الثلاثاء، 2 مايو 2023

حكم التوسل بجاه الصالحين وذواتهم

حكم #التوسل بجاه الصالحين وذواتهم

التوسل بالجاه والشخص قد يقصد منه أن يكون الشخص مطلوبا منه وهذه هي حقيقة الاستغاثة
وقد يقصد منه أن يكون الشخص مطلوبا به
فمتى جُعل المتوسل به منزلة الشريك لله سبحانه كان التوسل- على التسليم بتسميته توسلا- شركا أكبر, وهو ينافي ما قطع به الشرع والعقل والفطرة من كون المخلوق عبدا لا شريكا
وأما إذا جُعل المتوسل به سببا لقضاء الحوائج؛ فالفعل هنا يدور بين المحرم والمباح لا بين التوحيد والشرك.
وقد جوّزه طائفة من الناس، ونقل في ذلك آثار عن بعض السلف, وهو الصحيح من مذهب الحنابلة, وذكره بعض متأخري المالكية في كتبهم...
قال أبو العباس ابن تيمية في قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (1/ 123): (وساغ النزاع في السؤال بالأنبياء والصالحين دون الإقسام بهم لأن بين السؤال والإقسام فرقا...)

وشرط كون الخلاف يدور بين المشروع وغير المشروع أن يكون المتوسل به معظما له جاه عند الله كالأنبياء والملائكة أو من يرجى له الجاه والمكانة كالصالحين؛ ذلك أن المعظم الذي له جاه عند الله يقتضي جاهه أن تقبل شفاعته...
لكن محل النزاع هل نفس جاهه يقتضي إجابة المتوسل به من غير سبب من المتوسل؟
بعد الاتفاق على أنه لا يشرع السؤال بسبب لا يقتضي إجابة الدعاء وحصول المطلوب.

والمستقرئ لفروع الشريعة والناظر في كلياتها وما جرت عليه الأبواب: يقطع أن الشريعة جرت أن حصول المطلوب متعلق بسبب من الطالب نفسه
وطرده في الشريعة أن إجابة الدعاء متعلقة ببذل سبب من العبد نفسه إما بطاعته  فيكون سببا لإجابة دعائه, أو نتيجة سبب منه كدعائهم له, ونحو ذلك.
فنفس الجاه والمكانة عند الله ليس سببا في حصول المطلوب, وإنما يعود نفعه إلى صاحبه ولا يتعدى إلى غيره.
ولذا علقت الشريعة إجابة الدعاء على الأسباب التي من العبد: كإيمان العبد وطاعته, وطلب الدعاء من صالح؛ فصح التوسل بها.
وهذا الذي دل عليه حديث الأعمى؛ فقد توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم له.
ومما يدل على أن نفس الذات والجاه ليس سببا يقتضي الإجابة: عمل الصحابة وجمهور السلف, فلم يتوسلوا بذات النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود السبب وليس هناك مانع، فعدم فعلهم دليل على أنه لا يشرع وليس من الدين.

وذهب بعض المتأخرين إلى جواز التوسل بالصالحين؛ لتوسل عمر  بالعباس في وجود الصحابة رضي الله عنهم
وهذا الاحتجاج فيه ضعف؛ لأن التوسل بالعباس لو كان توسلا بذاته لكان الأولى أن يتوسلوا بذات النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه الأفضل, فلما لم يتوسلوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وتوسلوا بالعباس علم أنه ليس توسل بالذات والجاه, وإنما توسل بدعاء الحي وشفاعته.

كتبه
د. أحمد محمد الصادق النجار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق