الأربعاء، 10 مايو 2023

حكم #المسبحة

حكم #المسبحة

وبعبارة تحليلية(حكم استعمال الخرز والمسبحة الالكترونية آلة يسبح بها)
وبعبارة أخرى تحدد محل النزاع(هل التسبيح باليد مقصود للشارع لا يريد لأحد أن يتجاوزه؟)

حتى نقف على حكم هذه المسألة نحتاج أن نعرف هل باب الذكر باب وسع الشارع في أدواته أو ضيق؟

إذ لا يكتفى بانطباق تعريف البدعة على الفعل حتى يكون بدعة شرعا
وإنما مع ذلك لابد من النظر في أصول الأبواب ومراعاة مقصد الشارع فيها وما جرى عليه عرف الشريعة في نظائر المسألة المبحوثة...
فالحكم بالبدعة فقه ونظر إلى ما  جرى عليه عرف الشارع، وليس هو مجرد اعتماد على التعريفات والحدود والنظر إلى القواعد نظرا رياضيا ..

نقول:
لم يقصد الشارع في باب الذكر التضييق في الأدوات التي تعين على الذكر، وإنما قصد التوسعة...
بل باب العبادات لم يقصد الشارع التضييق في الآلات والأدوات التي يتحقق بها الفعل التعبدي ويترتب عليها تحقق مقصوده
ومن شواهد ذلك:
استعمال مكبر الصوت في نقل صوت المؤذن والإمام، وركوب السيارة لصلاة الجماعة...
وحتى وسائل الطاعة منها ما جرى عرف الشارع في الباب على كونها مقصودة لا يريد الشارع من العبد أن  يتجاوزها، ومنها ما لا يظهر في الباب هذا المعنى...

ومن المعلوم أن مراعاة مقصد الشارع وأصوله في الأبواب مما يقيد الاحتجاج بترك النبي صلى الله عليه وسلم
فالترك في هذه الحال لا يقتضي المنع، بل ليس محله ما أراد الشارع فيه التوسعة، وإنما محله ما قصد الشارع منه عدم مجاوزة ما حده وشرعه...
ولا يظهر لي صحة الاحتجاج بالترك في الذكر بالمسبحة؛ لعدم إغلاق الشارع الأدوات في باب الذكر
ولذا كان من فقه الصحابة والتابعين عدم النهي عن العد بالحصا في التسبيح؛ لموافقتها أصول الأبواب
جاء في مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه.
لإسحاق بن منصور الكوسج.
أنه قال للإمام أحمد: "قُلْتُ: يُسبِّحُ الرجلُ بالنَّوى؟
قال: قَدْ فَعلَ ذلك أبو هريرةَ وسعد رضي اللَّه عنهما.
وما بأسٌ بذلك!
النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم قد عَدَّ.
قال إسحاق بن راهويه: كمَا قال".

وما ورد عن ابن مسعود من النهي إنما كان في الاجتماع على الذكر وعد الحسنات، فمحل إنكاره الصورة المركبة..

أضف إلى ذلك أنه لما كان الذكر مشروعا وعده مشروعا لم يشدد الله في وسيلته؛ لأنها وسيلة ليست مقصودة لذاتها،
فالعد لما كان مشروعا كانت وسيلته مشروعة؛ لشهادة الأصول على عدم المنع منها...

وهذا يدلنا على جواز استعمال السبحة في التسبيح، وسكوت النصوص الحزئية عنها لا يدل على عدم جوازها..

وإن كان الأفضل هو العد بأصابع اليد؛ لأنها مسؤولة مستنطقة، لكن لم يقصد الشارع حصر وسائل الذكر فيها، ولذا علل بما لا يفيد الحصر، وهو إنما أرشد إلى ما هو أيسر وأفضل.
والإرشاد إلى ما هو أفضل لا ينافي جواز ما دونه.

وأما احتجاج بعض العلماء على المنع بالتشبه بالأمم السابقة
فجوابه من وجهين:
الأول: لو سلم أنها أخذت من الأمم السابقة فليس في شرعنا ما يمنع منها، بل تشهد الأصول العامة على جوازها
والقول بجوازها هو قول أكثر الفقهاء؛ مما يعد قرينة قوية على عدم منع الشريعة منها.
الثاني: أن علة الاختصاص قد زالت بمشاركة المسلمين لهم قي الاستعمال.

ويحب أن يعلم أن الحكم يتغير بتغير مناطه، فإذا كان استعمال السبحة مظنة الرياء أو مشابهة المرائين فإنه يحرم أو يكره لا لكونها آلة وإنما لكونه مظنة للرياء أو للتشبه
وكذا إذا استعملت السبحة للمن على الله بالذكر وعد الحسنات فهنا أيضا يحرم؛ فقد أخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي قال: "كان عبد الله -يعني ابن مسعود رضي الله عنه- يكره العَدَّ، ويقول: أّيُمَنُّ على الله حسناته؟!".
وكذا يحرم إذا خرجت السبحة عن كونها وسيلة إلى كونها مقصودة لذاتها فاعتقد المسبح فضلها واستحبابها.
وكذا يحرم إذا كان على الصورة التي يختص بها أهل البدع.

والخلاصة: الجواز إذا
لم يعتقد استحبابها ولا أنها أفضل من التسبيح باليد بإطلاق
ولم تكن مظنة للرياء والتفاخر
ولم يُمَن بها على الله بكثرة الذكر
ولم يكن اتخاذها على الصورة التي يختص بها أهل البدع. 

وهناك من العلماء المتأخرين من منع وحكم ببدعيتها.

كتبه
د. أحمد محمد الصادق النجار
أستاذ مساعد بكلية علوم الشريعة/المرقب

http://abuasmaa12.blogspot.com/2023/05/blog-post_10.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق