نعيش اليوم أزمةً كبرى، تتمثل في التشكيك في أصول أهل السنة والجماعة تحت شعار التحرر والمراجعة.
فترى بعضهم يُعيب على من يجعل مسائل الاجتهاد في مرتبة القطعيات، وهذا في أصله صحيح، غير أنهم تجاوزوا الحد فجعلوا القطعي ظنيًا، والأصل فرعًا! وبذلك انحرفوا عن منهج أهل السنة في الاستدلال وضبط الأصول والفروع.
والأمر بالأصل عند أهل السنة أمر بثلاثة أمور:
• الأمر بماهية ذلك الأصل.
• الأمر بما تضمنه.
• الأمر باللازم الذي لا ينفك عنه.
فالأمر بما تضمنه الأصل وباللازم عنه هو من ضرورة الأمر بالأصل، ولا نحتاج إلى تنصيص خاص في كل جزئية من لوازم الأصل، إذ إن دليل الأصل نفسه يتضمنها.
وهذا لا يفقهه من لم يستوعب المنظومة الاستدلالية لأهل الحديث.
فيا أسفي .... !!!!
ومن هنا يتبين أن النهي عن منازعة الولاة في ولايتهم:
• يشمل ماهية المنازعة ذاتها.
• ويشمل ما تتضمنته ولوازمها التي لا تنفك
• وبهذا نفهم لماذا ربط السلف الإنكار العلني حال غيبة الحاكم بالخروج والمنازعة في الولاية؟.
فالإنكار العلني حال الغيبة -فضلا عن تسويغ الخروج- هو من لوازم النهي عن المنازعة؛ ولا يُشترط نص مستقل يُصرّح به، إذ هو من مقتضيات الأصل.
• فأهل السنة يلتزمون بالأصول وما تقتضيه من لوازم لا تنفك.
ولهذا نجد أن أهل السنة والجماعة حين تكلموا عن أصولهم في أبواب الصفات أو الإيمان أو القدر، لم يقتصروا على الأصول المنصوصة صراحةً فحسب، بل أدخلوا فيها أيضًا اللوازم التي لا تنفك عنها.
فليس كل ما أورده أهل السنة من الأصول الفارقة
قد نص عليه السلف أو جعلوه أصلًا مستقلاً بذاته، وإنما طائفة منها إنما هو لوازم مأخوذة من أصول الصحابة والتابعين الثابتة.
ولديَّ في هذا الباب تجربة علمية خاصة مع شيخ الإسلام اب نتيمية؛ إذ إنني كتبتُ رسالتَي الماجستير والدكتوراه في بيان موافقة شيخ الإسلام ابن تيمية لأئمة السلف في أبواب الصفات ومسائل الإيمان والكفر.
وقد وقفتُ من خلال البحث على أن الأصول التي قررها شيخ الإسلام نوعان:
١-ما كان موافقًا للسلف بالمطابقة.
٢-ما كان موافقًا لهم بالتضمن والالتزام، أي لوازم لا تنفك عن أصولهم.
وهذا يبين دقة منهج شيخ الإسلام في استقراء كلام السلف، وجمعه بين الأصل ولوازمه، بحيث لا ينفك أحدهما عن الآخر..
وأخيرا
الحذر الحذر ممن لا يحسن التأصيل...
كتب د. أحمد محمد الصادق النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق