الثلاثاء، 30 مايو 2023

لا تلازم بين الحكم بتبديع المعين مباشرة إذا خالف في مصدر التلقي وبين تأثيمه

لا تلازم بين الحكم بتبديع المعين مباشرة إذا خالف في مصدر التلقي وبين تأثيمه

(كتبديع أعيان الجهمية وأعيان الرافضة، ولا خلاف بين أهل السنة في تبديع أعيانهم، وناقش من ناقش في تكفير أعيانهم...) 


هذه المسألة من المسائل التي لا يخوض فيها إلا من كان صاحب علم بالسنة مستقرئ لكلام الأئمة

فلا يفقه القول في التبديع إلا من فقه القول في السنة وأصولها

ولا يخوض فيها أهل الجهل والتلون ممن نشأ على غير السنة والتكفير المنفلت... 


وإثبات التلازم عند التعيين لا يستقيم على أصول أهل العلم بحال، وإنما يشتبه على من لا دراية له.. 


وقد تقرر عند أئمة السنة أن الحكم قد يثبت في المعين ولا يترتب عليه أثره؛ لتخلف شرط أو انتفاء مانع؛ وذلك إذا بذل الإنسان جهده في الوصول إلي الحق وأخطأه، فهنا لا يترتب عليه الأثر؛ لعفو الله سبحانه

وإن كان ذلك قد لا يمنع من وصف فعله بالتحريم أو الحكم عليه بأنه مبتدع إذا خالف في مصدر التلقي، وإنما استحق التبديع ؛ لأنه طلب الحق من غير جهة الرسول الله صلى الله عليه وسلم...

وقد فصلت ذلك في مقال سابق، أثبت أنه هو قول السلف 

ونكتة المسألة: أنوالتأثيم لا يكتفى فيه بوجود المقتضي، بل لابد معه من توفر الشروط وانتفاء الموانع..


وعدم التلازم بين الحكم والتأثيم هو قول عامة السلف. 


قال ابن تيمية " فَإِنَّ التَّحْرِيمَ لَهُ أَحْكَامٌ مِنْ التَّأْثِيمِ وَالذَّمِّ وَالْعُقُوبَةِ وَالْفِسْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَكِنْ لَهَا شُرُوطٌ وَمَوَانِعُ فَقَدْ يَكُونُ التَّحْرِيمُ ثَابِتًا وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ مُنْتَفِيَةٌ لِفَوَاتِ شَرْطِهَا أَوْ وجود مانع" مجموع الفتاوى(٢٠/٢٦٨)

وقال في نفس الصفحة"وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ: أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ وَاحِدٌ وَأَنَّ مَنْ خَالَفَهُ بِاجْتِهَادِ سَائِغٍ مُخْطِئٌ مَعْذُورٌ مَأْجُورٌ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذَلِكَ الْفِعْلُ الَّذِي فَعَلَهُ الْمُتَأَوِّلُ بِعَيْنِهِ حَرَامًا لَكِنْ لَا يَتَرَتَّبُ أَثَرُ التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ لِعَفْوِ اللَّهِ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا" 


وأما في الحكم على المخطئ بأنه مبتدع مع نفي التأثيم

فقال في مجموع الفتاوى (13/ 361): "و فِي الْجُمْلَةِ مَنْ عَدَلَ عَنْ مَذَاهِبِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَفْسِيرِهِمْ إلَى مَايُخَالِفُ ذَلِكَ كَانَ مُخْطِئًا فِي ذَلِكَ بَلْ مُبْتَدِعًا وَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا مَغْفُورًا لَهُ خَطَؤُه". 

فجهة التأثيم قد تنفك عن جهة التبديع، ولا تلازم بينهما 


تنبيه

مناقشة أهل الجهل لا يترتب عليها المقصود، فالإعراض عنهم أولى. 


كتبه مختصرا

د. أحمد محمد الصادق النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق