق الشرعية والواقعية بين الهجوم المباشر والقتال الاختياري


(نعم، مش وقته لو لم يوجد من يلبس اليوم، فغ زة لم تعد تحتمل مزيد استعجال وتلبيس)

بقلم د. أحمد محمد الصادق النجار

الفكرة الرئيسة في مقالاتي:
ليس كل قتال ضد محتل يُعد جهادًا مشروعًا على إطلاقه، بل هناك تفريق شرعي دقيق بين نوعين:

1️⃣ قتال:
▪️يحدث عند هجوم مباشر ومتواصل من العدو على المدن والقرى وهو "دفع صائل" وجهاد دفع متمحض،
▪️هذا النوع لا يُشترط له إذن ولا إعداد مسبق  والواجب فيه القتال بحسب الإمكان لرد العدوان.(جهاد الطليان)

2️⃣ وقتال:
▪️يقع بعد حال الهدوء النسبي مع المحتل وعدم وجود هجوم فوري من العدو. (غ زة)
▪️فلا يُشرع قتاله إلا بشروط:
• توفر القدرة الشرعية
• النظر في المصالح والمفاسد
• وجود إعداد
• مراعاة حال الأمة والواقع العام

⚠️ فحرب غ زة (في بعض مراحلها) كانت قرارًا اختياريًا في وقت نسبي من الهدوء، ولم تُراعَ فيها مآلات القتال على المدنيين، فوقع الضرر الراجح.

✋ انتبه
ليس الاعتراض على مبدأ مقاومة المحتل، بل على:
▪️ توقيت القتال
▪️ طريقته
▪️ نتائجه إذا غلب على الظن أنها ستكون مفسدة عظيمة للمدنيين.

🔁 والخلط بين جهاد عمر المختار ضد الطليان، وبين هذه الصورة، هو خلط بين دفع عدوان مباشر وبين قرار قتال اختياري قد تكون مآلاته وخيمة.
وهو خلط غريب عجيب

فإن قيل: اليهووود يقتلون المدنيين منذ أكثر من 30 عامًا، إذن هم في حالة هجوم دائم.

قيل: نعم، وجود الاحتلال بذاته وعدوانه المستمر على الشعب الفلسطيني هو جريمة قائمة، ولا يُنكر أحد أنه عدو صائل ومجرم.

لكن الفقهاء حين يتكلمون عن "جهاد الدفع الذي لا يشترط له شرط"، فإنهم يقصدون:
📌 هجومًا عسكريًا مباشرًا وفوريًا على أرض، كأن تدخل القوات بلدة وتبدأ الطائرات بالقصف العام ووو
أما إذا لم يكن هناك هجوم مباشر وكان الجو العام "هدنة نسبية" أو "وضع مؤقت"، فالقتال في هذه الحالة وإن كان يدخل تحت جهاد الدفع إلا أنه يُشترط له شروط كما تقدم
فهذا النوع من القتال فيه نوع اختيار بخلاف الأول فهو اضطرار محض...

فلا تلتفت إلى تلبيس الملبسين....والهدوء النسبي هنا قي مقابل الهجوم المباشر العام،

نعم، لا شك أن اليهووود يقتلون سكان غ زة منذ سنوات طويلة، وهذا أمر لا يُنكر ولا يُحتمل. لكن ما يجب أن نفهمه بوضوح أن «فاتورة الدماء» اليوم مختلفة تمامًا. الدماء التي تُسكب الآن بمراحل مضاعفة، وهذا يغير الميزان الشرعي بشكل جوهري.

الشرع يأمرنا بموازنة المصالح والمفاسد، فلا يُشرع القتال الذي تُرجح مفسدته على مصلحته، خصوصًا عندما يكون الضرر الأعظم واقعًا على المدنيين الأبرياء.

المقاومة واجبة عند الهجوم المباشر، ولكن في حال وجود هدوء نسبي أو ظروف قد تجعل القتال يؤدي إلى خراب ومآسي أعظم، فالشرع يدعونا إلى التدبر والحكمة، حفاظًا على النفس والأهل.

هذا لا يعني التنازل عن حق المقاومة أو القتال، بل يعني أن نختار الوقت والطريقة التي تحقق المصلحة الشرعية والواقعية.

الخميس، 24 يوليو 2025

بين الكفر بالطاغوت وتغيير الحكام

 📌 بين الكفر بالطاغوت وتغيير الحكام:

#نقد_منهج_التصعيد
#دواعش_التكفير
✍🏻 بقلم: د. أحمد محمد الصادق النجار

🔹 مما يشيعه #غلاة_التكفير ومن تأثر بهم من دعاة التصعيد في هذا الباب:
أن "الأنبياء بدؤوا دعوتهم بإسقاط الطواغيت"،
وأن "الكفر بالطاغوت لا يكتمل إلا بالدعوة إلى تغييره فورًا"،
وأن من لا يصرّح بعداوة الحكّام ووجوب خلعهم فهو من دعاة الخنوع والتخاذل...

🔹لكن هذه العبارات، وإن بدت حماسية لا سيما في واقعنا المعاصر
إلا أنها تفتقر إلى الفهم العميق لمنهج الأنبياء وطريقة السلف، بل تحمل في طياتها خلطًا بين أصل الإيمان ووسائل الإصلاح، وبين التوحيد والثورة، وبين منهج السلف وطريقة الخوارج...

🧭 أولا: معنى الكفر بالطاغوت

🔹 الكفر بالطاغوت – وهو ركن من أركان الإيمان – معناه عدم الانقياد له، وعدم الرضا بشرعه، واعتقاد بطلانه، ورفض موالاته القلبية والدينية.
🔹 لكنه لا يعني أن يتحول هذا الأصل إلى برنامج سياسي هدفه الأول إسقاط الحاكم
وتوضيحه في:

🧭 ثانيًا: الأنبياء دعوا إلى التوحيد لا إلى الثورة

🔹 موسى عليه السلام أُرسل إلى فرعون، لكنه لم يأتِ بثورة مسلحة، ولا خرج عليه بجموع بني إسرائيل. بل خاطبه بالحكمة ودعاه إلى التوحيد، وقال الله لموسى:﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا﴾
فلما لم يستجب له خرج بقومه؛ ليقيم دولة التوحيد بعد أن هيأ الناس...
🔹 ونبينا ﷺ في مكة، واجه طغاة قريش، لكنه لم يبدأ دعوته بشعار "إسقاط الحكم القرشي"، بل دعا سرًّا إلى التوحيد، ثم جهرًا، وصبر على الأذى، وربّى أصحابه على التوحيد والتزكية..

🧭 ثالثًا: الحكم على الأنظمة في البلدان المسلمة لا يكون بالشعارات
ولا بالعبارات الثورية، كقول البعض: "أنظمة كافرة"، أو "نظم طاغوتية"، أو "موالون لليهووود"، دون تحقيق شرعي دقيق للمناط، ووزن الأمور بميزان العلم والعدل.

⚠️ فهذا التعميم مسلك خطير يخالف طريقة أهل السنة؛ إذ ليس كل من حكم بغير ما أنزل الله يكون كافرًا كفرًا أكبرًا، وليس كل استبدال يكون كفرا أكبر، وإنما المسألة لها ضوابطها...
🔸 وحتى إذا ثبت الحكم بالكفر على النظام من حيث الوصف العام، فإن الحكم على الحاكم أو المسؤول بعينه يحتاج إلى توفر شروط وانتفاء موانع، وليس بمجرد الحكم بالكفر على النظام
دون الحاكم تسقط أصل الولاية، كما يتوهمه هؤلاء..

🔸 فالوهم الذي يتوهمه بعض الناس من أن مجرد الحكم على النظام بالكفر، يُسقط تلقائيًا شرعية الحاكم وولايته بالكلية، هو خلطٌ بين الأحكام، وقد ردّ العلماء هذا التوهم المنحرف منذ قرون، ومن أوضح الأمثلة على ذلك:
ما وقع من خليفتَي بني العباس: المعتصم والواثق، فقد انتحلا القول بخلق القرآن، وهو كفر عند أئمة السنة، ومع ذلك لم يرَ أحد من أئمة أهل السنة إسقاط ولايتهما، بل استمروا في طاعتهما في المعروف، والدعاء لهما، والذبّ عن بيضة الإسلام.

❗فإذا كان الحاكم المسلم اليوم تسقط ولايته بالكلية بمجرد وقوعه في كفر ظاهر= وجب أن يكون المعتصم والواثق كذلك
وهو خلاف إجماع السلف...
فكيف بمن يسقط الولاية بما ليس بكفر أكبر كمن يجعل من موالاة الكفار أو أغلاق المعابر او تقصير في إلإغاثة كفرا أكبر بإطلاق؟!!

🧭 رابعًا: إثارة الجماهير على الحكام المسلمين تمهيدٌ للفوضى

الوصف المتكرر للحكام بالصهينة والخيانة، والنظم بالطاغوتية، يُعد تأهيلاً نفسيًا وجماهيريًا للعنف والتمرد، فالخطاب الذي يُصرّ على نعت الأنظمة بالطاغوتية، دون مراعاة المآلات، ولا التحقق الشرعي، هو خطاب تعبوي خطير، يُهيّئ العامة نفسيًا للتمرد والفوضى، حتى لو لم يصرّح أصحابه بدعوة مسلحة، وحتى لو نفى بعضهم أنه يدعو للخروج المسلح
فالخطر الحقيقي... ليس في الخروج المسلح فقط، بل في تهيئة العقول والنفوس للخروج...

📌 وقد قرر أهل العلم من أهل السنة  أن مثل هذا الخطاب – وإن تزيّن بالدعوة إلى "الكفر بالطاغوت" – هو في حقيقته يُعبّد الطريق للتفجير والعنف ويُغذّي عقلية الخروج باسم الإصلاح.
فمن يقول عن الحاكم: "طاغوت، لا شرعية له... لكن لا أدعو للخروج"، فهو كمن:
🔥 "أوقد النار بين الناس... ثم أنكر أنه دعاهم لاستخدامها!"
• ولتعلم أن كثيرا من التنظيمات والجماعات، بدأت بخطاب نزع الشرعية، وبعد فترة قصيرة: تحول الخطاب من "كفر النظام"، إلى "تحريم الطاعة"، إلى "وجوب خلعه"، إلى "شرعية إسقاطه بالسلاح".

🧭 خامسًا: البراءة من الإرجاء

📌 التحذير من خطاب التهييج والتوصيفات الطاغوتية غير المنضبطة لا يعني السكوت عن المنكر، ولا هو يُفرغ الكفر بالطاغوت من لوازمه العملية.
🔸 فإنكار الظلم واجب، لكنه لا يكون بالصراخ، ولا بالتأليب، ولا بالخروج، بل بالعلم والحكمة والضوابط الشرعية والمصالح المعتبرة.

📌 فالرد على خطاب التكفير الفوضوي ليس رجوعًا إلى الإرجاء، بل هو تثبيت للمنهج السلفي الوسطي الذي يجمع بين قوة العقيدة، وحكمة الدعوة، وفقه المآلات

الجمعة، 18 يوليو 2025

يقولون: إن الفكر الذي سيطر على #سوريا هو فكر #سيد_قطب..ويقولون: لو نظر السوريون إلى حسابات المآلات ما حرروا سوريا...

 🔥يقولون: إن الفكر الذي سيطر على #سوريا هو فكر #سيد_قطب..ويقولون: لو نظر السوريون إلى حسابات المآلات ما حرروا سوريا... 


كذبوا....

✅في البداية الذين شاركوا في تحرير #سوريا فصائل متنوعة ومختلفة التوجهات وليس فصيلا واحدا، فالواقع السوري لا يمكن اختصاره في فصيل واحد أو فكرة واحدة....

ولا بد من التذكير هنا بأن الحرب في سوريا مع أنها مشروعة من حيث الأصل والمسوغ إلا أنها اشتملت على مأساة حقيقية قُتل فيها الآلاف وشرد الملايين، ولا يمكن لأحد أن يكتفي بتبسيط الأحداث المعقدة التي شهدتها البلاد على مدى سنوات..  ولا يمكن لأحد أن ينكر أن الحرب في سوريا قد أسفرت عن دخول قوى إقليمية ودولية بأجندات متنوعة،.والحمد لله على ذهاب نظام نصيري كافر.. 


✅فليست الهيئة هي من حررت سوريا دون بقية الفصائل، ولا هي التي بقيت على خلفيتها المنهجية.. 


• ففي عام 2017، أعلنت جبهة النصرة عن فك ارتباطها بتنظيم القاعدة وتغيير اسمها إلى هيئة تحرير الشام؛ من أحل تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي...وتحصلت على دعم غير مباشر من أمريييكا... وقد لعبت تركيا في ذلك دورا مهما في سياق حمايتها لإدلب...وكانت أمريييكا تسعى للحفاظ على توازن القوى بين تركيا وروسيااا و إيرااان.

• ثم يأتي من يصور للناس أن سوريا لم تتحرر إلا بجهود داخلية ..!!!!

• نعم، #الجهود الداخلية كانت جزءًا لا يمكن تجاهله في الصراع السوري، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال اختصار القصة في هذا الإطار الضيق...فالدور #التركي لحماية إدلب وفق الدعم الأمرييكي كان حاسما في تحديد مجريات الحرب ونهاية الصراع.... 


✅وعلى كل حال

• لو كان الذي سيطر على سوريا هو فكر #سيد_قطب بأبجدياته..

• لما رأينا تنسيقا مع قوى دولية، ولما رأينا تحالفا اليوم مع أمرييكا ولا حتى مع الدول العربية التي هي بحسب الفكر #القطبي دول كافرة ممتنعة، 

• ولو كان الذي سيطر على سوريا هو فكر سيد قطب بأبجدياته..لما رأينا منهم اليوم يالدخول تحت النظام العالمي والانخراط في مفاوضات دولية تحت مظلة الأمم المتحدة أو عبر وساطات دولية؛ لأن ذلك في الفكر القطبي القاعدي موالاة كفرية ... 


• ففكر #سيد_قطب والقاعدة لا يتوافق مع التحالفات والاتفاقيات والتنازلات التي تقوم بها سوريا اليوم.... 


• وفي ضوء هذا الفكر، فإن أي تعاون أو تنسيق مع أمريكا أو دول غربية فضلا عن الكياااان #الصهيووني يعد من الردة أو الكفر الأكبر.... 


🔥يقولون: #القدرة_الشرعية بالنظر في المآلات لا تشترط في جها د الدفع....!!!

✅فيُصَوِّر هؤلاء من حيث لا يشعرون أن اشتراط القدرة الشرعية التي جاءت بها النصوص الشرعية ما هو إلا تبرير للاستسلام للواقع!!! 


✅وتغافلوا عن كون هذا الشرط ما هو إلا حماية للمجاهدين من الوقوع في محاذير شرعية قد تؤدي إلى الضرر الأكبر لاسيما على المدنيين...، وليس هو تبريرا للاستسلام وقبول الواقع كما يصوَّر، وليس هو موتا كالعبيد كما يقول #دواعش_التكفير

وإنما هو دعوة لإعمال كلي الشريعة وأخذ الحذر والحيطة في القرارات المصيرية التي تمس الأمة... 


• ولو كانت القدرة الشرعية غير معتبرة 

لما صح لسوريا -التي تمدحون فعلها اليوم- 

الدخول في تفاهمات وعقد الهدنات مع الكيان الصهيوووني وغيره 


• والخلاصة الذي يقول فكر #سيد_قطب هو الذي يقود الآن إما أنه:

     لا يعرف حقيقة الفكر القطبي.

     أو أنه يغض الطرف عن تناقضات الواقع مع هذا الفكر. 


• ولو فرضنا أن فكر سيد قطب هو الذي حرر سوريا 

فلا يعطي ذلك تزكية وثناء على الفكر نفسه

• فالفكر #المعتزلي #الجهمي الذي كان عليه بعض الخلفاء العباسيين قد حرر بلدانا...  

• وكذا الفكر #الرافضي العبيدي الباطني قد حارب البيزنطانيين وو، فهل يعد هذا مدحا للفكر نفسه ومعتقدهم؟!!!! 


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

الأحد، 13 يوليو 2025

حقيقة كثير ممن يطعنون في الشيخ ربيع بعد موته



مما تميز به الشيخ #ربيع -وهو مسبوق إليه ولم ينفرد به- نقد #التفسير_السياسي للدين ... 

هذا التفسير يقوم على الحاكمية التي يدعو إليها المودودي وسيد قطب، وعنهما أخذت الجماعات التكفيرية والإخوانية...وعظموه حتى على حساب الانحراف العقدي في باب الألوهية والأسماء والصفات... 

التفسير السياسي للدين نشأ كردة فعل على العلمانية التي تفصل الدين عن السياسة
إلا أن هذا التفسير عندهم قام على أصول الخوارج ولم يقم على أصول السلف.... 

فانبرى المشايخ لنقضه 
واقتضى ذلك وضع كتب المودوي وسيد قطب تحت المجهر؛ حتى يتبين الحال، وقد اتفقت كلمة المشايخ ابن باز والألباني وو على مدح أصل هذا الفعل... والثناء على من قام به... 

ولما وُضعت كتب المودوي وسيد قطب تحت المجهر أدرك المشايخ قبل غيرهم خطورة هذا الفكر القطبي....ولوازمه .... ولذا لم يفتر لسانهم في التحذير منه.... لا سيما الألباني رحم الله الجميع( انظر التعليقات) 

وهذا لم يعجب التيارات الإسلامية ومنها تيار الفكر الصحوي المسمى بالسروري وعلى رأس هذا التيار: سلمان العودة وسفر الحوالي وو 
فناصبوا العداء وأحدثوا التسمية ب #الجامية ؛ تنفيرا وتشويها
إلا أنهم لم يستطيعوا التطاول على #هيئة_كبار_العلماء ومنهم #ابن_باز 
إلا بعد أن جاءت #فتنة_الخليج...فحينها ظهرت بوادر التطاول والتشويه حتى سماها بعضهم بهيئة العملاء وذيول السلطان وووو 

قصة الاستعانة بالأمريكااان 

لما جاء غزو صدام البعثي للكويت اجتمعت كلمة المشايخ على وجوب دفع الصائل 
إلا أنه حصل خلاف بين المشايخ في المملكة وفي مقدمهم ابن باز 
وبين #الألباني في مسألة جواز الاستعانة بالكفار ، وكان التعليل والمنطلق من الجميع في تقرير المسألة فقهيا اجتهاديا...وفق طريقة أهل العلم من أهل السنة.... 

وخفي على الشيخ الألباني شيء من الواقع الذي اطلع عليه ابن باز وغيره...لقربه، 
وقد ذكر الشيخ الألباني أنه لا يصله إلا أقل القليل، وكان منطلق الشيخ في المنع؛ الأدلة الجزئية 
فهو يرى أن ما استدل به المجوزون هي أدلة على وقائع خاصة لا يصح تعميمها.......إلخ... 

وربما غاب على الشيخ الألباني أن المقام مقام ضرورة، ومقام الضرورة يكون العمدة فيه ابتداء على كليات الشريعة، ولا ينظر في الأدلة الجزئية إلا من جهة تعميم المعنى الكلي الذي دل عليه مجموع الأدلة الجزئية .. فمحل النظر يجب أن يكون كليا لا جزئيا.. 

وأحرى من يكيف الواقع بأنه ضرورة أو لا
هو من عايشه ممن عرف بالاستقامة والورع، لاسيما إذا كان هو جزءا من الواقع ومطلعا على دقائقه وله تواصل مع أصحاب القرار...وهذا ما لم يحظ به الشيخ الألباني رحم الله الجميع
وعلى كل حال
لما كان منطلق الشيخ ابن باز شرعيا علل الجواز على معنى كلي وهو دفع الخطر الأعظم والضرر الأكبر، وبين الشيخ أن الامرييكان ما جاؤوا ليحتلوا بلاد الحرمين أو ليستقروا فيها....فاندفعت هذه المفسدة
قال الشيخ ابن باز:(...والمقصود أن الدولة في هذه الحالة قد اضطرت إلى أن تستعين ببعض الدول الكافرة على هذا الظالم الغاشم؛ لأن خطره كبير، ولأن له أعوانًا آخرين لو انتصر لظهروا وعظم شرهم، فلهذا رأت الحكومة السعودية وبقية دول الخليج أنه لا بد من دول قوية تقابل هذا العدو الملحد الظالم، وتعين على صده وكف شره وإزالة ظلمه.
وهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية لما تأملوا هذا ونظروا فيه وعرفوا الحال بينوا أن هذا أمر سائغ، وأن الواجب استعمال ما يدفع الضرر، ولا يجوز التأخر في ذلك، بل يجب فورًا استعمال ما يدفع الضرر عن المسلمين ولو بالاستعانة بطائفة من المشركين فيما يتعلق بصد العدوان وإزالة الظلم، وهم جاءوا لذلك، وما جاءوا ليستحلوا البلاد، ولا ليأخذوها، بل جاءوا لصد العدوان وإزالة الظلم ثم يرجعون إلى بلادهم) 

إلا أن #التيار_السروري وغيره انتهزوا هذا الخلاف واستغلوا هذه المسألة؛ ليبثوا سمومهم ويقدحوا في المرجعية العلمية، فهي فرصة قد لا تعوض، فضخموا التفسير السياسي، ونادوا بفقه الجرائد والصحف وما ينشره الغرب عبر وكالاتهم الإخبارية 
وجعلوا ذلك هو المعيار على الانضباط في الفتوى والاهتمام بقضايا الأمة...
وبدأ حينها تمايز الصفوف وظهر للمشايخ السلفيين ما كان يخفيه التيار السروري المتمثل في سلمان وسفر وووو 

والغريب أن هذا التيار مع ضميمة التيارات الأخرى والجماعات الجها دية 
ألصقوا ما حدث في العراق بعد سقوط النظام البعثي واجتياح العراق 2003
بفتوى الشيخ ابن باز وغيره في جواز الاستعانة 1990، وكأن ما وقع كان بسبب تلك الفتوى، وكأن الفتوى تجوز إنشاء قواعد عسكرية دائمة...
ولو فرضنا أن حرب 2003 هي امتداد لحرب 1990 لكان الأجدر إلصاقها بالمعتدي الظالم البعثي وتهوره، والذي لو تمكن لنشر الكفر في الحرمين الشريفين !!!!! 

هذا لو فرضنا أن الحرب الثانية امتداد للحرب الأولى، فكيف إذا لم تكن كذلك؟!!! 

فاجتياح العراق لم يكن بسبب فتوى ابن باز بجواز الاستعانة ولا من آثارها، فالفتوى لا علاقة لها بالاجتياح وإنما هي فتوى بنيت على مناطات شرعية وموضوعها: صد العدوان، وليس موضوعها احتلال العراق، فما حدث من اجتياح إنما كان بعد هذه الفتوى بسنوات... 

وأكرر فأقول: الحرب الأولى كانت بناء على تعدي العراق على سيادة دولة، وكان الهدف هو صدها، ولم يكن الهدف احتلال العراق
وأما الحرب الثانية فغالبية الدول العربية لم تؤيدها ولم تجعل أراضيها منطلقا للهجمات...وكانت بعد موت الشيخ ابن باز رحمه الله 

وقد سئل الشيخ مقبل بن هادي عمن يطعن في الشيخ ابن باز بسبب فتواه في الاستعانة
قال:( فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى وكذلك فتوى إخوانه من العلماء هي الحق ، على أننا احتطنا في شيء وسنقوله فيما بعد ، ...ولو لم تأت من قِبل أمريكا المساعدات لاستولى صدام البعثي على الحرمين وأصبح يورد بعثيته من الحرمين ، وأنا أقول: إنها لا تستطيع حكومة أن تقوم بخدمة الحجيج كما تقوم الحكومة السعودية بخدمة الحجيج ، فالحق لا بد أن يقال.
أما أهل السنة بحمد الله فهم يقولون : لا ينبغي أن يقاتل تحت راية صدام البعثي فهو القائل : نأخذ بالكتاب والسنة وبتعاليم الإسلام ما لم تتصادم مع مبادئ حزب البعث ؛ فإذا تصادمت أخذنا بمبادئ حزب البعث . فهذا يعتبر كفراً.
أما اتهامهم للشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى بأنه عميل للحكومة وسمعت من يقول: أنه عالم حكومة ، فهذه الكلمة لا تصدر إلا عن حزبي سواء أكان من الحزبيين الظاهرين ، كالإخوان المفلسين أو من أصحاب الحزبية المغلفة كأصحاب جمعية الحكمة ، وجمعية الإحسان ، وجمعية الإصلاح ، وبعض أصحاب جمعية إحياء التراث ، وهكذا السرورية ...) 

ولو فرضنا أن هيئة كبار العلماء أخطأت فإنها لا تؤاخذ؛ لأنها اجتهدت بما يعتبر شرعا وقصدت الوصول إلى حكم الله،...فهم دائرون بين الأجرين والأجر... 

إذا علمت هذا
فاعلم أن كثيرا ممن يطعن في الشيخ ربيع بعد وفاته من التيارات المنحرفة والجماعات 
منطلقهم تضخيم التفسير السياسي؛ بدليل نوعية الافتراءات التي يختلقونها كزعمهم أنه يرى الطاعة المطلقة للحاكم وأنه لا يرى الجهاد مطلقا.... 

وهذا والله نتاج تضخيم التفسير السياسي على قواعد المودوي وسيد قطب... 

والكلام يطووول.....
كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

السبت، 5 يوليو 2025

وجه الابتداع في تخصيص طعام معين في يوم معين ( أكل#الفول_في_عاشوراء أنموذجا)

 الفكرة المركزية التي ننطلق منها في المنع من تخصيص طعام في عاشوراء هي: أن تخصيص الطعام في هذا اليوم سببه هو كونه يوما مقصودا معظما، وإلا فلو كان كسائر الأيام لم يختص بشيء.

والقاعدة أن التخصيص الذي سببه قصد اليوم وتعظيمه يجب أن يكون بإذن من الله سبحانه...

كما أن النهي عن استحداث أعياد ليس خاصا بالنهي عن العيد البدعي نفسه, وإنما يتناول أيضا كل ما يعظم من الأوقات والأمكنة التي لا أصل لها في دين الإسلام، وما يحدثون فيها من أعمال سواء كانت من جنس الصلاة أو من جنس الأكل. [انظر: اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (2/ 5)]

فما يحدثه الناس في هذه الأيام بسبب تعظيمهم اليوم: ابتداع في دين الله, لا بالنظر إلى ذات الأكل, وإنما بالنظر إلى  سبب التخصيص...

فإذا سألت من يخصص أكل الفول في عاشوراء: ما سبب هذا التخصيص؟ سيقول لك: لأنه يوم عاشوراء, فانطلق من قصد اليوم وتعظيمه, وهذا في حد ذاته ابتداع في الدين...ولم ينطلق من كونه مناسبا لحاله واجتماع الناس فيه كمن يأكل البازين في يوم الجمعة, فليست أكلة البازين سببها تعظيم يوم الجمعة, وليست مختصة بيوم الجمعة...وليست أكل الشربة سببها تعظيم شهر رمضان...وليست مختصة بشهر رمضان...

وإذا رجعنا إلى أصل تخصيص طعام معين في يوم عاشوراء وجدنا أن النواصب اتخذوا يوم عاشوراء عيدا يفرحون فيه, ومن توابع كونه عيدا عندهم أنهم خصصوه بطعام ولباس ونحو ذلك, فتخصيصهم الطعام بناء على تعظيمهم اليوم وقصده واتخاذه عيدا.. 

فيأتي من يفعل فعلهم وهو لا يعلم أنه من عملهم ولا يدري مبدؤه, فهذا يُعرَّف ويُبَيَّن له أن مشابهتهم محرمة..

وإذا وضعنا قياسا تمثيليا لتقرير منع مشابهة النواصب في تخصيص طعام معين في يوم عاشوراء لقلنا فيه: العيد وتوابعه من شرائع الدين وما كان من شرائع الدين حرمت موافقتهم فيه كسائر الأعياد المبتدعة وتوابعها

وقد اختلط على من لا يفقه التمييز بين القياس التمثيلي والقياس الجزئي الذي يعتمد فيه الناظر على إلحاق فرع بأصل....فظن أننا استعملنا قياسا جزئيا...!!!

ولما كان العيد وتوابعه من شعائر الدين لم يكن هناك فرق بين أن يكون ما أحدث فيه مما يُتعبد الله به أو يكون مما لا يتعبد الله به من الطعام واللباس, فهما في الحكم سواء؛ باعتبار كونهما من شعائر الدين...

قال ابن تيمية: ( ... الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك، التي قال الله سبحانه {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} [الحج: 67] كالقبلة والصلاة والصيام، ...، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز بها الشرائع ) اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1/ 528)

 كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

الجمعة، 20 يونيو 2025

التكييف الشرعي للحرب بين اليهوود وإيراان

 


تكييف المعركة على أنها تدور بين دولة كافرة اعتدت على دولة مسلمة ظلما وعدوان: تكييف سطحي عاطفي..

(والكلام هنا عن الدولة وليس الكلام عن عامة الشعب الإيراااني)


كيَّف الشيخ #الغرياني -هداني الله وإياه- وغيره من الجماعات المنحرفة: المعركة بين اليهوووود وإيرااان على أنها معركة بين دولة كافرة ودولة مسلمة....وصوروا أن الواقع واقع احتلال..ورتبوا على ذلك: وجوب الوقوف مع إيراااان....

https://www.facebook.com/share/v/16o3YvdPUh/ 


وهذا التكييف فيه ذهول عن حقيقة الصراع وباعثه، ويتضمن غفلة عن التكييف الشرعي لدولة إيررران ونظام حكمها، وخطره على الامة المسلمة........... 


والتكييف الصحيح للمعركة أنها معركة نفوذ وسيطرة على القرار لا أنها معركة احتلال، وهي دائرة بين دولة كافرة تحمل مشروعا صهيونيا توسعيا دينيا ماسونيا

وبين دولة تنشر الكفر والزندقة وتحمل مشروعا توسعيا وفق منطلق طائفي اضطهادي

وتتعاون مع الكفار على أهل السنة وتتبنى نظرية "ولاية الفقيه" وترى أن تقتيل أهل السنة وإبادتهم أولى من تقتيل الكفار الأصليين ومقدم، وتهدف من خلال مشروعها إلى حيازة مقدسات الإسلام، ...

وقد صرح الخامئني بأن المعركة بين الجبهة الحسينية والجبهة اليزيدية هي معركة مستمرة. 


ولننظر كيف تعامل الأئمة مع #الدولة_العبيدية الرافضية بسبب ما تنشره من كفر وزندقة ..وما هو تكييفهم الشرعي لها؟ 


قال الذهبي رحمه الله :(تسارع الفقهاء والعبَّاد في أهبَّة كاملة بالطبول والبنود ، وخَطبهم في الجمعة أحمد بن أبي الوليد ، وحرَّضهم ، وقال : جاهدوا مَن كفر بالله ، وزعم أنه رب من دون الله ، ... وقال : اللهم إن هذا القرمطي الكافر المعروف بابن عبيد الله المدعي الربوبية جاحدٌ لنعمتك ، كافر بربوبيتك ، طاعن على رسلك ، مكذب بمحمد نبيك ، سافك للدماء ، فالعنه لعناً وبيلاً ، وأخزه خزياً طويلاً ، واغضب عليه بكرةً وأصيلاً ، ثم نزل فصلى بهم الجمعة ." سير أعلام النبلاء " ( 15 / 155 ) .

وقال القاضي عياض – رحمه الله - :قال أبو يوسف الرعيني : " أجمع العلماء بالقيروان : أن حال بني عبيد حال المرتدين والزنادقة " ." ترتيب المدارك " ( 4 / 720 ) 


وهنا أقول:

أقرب تكييف لدولة #إيراان هو ما ذكره الشيخ #ابن_باز من أنها دولة ظاهرها الإسلام وباطنها الوثنية والكفر...وليس هذا فحسب فهي تشترك مع اليهوود في الإجرام والاعتداء على البلدان المسلمة واحتلالها ووو 

وهذا هو المناط الحقيقي الذي ننظر إليه في تحديد موقف أهل السنة من هذه الحرب


ثم يأتي الشيخ الغرياني وغيره ويكيف المعركة على أنها معركة بين دولة مسلمة ودولة كاقرة..!!!!!!!

لا ينتهي العجب.... 


وهنا نسألهم

كم في طهران من مسجد؟!!!! 

لا يوجد

بينما تعج بالمعابد اليهوودية والهندوسية والكنائس...!! 


ونسألهم

هل يستطيع أهل السنة أن يرفعوا الأذان فيها؟!!

ووو 


حقيقة الصراع: صراع سيطرة على مصادر الطاعة والمعرفة والتكنولوجيا، وعلى ملك القرار، .... وليس لأجل أن إيراان دولة مسلمة كما يزعم الشيخ 


وليس في صالح الأمة أن يغلب أحدهما الآخر وهو في أوج قوته، وإنما الذي في صالح الأمة أن يدمر كل واحد منهما مصادر الطاقة والمعرفة لخصمه؛ ليضعف كل واحد منهما قوة الآخر؛ وإذا ضعفت ضعف ملكه للقرار حتى ولو انتصر في نهاية الأمر...........فليس الأنفع للأمة الوقوف مع إيرااان.... 


... 


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

الثلاثاء، 10 يونيو 2025

#الفرقة_الناجية



بعض من تصدر للكلام في المستجدات والأحداث ممن ليس أهلا لذلك؛ لضعف تأصيله ....

ذكر نقاشا دار وبينه وبين أحد الأشخاص

قال فيه إن (...واحد قال لي أنا من الفرقة الناجية(هنا يتكلم عن الفرقة)

قلت له نجت من شنو ؟!!!(هنا بدأ يتكلم عن الأفراد)

قال لي من النار 

فتهكم به قائلا:

من الذي نجى من النار؟!! ما انجى حد

ثم استدل بقوله تعالى [ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب] على أنه لا يوجد فرقة ناجية...!!!!! 


هذا المقطع أرسله إلى أحد الإخوة يطلب مني الرد على سطحيته وتفاهة نقاشه.... فرأيت أن أجيب طلبه ... 


وكما هو ملاحظ أن النقاش لم يدر على محل واحد، فالمناقَش-بالفتح- يتكلم عن الفرقة والطائفة، والمناقِش -بالكسر- يتكلم عن الأفراد والآحاد... 


وكيف لمتصدر للفتاوى في النوازل والمستجدات ألا يميز في الأحكام بين النوع والآحاد؟!!

وكيف له ألا يميز بين الكلام عن الفرقة والكلام عن المعينين؟!!!

هزلت والله.. 


فمن المعلوم أن وصف الفرقة بكونها ناجية من النار 

لا يلزم أن كل فرد منتسب إليها يكون ناجيا من النار؛ لأن تحقق ذلك في المعين لا بد فيه من توفر شروط وانتفاء موانع....


وإنما غاية ما يفيده انتسابه إلى الفرقة الناجية أنه وُجد فيه سبب نجاته من النار 

لكن ذلك وحده لا يكفي في تحقق النجاة.. 


أرأيت من نطق بالشهادتين فدخل إلى الإسلام، 

هذا الدخول إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين لا يكفي وحده في نجاة المعين من النار، 

ولا ينفي ذلك أن النجاة من حيث النوع والسبب تثبت بالنطق بالشهادتين ... 


وعلى كل حال

‫هناك فرق بين الحكم على الطائفة بأنها ناجية من النار؛ بمقتضى دلالة الكتاب والسنة والإجماع‬

‫وبين الشهادة لمعين بأنه ناج من عذاب الله‬....فلا يلزم من الحكم على الطائفة بأنها ناجية من النار: الشهادة لكل معين بأنه ناج من النار.‬

أعود لتوضيح كلام الأخ المناقَش

هو يقول أنا من الفرقة الناجية


أي من الفرقة التي ستنجو من النار باعتبار كونها طائفة التزمت الاعتقاد الصحيح والمنهج النبوي السلفي... وهذا سبب لأن أكون ناجيا من النار...ولا يعني ذلك أني أشهد لنفسي بأنها ناجية من النار؛ لأن الشهادة لابد فيها من تحقق الشروط وانتفاء المانع، وليس وجود السبب وحده كافيا لتحقق النجاة، ولكن أرجو بانتسابي للفرقة الناجية وتمسكي بمنهجها أن أكون ناجيا من النار حقيقة... 


وأما الاستدلال بقوله تعالى[ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به..] الآية

فليس فيها دلالة على نفي وجود فرقة ناجية، وإنما تتكلم عن الأفراد وأن دخول الجنة والنجاة من النار ليس المرجع فيه إلى الأماني، وإنما يستحق ذلك من آمن وعمل صالحا، كما بينت أن وصف الدين بأنه صحيح ومنج من النار لا يكون بحسب الأماني، وإنما المرجع في ذلك إلى ما دلت عليه الأدلة الشرعية

وقد دلت الأدلة وإجماع السلف على وجود فرقة ناجية لها أوصاف خاصة أُخذت من دلالة النصوص والإجماع القطعي...

قال الشيخ ابن باز:(أوضح اللهُ سبحانه أنَّ الإسلامَ والدِّين والنَّجاة ليست بأماني الناس وأهوائهم ورغباتهم، ولكن ذلك بما وافق الحقَّ، والمعتبر عند الله ما وافق الحقَّ، فهو المعتبر عند الله، والإسلام هو دين الله) 


ولما كان وجود الفرقة الناجية متقررا عند أهل السنة جعلوا معيار الفرق الهالكة مخالفة الفرقة الناجية.....

‫كتبه‬

‫أحمد محمد الصادق النجار‬

الخميس، 29 مايو 2025

إلغاء ذبح الأضحية في المغرب

 


سألني بعض الإخوة المغاربة حفظهم الله عن الحكم الشرعي في اختيار ولي أمرهم وطلبه تعطيل  نسك الأضحية لعام 1446 هـ في المغرب؟ 


أولا:

سمعت البيان الذي ألقاه وزير الأوقاف والذي كُتب بلغة علمية مستندة على كليات الشريعة؛ مما يدل على أنه صدر بعد دراسة للواقع وعرضه على لجنة شرعية متخصصة في البلد....... 


ثانيا:

هذا البيان الذي ذُكر فيه مستند المنع وهو مراعاة المصلحة العامة، وما تمر به البلاد من أزمة اقتصادية، وما يترتب على الذبح من غلاء حاد في سعر اللحوم وتضرر شريحة كبيرة من الناس لاسيما الفقراء... 


ثالثا:

والذي فهمته أن الحاكم طلب من الشعب عدم التضحية؛ بسبب الجدب والقحط اللذين ترتب عليهما الشح في الأضحية وأن الحلول التي قدمتها الحكومة في الأعوام الماضية لم تكن كافية لرفع المفسدة العامة، كما أن هذه الشعيرة لن تلغى بالكلية..... 


وبناء على ما سبق أقول: 


1-من المعلوم أن من مقاصد الولاية: تدبير شؤون الرعية بما تقتضية المصلحة الشرعية العامة...فالشريعة وضعت لمصالح العباد في الدارين.. 


2- ولولي الامر تدبير شؤون الرعية بالمنع والتقييد والإلزام الذي يتوافق مع المصلحة الشرعية، بعد استشارة أهل العلم المشهود لهم بالعلم والورع ...

وهو من باب درء المفسدة العامة على جلب المصلحة........ 


3-وتقييده الشعائر الدينية العامة أو الواجبة كالحج تحكمه الضرورة والحاجة العامة.... 


وقد أوقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه العمل بحد السرقة وقت المجاعة؛ محافظة على كلي..

( وهنا لا نقيس عمر رضي الله عنه بحكامنا كما يتوهم من لا يحسن، وإنما نتكلم عن (أصل) الجامع المشترك بين الفعلين، 

وكيف عمل عمر رضي الله عنه بحكم كلي مقاصد وألغى لأجله حكما جزئيا مؤقتا

فقد ألغى حكما جزئيا مؤقتا لأجل أن إعماله يترتب عليه ضرر كلي على الفقراء) 


4-فإذا كان منطلق التقييد أو منع شعيرة منعا مؤقتا وبما لا يرفع الشعيرة من أصلها ولا يلغي التعبد مطلقا: الضرورة كما وقع زمن فيروس كورونا أو الحاجة العامة = جاز .......

ولابد أن يرجع في تقدير ذلك إلى أهل العلم الراسخين،  ولابد ألا يكون هناك حل ومخرج إلا تقييد الشعيرة أو المنع الذي لا يصل إلى إلغائها بالكلية... 


5-فإلزام الشعب من الحاكم بعدم الذبح وإقامة النسك إذا ترتب على الذبح مفسدة عامة 

بعد استشارة أهل العلم=يجوز 

على ألا تلغى الشعيرة بالكلية، وإنما لابد أن يوجد في البلد من يقوم بها ممن لا يترتب على فعلهم تحقق المفسدة العامة... 


لاسيما إذا أخذنا برأي الجمهور بأن الأضحية سنة لآحاد الناس، فلا يكون تركهم للتضحية معصية... 


6-والمستند: دفع المفسدة العامة، فأحكام الشريعة ومنها التعبدية شرعت لمصالح العباد قي الدارين 

فقد يمنع العمل بحكم جزئي للمحافظة على أمر كلي ومقصد شرعي، فلا يكون إلغاء العمل بالجزئي مؤقتا مصادما للنصوص الشرعية... 


7-وإذا جاز للخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ترك التضحية؛ لئلا يظن أنها واجبة كما علل بذلك الجمهور

فلأن تترك لأجل درء مفسدة عامة ودفع حاجة ملحة من باب أولى... 


8-وإذا قدرنا أن الدولة قادرة على دعم الثروة الحيوانية لكنها لم تفعل وأظهرت خلاف ما تبطن فالإثم عليها، ولنا الظاهر...

وقد ذكر بعض مشايخ أهل المغرب أن الحكومة دعمت في السنوات الماضية لكن استغل ذلك من لا يخاف الله، وحصلت المفسدة العامة المخوف منها... وزاد الأمر تأزما هذه السنة بسبب الجفاف ووو


9-وأما فرح العلمانيين بهذا القرار = لا يلغي الحكم الشرعي الخاص الذي اقتضاه المناط الخاص؛ فالأحكام الشرعية لا تبنى على ردات الفعل... 


10-وأنبه هنا أن من عنده قدرة من أهلنا في المغرب فليحاول أن يوكل من يذبح عنه خارج المغرب بأن يرسل مالا ثم هم يشترون أضحية ويذبحونها ويتصدقون بها.. 


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار 


الثلاثاء، 20 مايو 2025

هل #المظاهرات وسيلة شرعية للإنكار؟

 عندما نتحدث عن #المظاهرات التي يقصد به الإنكار 

فإنا نتحدث عن فعل لا يتحقق به المطلوب إلا على وجه تقع معه مفسدة

يعني: لابد وأن يقع في فعل المظاهرات مفسدة على وجه غالب أو كثير. 


انتبه

نحن لا نتكلم عن فعل ربما تقع معه مفسدة وربما لا، حتى نقول: الأصل عدم المفسدة وأن الأصل هو الإباحة. 


ولا نتكلم عن فعل ليست المفسدة معه غالبة أو كثيرة حتى نقول: حكم المظاهرات معلق بالمصالح، فإذا كانت المصلحة راجحة جاز، وإلا فلا.


وإنما نتكلم عن فعل المفسدة معه غالبة أو كثيرة.


انتبه لهذا التأصيل 

فلما يأتي أحد ويقول: (الأصل في التظاهر السلمي. أنه من الوسائل الجائزة شرعا إذا انضبط بضوابط الشريعة وكان مأمون العاقبة)


نقول له:نعم

يكون كلامك صحيحا إذا لم تكن المفسدة في المظاهرات غالبة أو كثيرة...

والغريب أن الكاتب نفسه وفقه الله وهداه 

يعترف أن واقع كثير من المظاهرات تشوبه الفتنة وتعتريه الفوضى.

ومع ذلك يقول: الأصل فيها الجواز بالضوابط وأمن العاقبة!!!!!!!


كيف تؤمن العاقبة إذا كان واقع الكثير تشوبه الفتنة؟

غريب هذا التأصيل.


ولكي تتضح لك غرابته وبعده لننظر إلى طريقة الشارع في الفعل الذي تكون المفسدة معه غالبة او كثيرة؛ إذ لا يصح أن يُخرَج بالفعل عن نظائره إلا لدليل خاص. 


طريقة الشارع في الفعل الذي تلازمه الفتنة كثيرا أو غالبا، 

أنه يحرمه مطلقا، كتحريمه الخلوة بالمرأة الأجنبية، وأن تسافر مع غير ذي محرم، ونهيه عن بناء المساجد على القبور، وعن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها.


لماذا؟

لأن المفسدة فيها غالبة أو كثيرة، ولذا لم يعلق الشارع جوازها على المصالح.

قال الشاطبي في الموافقات (3/ 85): (والشريعة مبنية على الاحتياط والأخذ بالحزم، والتحرز مما عسى أن يكون طريقا إلى مفسدة، فإذا كان هذا معلوما على الجملة والتفصيل؛ فليس العمل عليه ببدع في الشريعة، بل هو أصل من أصولها، راجع إلى ما هو مكمل؛ إما لضروري، أو حاجي، أو تحسيني)

 

أرأيت نهي الله مطلقا عن سب آلهة الكفار حتى لا يسبوا الله 

ويتصور بل يقع أنه تسب آلهة الكفار من غير أن يسب الله.....

ومع ذلك نهى مطلقا ولم يعلقه بأمن المفسدة....


والغريب أن يأتي آخر ويقول: المظاهرات وسيلة والوسائل لها أحكام المقاصد 

نعم

يكون الكلام صحيحا إذا كانت الوسيلة لا تقارنها مفسدة غالبا أو كثيرا. فمتى كان الفعل يقارنه مفسدة غالبا أو كثيرا فإنه يكون منهيا عنه ولا يأخذ حكم المقصد.


عندما يغيب التأصيل لا تعجب بعد ذلك من التقريرات الخاطئة. 


وأخطر ما في الأمر أن المصالح التي يعلق عليه جواز المظاهرات يختلف الناس في تقديرها بحسب أيدلوجياتهم ومشاربهم، فما يراه أحدهم مصلحة راجحة يراها الآخر مفسدة راجحة 

وعبر بعضهم بالمفسدة المحضة وهو تعبير خاطئ، فالمفسدة المحضة إن وجدت ففي مثل الشرك بالله.

فلما كان التعليل بالمصلحة والمفسدة غير منضبط 

كان الأسلم والأوفق لقواعد الشريعة المنع مطلقا� حتى لا يأتي من يحله عاما ويحرمه عاما بناء على أيدلوجيته. 


لا ثقة فيما تقرره #دار_الإفتاء في المسائل العامة 


كتبه: د.أحمد محمد الصادق النجار

الأربعاء، 14 مايو 2025

#قتال_الفتنة

 #قتال_الفتنة 


تخيل معي أحد المنتسبين ل #دار_الإفتاء، ويشغل كرسيا في مجلس البحوث....

يجعل البوصلة في الحرب التي قامت في طرابلس: قيام الدولة وإنهاء حالة ازدواجية الولاء

------

يعني المقياس التي يوزن به قرب إحدى الطائفتين المقتتلتين من الحق، هو ما يتحقق بقتاله إقامة دولة ...

فالمعيار عندهم إقامة دولة تتناسب مع رؤيتهم 

مهما كانت الخسائر البشرية وكيفما كان حجم

المفاسد ...ولو قتل في سبيل ذلك ثلثا الشعب الليبي.... 


هكذا هو تفكير المتأثرين بالفكر القاعدي الداعشي.....!!!

لا تهمهم دماء المدنيين ولا تعني لهم شيئا في سبيل تحقيق غاية يريدونها...

------

ولهذا تجدهم يربطون القدرة الشرعية بسلامة الآلات ولا يكادون ينظرون إلى نفي المضرة الراجحة....

------

والذي لم يفقهه هؤلاء أنه ليس كل قتال يحقق غاية مشروعة يكون مشروعا

وإنما قد يكون قتال فتنة ولو حقق غاية مشروعة كما لو كان مقصود القائمين به: السلطة والمال لأجل الدنيا، أو الظلم والبغي...

-----

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم في قتال الفتنة بالاعتزال وكسر السيف ولزوم البيت...

ومقصوده من ذلك: منع المضرة الراجحة، والتي منها: سفك الدماء المعصومة وتخريب الديار...

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"ومن رأى أن هذا القتال مفسدته أكثر من مصلحته: علم أنه قتال فتنة،  فلا تجب طاعة الإمام فيه؛ إذ طاعته إنما تجب في ما لم يعلم المأمور أنه معصية بالنص، فمن علم أن هذا هو قتال الفتنة - الذي تركه خير من فعله - لم يجب عليه أن يعدل عن نص معين خاص إلى نص عام مطلق في طاعة أولي الأمر...)(٤/٤٤٣) 


وهذا الأمر لم يلتفت إليه من تأثر بالقطبية أو كان أحد أعضاء الجماعات الجها دية، ولذا تراهم ينظرون إلى مشروعية المقصد من غير أن يلتفتوا إلى مشروعية الوسيلة 

فدماء المسلمين المدنيين لا تعني لهم شيئا في سبيل تحقيق غاية .. 


ثم إن جعل البوصلة هي إقامة دولة من غير اعتبار ألا يكون الباعث على القتال: السلطة والملك لأجل الدنيا... يصادم ما قرره السلف في علامات قتا ل الفتنة، فقد جعلوا من علامات قتال الفتنة أن يكون الباعث على القتال فرض السلطة واتساع النفوذ لأجل الدنيا.... 


فعن سعيد بن جبير، قال: قيل: لابن عمر رضي الله عنهما يا أبا عبد الرحمن، حدثنا عن القتال في الفتنة، والله يقول: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} فقال: هل تدري ما الفتنة، ثكلتك أمك؟ «إنَّما كان محمد صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين وكان الدخول في دينهم فتنة، وليس كقتالكم على الملك»

------

وعن عقبة بن نافع، قال: سألت ابن عمر رضي الله عنهما مع من أقاتل؟، فقال: «مع الذين يقاتلون لله، ولا تقاتل مع الذين يقاتلون لهذا الدينار والدرهم» .   

--------

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: قتال الفتنة المنهي عنه والذي تركه خير من فعله كما يقع بين الملوك والخلفاء وغيرهم وأتباعهم .   

-------- 

وقد تحرز السلف من القتال مع الإمام الجائر إن قاتل قتالا غير جائز كما لو تعدى الحد المشروع او رفع راية عمية 

ولو كان الذي يقاتله خارجيا أو باغيا...

قال ابن تيمية:(فَإِذَا قَاتَلَ الْكُفَّارَ أَوِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ نَاقِضِي الْعَهْدِ أَوِ الْخَوَارِجَ قِتَالًا مَشْرُوعًا قُوتِلَ مَعَهُ، وَإِنْ قَاتَلَ قِتَالًا غَيْرَ جَائِزٍ لَمْ يُقَاتَلْ مَعَهُ، فَيُعَاوَنُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَا يُعَاوَنُ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)

ولهذا لما سئل الإمام أحمد: يُسْتَعَانُ عَلَى مَنْ يَعْمَلُ بِالْمُنْكَرِ بِالسُّلْطَانِ؟ قَالَ: " لَا"

وهذا المعنى في نظري هو الذي يحمل عليه قول الإمام مالك "إن كان الإمام مثل عمر بن عبد العزيز وجب على الناس الذب عنه والقتال معه ، وأما غيره فلا، دعه وما يراد منه، ينتقم الله من الظالم بالظالم ، ثم ينتقم من كليهما."

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 1 مايو 2025

الجهاد في فلسطين والجهاد في أفغانستان من حيث الحكم الشرعي

 


لا أدري ما الذي أصاب من كنا نحسن بهم الظن؟!!! 


حينما دعم المشايخ الجهاااد الأفغااني وحثوا المسلمين إلى الذهاب إلى أفغاانستان 

لم يكن منطلقهم في ذلك مجرد أن المجتمع الدولي دعمه، ولم يكونوا يجهلون أن طائفة ممن يقود القتاال في أفغاانستان على عقيدة منحرفة ومنهج بدعي... 


فكل هذه الأمور(المجتمع الدولي) (المضرة الراجحة) (الجهاااد مع بعض المقاتلين المنحرفين) كانوا ينظرون إليها بنظرة شرعية وفق الميزان الشرعي للمصالح والمفاسد ... فكانوا يفرقون بين المختلفات.. 


لكن أن يأتي من يقول عن نفسه إنه سلفي 

ثم يطعن من طرف خفي ويشير إلى أن بواعث التفريق بين الجهااد الأفغاني والجهااد في غ زة هو مراعاة رغبة المجتمع الدولي 

فهذا والله من التجني وعدم الفقه وهي انتكاسة خطيرة ... 


ولندع الشيخ الألباني يميط اللثام .... يقول:(الجهااااد في فلسطييين والجهاااااد في أفغاااانستان من حيث الحكم الشرعي واجب ، لكن في فلسطييين غير ممكن في أفغاااانستان ممكن) 


تأملوا في المناط الذي انطلق منه في التفريق...(ممكن...وغير ممكن..)

وأما عدم المضرة الراجحة فمحله إذا أمكن دفعها...


ويقول:(إذا كان هنا في جهة من الجهااااد في البلاد الإسلامية وأعلن فيها الجهاااااد دفاعا عن الإسلام فهو فرض عين ، ولذلك نحن نفرق بين الجهااااد في الأفغااان والجهاااد في أماكن أخرى ، لأن الجهااااد في الأفغاااان جهاااد إسلامي أولا ثم جهااااد دفاع للمهاجم الكاااافر ثانيا ، فنرى أنه هناك فرض عين ، أما في فلسطييين فأنت تعرف الوضع مكانك راوح هنا وبس ، وبعدين قضية فردية وليست جماعية)


فليس التفريق من جهة وجود السبب وإنما التفريق من جهة وجود الموانع

فالمشايخ نظروا إلى الجهااد الأفغاني بأنه ممكن ومتيسر بعد أن تحقق فيه مناط كونه جهااادا، فالهجوم والاعتداء واقع، وكان الذهاب متيسرا فلا يوجد مانع يمنع. 

وكون المجتمع الدولي داعما ليس هو منطلقهم في حث المسلمين على الجهاااد، وإنما استفادوا من كون المجتمع الدولي لا يمنع، لأنه بذلك يصبح الذهاب ممكنا متيسرا، فالعوائق السياسية يراها مشايخ أهل السنة السلفيين عوائق تمنع من الواجب العيني 

بخلاف غيرهم ممن يحرضون على الدماء مع وجود العوائق...

قال الشيخ الألباني:( أعتقد أنه يجب اهتبال الفرصة واغتنام الزمن قبل أن تأتي هذه المشكلة التي أشير إليها وأن يسافر كل شاب مسلم غيور على دينه ومستطيع حمل السلاح وليس هناك عوائق سياسية ونحو ذلك مما يسقط عنه الواجب)

ولا يفهم هذا من تلوث فكره بالدخيل على منهج السلف وفقههم 


فهذه هي النظرة السلفية...لا أن رغبة المجتمع الدولي هي المنطلق في حث الشباب على الجهاااد في أفغااانستان، وهل يقول هذا من كان على جادة السلف؟!!!! 


وهذا الأمر لم يكن موجودا في جهااد غ زة، فوجود الموانع جعل الحكم الشرعي يتغير...وعدم الدعم الدولي ولا الاستعداد الشرعي ولا عدم مراعاة حال الأمة جعل الشروع جناية على الأنفس المؤمنة... فالجهااد المشروع لا يكون على كل حال ولو كانت المآلات كارثية وأمكن دفعها أو تقليلها... 


والعود باللوم على حما س مع حصول القتل هو لوقف القتاال ولو بتسليم السلاااح إذا اقتضت المصلحة الشرعية؛ كما لو توقف إيقاف شلال الدماء الذي يصيب المدنيين في غ زة على ذلك، ووجدت الضمانات بتدخل الدول المسلمة... فالمتضرر الحقيقي والأكبر في هذه المعركة هم المدنيون...

قال ابن قدامة:( فأما إذا دعت إلى موادعة الحربي ضرورة وهو أن يُخاف على المسلمين الهلاك أو الأسر فيجوز...)

ولو قلبت نظرك أينما شئت في كتب قواعد الشريعة ومقاصدها فلن تخرج إلا بنحو ما ذكرت... 


وأما القول بأن يوجه الخطاب للأمة بدل لوم حما س فعن أي أمة تتكلم؟ وعن أي دولة تتحدث؟!!! 

غثاء كغثاء السيل، أمة أثقلتها الصراعات وأشغلتها الملهيات، ...

وهل ندع الممكن ونتعلق بالمستحيل؟!!!! وهل ينتظر هؤلاء أن يباد أهل غ زة عن بكرة أبيهم حتى يرجعوا عن غيهم ويبتعدوا عن خيالاتهم؟!!@ 


أما التشدق بتهم التخذيل والنفاق والتثبيط فهي تهم لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تزيد الأمة إلا تفرقا، وقد استعملت في غير محالها عند الكثير... 


وأما الاعتراف الدولي في عصرنا فقد أصبح وللاسف ركيزة أساسية في الحكم بالتمكبن والاستقرار، فلا يمكن لحاكم أن يستقر له الأمر في بلد ما إلا وأحد أسياسيات استقراره هو الاعتراف الدولي، ونحن في أحكام الضرورات وفقه الاستضعاف...ومعايير الاستقرار تختلف من زمن إلى زمن؛ لأنها من المتغيرات...وانظر إلى سوريا اليوم... 


ولا أدري كيف لا يفرق هؤلاء بين التعامل مع الواقع في ضوء قواعد الشريعة وبين جعل الواقع حاكما على أحكام الشريعة؟!! 


وأما وجود منحرفين في الساحة الأفغانية فهذا ليس مانعا يمنع من مشروعية جهااد الدفع؛ لأن المعركة معركة إسلام وكفر، ولذا لما سئل الشيخ ‎#الالباني رحمه الله: الجهاد في أفغانستان، بالأخص كان هناك جماعة أصحاب عقيدة صالحة وأصحاب معتقد سليم، هل يكون الجهاد في أفغانستان فرض عين؟ 


قال الشيخ: هو فرض عين كانوا أم لم يكونوا، واضح؟

...

أما هذا جهاد دفاع عن بلاد المسلمين، وقد غزاها العدو الملحد، فهنا لا يجوز أن ننظر إلى الأفكار والآراء إنما ننظر نظرة عامة مسلمين أم كفار.انتهى كلامه 


فالكلام هنا حال الغزو والهجوم المباشر....، ولا يتصور في هذه الحال إلا قتااال العدو....

.

أخيرا

أعتذر عن الشدة في العبارات 

فما دفعني إليها إلا محبة أن يعود إخواني إلى ما كانوا عليه من نصرة مذهب السلف وتحرير فقههم وعدم الانجرار وراء العواطف وضغط الواقع والتأثر بالفكر الصحوي...وأن يخرجوا من ردات الفعل... 


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

الأربعاء، 30 أبريل 2025

قياس القتال في #غزة على مقاومة الاحتلال الإيطالي

  


ذكرت في منشور سابق أنه يشترط لاتخاذ قرار القتا ل وتحديد وقت الشروع بعد الإعداد: عدم الضرر الراجح الذي يلحق المدنيين.......وهذا تقرير لن تجد من ينكره من علماء أهل السنة المعتبرين...

.

وكما يلاحظ القارئ أننا لا نتكلم عن صورة هجوم لا إرادة فيه ولا اختيار للمقاومين في تحديد وقت ابتدائه.. وهذا ما دندنا حوله كثيرا بعبارات صريحة...فهناك فرق بين حال هجوم العدو وبين حال عدم هجومه.. 


فماذا فعل من أعيتهم الحجة؟ 


لجؤوا إلى القياس على مقاومة الاحتلال الإيطالي في ليبيا؛ بجامع الفاتورة الباهضة من دماء الليبيين..


ولو أن هؤلاءدققوا النظر قليلا لعلموا أن الحال غير الحال، ومحل النظر ليس متفقا بين الواقعين... 


1-في الاحتلال الإيطالي كان الطليان في حال هجوم على المناطق، منطقة تلو منطقة؛ بهدف احتلالها وتوطين الإيطاليين فيها، 

فكانت الصورة أن الطليان هجموا على منطقة وأرادوا احتلالها 

فوقف الثوار أمامهم يذودون عن أهلهم وأرضهم وقاوموهم، وهذه صورة جها د الدفع الذي لا يشترط له شرط وإنما يدفعون بحسب الإمكان، كما عبر بذلك بعض العلماء ووضحنا مقصودهم...


فإذا قدر الله انهزام الثوار المجاهدين 

استباح الطليان المنطقة فحصل سفك دماء الأهالي، كما وقع في احتلال الكفرة...


فيأتي جاهل ويقول ملزما: عمر المختار تسبب في قتل نصف سكان ليبيا خلال عشرين عاما، ومع ذلك اعتبرتموه جها دا.!!!!! 


وما علم المسكين أنه يخلط بين صورة حال الهجوم والاعتداء المباشر 

وبين صورة المقاومة التي حصلت بعد أن هدأت الأمور نسبيا، وأعطيت للناس نوع إرادة واختيار، فشرع الثوار في قتال لم ينظروا فيه لحفظ أرواح المدنيين، ولا استعدوا الاستعداد المناسب له.. فتوجهت الصواريخ إلى المدنيين لا إلى المقاتلين..  


نعم

لو أن اليهووووود في غ زة هم الذين بدؤوا بالقتا ل لما أنكر أحد يعي ما يقول على حما س، وأصبح واقعهم قريبا من واقع الليبين مع الاحتلال الإيطالي... 


2-في الاحتلال الإيطالي إذا لم يهجم الطليان على منطقة ما هجوما مباشرا

كان المجاهدون يقاتلونهم بعيدا عن المدنيين في الجبال ونحوههدا، وكانت الحروب معهم تشبه نوع ما حروب عصابات

ولما لم يتمكن الطليان منهم صبوا غيظهم على من يتعاون معهم من القبائل الليبية بعد أن أخبرهم الجواسيس بذلك، ووضعوا لهم محاكم عسكرية بسبب تعاونهم من المجاهدين، كما قاموا بترحيل المدنيين من سكان المنطقة الشرقية للمعتقلات في صحراء سرت، لإفراغ المنطقة من سكانها وتوطين الطليان فيها... وعذبوا وقتلوا لا لشيء إلا لكون المجاهدين قاوموهم لما هجموا على مناطقهم


فلم يكن المجاهدون يتترسون بالمدنيين، ويطلقون الصواريخ من المناطق التي تعج بالسكان ثم يأتي الرد عنيفا من اليهووود على المدنيين... 


وأخيرا عندما نعترض على الحرب في غ زة للمضرة الراجحة لم نعترض لمجرد وقوع التقتيل في المدنيين من غير التفات إلى حال الشروع وحال الوقوع... ومن غير نظر إلى ما كان في الإمكان وما لم يكن في الإمكان... 


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 24 أبريل 2025

هل الحكم بعدم شرعية الحكام مطلقا يستلزم تكفيرهم؟

 هل الحكم بعدم شرعية الحكام مطلقا يستلزم تكفيرهم؟

الحكم بعدم شرعية الحاكم مطلقا مرتبط ارتباطا لا ينفك بما يصح به الخروج عليه

فنحن نتكلم من منطلق شرعي ديني عن ولاية وقعت واستقرت وليس للناس فيها اختيار
فنفي أصل شرعية الولاية للمسلم الذي استقر له الأمر   لا يبحث فيه من جهة شروط الولاية وطبيعة النظام وو مادام قد تحقق بها أصل مقصود الولاية؛ لأن الكلام هنا عن حال اضطرار وأمر واقع، وليس الكلام عن حال اختيار يبحث فيه عن تحقق شروط الولاية ووو
ولهذا كان محل نفي الولاية ما يصح به الخروج عليها...بمعنى هل يصح رفع أصل الولاية المستقرة لانتفاء الشورى؟!!
وهل يصح رفعها لعدم تحكيم الشريعة كاملة؟!!
وهل وهل

وإنما لم يلتفت إلى الشروط في حال الاضطرار؛ لكون الالتفات إليها في هذه الحال يفضي إلى ما مفسدته أرجح...
وإذا نظرنا إلى النصوص الشرعية وجدنا أن نفي شرعية الحكام -الذين يقوم بهم أصل مقصود الولاية- ونقض ولايتهم
موجبهما الكفر البواح ( إلا أن تروا كفرا بواحا)
قال ابن بطال في بيان من تنتفي فيه الولاية بالكلية:(إلا أن يكفر الإمام ويظهر خلاف دعوة الإسلام )

فالنصوص الشرعية لا تنفي الولاية بالكلية إلا إذا وجد الكفر البواح...أو انتفى أصل مقصود الولاية( ماأقاموا فيكم الصلاة)

وأئمة السلف لم يكتفوا بوقوع الكفر في نظام الواثق والمعتصم لرفع الولاية عنهم، وإنما لابد مع ذلك عندهم من كفر الحاكم عينا لرفع الولاية الشرعية بالكلية؛ درءا للفتنة العامة...

فعلى ما تقدم
من يقول بعدم شرعية الحاكم المسلم مطلقا الذي يحقق أدنى مقاصد الولاية من أظهار الشعائر وعدم منع الناس منها وحفظ أمنهم...
يلزمه أحد أمرين:
الأول: تكفيره للحاكم عينا؛ لأن النصوص جعلت دليل عدم شرعية ولايته كفره عينا، وهو ما استقر عليه عمل السلف حتى صار شعارا على مذهب أهل الحديث..

فإن قال لا، أنا لا أكفره
لزمه الأمر
الثاني وهو: نزع الولاية ورفع الشرعية بما ليس بمكفر معتبر عينا
فيدخل عليه أصل الخوارج أو أصل المعتزلة، فقد توسعوا في نفي الولاية حتى نفوها بما ليس بمكفر في نفس الأمر...
كمن ينفي أصل الولاية لأن الحاكم ترك الشورى أو ترك الجها د
فهنا نفاها بما ليس بكفر ووافق الخوارج والمعتزلة............

وأما التمسك بكلام الشيخ الالباني في نفي الولاية لانتفاء الخليفة الواحد الذي تجتمع عليه الأمة
فهو تمسك بقول تراجع عنه صاحبه، ويخالف ما استقرت عليه الأمة من وقت تعدد الخلافة بين الأمويين والعباسيين...
ويلزم على هذا القول: تضليل الأمة من وقت مبايعتها لخليفتين واحد أموي والآخر عباسي إلى وقتنا هذا
وهذا هو الضلال نفسه..

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار 

الأربعاء، 23 أبريل 2025

هل نفي مطلق #البيعة للحكام يستلزم الخروج عليهم؟

تصحيح مفاهيم

هل نفي مطلق #البيعة للحكام يستلزم الخروج عليهم؟

أولا: وجود البيعة لا يلزم منه عدم تسويغ الخروج على الحكام مطلقا؛ لأنه قد يوجد ما ينقض البيعة كالكفر ، ووجود ما ينقضها يرفعها ويسوغ الخروج...
كما أن وجود الطهارة لا يلزم منه عدم تسويغ الخروج من الصلاة مطلقا؛ لأنه قد يوجد ما ينقضها كالحدث ووجوده يسوغ الخروج من الصلاة..

ثانيا: انتفاء #البيعة يلزم منه تسويغ الخروج، فمن نفى البيعة سوغ الخروج ولابد
فانتفاء الطهارة يلزم منه تسويغ الخروج من الصلاة...

وانتفاء البيعة إما لوجود سبب كالكفر، وإما لعدم وجودها من أصلها
فإذا كان انتفاء البيعة لوجود سبب ينقضها كالكفر يسوغ الخروج فمن باب أولى إذا عدمت البيعة من أصلها
إذ إن معنى البيعة هي العهد على الطاعة والمناصرة
بمعنى أن الإنسان لا ينازع الحاكم في أصل الطاعة
فإذا انتفت البيعة ثبت ما يضادها وهو تسويع المنازعة والخروج...

وبهذا نرد على من يقول: نفي البيعة لا يلزم منه الخروج
ويريد بالخروج: الخروج بالفعل.........
وهذا ناتج عن عدم التفريق بين تسويغ الخروج والخروج بالفعل
فتسويغ الخروج يكتفى فيه بوجود السبب
وأما الخروج بالفعل فمع وجود السبب لابد من تحقق الشروط وانتفاء الموانع ...
فيظن إذا انتفى الخروج بالفعل؛ لتعلقه بالقدرة
انتفى تسويغ الخروج
وهذا تصور خاطئ

يعني
أنت لما تنفي البيعة عن الحكام فقد سوغت الخروج عليه شئت أم أبيت
وأما مسألة القدرة فهذه متعلقة بالخروج بالفعل وليست متعلقة بتسويغ الخروج

ثم إن نفي البيعة فرع مسألة الموجب الذي تثبت به الولاية...

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

ذكرت في منشور سابق أن نفي #البيعة يلزم منه تسويغ الخروج على الحاكم، فمن نفى البيعة سوغ الخروج ولابد


وقد طالبني بعض الإخوة بذكر الأدلة والآثار...

فأقول: يدل على هذا:


1- أهل المدينة لما خلعوا يزيد بن معاوية, حدَّث عبد الله بن عمر عبد الله بن مطيع ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن : (من خلع يدًّا من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية) أخرجه مسلم

فقد دل احتجاج الصحابي الجليل ابن عمر 

على وجود التلازم بين تسويغ الخروج ونفي البيعة ونقضها, فمن سوغ الخروج أو خرج بالفعل لابد وأن يكون ناقضا للبيعة نافيا لها.

وقد بوب البيهقي على هذا الحديث وغيره بقوله: (باب الترغيب في لزوم الجماعة والتشديد على من نزع يده من الطاعة) السنن الكبرى للبيهقي (8/ 269) فجمع بينهما؛ لوجود التلازم بين عدم لزوم الجماعة ونفي البيعة.


2-في صحيح مسلم (6/ 21) عن ابن عباس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « من كره من أميره شيئا فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية ».

فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ميتة الجاهلية مرتبة على من خرج على السلطان, وفي أحاديث أخرى رتب ميتة الجاهلية على من مات ولم يبايع؛ مما يدل على التلازم بين الخروج ونفي البيعة؛ إذ رتب عليهما حكم واحد.


3-وإذا نظرنا إلى كلام أئمة السلف وجدنا أنهم يربطون المنع من الخروج على الحاكم بكونه قد بويع له, فلو لم يكن بين تسويغ الخروج ونفي البيعة تلازم لما صح هذا الربط

-قال الإمام أحمد: (ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها... ومن خرج على إمام المسلمين، وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة؛ فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية. 

 ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق). شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 181)

-ومثله قاله ابن المديني...

-وقال ابن قدامة: (ولو خرج رجل على الإمام، فقهره، وغلب الناس بسيفه حتى أقروا له، وأذعنوا بطاعته، وبايعوه، صار إماما يحرم قتاله، والخروج عليه؛ فإن عبد الملك بن مروان، خرج على ابن الزبير، فقتله، واستولى على البلاد وأهلها، حتى بايعوه طوعا وكرها، فصار إماما يحرم الخروج عليه؛ وذلك لما في الخروج عليه من شق عصا المسلمين، وإراقة دمائهم، وذهاب أموالهم.) المغني (620) (12/ 243)

فلو لم يكن هناك ترابط بينهما وتلازم ما صح تحريم الخروج بوجود البيعة, فدل ذلك على أن وجودها مانع من الخروج, وانتفاؤها مسوغ للخروج.


والآثار وأقوال الأئمة في إثبات التلازم كثيرة


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار


الأربعاء، 26 مارس 2025

لم يصح عن أحد من الصحابة أنه أخرج في خصوص زكاة الفطر نقودا

 لم يصح عن أحد من الصحابة أنه أخرج في خصوص زكاة الفطر نقودا

لا من أقوالهم ولا من أفعالهم

وهذا مستفيض عنهم، فقد كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يقول:(كنا نخرج زكاة الفطر صاعامن طعام) وهو يحكيه عن جماعة الصحابة.... وقوله "كنا نفعل كذا" يفيد الاستمرار عليه
وهو الذي يقتضيه عملهم بالمنصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم أخرجوها طعام
وقد رى نافع عن ابن عمر أنه كان لا يخرج في زكاة الفطر إلا التمر إلا مرة واحدة فإنه أخرج الشعير (الاستذكار ٩/٣٥٤)

وإذا رجعنا إلى كتب فقه الخلاف العالي التي تعنى بنقل ما روي عن الصحابة في الباب كالأوسط لابن المتذر والمغني لابن قدامة نجد أنها لا تحكي جواز إخراج القيمة عن أحد من الصحابة في خصوص زكاة الفطر..............
ولو ثبت ذلك عن الصحابة لاعتنى العلماء بحكايته فكيف وهو مخالف لما هو مشهور عنهم وما كان يصرح به بعضهم؟!!

بعضهم يروي عن عمر في غير زكاة الفطر، وهو لا أيضا لا يصح عنه..

وغاية ما يستمسك به من زعم أن الصحابة أو بعضهم يخرجون زكاة الفطر هو:
١- ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/398) حدثنا أبو أسامة، عن زهير، قال: سمعت أبا إسحاق، يقول: أدركتهم وهم يعطون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام. 

ومن المعلوم أن أبا إسحاق السبيعي لم يدرك أبا بكر الصديق ولا معاذ بن جبل ولا عمر بن الخطاب ولم يسمع من ابن مسعود ولا من أبي الدرداء ولا من عثمان بن عفان ولا من علي بن أبي طالب وإن كان قد رآه ولم تصح له رؤية أنس بن مالك  ولم يسمع من ابن عمر ولا من سراقة بن مالك ...

فعندما يقول "أدركتهم" لا ينصرف إلى صغار الصحابة فضلا عن كبارهم
وإنما ينصرف إلى من دونهم من أهل الكوفة، فقد كان السبيعي من جلة التابعين في الكوفة، ومن المعلوم ان علماء أهل الكوفة ليسوا متفقين على ذلك...

ثم إن أبا إسحاق يحكي فعلا أدركهم عليه، والفعل محتمل، فيحتمل أنهم يجوزونها نقدا مطلقا ويحتمل أنهم يجوزونها نقدا حال الحاجة والمصلحة، ويحتمل أنه فعل مستمر لهم ويحتمل أنه عرضي استثنائي...

٢- ما ثبت في الصحيحين عن معاوية رضي الله عنه انه قال:( أرى نصف صاع من حنطة يل صاعا من تمر)
قالوا: راعى القيمة...

والجواب: أنه لو كان إخراج القيمة عنده معتبرا لجوز دفع القيمة مع وجودها أو لأخرج بنفسه القيمة، وهذا لم يحدث، فكونه رضي الله عنه نظر إلى القيمة لا يعني ذلك أنه يُجَوِّز إخراجها بدلا عن الطعام...

تنبيه بعضهم يزعم أن للإمام أحمد رواية بإخراج القيمة في زكاة الفطر
وهذا غير صحيح، فالرواية عن أحمد بجواز إخراج القيمة هي فيما عدا زكاة الفطر كما ذكر ذلك ابن قدامة في المغني (٤/٢٩٥)
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الإمام أحمد جوزه في مواطن الحاجة.

وهنا شبهة أختم بها وهي
النقود كانت قليلة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولذا لم يعلق عليها الحكم،
والناس يحتاجون إلى اللباس ونحوه فدفع النقود لهم أنفع....

والجواب: النقود كانت موجودة ومنتشرة ويتعامل بها الصحابة، فقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم أجد الصحابة دينارا ليشتري شاة...
ولا يشترط في اعتبارها في الأحكام الشرعية أن توجد في كل بيت من بيوت الصحابة...

وأما حاجة الناس إلى اللباس فهذا في كل وقت وليس خاصا بعصرنا
فقد كان الصحابة يحتاجون إلى ما يغطي بعض أبدانهم العارية ومع ذلك لم يشرع اللباس ولا النقود ليشتروا ألبسة....
فزكاة الفطر ليس المقصود منها إغناء الناس مطلقا حتى يشتروا ألبسة ويسددوا ديونهم ووو
ولو كان هذا مقصودا لكان مقدارها أعلى من الصاع، وإنما المقصود إغناؤهم عن سؤال الطعام يوم العيد، فهو إغناء خاص...

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار 

الأحد، 23 مارس 2025

نقل #زكاة_الفطر إلى أهل غ ز ة

نقل #زكاة_الفطر إلى أهل غ ز ة

الأصل في زكاة الفطر أن تُخرَج في بلد المزكي؛ لأنها وجبت في البلد الذي يقيم فيه المزكي، ولأجل أن يغني أهل كل بلد فقراءهم...
ولا تنقل إلى بلد آخر إلا إذا كانت المصلحة راجحة أو الحاجة أشد...

فنقلها إلى أهل غ زة يجوز إذا تُحقق من وصولها في وقتها ولمستحقيها... ولا نقول يجب على كل مسلم وجبت عليه زكاة الفطر..

وله صورتان:
الأولى: أن يشتري المزكي في بلده طعاما ثم ينقله إلى أهل غ زة ، وهذه واضحة ولا إشكال فيها...

الثانية: أن يعطي جهة موثوقة مالا ثم يوكلها بشراء صاع من الطعام في غ زة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها صاعا من طعام...
ومن المعلوم أن قيمة الصاع من الأرز مثلا تختلف من بلد إلى بلد،

فهل العبرة ببلد المزكي أو ببلد الفقير إن كان ببلد الفقير أغلى؟

أولا: المعتبر في زكاة الفطر: الصاع من الطعام لا القيمة.....

ثانيا: يجب أن يصل إلى يدي الفقير صاعا من الطعام في بلده ولو كانت قيمته أضعافا مضاعفة بالنسبة لبلد المزكي...لأن المقصود إغناء الفقير بإعطائه صاعا فمن أعطاه أقل من صاع لم يحقق مقصود الشارع، ولأن العبرة بالصاع في بلد الفقير إن كان أغلى..
بمعنى أنه يجب أن يرسل من النقود ما يكفي لشراء صاع في غ زة ولو كانت قيمته أكثر من قيمته في ليبيا مثلا
المهم أن يصل إلى الفقير صاعا...ولا يكفي أن يرسل ثمانية دنانير إذا كان الصاع في غ زة يساوي مائة دينار
...

فالذي في ذمة المزكي هو الصاع وليست قيمة الصاعة، وهو مذهب جمهور العلماء
فالعدول من الصاع إلى القيمة: عدول عن الأصل وما حده الشارع..

وقد ذكر الباجي في المنتقى عن ابن حبيب مِن المالكية قوله: "إنْ كان الطعام ببلد الإخراج أرخصَ اشترى بثمن الطعام الواجب عليه ببلد الصيد طعامًا فأخرجه، فإنْ كان ببلد الإخراج أغلى أخرج المَكِيْلة الواجبة عليه".

وليس الأصل هو القيمة حتى نقول بأنه يخرجها بحسب بلد المزكي التي حصل فيها سبب الوجوب..

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار
http://abuasmaa12.blogspot.com/2025/03/blog-post_23.html


السبت، 22 مارس 2025

شبهة #لحم_الإبل لو كان ناقضا لانتشر؛ لأنه مما تعم به البلوى

 


من عدم الفقه الاحتحاج على عدم نقض الوضوء بلحم الأبل
بأنه لو ثبت كونه ناقضا لانتشر وشاع كما شاع نقض الوضوء بالخارج المعتاد من السبيلين كالبول
لأنه لا يكاد يخلو بيت من لحم الأبل... !!!!!!!!!

وقد وصف ابن حزم هذا النوع من الاحتجاج في هذا السياق بأنه حماقة...

أقول: هذا الاحتجاج الضعيف مردود بأمور:

أولا: أن الصحابة لم يشترطوا في الناقض حتى يكون ناقضا أن ينتشر دليله ويشتهر، وإنما كانوا يقبلون أخبار الآحاد فيما تعم به البلوى ولو لم تشتهر.. وهو مذهب جمهور الأصوليين..

ثانيا: ما انتشر واشتهر عند الصحابة لا يلزم منه أن يشتهر نقله ويشيع...

ثالثا: قد انتشر واشتهر عند الصحابة أن أكل لحم الإبل ينقض الوضوء ...
فقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:(كنا نتوضأ من لحوم الإبل ولا نتوضأ من لحوم الغنم )

فقوله "كنا" يعود إلى الجماعة من الصحابة؛ مما يدل على أنه منتشر بينهم وجوب الوضوء من لحم الإبل...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(وأما من نقل عن الخلفاء الراشدين أو جمهور الصحابة أنهم لم يكونوا يتوضؤون من لحوم الإبل فقد غلط عليهم إنما توهم ذلك لما نقل عنهم أنهم لم يكونوا يتوضؤون مما مست النار وإنما المراد أن كل ما مست النار ليس سببا عندهم لوجوب الوضوء والذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الوضؤ من لحوم الإبل ليس سببه مس النار)

قال الخطابي في معالم السنن:(ذهب عامة أصحاب الحديث إلى إيجاب الوضوء من أكل لحم الإبل)

رابعا: لا يصح قياس أكل لحم الإبل على الخارج المعتاد كالبول،؛ لأن البول أمر لا ينفك عن الإنسان ويوجد في اليوم من الإنسان أكثر من مرة
بينما لحم الإبل لم يكن يأكله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة كل يوم، بل كان آل محمد يمر عليهم الشهر والشهران ولا يوقد في بيوتهم نار ولا يوجد فيها إلا التمر والماء...
فكيف يقال: لا يخلو منه بيت؟!!! وكيف يقال: لو ثبت كونه ناقضا لانتشر وشاع كما شاع نقض الوضوء بالخارج المعتاد من السبيلين ؟!!!

فأكل لحم الإبل ليس أمرا يتكرر وقوعه كل يوم كالخارج المعتاد من السبيلين..

أخيرا
قال ابن حزم عن قولهم: هذا مما تعظم به البلوى:(وَهَذَا حَمَاقَةٌ , وَقَدْ غَابَ عَنْ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم الْغُسْلُ مِنْ الْإِيلَاجِ الَّذِي لَا إنْزَالَ مَعَهُ , وَهُوَ مِمَّا تَكْثُرُ بِهِ الْبَلْوَى , وَرَأَى أَبُو حَنِيفَةَ الْوُضُوءَ مِنْ الرُّعَافِ وَهُوَ مِمَّا تَكْثُرُ بِهِ الْبَلْوَى وَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَرَأَى الْوُضُوءَ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ مِنْ الْقَلْسِ وَلَمْ يَرَهُ مِنْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ , وَهَذَا تَعْظُمُ بِهِ الْبَلْوَى , وَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ قَبْلَهُ , وَمِثْلُ هَذَا لَهُمْ كَثِيرٌ جِدًّا , وَمِثْلُ هَذَا مِنْ التَّخْلِيطِ لَا يُعَارِضُ بِهِ سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا مَخْذُولٌ )

كتب
د. أحمد محمد الصادق النجار

الخميس، 20 مارس 2025

مدارسة أصولية فقهية حكم #الوضوء_من_أكل_لحم_الإبل

[الخلاصة: ينقض الوضوء على الراجح]

عن جابر بن سمرة، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: «إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا توضأ» قال أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: «نعم فتوضأ من #لحوم_الإبل» قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: «نعم» قال: أصلي في مبارك الإبل؟ قال: «لا» أخرجه مسلم


المعنى الذي راعاه السائل في السؤال هو نقض الوضوء, لا مطلق الوضوء, 

وقرنه الوضوء بالصلاة في سياق واحد يؤكد أن سؤاله كان عن الوضوء الشرعي لا الوضوء اللغوي. 


هاتان المقدمتان تقتضيان أو توجبان

وجوب الوضوء من أكل لحم الأبل

وتمنعان من حمل الأمر بالوضوء على الاستحباب أو على غسل اليدين والمضمضمة...

والخطاب الموجه للواحد موجه للأمة إلا بدليل...


بمعنى أن السائل لم يسأل عن مجرد الوضوء؛ حتى يحمل على الاستحباب, أو على غسل اليدين, وإنما محل سؤاله عن نقض الوضوء, وما كان ناقضاً للوضوء وجب الوضوء منه, ولذا جاء الجواب من النبي صلى الله عليه وسلم بالتخيير في لحم الغنم والأمر بالوضوء في لحم الإبل؛ مما يدل على أن الأمر بالوضوء في لحم الإبل ليس لمجرد الإذن بل للطلب الجازم.


والفرق في الحديث بين لحم الإبل ولحم #الغنم لا يثبت إلا بإيجاب الوضوء في لحم الإبل ونفي الإيجاب في لحم الغنم...


فنفي الإيجاب في لحم الغنم يقتضي الإيجاب في لحم الإبل.


واختصاص لحم الإبل بالنقض من بين المأكولات هو من باب الخروج بالمسألة عن نظائرها لمقتضي الدليل الخاص.


وليست العلة أنه مسته النار؛ بدليل التفريق في الحديث بين لحم الغنم ولحم الإبل, وقد مستهما النار, وإنما لحم الإبل ينقض الوضوء لكونه لحم الإبل، لا لكونه مسته النار, وهذا يقتضي نقضه للوضوء سواء أُكل نيئا أو مطبوخا, 


وكونه يقتضي وجوب الوضوء سواء كان نيئا أو مطبوخا يمنع من كون وجوب الوضوء منسوخا, والمعنى الذي أوجب الوضوء منه نيئا يدل على أن العلة ليست هي مس النار. 

وهل العلة تعبدية أو معقولة المعنى؟ قولان...


وعليه فلا يَرِد القول بالنسخ؛ استدلالا بقول جابر رضي الله عنه: " «كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار» " رواه أبو داود وغيره.

ولأنه ليس من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم, وإنما يحكي جابر ما رآه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في واقعة معينة, لا في عموم أحواله صلى الله عليه وسلم, ومحلها لحم الغنم, قال النووي: (رواه أبو داود وغيره عن جابر قال (ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى امرأة من الأنصار فقربت شاة مصلية, (أي مشوية) فأكل وأكلنا فحانت الظهر فتوضأ ثم صلى ثم رجع إلى فضل طعامه فأكل ثم حانت صلاة العصر فصلى ولم يتوضأ) قالوا فقوله آخر الأمرين يريد هذه القضية وأن الصلاة الثانية هي آخر الأمرين يعني آخر الأمرين من الصلاتين لا مطلقا: وممن قال هذا التأويل أبو داود السجستاني) المجموع شرح المهذب (2/ 58)


 ومن نقل عن الصحابة أنهم لم يكونوا يتوضؤون من لحوم الإبل فقد غلط عليهم وخلط بين مسألة نقض الوضوء من أكل لحم الإبل ومسألة عدم الوضوء مما مست النار.


إلا أن #الجمهور حملوا التفريق بين لحم الغنم ولحم الإبل على وجود دسومة في لحم الإبل دون لحم الغنم, فناسب ذلك أن يتوضأ من لحم الإبل إما على جهة الاستحباب أو على جهة حمل الوضوء على غسل اليدين والفم...


ويجاب عن ذلك بأن وجود الدسم ليس موجبا للوضوء في الشريعة؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنا فمضمض وقال: إن له دسما» ", 

وكون الإبل فيها زيادة دسومة لا يلزم ذلك اختصاصها بنقض الوضوء.


سؤال: من قال من الأئمة بنقض الوضوء من أكل لحم الإبل؟


القول بنقض الوضوء من لحم الإبل: حكاه الماوردي عن جماعة من الصحابة: زيد بن ثابت وابن عمر وأبي موسى وأبي طلحة وأبي هريرة وعائشة, وحكاه ابن المنذر عن جابر بن سمرة الصحابي ومحمد بن إسحاق وأبي ثور وأبي خيثمة واختاره أبو بكر بن خزيمة وابن المنذر 

وهو: مذهب الشافعي في القديم رجحه البيهقي والنووي, وهو مذهب أحمد, خلافا للجمهور [انظر: المجموع شرح المهذب (2/ 57)]


كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الاثنين، 17 مارس 2025

مسألة عدم نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل كذا إذا وجد السبب وانتفى المانع

 مسألة عدم نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل كذا إذا وجد السبب وانتفى المانع 


لها صورتان:

الأولى: أن يدل على ثبوت الفعل دليل عام أو خاص

الثانية: ألا يدل على ثبوت الفعل دليل عام ولا خاص 


فإن لم يدل على ثبوت الفعل دليل أصلا كان عدم النقل الذي توفر داعيه ولا مانع دليلا على عدم وقوع الفعل منه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تكفل بحفظ دينه، فلو كان قد فعل لنقل... 

كالاستغاثة بالقبور أو زيادة صلاة سادسة


وأما إذا دل دليل خاص على ثبوت الفعل كمداومته على فعل ما في كل أحواله في الحضر كراتبة العشاء 

فلا نحتاج في ثبوت مشروعية الفعل إلى نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله؛ لثبوت مشروعيته بدليل، فلا يكون عدم نقل فعله من السنة التركية، ولأن عدم نقله لا يدل على عدم الوقوع...


تبقى مسألة حيرت العقول وهي إذا دل دليل عام على ثبوت الفعل فهل عدم نقل الفعل إذا وجد الداعي ولا مانع يدل على المنع؟ وهل ينزل منزلة عدم وجود دليل؟


الذي ذهب إليه ابن العربي المالكي أنه عدم دليل معين وينظر في الأدلة الأخرى حيث قال:(...وتحقيقه أنه عدم دليل لا وجود دليل. فإن قيل: لو أخذها- أي زكاة الخضروات- لنقل. قلنا: وأي حاجة إلى نقله والقرآن يكفي فيه)

فابن العربي تمسك بالدليل العام ولم يجعل عدم النقل دليلا على عدم وجود دليل. 


وذهب ابن القيم إلى أنه ينزل منزلة نقل الترك لكن في سياق كلامه على الابتداع في الدين، فلاحظ في إنزاله عدم النقل منزلة العلم بالترك: سد باب البدعة.. 


ولم يقصد المنع من إجراء العموم القولي على عمومه على كل حال، وإنما اعتبر في الأخذ بعدم النقل إلى قوة القرينة، فمتى قويت القرينة على رفع عدم النقل إلى العلم بالترك، كان ذلك مانعا من العمل بموجب الدليل العام...


وتقوى القرينة في الأمور التشريعية التعبدية التي لا يعقل معناها... فمن قصد تخصيص العام لغير معنى مناسب من غير أن يمنع منه دليل خاص أو الزيادة والنقصان على صفة المشروع استنادا على عموم...فهنا فتح باب البدعة على مصراعيه... ومن جاء إلى عبادة مخصوصة بصفتها وهيئتها وعددها فزاد عليها أمرا استنادا على عموم فقد وقع في الابتداع


وكذلك تقوى القرينة في الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها، والتي تعم بها البلوى... فعدم النقل فيها دليل على قصد الترك.... وإن كانت تناولها الإطلاق أو كانت إحدى جزئيات العام... 


فمثلا الأذان في العيدين هو زيادة على الصفة المشروعة في العيدين، وتحتاج الأمة إلى معرفتها، فلو كان من الدين لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بيانا عاما ولنقل إلينا...


وكذلك الاجتماع على الذكر بصوت واحد فهذه الهيئة وإن تناولتها إطلاق النصوص الآمرة بالذكر إلا أن عدم النقل يدل على المنع؛ لأن الأمة محتاجة إلى بيان هذه الهيئة فعدم بيانها مع الحاجة إليها وتوفر الهمم على نقلها لو فعلت دليل على أنها ليست مقصودة للشارع وأن فعلها بدعة. 


ومتى لم تقو القرينة لم يكن عدم النقل مانعا من العمل بموجب الدليل العام... 


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

الجمعة، 14 مارس 2025

هل عدم النقل يدل على عدم الوقوع مطلقا؟

 يستشكل بعض الإخوة

فيقول مادام أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنهم صلوها مع توفر الداعي على النقل لو وجد فهذا يدل على عدم مشروعية #راتبة_العشاء قبل صلاة التراويح

وجوابي:

حتى أوضح لك الصورة وأزيل عنك الإشكال خذ هذا المثال:

لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنهم كانوا يصلون سنة الفجر في السفينة فهل يدل ذلك على عدم مشروعية صلاتها في السفينة؟!!! وهل عدم النقل يدل على أن مشروعية صلاة سنة الفجر مقيد بألا يكون في السفينة؟!!!!!

الجواب لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان لا يترك سنة الفجر في سفر ولا حضر كان هذا دليلا خاصا على مشروعية الفعل
وخصوص المكان لا أثر له؛ لأنه ليس مقصودا لذاته ولا اعتقد فيه الفاعل فضلا خاصا
فلم نحتج بعد ذلك في بيان مشروعية صلاتها في السفينة إلى نقل؛ لعدم توقف مشروعيتها على نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة صلوها في السفينة .......
وعدم النقل هنا لا يدل على عدم الوقوع فضلا عن أن يدل على كراهة الفعل؛ لأنه عندنا دليل خاص نستصحبه....

فلا يأتي أحد ويقول: لا تشرع وتكره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو فعلها لنقلت عنه، وأن صلاتها لم تكن معهودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة...!!!!

(هذا مش فاهم متى نحتج بعدم النقل؟ ولا يمكن أن يكون فقيها يحسن الاستدلال)

لماذا لا يصح الاستدلال بعدم النقل على عدم الحكم؟

لأن الحكم لا يتوقف على وجود النقل، فالعلم بمشروعية صلاة راتبة العشاء لا يتوقف على العلم بالنقل؛ لورود دليل خاص على مشروعيتها، وكون التراويح بعدها ليس رافعا لدلالة الدليل على مشروعيتها.....
فالمدلول هنا وجوده ليس مستلزما لوجود دليله، بحيث يكون انتفاء دليله دليلا على انتفاء وجوده..( انتبه لهذا حتى تفهم متى يكون عدم النقل دليلا على عدم المشروعية)

متى يكون عدم النقل دليل على عدم الوقوع؟

إذا كان علمنا بالوقوع يتوقف على علمنا بالنقل...بحيث لم يدل على مشروعية الفعل دليل شرعي خاص...

بمعنى صلاة راتبة العشاء قبل التراويح وصلاة سنة الفجر في السفينة لا يتوقف مشروعيتها على أن ينقل فعلهما عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لوجود دليل على مشروعية الفعل وقرينة المداومة
فيكفي استصحاب ذلك...

ولأنه يمكن أن يكون قد صلاها ونحن لم نعلم،
ومتى أمكن العلم بوجود الصلاة وأمكن ألا نعلم نحن دليل ثبوتها
لم يكن عدم علمنا بالنقل دليلا على عدم المشروعية

ثم إن الذين يقولون بأنه لم تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة
صوروا للناس أن صلاة قيام الليل عند السلف في رمضان كصلاتنا نحن، عندما نصليها بعد العشاء مباشرة...!!!!
بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى العشاء دخل إلى بيته حتى في رمضان وفي الليالي المعدودة التي صلاها بالناس
فلم ينقلوا عنه صلاة الراتبة لأنه خرج إليهم بعد أن كان في بيته.... فعدم النقل كان لمانع...
وكذلك الصحابة فالظاهر من صنيعهم أنهم لم يكونوا يصلونها بعد العشاء مباشرة كما نفعل اليوم...

وقد أحسن أحد المشايخ لما استدل على وجود فاصل بين العشاء وصلاة القيام
برواية في الموطأ أنهم كانوا يستعجلون الخدم بالسحور خشية طلوع الفجر من القيام...

بقي أن يقال: ألا يشكل هذا في باب البدع الإضافية كالذكر المقيد بين ركعات التراويح؟

قيل: لا يشكل؛ لأن الذين قالوا بجوازها ليس لهم دليل خاص على مشروعية الفعل، فالنص الشرعي إنما دل على الذكر من حيث هو ذكر وبأي هيئة كانت
فمن قصد تخصيص الذكر بهيئة معينة، أو اعتقد فضل هذه الهيئة بخصوصها
فهنا قد خرج من إطلاق النص إلى تقييده، وزاد قدرا لم يدل عليه إطلاق النص الشرعي.... فيكون قد وقع في الابتداع
وصح الاستدلال على عدم المشروعية. بعدم النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ...

كتب  د. أحمد محمد الصادق النجار 

الأربعاء، 12 مارس 2025

#راتبة_العشاء_قبل_التراويح

#راتبة_العشاء_قبل_التراويح ... #المالكية_الجدد الذين لا خبرة لهم بالمذهب..

يستدل أحدهم على عدم صلاة راتبة العشاء قبل صلاة التراويح بأنه لم يثبت دليل جزئي خاص أن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة كانوا يصلونها, وأن من ذهب إلى مشروعيتها استدل بدليل عام, والخاص يقضى على العام.!!!!

تعجب والله أمثل هذا ينعت بأنه فقيه؟!!, بل ويصدر على أنه فقيه مالكي!!!!

كما يلاحظ القارئ الكريم أنه جعل المسألة من باب العموم والخصوص, وجعل عدم ورود دليل خاص على الفعل قاضيا على عموم أحاديث الرواتب!!!,
فأنزل عدم ورود دليل خاص منزلة وجود استثناء صورة من لفظ عام!!!! .... ومن المعلوم أن تخصيص العموم يكون بالمنافي الوجودي...
بمعنى لو ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم لفظ فيه استثناء صلاة راتبة العشاء قبل صلاة التراويح من العموم، أو فعل...
لصح تجوزا أن يقال: الخاص يقضي على العام, لكنه لم يرد في ذلك شيء فيبقى العموم على عمومه... والعموم عمومه استغراقي....

وهنا نسأل
هل عدم ورد دليل جزئي خاص أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصليها = يكفي للقول بعدم مشروعيتها؟

والجواب الذي يجيب به الفقيه: لا؛ لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بعد العشاء ركعتين غير قيام الليل ولم يكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم أن يتركهما في الحضر, بل لما فاتته الركعتان بعد الظهر قضاهما بعد العصر, ومداومته عليهما يكفي في إثبات أنه كان يصليهما صلى الله عليه وسلم قبل صلاة التراويح...وكذا الصحابة, 
وخرج مسلم من حديث عبد الله بن شقيق، عن عائشة، أن النبي، كان يصلي في بيتها بعد العشاء ركعتين، وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر.

فمشروعيتهما قبل صلاة التراويح قائمة على الاستصحاب؛ حتى يأتي ناقل, ولا ناقل...
وقد ثبت في صحيح مسلم (1/ 502)  قالت أم حبيبة،: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة، بني له بهن بيت في الجنة»
قالت أم حبيبة: فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقال عنبسة: «فما تركتهن منذ سمعتهن من أم حبيبة»، وقال عمرو بن أوس: «ما تركتهن منذ سمعتهن من عنبسة» وقال النعمان بن سالم: «ما تركتهن منذ سمعتهن من عمرو بن أوس»
فكانوا يداومنون عليها....

وأما #المالكية فلم يمنعوا من صلاة ركعتين بعد صلاة العشاء, ولا استدلوا بقضاء الخاص على العام؛ لعدم الورود  كما زعم...
وإنما يرون أنه يستغنى عنها بالشفع عند من يرى أن الشفع ليس للصحة؛ بناء على أنه ليس للنفل التابع للفرائض نية تعيين إلا سنة الفجر,
ويرده أن النبي صلى الله عليه وسلم غاير بين النفل بعد العشاء وقيام الليل, فقد كان يخص العشاء بركعتين ثم يصلي قيام اليل ويوتر...

والذي غفل عنه الفقيه !!! أن الذي يصح أن يستدل على عدم مشروعيته بعدم ورود دليل خاص هو #التسبيح_بين_ركعات_التراويح؛ لأن إطلاق الذكر الوارد في النصوص الشرعية لا يدل على مشروعية الفعل المقيد بخصوصه, فجاء الابتداع من جهة قصد التخصيص أو اعتقاد الفضل والاستحباب للهيئة المخصوصة... كما بينت ذلك في منشورات مستقلة...

تنبيه
كلامي هنا عن الاستدلال، لا عن مسالة راتبة العشاء
فالخلاف فيها معتبر، وينبغي للإمام أن يترك وقتا لصلاتها ولو كان على مذهب المالكية..

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار
http://abuasmaa12.blogspot.com/2025/03/blog-post_12.html


السبت، 8 مارس 2025

التفريق بين أفعال أفراد الطائفة الواحدة الموافقة للشرع واعتقادها المنحرف

 بعضهم لم يستطع أن يتصور التفريق بين أفعال أفراد الطائفة الواحدة الموافقة للشرع واعتقادها المنحرف.........

ولا عجب ألا يتصور ذلك من ينطلق من زاوية نظر واحدة, ويبني أحكامه على ردة الفعل... لا التحقيق العلمي وبُعْد نظر أهل السنة والجماعة... 


فلو فرضنا أن رجلا منحرفا يقول بخلق القرآن, قام بإنقاذ غريق, 

فهنا يمدح الفعل؛ لكونه موافقا للشرع, ويثنى على فاعله من هذه الجهة، وليس مدحه؛ لأجل انحرافه, وإنما يبقى منحرفا يحذر منه 

فاستطعنا أن نفرق بين انحرافه ومدح الفعل؛ لكن من جهتين... 


ولو فرضنا أن مجموعة من الرجال اجتمعوا على فكرة منحرفة ولهم شق سياسي وشق عسكري, فقام الشق العسكري بإنقاذ الغرقى, 

فذمنا لهم؛ لانحرافهم لا يعني ذمنا للفعل الموافق للشرع من الشق العسكري, بل نمدح الفعل ونثنى عليهم من هذه الجهة، كما أثنى العلماء على من فتح الأراضي وأدخل أهلها تحت دولة الإسلام وهو يعتقد معتقدات فاسدة....


فهنا استطعنا أن نفرق بين أفراد المجموعة لا من جهة أصل فكرهم وإنما من جهة ما اختص به بعض أفراد المجموعة من عمل صالح, فمدح فعلهم لأجل كونه صالحا ...فهو مدح مقيد... وليس الباعث على مدح الفعل جهة انحرافهم...وهذا كله على التسليم بوقوع العمل الصالح منهم 


وقد تكون القيادة منحرفة لكن لا يلزم أن كل من شاركهم في الفعل على نفس اعتقاد القيادة... 


ومن هنا نفهم أصل أهل السنة...

فأهل السنة لما تكلموا في الجها د مع ولي الأمر الفاجر, نجد أنهم يفرقون بين جهة انحرافه بالفسق سواء كان فسقا عمليا أو فسقا اعتقاديا, وبين جهة الجهاد معه ومع جنوده إذا كان الجهاد شرعيا توفرت فيه شروطه المعتبرة شرعا, فيمدح جها دهم ولو كانوا منحرفين........ 


فأهل السنة لم يمنعهم النظر إلى جهة انحرافه من إيجاب الجهاد معه؛ لكون الجها د مشروعا بقيده...ومدح الحاكم على جهاده لا يعني مدحه على فسقه... 


طيب

إذا نُسب الحاكم إلى فرقة مبتدعة, كنسبة الواثق إلى المعتزلة أو الجهمية

فهنا نظر الأئمة إلى المسألة من جهات متعددة: 


1-من جهة الفرقة: حذروا منها وبينوا ضلالها, ولم يمنعهم كون الحاكم منها من الكلام فيها والتحذير منها؛ تغليبا لجانب حفظ الدين 


2-من جهة منصب الإمامة: لم يحرضوا على الحاكم المعتزلي ولا أنكروا عليه علنا حال غيبته بذكر اسمه, ولم ينزعوا يدا من طاعة في المعروف؛ تغليبا لجانب درء مفسدة الفتنة العامة 


3-من جهة الفعل الموافق للشرع كالجهاد والحج: مدحوه عليه وأثنوا على جها ده وفتحه الأمصار وأمروا بالجهاد معه والحج؛ لأن في ذلك حفظا للدين وتحقيقا للمصالح الراجحة. 


والغريب أن الخوارج لم ينظروا إلى المسألة إلا من جهة واحدة, فلم يفرقوا بين جهة فجور الحاكم وجهة الجهاد معه, وبالتالي لم يتصوروا كيف يمدح على فعله الموافق للشرع وكونه منحرفا بفجوره؟.

كما لم يتصورا الجمع بين إثبات أصل الولاية له وبين فجوره وفسقه... 


كتب د. أحمد محمد الصادق النجار

الجمعة، 28 فبراير 2025

شبهة يكثر تردادها: دور الإفتاء في البلدان الإسلامية ولاة أمر فكيف تنكرون عليهم علنا إذا أخطئوا في أمر مجمع عليه؟

 



[محل المسألة إذا خالفت دور الإفتاء أصلا من أصول أهل السنة كتعطيل الصفات أو إذا أخذت بقول شاذ كالاعتماد على الحساب الفلكي في دخول شهر رمضان أو خروجه] 


[ خلاصة المسألة يجوز الإنكار علنا وباسمهم وليسوا هم في حكم ولاة الأمر المسلمين من كل وجه] 


وتفصيل ذلك:

مفاد الشبهة هو المنع من إنكار ما ألصق في دين الله -وليس منه-علنا وباسمها

والمقدمة التي انطلق منها المانعون أن دور الإفتاء لهم حكم ولاة الأمر؛ بشبهة أنه أنابهم عنه في الفتوى وما يتعلق بالدين

فمن يمنع الإنكار العلني على ولاة الأمر لزمه أن يمنع الإنكار العلني على دور الإفتاء

وأما من لم يمنع ويُجَوّز الإنكار العلني فليس له أن يتكلم في هذه المسألة؛ لعدم ثبوت الأصل عندهم ...


محل البحث ابتداء في المقدمة التي انطلقوا منها، ثم بعد ذلك ينظر في الإنكار العلني على دور الإفتاء 

هل يترتب عليه من المفاسد ما يترتب على الإنكار العلني على الحاكم المسلم أو لا؟. 


المقدمة هل دور الإفتاء في حكم ولاة الأمر في مسألة عدم جواز الإنكار العلني؛ لأن الحاكم أنابهم عنه؟ 


والجواب: لا يوجد تلازم فيبطل الاستدلال... 


بمعنى: كون الحاكم أنابهم عنه في الفتوى لا يعني ذلك أن أحكام ولاة الأمر تنطبق عليهم من كل وجه، ولا انهم أصبحوا في مكانته بحيث تكون المفاسد المترتبة واحدة.....

إذن لا تلازم بين الأمرين.. ومن المعلوم أن المنع من الإنكار علنا حال الغيبة معلل وليس تعبديا محضا... 

ووجود العلة المعقولة في دور الإفتاء منتفية أو مرجوحة إذا سلمنا بوجودها

..

ثم إن إنابته لهم لا يعطيهم الحرية في أن يتكلموا في دين الله كما يشاؤون، وإنما هي مقيدة بأن يكون كلامهم وإفتاؤهم وفق أصول الشريعة وقواعدها، وألا يخالفوا أصول أهل السنة...

فمن خالف منهم أصلا من أصول أهل السنة فإن إنابة الحاكم له لا يسوغ مخالفته ولا يمنع من الإنكار عليه؛حفظا لشريعة الله من أن يدخل فيها ما ليس منها

ولذا أنكر أئمة أهل الحديث كأحمد وغيره على القضاة الذين عينهم المأمون والواثق، وسموهم بأسمائهم... 


يبقى سؤال: عدم تسويغ مخالفتهم هل يْجَوز الإنكار عليهم علنا؟ 


والجواب: ينظر في ذلك للمصالح والمفاسد، فمتى ما كانت المخالفة علنا فإنه يسوغ إنكارها علنا، ولا يجب....... 


فإن قلت: لماذا لا يقال هذا في الحاكم؟ 


قيل: المنع من الإنكار العلني حال الغيبة على الحاكم هو بالنظر إلى قوة التلازم بين الإنكار والفوضى والفتنة العامتين، فكان نظر السلف في المنع من الإنكار هو كونه يفضي إلى الفتنة العامة والخروج...

وهذا الإفضاء غير وراد في الإنكار العلني على دور الإفتاء والوزارات؛ لأنه بإمكان الحاكم أن يعفيهم من مناصبهم لو تطور الأمر...ومن التوجيه الذي ذكره العلماء لجواز إنكار المنكر علنا على الحاكم إذا كان في حضرته ووبين يديه أنه يمكنه أن يدافع عن نفسه ويبين مستنده أو يتوب ... 


ولو نظرنا إلى فقه السلف وجدنا أنهم يغايرون في الحكم بين الخليفة وأمراء المناطق وبين من دونهم، وكثير مما ورد عنهم في نهيهم عن الإنكار العلني حال غيبتهم هو في الأمراء... 


فالمحذور الذي نخشى منه في الإنكار العلني على الحاكم حال غيبته منتف في الإنكار العلني على دور الإفتاء والوزارات....

وكونه منتفيا لا يعني ذلك جواز الإنكار مطلقا، وإنما هو مقيد بالمصالح والمفاسد... 


وكتبه د. أحمد محمد الصادق النجار

الأربعاء، 26 فبراير 2025

💥 #الفكر_الصحوي المسمى ب #السروري


قبل كل شيء يجب أن تعلم أن التأثر بهذا الفكر والانغماس فيه قد يخفى على المتلبس به؛ لأن منظري هذا الفكر وأصحابه اعتنوا بالفكر ونشره أكثر من عنايتهم بالتنظيم... وعند بعضهم تقية فلا يظهر الوجه القطبي إلا إذا شعر بالقوة وأمن العقوبة...

ويجمعهم تعظيم #سفر_الحوالي والثناء على #سيد_قطب أو محاولة الاعتذار له، أو الظهور بثوب الإنصاف= له ما له وعليه ما عليه، مع الحث على قراءة كتبه والإفادة منها...

وأذكر أنه في فترة من الفترات انصب الجدل حول وجود جماعة اسمها السرورية أو لا؟(على التسمية)
مع اتفاق الجميع أن #مشايخ_الصحوة كسفر وسلمان وناصر والعمر وعبد الرحمن المحمود ثم العريفي والطريفي ووو
قد سلكوا طريقا غير الطريق الذي سلكه المشايخ الكبار....

المهم
💥كيف تعرف أن فلانا من أصحاب هذا الفكر أو هو على أقل تقدير متأثر به؟

◼️
١-تضخيم التفسير السياسي والذي بني على أن الحاكمية والموقف من الحكام المسلمين ونفي شرعية ولايتهم مطلقا والتحريض عليهم = هو أعلى الغايات وأولى الأولويات وسبيل الإصلاح ودليل العلم بفقه الواقع وتنزيل النصوص في محالها
وأن السلفية التقليدية -على تعبير البعض- جامدة في نظرتها للسياسة والحكم والولاء والبراء
بخلاف الفكر الحركي الذي فيه الخروج عن تقريرات الماضي وجفاف كتب السلف إلى معالجة الحاضر وحركية العقيدة وإنزالها في الواقع
فالالتفات إلى شرك القصور ومعالجته بالتحريض والتثوير هو سبيل إيقاظ الشعوب
وليس هناك إشكالية في سفك الدماء وعدم استقرار الدول؛ لأنه تبعي ولابد منه ليقظة الشعوب وإرجاع الخلافة، ولذا ناصروا الثورات بكل ما أوتوا من قوة....

◼️
٢-يرون أن عدم الاعتناء بالحاكمية بالمفهوم الحركي وعدم التفرغ لمنكرات الدول= ركون للظلمة وعدم إدراك للواقع الفاسد على حد تعبيرهم...
◼️
٣- الفكر الصحوي هو صاحب مصطلح غلاة الطاعة، فمن لم يتعامل مع الحكام على طريقهم يتهمونه بكونه من غلاة الطاعة...
◼️
٤-يرون أن وقوف العلماء وطلبة العلم ضد الفكر الحركي هو وقوف ضد الإصلاح وهو عندهم يصب في خدمة الحكام وتمكين للاستبداد...
ويكثرون من لمزهم بالجامية والمرجئة وعلماء السلطان....
◼️
٥-عداؤهم للنظام السعودي بشكل واضح ومحل ولاء وبراء
ومن لم يكفره منهم يرى أنه أقرب للكفر منه للإسلام بينما تجد تسامحا مع نظام آخر علماني...فترى ازدواجية في المعايير 
فمن جهة يشنعون على الحكام  وينكرون عليهم علنا ولا يرون شرعيتها ويتهمون علماء الدعوة السلفية بالعمالة و و و،
بينما يبررون ويسكتون على بعض الأنظمة والحكام الذين آووهم أو كان في الأصل إخوانيا ولو وقع فيما ينكرونه على الأنظمة الأخرى.
◼️
٦- من لم يوجب منهم الخروج على أنظمة الحكم في الدول المسلمة فإنه يسوغه
ويرى أن الخلاف في الخروج وعدمه سائغ ومنوط بالمصلحة التي هي غير منضبطة،
ونلزمه أن يسوغ لكل من خرج بدعوى أن المصلحة راجحة في خروجه....
◼️
٧-الدعوة إلى المظاهرات لإنكار المنكرات وتأييدها كما حصل في الجزائر، فإذا ما حصلت مفسدة سرعان ما يتنكرون لها..
◼️
٨-تصويرهم أن وقوف المشايخ السلفيين ضد كل من يريد أن يحدث فتنة عامة في الأمة بالتثوير على الحاكم، وضد كل من لا يراعي المآلات في أفعاله
وتصويرهم أن بيان انحراف هذه الجماعات من جهة تحريفهم النصوص الشرعية وفهمهم للدين فهما خاطئا، ومن جهة مآلات تسرعهم وأفعالهم...
هو مخطط استخباراتي ...
وكأن المشايخ لا ينطلقون من النصوص الشرعية ولا ينطلقون من دفع المفسدة العظمى باحتمال الصغرى.. ويغلبون في النظر إلى الواقع فقه الممكن والنظر إلى المآلات
◼️
٩- يدعون أن متابعتهم للواقع هي التي حملتهم على تمييز منكرات الحكام وإدراك خطورتها وإنكارها علنا أولوية في إصلاح الأمة ولو كان طريق ذلك التثوير والتحريض...
والميزة العلمة لمن يحمل هذا القكر أو تأثر به أنهم يحملون النصوص الآمرة بالصبر على جور الحكام المسلمين على حكام السلف وأنها لا تنطبق على حكام زماننا
ولو من جهة درء الفتنة الكبرى وحفظ مصالح الأمة الضرورية
وتراهم يقفون مع الجماعات الجهادية ضد الدول المسلمة..والصالح فيهم ينكر على الجماعات الجهادية استعجال الثمرة واستعمال العنف في غير وقته لا في أصل الفكرة وموضوع الحاكمية...
◼️
١٠- يتهمون العلماء كابن باز والعثيمين أنهم قصروا في باب السياسة وأنهم أضفوا على الحكام الشرعية وخدروا الشعوب وبرروا للحكام وأن عندهم إرجاء
ويتهمونهم بأن رؤيتهم الإصلاحية التي تبدأ من التصفية والتربية والاعتناء بالشعوب قاصرة وطريق طويل محفوف بالمخاطر ...
بينما يعظمون المتشددين والذين عندهم انحراف في مفهوم كلمة التوحيد كسيد قطب...

◼️
فهذه عشرة كاملة

💥تنبيه
أنا أنطلق من لزوم جماعة المسلمين وحاكمهم ؛ طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم
وعند عدم وجودها -وهي موجودة بالنظرة السلفية ولله الحمد_
فنحن مأمورون باعتزال الفرق كلها لا مناصرتها على باطلها وانحرافها؛  كما قال النيي صلى اله عليه وسلم:( اعتزل تلك الفرق كلها)
وليس المقصود التبرير أو مناصرة الحكومات على باطل، وإنما المقصود التزام ما يأمر به الشرع في التعامل مع الحكومات ..
والطاعة عندنا مقيدة لا مطلقة....فموقفنا شرعي ابتداء وانتهاء

💥وقد اغتر بعض الشباب بالفكر الصحوي؛ لأنه لا يتنصل من الدعوة السلفية في كثير من أبواب العقيدة، ويعتني بملفات الإلحاد والعلمانية والتغريب والمرأة...
إلا أن هؤلاء الشباب لم يتنبهوا لموطن الخلل في الجانب العقدي المتعلق بباب السياسة والحاكمية، وقد تم استغلال جراحات الأمة وعاطفية الناس؛ لتثويرهم ...كما قد عزلوهم عن مجتماعهم؛ ليصبحوا لقمة سائغة للدواعش وأضرابهم...

فالحذر الحذر....اللهم قد بلغت...

كتب د. أحمد محمد الصادق النجار 

الاثنين، 24 فبراير 2025

هل تشريع القوانين كفر بذاته؟

 يسأل بعض الإخوة: هل تقصد أن مجرد التشريع كفرٌ  أكبر من غير قيد أو شرط أو قرينة ؟ 


للإجابة عن هذا السؤال لابد أن ندرك أن هناك مسلكين: مسلك سني ومسلك غير سني

المسلك السنى في هذه المسألة على اتجاهين:

الأول: أن مجرد التشريع الذي لا يصاحبه اغتقاد فاسد أو امتناع ليس كفرا أكبر

وهذا ما ذهب إليه الشيخ الألباني وغيره 

وهو امتداد للإطلاق في قول ابن عباس فيمن لم يحكم بما أنزل الله: إنه كفر دون كفر

فدخلت فيه كل صورة لتحكيم غير الشريعة سواء كانت في أفراد أو في تشريع ما لم يصحبه اعتقاد فاسد، أو امتناع ... 


الثاني: أن التشريع كفر أكبر لكونه قرينة على الاستحلال، ولم يجعلوه من جنس مسألة سب الله كما فعل غيرهم

ففعل التشريع عند بعض أهل السنة كفر باعتبار كونه مظنة للمناط الحقيقي؛ للتلازم بين الظاهر والباطن، فحكموا على الفعل بالكفر الأكبر؛ لكونه يستلزم مناط الاستحلال العقدي أو الامتناع، فأنزلوا المظنة منزلة المئنة.

فهو في الحقيقة استدلال بفساد الظاهر على فساد الباطن، ولم يجعلوا ذات التشريع كفرا أكبر من جنس السب والاستهزاء الذي يدل بالضرورة على كفر الباطن، بحيث يوجد المعنى الكفري في كل صورة من صور السب.

فالتشريع وإن كان مناطا معتبرا في كفر النوع إلا أنه يجب ملاحظة المعنى الذي لأجله كان التشريع كفرا وهو الاستحلال أو الامتناع 


ومادام أن التشريع قرينة اشترط فيه ملاحظة المعنى الذي لأجله كان التشريع كفرا

وكذا اشترطوا في تنزيله على أعيان الحكام إقامة الحجة والتحقق من الشروط والموانع

فالحاكم قد يظنه من باب المصلحة المرسلة أو يوجد من علماء السوء من يسوغ له ذلك

ولهذا قال الشيخ العثيمين كما في الباب المفتوح، سؤال 1222): «فهؤلاء الذين تشيرُ إليهم، من حكامِ العربِ والمسلمينَ، قد يكونونَ معذورينَ لم تتبيّن لهم الحجة، أو بُيّنت لهم وجاءهم مَنْ يُلبّس عليهم ويُشبّه عليهم، فلا بدّ من التأني ».

وقال: «وأمّا إذا كان يشرّع (حكماً عامّاً ) تمشي عليه الأمّةُ يرى أنّ ذلك من المصلحة، وقد لبّس عليه فيه (فلا يكفر) أيضاً...»

فهو مع جعله التشريع كفرا أكبر إلا أنه يلاحظ القرينة ويعتبرها في الحكم على المعين ولذا لم ينزل الحكم على المعين إلا بعد التحقق منها وجودا وعدما...

فليس بمجرد وقوع الحاكم في التشريع يجعله كافرا أو يعتبر أن الأصل فيهم الكفر 


وهذا التقرير من الشيخ العثيمين لم يعجب من يسمون زورا بالسلفية الجهادية ولم يعجب أيضا الفكر الصحوي المسمى بالسروري 

فانتصب أبو بصير الطرسوسي للرد على الشيخ العثيمين 

فجعل مجرد التشريع كفرا أكبر من غير ملاحظة قرينة الاستحلال وهو عندهم من جنس مسألة سب الله والاستهزاء

فالمشرع يكفر مطلقا وهو طاغوت وأنه لا ينبغي للمسلم أن يتردد في تكفيره

ورأى أن اعتبار الشروط والموانع في تكفير المشرع خطأ عظيم؛ لأنها شروط تعحيزية عنده..

وقال منظر ما يسمى زورا بالسلفية الجهادية أبو محمد المقدسي:(وكذا المشرّع مع الله أو المتبع والمبتغي غير الله حكماً ومشرعاً ومعبوداً قد شرح بالكفر صدره بجعل نفسه طاغوتاً معبوداً في ذلك أو باتباعه للطاغوت والتزامه وتحاكمه لشرعه، ولا نقول ننظر أستحل التشريع مع الله واعتقده أم لم يعتقده.. )

وقال المقدسي:(ثم اعلم أن التشريع والاستبدال كفر مجرد لا يقال فيه؛ هل استحل أو اعتقد أو جحد؟) 


ورمى مشايخ أهل السنة الذين نظروا للاستحلال بالإرجاء 


وكذلك الفكر الصحوي يرى أن مجرد التشريع كفر أكبر من غير ملاحظة قرينة الاستحلال؛ لأن التشريع ينافي الانقياد والالتزام بالشريعة ويرتفع به عقد الإسلام

قال سفر الحوالي:(والقصد أن هؤلاء الذين يقيمون هذه الأحكام في بلاد المسلمين ويتبعون هذه الشرائع ويلزمون المسلمين بها، خارجون عن الملة، ومهما انتسبوا إلى الإسلام فلا حقيقة لهذا الانتساب، وهذه الأنظمة غير شرعية إطلاقاً -الشرعية بالمعنى الإسلامي لا الشرعية الدولية والشرعية القانونية- فنحن لا نعترف بشرع غير شرع الله، فإذا قلنا: هذه الشرعية، فمعنى ذلك أن الله تعالى أذن بها وشرعها وأنزلها، أما غير ذلك فغير شرعي، وهذا الذي يجب أن يعتقده كل مسلم) 


ويظهر الفرق بين مذهب من يكفر بالتشريع لكونه يدل على الاستحلال وبين مذهب من يجعل مجرد التشريع كفرا من غير ملاحظة القرينة 

في صورة من استبدل الشريعة وهو يعتقد حرمة فعله ولا يرى منازعة الله في حقه,

فمن كفر بذات التشريع كفره عينا إذا لم يكن مكرها, ومن كفر بالتشريع لكونه يستلزم الاستحلال أو الامتناع لم يكفره عينا. 


كتب

د. أحمد محمد الصادق النجار